الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استفتاء كردستان وحرب المياه القادمة...

حسين القطبي

2017 / 7 / 3
القضية الكردية


نذر الجفاف تلوح، والتصحر يتمدد. بعد ان اغلقت منابع نهر الوند، الذي يصب في ديالى، بدأت ايران باغلاق روافد نهر الزاب الصغير، مؤخرا، وهو احد اهم المصبات التي تغذي نهر دجلة، ذلك بعد ان حرفت سير المنابع المائية لتبقى محصورة داخل اراضيها...

على الجانب الاخر، فان تركيا تقوم منذ سنوات ببناء اكبر مشروع "مشروع غاب" لحفظ مياه منابع دجلة والفرات في داخل الاراضي التركية، ويعتبر هو اكبر مشروع في العالم من حيث المساحة، اذ يحتوي على 22 سد بينها سد "اليسو" على دجله، الذي سيخفض وحده كمية المياه الداخلة للعراق بمقدار 11 مليارد متر مكعب/سنة (انخفاض المنسوب بنسبة 53%). وسد اتاتورك على نهر الفرات، وهو اكبر من اليسو، هذا بالاضافة الى مجموعة من البحيرات الكبيرة، ضمن خطة لنقل المياة من دجلة والفرات الى غرب الاناضول، الفقيرة مائيا.

واقليم كوردستان هو المنطقة التي تمر منها المياه الداخلة للعراق، عن طريق ايران، او تركيا، اي انها تلعب دور الناظم المتحكم بكمية المياة التي يمكن اطلاقها للعراق.
وبما ان كوردستان هي الاخرى تعاني من المشاريع الايرانية والتركية على حدودها، فانها تحاول الاحتفاظ بمياهها لاستهلاكها الخاص، وذلك يفاقم من مشكلة تامين المياه الكافية للعراق مستقبلا.

اليوم، يطالب الكرد بتنظيم استفتاء من اجل الاستقلال وتاسيس الدولة الكوردية التي تتحكم بثرواتها بعيدا عن هيمنة بغداد على القرار الكردي الستراتيجي.. مما يعني انها ستمتلك بنفسها قرار تعيين الكمية التي تطلقها للعراق بعيدا عن الضغوطات السياسية.

وسط هذا التداخل بين السياسة، وكميات المياه، والتخطيط المستقبلي للدول، كان العراق في العقد الاخير يعيش مرحلة صراعات حزبية دينية، تنشغل فيه الحكومة بهندسة ازمات داخلية من اجل التلاعب بالمزاج الانتخابي بدون ادنى التفاتة الى الاخطار البيئية واستفحال التصحر والجفاف، الذي يهدد مستقبل البلاد.

كان الاهتمام بارضاء رؤساء العشائر عن طريق دعم "مجالس اسناد العشائر" في الجنوب، ودعم "مجالس الصحوات" في الغرب، وعقد كونفرانسات العشائر الخ، اكبر بكثير من الاهتمام بالمشاكل المزمنه التي يعيشها العراق. وكان الهاجس الانتخابي يدفع الحكومة بالاستثمار في تصعيد جانبي للشد الطائفي (شيعي – سني) او العرقي، باستخدام الكرد، كورقة عرقية مختلفة، اكبر من استثمار الوقت في دراسات ستراتيجية حول الاخطار البيئية او مستقبل الثروات العراقية.

اليوم، اذ يتزامن اغلاق منابع الزاب الصغير، احد اهم روافد دجلة، من قبل الحكومة الايرانية، مع الدعوات الكردستانية لاجراء الاستفتاء على الاستقلال، يعني ان اهم ناقوس خطر على مستقبل بلاد الرافدين، في التاريخ، بدا يقرع، وبضجيج مسموع...

الحكومة العراقية من جانبها لا تستطيع التاثير في القرار المائي في كردستان، الان، حيث تعتبر كردستان جزءا من الدولة العراقية، فكيف سيكون وضع الحكومة العراقية اذا تم الاستقلال فعلا، واصبحت كردستان اكثر حرية بمياهها، وتحمي نفسها بعقود واتفاقات دولية.؟

من هنا تكتسب القضية الكوردية في العراق اهمية اكبر من مجرد "مشكلة سياسية" كما كانت الحكومات السابقة تصورها لنا، وبات من الضروري الالتفات لايجاد مخرج لها، ليس على اساس ستراتيجية ترحيل الحلول، كما كانت الحكومات العراقية المتعاقبة تفعل، خصوصا في مشكلة كركوك، وجريمة تسويفها. وانما الحاجة الى تفكير هادئ وموضوعي من اجل اختيار افضل الحلول، وفق الامكانات المتوفرة طبعا..

اول الحلين المتاحين، هو الاستمرار بالاعتماد على القوة العسكرية والتهديد الاعلامي للقيادات الكردستانية، وهذا يستهلك الزمن وربما ياتي اليوم الذي يجد فيه العراق بان الوقت قد فات فعلا لتلافي الخسارة. وهذا هو السيناريو الذي تفضله الحكومة العراقية على الارجح، كونه يؤمن تركيبة نفسية للناخب العراقي، مواتيه للانتهازيين في المنطقة الخضراء، اكثر.

والحل الثاني هو التفاهم مع الكرد على تصفير المشاكل بينهما، والارتباط بمعاهدات رسمية لمرحلة ما بعد الاستقلال، تناقش فيها المصالح المشتركة، والمتناقضه، بشفافية كامله، مما يتيح للشعبين امكانية الاستغلال الافضل للثروات، وللاجيال القادمة مستقبل اكثر سلام وتفاهم. بما في ذلك الارتباط بمعاهدات تنظيم كمية المياه الداخلة للاراضي العراقية بشكل ثابت على ان لا يتاثر بالتغييرات السياسية.

برايي ان كوردستان ماضية للاستقلال، ان لم يكن في 2017، ففي 2018 او بعدها، وان يكون الاستقلال سلمي ترافقعه اتفاقات وتفاهمات ثنائية، من ضمنها اتفاقية مائية، هو افضل بكثير من فصل يتم بالقوة العسكرية، ويحتفظ بالغام توتر مستقبلي.

ولكن هل تمتلك الحكومة العراقية الحالية هذه الدرجة من النضح، وبعد النظر، للتصرف بشكل هادئ وضمان مصلحة المواطن، باحسن ما تستيطع؟؟ ام تفضل الاثارة والاكشن الانتخابي على حساب مستقبل العراق وسلامة اجياله؟؟ الامر متروك لها.

حسين القطبي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | حرية التعبير المزعومة في أميركا تسقط داخل حرم ا


.. This Ukrainian building known locally as -Harry Potter castl




.. بلينكن: لمّ الشمل مع الأسرى في صميم ما نحاول القيام به


.. البيت الأبيض يدرس استقبال أهالي غزة كلاجئين| #الظهيرة




.. إسرائيل تعد منطقة آمنة في وسط غزة وتطالب اللاجئين في رفح بال