الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفهم الفصامي لمفهوم الحرية

ماهر رزوق

2017 / 6 / 27
المجتمع المدني


الفهم الفصامي لمفهوم الحرية



من المؤسف و المحزن أننا ما زلنا في حاجةٍ ملحةٍ لأن نقرأ للمفكرين العرب الذين ناضلوا و قاتلوا بهدف تعرية الواقع المخزي و معالجة المشاكل و المعوقات أمام تقدم مجتمعاتنا العربية و السعي لإزالة أسباب الجهل و التخلف الفكري و العلمي لدى الشباب العربي ....

لماذا من المؤسف ؟

لأن أغلب هؤلاء المفكرين ، إما يعيشون عقدهم السادس أو موتى ... و بعضهم توفي منذ 10 سنوات أو 20 سنة ... و لازالت جميع المواضيع و المشكلات التي طرحوها ، تقبع حتى الآن على عتبات أبوابنا المغلقة في وجه التقدم !!

لماذا ؟؟

أولاً : لأننا حتى الآن مازلنا نعيش حالة من الفصام ، بين الماضي و الحاضر ... نرفض أن يكون الماضي مجرد ماضي و انتهى ... مازلنا كالرضّع نرفض الفطام من أمجادنا السابقة ... و نتغنى بأخلاق لم نعد نمتلكها و أحداث لم نشهدها , و لا دليل لدينا على حدوثها ، إلا كتب التاريخ التي كتبها أصحاب الحدث !!

ثانياً : لأننا نرغب بقطعة الحلوى الشهية التي يمتلكها جارنا الأوروبي الكريم الذي يدعونا إلى مائدته ... لكن ما يمنعنا : هو اتّساخ أيدينا ببقايا التراث و خوفنا من غسلها ... خوفنا من العيش بكفوفٍ و أذهانٍ نظيفة !!

فماذا نفعل برغبتنا الشديدة بقطعة الحلوى تلك ؟؟

ماذا نفعل بالفصام الذي يجتاح عقولنا و قلوبنا أيضاً ... ليجعلنا نرغب بالحرية التي ينعم بها الغرب و نخاف عواقبها و أثرها على حياتنا الاجتماعية و عاداتنا و ديننا و موروثاتنا !!؟

الحرية لا تأتي مقسمة ، بل إنها كالأديان ، تأتي كياناً كاملاً مستقلاً بنفسه ... فلا سبيل إلى اعترافك بجزء منها و رفضك للجزء الآخر !!
فإذا أردت حرية الرأي و الانتخاب و ممارسة طقوسك الدينية و ارتداء الحجاب ... عليك أن تعترف بحرية ممارسة الزواج المدني و حرية ارتداء الملابس الخفيفة و القصيرة ، و حرية الخروج من عقيدتك الدينية أيضاً !!

الحرية هي أن تفعل ما يحلو لك ، دون أن تسبب أي أذى للآخرين ... و حدود حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية هؤلاء الآخرين ...
أي ما أود قوله : أنّ للحرية حدود ... لكي لا يعتقد القارئ بأنني أدعو إلى حرية مطلقة لا حدود لها !!

لكن ما أصابنا في عالمنا العربي ، هو حالة من الفهم الفصامي لمفهوم الحرية ... فنحن نريد من الحرية ما يتماشى مع مصالحنا الشخصية و الدينية و السياسية فقط !!
و نرفض أن نتساوى بالقدر نفسه من الحرية مع الآخرين من الطوائف أو الأعراق أو الأديان أو الأحزاب الأخرى ...
نريد الثمار الناضجة من الحرية ... و نعيم القانون الأوروبي ، بدون أن نتخلى عن تراثنا الهمجي و الوهمي ... بدون أن نشك ولو لثانية بأننا قد نكون خدعنا بالقصص الخرافية التي رويت لنا ، عن أمجادنا و فضلنا الكبير على أوروبا و الغرب بمجالات العلوم كافة !!

أعود لأقول : إنه لمن المؤسف ، بل لمن المخزي ، أننا مازلنا حتى الآن نقرأ لمفكري القرن التاسع عشر و القرن العشرين ... و نقرأ أيضا لمفكرين جدد ... لم يقدموا شيئاً جديداً ، بقدر ما عملوا على إعادة طرح الاشكاليات القديمة بقوالب جديدة تناسب العصر .


MAHER RAZOUK








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معاناة النازحين في رفح تزداد مع انعدام الظروف الصحية وتهديد


.. الأمم المتحدة: المعبران الرئيسيان لإدخال المساعدات إلى قطاع




.. كيف سيواجه اللبنانيون المخططات الغربية في ملف النازحين؟ وأي


.. طلاب العلوم السياسية بفرنسا يتظاهرون دعمًا لغزة




.. علي بركة: في الاتفاق الذي وافقنا عليه لا يوجد أي شرط أو قيود