الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسس العلمانية

انور سلطان

2017 / 6 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يتفق د. عادل ظاهر والمفكر أحمد القبانجي في أن العقل هو الأصل في جميع شؤون الحياة, ولا شئ آخر فوق العقل. ود. عادل ظاهر حاول أن ثبت أصالة العقل في كتابيه الأسس الفلسفية للعلمانية وأولية العقل. وقد أضاف المفكر أحمد القبانجي مسألتين مهمتين هما أصالة الإنسان وأصالة حياته هذه.

وبالجمع بين الطرحين يمكن القول أن العلمانية تقوم على ثلاثة أسس أو مبادئ:

الأول: أصالة العقل. بمعنى ألا سلطان فوق سلطان العقل. بدون العقل لا قيمة لأية معرفة. هذا جانب, الجانب الثاني هو أنه بالعقل كان الإنسان إنسانا, وافترق عن باقي الموجودات, وإسقاط العقل, أو الغض من قيمته, هو إسقاط لكون الإنسان إنسانا أو الغض من ذلك, وهذا يؤدي على المستوى النفسي إلى استلاب الإنسان من نفسه وشعوره بالإغتراب, ويؤدي على المستوى الواقعي إلى تعظيم الجهل وتأخر العلم وعرقلة التقدم الحضاري.

الثاني: أصالة الإنسان, بمعنى أن للإنسان قيمة متأصلة نابعة من ذاته, أي من مجرد كونه إنسانا. وحقوق الإنسان تنبني على هذا الأساس, وبدونه لن يكون هناك معنى لهذه الحقوق.

الثالث أصالة هذه الحياة. طالما كان للإنسان قيمة في ذاته, فالبضرورة لحياته هذه قيمة في ذاتها. وتحقير هذه الحياة هو تحقير للإنسان في هذه الحياة. (وإن كانت هناك حياة أخرى, فهذه الحياة هي أصل لها, ومصير الإنسان في الآخرة متوقفه على ما يكونه هنا).

وعليه, فالعلمانية هي احترام وإعلاء من شأن العقل والإنسان والحياة.

ينتج عن هذا, أن جميع جوانب الحياة يجب أن تخضع للعقل ولا تخضع للدين, وأن الدين يجب أن يكون شأنا شخصيا. وهدف الدولة الداخلي صيانة كرامة الإنسان وحماية حقوقه وتمكينه من مصالحه, وتحقيق الصالح العام.

العلمانية ليست مجرد فصل الدين عن الدولة, هذا نتيجة, العلمانية هي أكبر من هذا, هي موقف فلسفي من العقل والمعرفة والإنسان والحياة, نتيجتها أن يكون الدين مسألة شخصية, فهي لا تجرد الإنسان من الدين ولا تفرض عليه أي دين, وإنما ترفض أن يتدخل الدين في الشأن العام لإن هذا التدخل يتصادم مع مبادئها وأسسها. وعليه, فإن الموقف المحايد للدولة العلمانية من جميع الأديان نتيجة لكونها علمانية, أي تُعلي من شأن العقل والإنسان والحياة, وليس هو العلمانية.
فرق المفكر أحمد القبانجي بين نوعين من العلمانية, العلمانية المتدينه وهي علمانية لا تصادم الدين, وبين العلمانية الملحدة التي تُدعى بالأناركية, كما يقول, والتي ترى أن الدين خُرافة وترفضه ولا تقبل به. وهذا يعني أن العلمانية الملحدة تضيف أساسا رابعا للأسس الثلاثة أعلاه وهو موقفها السلبي من الدين الذي تعتبره نتاج إجتماعي متخلف أساسه الجهل والخرافة.

قد لا يوافق كثيرون المفكر أحمد القبانجي على تسمية العلمانية المتسامحة مع الدين بالعلمانية المتدينة, لإن هذه العلمانية تعتبر الدين مسألة شخصية روحية (نفسية) بحته يجب ألا يتدخل في الحياة العامة, ولذلك من غير المعقول وصفها بالمتدينة. لذلك من الأفضل تقسيم العلمانية إلى علمانية متسامحة دينيا وعلمانية ملحدة غير متسامحة دينيا (أناركية). الأولى ترى ألا مشكلة في الدين طالما بقي مسألة شخصية, والثانية ترى أن الدين مشكلة نفسية حيث يسلب الإنسان من ذاته ويصيبه بالإغتراب, ومشكلة معرفية لتقديسة الخرافات, ومشكلة إنسانية إذ يجعل العقيدة الدينية الخرافية هي المحدد لقيمة الإنسان وبهذا لا يختلف عن العنصرية, وإن تمكنت جماعة دينية من السلطة فلن يختلف سلوكها عن الفاشية والنازية, إن الفاشية الدينية والفاشية العنصرية وجهان لحقيقة واحدة هي التعصب الذي يختزل قيمة الإنسان في محدد آخر غير كونه إنسانا وهو عرقه أو دينه. وبهذا فالدين, من وجهة نظرها, هو سبب التخلف وسبب الكثير من الكوارث الإنسانية عبر التاريخ إلى الآن. ومن الواضح أن العلمانية الملحدة تعارض أحد حقوق الإنسان وهو حرية التدين, وهو نتاج العلمانية المتسامحة مع الدين باعتبار الدين شأنا شخصيا, وترى أن اقتناع المتدينين بأن الدين شأن شخصي هو حل لجميع مشاكل الدين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المشهديّة | المقاومة الإسلامية في لبنان تضرب قوات الاحتلال ف


.. حكاية -المسجد الأم- الذي بناه مسلمون ومسيحيون عرب




.. مأزق العقل العربي الراهن


.. #shorts - 80- Al-baqarah




.. #shorts -72- Al-baqarah