الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السلطة التنفيذية حق مشروع لجبهة العمل الإسلامي...ولكن!

باتر محمد علي وردم

2006 / 2 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لم أستطع أن أفهم ردود الفعل السلبية والغاضبة على تصريحات النائب عزام الهنيدي المنشورة في الموقع الإلكتروني لحزب حبهة العمل الإسلامي والتي يعلن فيها جاهزية الحزب واستعداده لتولي السلطة التنفيذية في الأردن، فهذا الطموح هو حق مشروع لكل الأحزاب الأردنية ومنها جبهة العمل الإسلامي.

أن التعريف الأكثر بدائية للديمقراطية، والذي يجب أن يتعلمه طالب المدرسة هو أن الديمقراطية تعتبر تداولا سلميا للسلطة، وأن الأحزاب السياسية هي التي تتبادل السلطة ضمن سياق العملية الديمقراطية ومنها الانتخابات، وذلك احتكاما لإرادة الشارع والناخبين. والحزب السياسي الذي لا يطمح لتولي السلطة التنفيذية من الأفضل له أن يغلق أبوابه لأن دوره لا بتجاوز دور "منتدى" للحوار السياسي.

ولأن مفهومنا للديمقراطية لا يزال مقتصرا على مفهوم سطحي نستخدم في الأردن مصطلحا طريفا لوصف الأحزاب السياسية، حيث تشير إليها الوثائق الرسمية والأكاديمية أيضا بأنها "مؤسسات مجتمع مدني"، ونحن نعرف أن المجتمع المدني هو المجتمع غير الحكومي، ولكن الأحزاب من المفترض أن لا تكون مؤسسات مجتمع مدني لأن دورها الإفتراضي هو في تبادل السلطة والوصول إلى موقع الحكومة.

طموح جبهة العمل الإسلامي مشروع، وتصريح الهنيدي الذي جاء في سياق نشوة فوز حماس ربما يكون مفاجئا لمعظم الناس ولكنه ليس خاطئا أبدا، ومن الضروري أن تفصح جبهة العمل الإسلامي عن طموحها في تولي السلطة، حتى تكون قواعد اللعبة الديمقراطية في الأردن واضحة تماما.

ربما يكون الوضع السياسي والاجتماعي في الأردن لا يساند جبهة العمل الإسلامي على تحقيق نصر كاسح في الانتخابات والحصول على أغلبية في البرلمان حاليا، حتى لو تم الانتخاب ضمن آلية مزدوجة لنظام الدوائر ونظام القوائم، وهذا التحليل بناء على شعبية الأخوان المسلمين في الانتخابات النيابية السابقة. ولكن مع تزايد "الحماس الإسلامي" بفوز حماس في فلسطين يمكن للجبهة أن تحصل على ثلث مقاعد مجلس النواب في الانتخابات القادمة في حال أحكمت تنظيم حملتها الإنتخابية، وفي حال تم ممارسة انتخابات حرة على جميع الأصعدة. وتبقى الاحتمالات قائمة بكل واقعية لحصول الجبهة على أغلبية نيابية تؤلها لتشكيل الحكومة في خلال أقل من 10 سنوات، بل أن الجبهة هي الحزب الوحيد من الأحزاب الأردنية الحالية الذي يمكنه نظريا تشكيل الحكومة في حال الممارسة النموذجية للديمقراطية.

لدى حزب جبهة العمل الإسلامي قاعدته الواسعة من المؤيدين المنضمين له تنظيميا، ولديه قاعدة مساندة من المواطنين المتدينين الذين يؤمنون بشعار "الإسلام هو الحل" بكل بساطته المباشرة. وهناك قاعدة إضافية ثالثة قد تحسم مستقبل الحزب وقدرته على الوصول إلى السلطة التنفيذية وهي قاعدة المواطنين المتذمرين من سوء الأوضاع الاقتصادية والفساد الإداري والضغوطات السياسية والفكرية الدولية ضد العالم الإسلامي وبالطبع الاحتلالين الأميركي والإسرائيلي في فلسطين والعراق. هذه القاعدة من المواطنين تشكل أغلبية كبيرة، وهي لا تؤمن بسياسة الحكومة ولا مصداقيتها وقد لا تكون "مؤدلجة إسلاميا" ولكنها الذخيرة الانتخابية الأهم لجبهة العمل الإسلامي والتي قد تستثمرها في الانتخابات النيابية لإحداث القفزة المطلوبة نحو الأغلبية.

وفي الواقع فإن لدى الجبهة، واستراتيجيتها الإعلامية قدرة كبيرة على تشخيص مساوئ الوضع الراهن، وإذا ما قرأ أي شخص غير متدين بالضرورة ما تقوله الجبهة حول تراجع الديمقراطية، وحول الفساد، وحول الانقياد للسياسات الأميركية وحول تراجع العدالة الاجتماعية وحول انتشار الفقر والبطالة وكل ذلك من مشاكل الوطن، فلن يجد أي خلاف مع هذا التشخيص، وهذا ما يمنح الجبهة ميزة إضافية هامة فهي التنظيم السياسي الأكثر قدرة على تشخيص المساوئ وتحديدها وجذب الاستقطاب حول محاربتها.

ولكن مشكلة الجبهة هي في الحلول البديلة، لأن شعارها الأثير "الإسلام هو الحل" يلقى قبولا عاطفيا كبيرا ولكنه لا يحمل برامج وحلول واقعية لهذه الأزمات، بل أن الجبهة يمكن أن تتسبب بخلق أزمات جديدة في حال أصرت على تطبيق برنامجها السياسي والاجتماعي الذي لا يحظى بقبول غالبية الناس، وعلى الأخص النسبة الكبيرة التي يعجبها "تشخيص الجبهة" ونقدها للواقع، ولكنها لا تؤمن بطروحات الجبهة البديلة.

طموح جبهة العمل الإسلامي بالحكومة مشروع، ولكن هناك أريعة أسئلة جوهرية على جبهة العمل الإسلامي أن تقدم إجابات واضحة عنها قبل أن تخوض أية انتخابات بهدف "الوصول إلى الحكم" وهذه الأسئلة الجوهرية هي:
1- ما هو موقف الجبهة من التعددية السياسية وتداول السلطة والإيمان الحقيقي بالديمقراطية؟ ولو وصلت الجبهة إلى الحكم نتيجة انتخابات نزيهة، فهل تقبل أن تخوض انتخابات أخرى وتتخلى عن الحكم بعد 4 سنوات أو في حال فشل برنامجها بدون أن تدعي أن وجودها في الحكم هو "نصر للإسلام" وأن أي تسليم للسلطة التنفيذية والتراجع عنها انتخابيا هو "رضوخ للقانون الوضعي ضد مصلحة الإسلام" وتنفيذ لمؤامرة صهيونية-صليبية ضد الإسلام وأهله؟ بمعنى آخر هل تستطيع الجبهة أن تفصل بين هويتها السياسية الخاضعة للتغيير ضمن سياق الديمقراطية وبين ثوابت الإسلام.
2- ما هو موقف الجبهة من التآخي مع حركة حماس، ومن تداخل الأجندة الفلسطينية مع الأجندة الأردنية، وفي حال تضارب مصلحة حماس مع مصلحة الدولة الأردنية، لمن ستنحاز جبهة العمل الإسلامي؟ وفي السياق الأوسع، هل تعتبر الجبهة نفسها عنصرا في "جبهة إسلامية دولية" أم حزبا أردنيا، وكيف يمكن أن تحدد الفواصل بين مصلحة الدولة ومصلحة التنظيم الإسلامي العالمي؟ أن بعض تصريحات قادة الجبهة وحماس حول الفرصة التي يقدمها نصر حماس لاستعادة وحدة الضفتين عبر وحدة إسلامية يبدو مثيرا لقلق غالبية الفلسطينيين الذين يحسون بتوتر شديد من "هيمنة أردنية" وقلق غالبية الأردنيين الذين لا يريدون التورط في مغامرة سياسية وأمنية غير محسوبة يمكن أن تشكل عبئا وسياسيا أمنيا على الأردن.
3- ما هو موقف الجبهة من التعددية السياسية والثقافية في المجتمع الأردني، وما هو موقفها من المسيحيين وحقوقهم الدستورية، وما هو موقفها من الحريات الشخصية وطريقة اللباس والتعامل الإجتماعي بين الجنسين وهل ستحاول أن تفرض رؤيتها الإيديولوجية الخاصة على كل المجتمع الأردني؟
4- ما هو موقف الجبهة من النظام الاقتصادي الحالي في الأردن والتنسيق مع الدول الصناعية الكبرى والإنضمام إلى ركب العولمة والتجارة الدولية، وهل ستتمكن حكومة إسلامية من المحافظة على هذا النظام الاقتصادي الذي يؤمن استقرارا في الأردن أم سوف تحاول تغييره، وما هو البديل؟

من حقنا كناخبين أردنيين أن نجد إجابات واضحة على هذه الأسئلة الجوهرية الأربعة حول برنامج جبهة العمل الإسلامي، قبل أن نقرر فيما إذا كنا سنصوت لها في الانتخابات ونساعدها على الوصول إلى الحكومة بطمأنينة وبدون أن يؤدي ذلك إلى مشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية في الأردن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي


.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ




.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها


.. فتوى تثير الجدل حول استخدام بصمة المتوفى لفتح هاتفه النقال




.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بعيد الفصح في غزة