الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى المقبلات على الزواج!

محمد مسافير

2017 / 6 / 19
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


صديقتي حفصة...
اطلعت على رسالتك الأخيرة، ولم يفاجئني أبدا سؤالك... هل أنا سعيدة بزواجي؟
أقول لك: إنك حمقاء وعبيطة...
أعرف أنك عازمة على عقد القران بيوسف في القادم من الأيام، وتتوقعين مني الإجابة المطمئنة، لكني سأجيبك بصراحة لم أفشيها لأحد قبلك، لأن من عادة القبيلة، ألا تكشف عن أسرار بيتها...
كما تعلمين، تعرفت على زوجي عمر في أحد الأعراس، وشأن باقي الحاضرات في العرس من غير المتزوجات، كنت في أبهى حلة، أرتدي الزينة وأجود الملابس، طبعا كنت قد استلفتها من صديقتنا فتيحة، فأنا بالكاد أملك ما يستر عورتي... تبادلنا النظرات ليلتئذ، ثم بدأ مسلسل العشق والهيام...
استمرت علاقتنا أزيد من أربع سنوات، قبل أن تختتم بزواج، أجل... لقد انتهت لذة علاقتنا بمجرد إمضاء تلك الورقة الخرقاء، كنا قبل ذلك... نزور السينما على نحو دوري، نتبادل القبلات في الخفاء، وما أطيبها قبلات، نأكل سويا في المطاعم، نضحك كثيرا، ونتخاصم قليلا، نرسم معالم حياتنا القادمة، نرسمها بتفاصيلها الدقيقة، ونستمتع أشد استمتاع، بالغوص في بحر الأحلام، والتي لا يوقظنا منها، إلا حلول الظلام... كان يجب علي أن أسبق أبي إلى البيت، وكم كنا نتوق إلى بعضنا البعض... نتبادل رسائل الشوق والحنين إلى وقت متأخر من الليل، ونتلذذ بالسهر... وكان كل يوم يختلف عن سابقه، وإن قيض لنا ألا نلتقي فترة من الزمن، خاصة في إجازات أبي، كنا نتحرق شوقا إلى بعضنا، ونتعذب بعذوبة وانتشاء...
جاء بوالديه في إحدى ليالي الشتاء، خطبني... وافق والدي على الخطوبة، وتضاعف منسوب سعادتنا، وازداد توقنا إلى بعضنا واشتد الحنين... كانت لحظات عصية على الوصف...
لم تطل فترة الخطوبة، تزوجنا في الصيف الموالي... ومنذ اليوم الأول الذي أعقب الدخلة، ابتدأت المشاكل...
كان بيت زوجي الذي انتقلت إليه لا يزال يعج بالمدعوين، وكان من بينهم طبعا، أفراد عائلتي... حاولت الانفلات لحظة من خنق الزحام لأقضي حاجتي في المرحاض، وإذا بي أرى زوجي يتحدث مع ابنة عمي بطريقة غير بريئة إطلاقا... إنه زوجي وأنا أعرفه وأحفظه جيدا، نظراته لم تكن بريئة، ابتسامته، وقفته.. كل شيء كان يوحي بأن هناك شيء... لا أنكر أن ابنة عمي تلك، كانت أجمل مني، كان جمالها أخاذا وساحرا، لكن هذا ليس تبريرا لزلته، كان المفروض ألا يرى إلا أنا... نعم أنا أنانية كما قد تعتقدين، لكن طبع الحب الإفراط في الأنانية...
مر ذاك اليوم ثقيلا وخانقا، انتظرت الانفراد به بفارغ الصبر، لأصب عليه جام غضبي، وكذلك فعلت...
لن أنكر أن الأشهر الأولى من زواجنا كانت إلى حد ما جميلة، بحكم أني عروس جديدة، لكن طبعا أقل بكثير من التوقعات... وبعد أن بدأت في التقادم، بدأت علاقتنا تصيبها المشاكل من كل صوب وحدب، مرة مع أمه التي تعشق ابنها حد الثمالة، ما يصيبها كل حين بالغيرة والحقد تجاهي، ومرة مع إحدى شقيقاته، ومرة مع أطراف أخرى... كانوا كلهم طيبين أول الأمر، كانوا أحلى من العسل، لكنهم غذوا أمر من الحنظل..
حتى عمر تغير، لم يعد يقبلني بلهفة كما تعودت أن يفعل، اشتاقت أذناي إلى سماع تلك الكلمات الغازلة التي ما كانت تفارق لحظة شفتيه، بدأ يطيل السهر، ولا يداعبني في السرير إلا كالبدر في تمامه، مرة أو مرتين في الشهر، لم نعد نخرج سويا إلا بعد إلحاح وإلحاح، لم أعد أزور السينما... كل شيء تغير نحو الأسوء...
حماتي أصبحت تتصنع المشاكل كل لحظة، اتهمتني مرة بسرقة خاتم ابنتها، ومرة بأني من كسر إحدى الأواني الفاخرة، حتى غدوت مشجب مصائب البيت...
آه... ربما تقولين أن العيش مع أهل الزوج يفسد العشرة، والاستقلال عنهم أريح؟ ألم أقل إنك عبيطة وحمقاء؟
بعد اشتداد المشاكل... اكتريت وزوجي إحدى الشقق، بعيدين كل البعد عن الأهل، ولم نعد نراهم إلا لماما... لكن المشاكل لم تنقطع، اتهمتني الحماة أولا بمحاولة إبعادها عن ابنها... هذا الابن الأحمق الأهوج الذي لم تعد به ذرة تشدني إليه.. كان قد وعدني أول الأمر بأن يشتري لي، شأن كل النساء، خلخال ذهب، لأني لا أمتلك أي ذهب غير خاتم الزواج الرخيص، لكنه تراجع عن وعده، واشترى لي بدلا منه، أقراط بخسة... رغم ذلك قبلته وكظمت غيظي، وقلت في خاطري، الماديات ليست كل شيء، يمكننا أن نجد سعادتنا في أشياء أخرى...
لكن الإهمال بدأ يتعاظم، خاصة بعد أن أنجبت الابن الثاني... بدأ ينام خارج البيت بذريعة عدم احتمال صراخ الابن، يسرف في السجائر... في إحدى المرات، شممت فيه رائحة النساء، لكني لعنت الشيطان... وقلت ربما خيل لي... لكن الأمر تكرر في أكثر من مناسبة... وصبرت، فما باليد من حيلة، من ذا الذي سيعيل أبنائي إن خربت بيت الزوجية، لن يقبل بي أبي، فبالكاد يغطي مصاريف أسرته، له ابنتان لم تتزوجا بعد، وثلاثة أبناء عاطلين، ومن ذا الذي سيتزوجني وقد أنجبت مرتين، مضغت أحزاني ودفنتها في أعماقي ومضيت...
وتمضي الأيام، وتتفاقم الأزمات، ويزداد الإهمال، فما عاد يذكر تاريخ زواجنا الذي كان يخلده أول الأمر ببعض الهدايا، ثم بعدها بالقبلات... الآن، أصبح لا يذكره إطلاقا، بل الأنكى من ذلك، لم يعد إلى البيت في عيد زواجنا الأخير... لم نعد نعرف طعم الاحتفال... ساءت علاقتنا كثيرا بعد إنجاب الثالث...
ربما تقولين: إن الأمور لا تأخذ دائما نفس المجرى، وربما تصلح الأمور من الجدر، ربما كان من الأجدى اشتراط الاستقلالية منذ البداية، ربما كان يجب علينا وضع النقاط على الحروف سلفا، ربما لو كانت شخصيتي أقوى لتغيرت الأمور إلى الأحسن، ربما وربما...
ربما ستضعين ألف افتراض، لكني قلت لك منذ البداية، إنك عبيطة وحمقاء...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وماذا ستستفيد المقبلات على الزواج من هذه القصة ؟
عبد الله اغونان ( 2017 / 6 / 23 - 16:52 )

العنوان
يبدو كعنوان مقال في حين هو يحكي عن تجربة كا شبيهة بالاف التجارب

من يقرأن هذه التجربة ربما لايستفدن منها الا الموعظة الأخيرة

---- ربما تقولين وما بعدها الى نهايته

اخر الافلام

.. وفاة الرئيس الإيراني ووزير خارجيته في تحطم طائرة مروحية كانت


.. إيران تعلن وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي ومرافقيه في تحطم مروحيت




.. وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في تحطم مروحية.. ماذا نعر


.. ما هي ردود الفعل على مصرع الرئيس الإيراني بحادث تحطم مروحية؟




.. ماذا يحدث في إيران بعد وفاة رئيس البلاد وهو في السلطة؟