الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التفكيكية بما هي هدمية (1)

متوكل دقاش خميس

2017 / 6 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


التفكيكية بما هي هدمية (1)
ظل الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا واحداً من الفلاسفة القليلين الذين احدثوا تأثيراً على كل المستويات و في كل الإتجاهات بنظريته التفكيكية(deconstructionisim) و التي أنشئت في حقل اللغة linguistics و التي إنبنت نقداً لمبادئ بنيوية (فيرديناند دي سوسير) و التي تمحورت حول علاقة (الدال بالمدلول) و كرست لمفهوم الحقيقة الواحدة و النهائية حيث ضرب دريدا مفهوم الحقيقة في الصميم مقوضا بذلك معناها (الميتافيزيقي) و كذلك واقعيتها بالمعنى (الوضعي التجريبي).
و لنكن أكثر وضوحاً فإن غاية تفكيكية (دريدا) هي تأسيس ممارسة تأويلية تفكك تلك النصوص التي تبدوا كأنها ترتبط بحقيقة نهائية (مفهوم المطلق) و بالتالي قال دريدا أن ثمة حقيقة ما لا تتمظهر لنا قد تمثل المعنى و هذا. المعنى المنشود أيضاً لا يمثل النهاية و بالتالي ليست ثمة نهاية.
و غير ذلك فإن ربط اللغة بمبدأ المنطق الصوري جعله يتساءل عن صورة (الإله) الغائبة.
او التي تتمظهر في صور ذهنية لا نهائية تخضع لتجربة الشخصية المتصورة للذات الإلهية و بالتالي لا توجد صورة موحدة للذات الإلهية تتبدى في ذهن كل المؤمنين به بالرغم من إنهم يؤمنون بنفس( الإله) لذا يمكننا أن نمحور و نختذل كل علامات اللغة في معاني و هذه المعاني بلا شك تكمن في الكلمات و ليس في العلاقة بين الكلمات و الأشياء.
و الدال على ذلك إننا نعرف معنى كلمة (كلب) فقط بسبب علاقتها بكلمات أخرى ذات صلة بالعلاقات التركيبية و الجدولية و ليس بسبب اي صفات كامنة في الكلمة ذاتها.
ذلك إلا أن النظرية أخذت تستخدم في جوانب أخرى منها الاجتماعية والثقافية و بالتالي لابد من قياس حقيقتها التقنية(technical fact) المتمثلة في قدرتها على التنبؤ بالمستقبل و كذلك مساهمتها في تقدم المجتمعات البشرية و ذلك من خلال تحليلاتها.
و من خلال القراءات التحليلية و النقدية للنظرية التفكيكية خاصة في الجوانب الاجتماعية والثقافية و هذا ان سلمنا جدلاً بجدوى أستخدامها في هذه الجوانب فإننا نلحظ التالي :
أن تطبيق النظرية التفكيكية في الجانب الاجتماعي بمبدأ( تفكيك المركزيات) في المجتمعات التي لم تمر بمراحل التطور و التي لم تنفك بعد من حصار البناء الاجتماعي الذي يعتمد العشائرية و القبائيلية هي أولى مراحل إدخال إنسان هذه المجتمعات في (بوتقة انصهار) خلقتها المركزية الأوربية بشكل مقصود لتخلق منه تابعاً بشكل مستمر و ذلك لان المجتمعات الأوروبية المنتجة لمثل هذه المناهج لا تستخدمها في تفكيك وحدات المجتمع المدنية المؤسساتية (الإتحاد الأوروبي) نموذجاً او حتى الاجتماعية (الدولة بهويتها القومية) و النفسية (الوجدان المشترك الذي ينشأ نتيجة لتهديد ما) و الثقافية (الغناء) (الراب) و (الهيب هوب) و حتى نمط الإنتاج الفيلمي و الدرامي المتمثل في نموذج (هوليوود)، و لا تمثل تجربة العولمة بكل تأكيد أيا من أشكال التخلي عن نموذج التحول و الانتقال من نموذج الدولة القومية الي نموذج (الدولة الكونية)(cosmetics) لأنها و بكل بساطة لا تعبر إلا عن مزاج الإنسان (الامرواوروبي) بينما نرى أن متبني مذهب التفكيكية من أبناء هذه المجتمعات التي توصف بالمتخلفة يذوبون بكل سهولة ويسر في هذه البوتقة دون أن يستشعروا خطورة الموقف بل يصفوا الذين ينادون بمبدأ خلق النماذج (الأصيلة) بالرجعيين او (المتمترسين).
و بالتالي تفككت منظومة هذه المجتمعات و التي كانت تعول على طاقات الإنسان خاصة نموذج (المثقف) و نعني به هنا الفني او المتخصص the) technocrat) و لكن مثقفي هذه المجتمعات أصيبوا بما يسمى متلازمة ( أثر الاستعراض) و التي تنتظم في عملية (إوتعاء) العلوم دون القدرة على إخراجها بشكل عملي او العمل على تطويرها و نقدها و تنقيحها بالقدر الذي يضمن عملية الاستفادة القصوى بحسب ما تقتضيها المتغيرات.
و كذلك أصيبوا بحالة من اليأس جراء حالة التشظي العظيم الذي اصابهم لعدم قدرتهم على الثبات و تحديد منصة ينطلقون منها نحو هدف معين نسبة لعدم اقتناعهم بمبدأ اللاثبات و اللامعنى (اللاهدف نهائي) و من ثم( اللاإنتماء) ثم و أخيراً خلق إنسان متمرد على قيم المجتمع و كذلك غير فاعل ضمن المنظومة و ينظر إلى أنشطتها كنوع من( العبث).
و بالتالي نرى ان استخدام المنهج التفكيكي في هذه الجوانب قبل ان تظهر ملامح شخصية الدولة المؤسساتية و قبل أن تترسخ قيم العمل على مبدأ (التحريك الوظيفي) و الذي يعني عدم التخلي عن النماذج القديمة إلا عند الشعور بإن الجديدة ستقدم لنا ما هو أفضل.
يوردنا مورد الهلاك و التشظي.
و كذلك التبني اللاموضوعي لمبادئ مثل تفكيك المركزيات يقودنا للتساؤل على شاكلة :
ما جدوى تفكيك المركزيات التي تضيف لبنو البشر؟؟
و هل نحن في حاجة فعلاً الي تحديد المركزيات التي يجب أن تفكك؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية


.. الخلود بين الدين والعلم




.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل


.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي




.. - الطلاب يحاصرونني ويهددونني-..أميركية من أصول يهودية تتصل ب