الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مغزى استهداف الأقباط المسيحيين وليس الأقباط المسلمين

طلعت رضوان

2017 / 7 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



لماذا اختفى تقرير جمال العطيفى فى السبعينيات؟
لماذا يمتنع النظام عن تنفيذ الإجراء الحاسم : (تجفيف منابع الإرهاب)؟
لعلّ المُـتابع لكتاباتى يعلم أننى لا أفرّق بين أبناء شعبنا، بسبب الدين أو المذهب، وأميل إلى استخدام التعبيرالعلمى (أقباط مسيحيين) و(أقباط مسلمين) بمراعاة أنّ لفظ قبطى = مصرى (وفق علمىْ المصريات واللغويات)
ولكن جرائم أعضاء التنظيمات الإسلامية الإرهابية البشعة، التى تستهدف قتل الأقباط المسيحيين، وهدم منازلهم وسرقة محلاتهم وتدمير كنائسهم وترحيلهم من قراهم، كل ذلك جعلنى أتساءل: لماذا استهداف الأقباط المسيحيين وبشكل متكرّر؟
كما أنّ هذا الاستهداف ليس وليد اللحظة الحاضرة، وإنما بدأ منذ بداية السبعينيات، مع الحدث الإرهابى الكبير فى حى الزاوية الحمراء، ثـمّ حادث الخانكة.. إلى آخر المجازر التى ارتكبها الإسلاميون أعضاء التنظيمات الإرهابية، وكانت الذروة فى التسعينيات حيث الاعتداء على أصحاب محلات الذهب، خاصة من الأقباط المسيحيين، وهى الفترة التى شهدتْ اغتيال شهيد الفكر (فرج فودة) فى يونيو1992، لأنه (من وجهة نظر الإسلاميين الإرهابيين) نصّـب ((نفسه محاميـًـا عن النصارى)) وفق تعبيراتهم المُـحبـّـبة إليهم. وقبل رحيل تلك السنة كانت كارثة الاعتداء على المسيحيين الأوروبيين، فى مجزرة معبد حتشبسوت بالأقصر فى شهر هاتور/ نوفمبر1997. ولذلك أرى أنّ استهداف الأقباط المسيحيين لا ينفصل عن استهداف المسيحيين الأوروبيين، أو المسيحيين العرب والشرقيين، فهل أكون مغاليـًـا لو استنتجتُ أنْ هذا الاستهداف له علاقة بالمعتقد الدينى الذى توارثه الإسلاميون الإرهابيون من التراث العربى الإسلامى؟
وهذا الاستنتاج جعلنى أسأل السؤال - الذى قاله كثيرون غيرى - وهو: لماذا لا يتخذ نظام الحكم الخطوة الحاسمة نحو (تجفيف منابع الإرهاب)؟ أو ليست تلك الخطوة تستلزم إعادة النظر فى مناهج التعليم وبرامج الإعلام؟ خاصة لو علمنا أنّ تلك المناهج والبرامج، فيها الكثير من المادة التراثية التى بها تحريض صريح ضد من أطلقتْ عليهم (أهل الكتاب) أو (أهل الذمة)؟
وأعتقد أنّ جريمة نظام الحكم فى مصر ليستْ مناهج التعليم وبرامج الإعلام (فقط) وإنما تواكبتْ معها جريمة أخرى هى (وأد) أية محاولة (قد) تــُـساعد على (تجفيف منابع الإرهاب) ولعلّ أشهر مثال على ذلك ما حدث عقب أحداث الجريمة البشعة فى الخانكة أوائل السبعينيات، التى راح ضحيتها عشرات من الأقباط . فى ذلك الوقت كان فى مجلس الشعب شخصية محترمة (د. جمال العطيفى) الذى اقترح تشكيل (لجنة تقصى الحقائق) عن أحداث الخانكة وأعدّ تقريرًا أوضح فيه أهمية تشكيل هذه اللجنة المقترحة، نظرًا لخطورة ما حدث. وبعد أنْ نشرتْ الصحف الخبر، وبعد أنْ هلــّـل الإعلام لهذه اللجنة المقترحة، وبعد قصائد المديح فى التقرير الذى كتبه د. العطيفى، بعد كل هذا ماتتْ (فكرة) اللجنة ومات التقرير بالسكتة الشبيهة بالسكة الدماغية، ليس ذلك (فقط) وإنما الكارثة الأكبر تمثلتْ فى اختفاء التقرير الذى كتبه د. العاطفى، وقد تأكــّـدتُ من ذلك عندما حاولتُ الحصول على نسخة أو صورة منه، فكانت رحلتى مع البحث الفشل.
كارثة أخرى روّج لها الإسلاميون الإرهابيون وهى ((تخزين الأسلحة فى الكنائس)) وإذا كان الإسلاميون هم الذين روّجوا لتلك المقولة (فهذا شىء طبيعى) أما الكارثة الحقيقية فهى أنْ تتبنى مقدمة برنامج شهير جدًا تلك المقولة وتــُـردّدها، وهوما سمعته من هذه المذيعة المتألقة فى سماء الفضائيات عقب أحداث الاعتداء على (كنيسة القديسين) بالإسكندرية فى اليوم الأخير من شهر ديسمبر2010.
وإذا كان نظام الحكم يـُـشهر فى وجه أصحاب العقول الحرة (تهمة ازدراء الأديان) لأتفه سبب رغم أنّ ما يكتبه أى باحث يذكر فيه مصادره من كتب التراث العربى/الإسلامى (أى لم يخترعه) فإنّ ذلك النظام يتغاضى عن (إزدراء الأديان) الذى يـُـمارسه عتاة شيوخ الفضائيات ضد الدين المسيحى، سواء ماحدث بعد انتفاضة شعبنا فى يناير2011، أو فى أحداث سابقة، مثل حرق (جمعية الكتاب المقدس) يوم6نوفمبر1972. وقد رصد أحد الباحثين الأحداث الإرهابية التى شنـّـها الإسلاميون الإرهابيون ضد الأقباط المسيحيين، فذكر أنّ تلك الأحداث بلغتْ 120حادثــًـا إرهابيـًـا بدءًا من الخانكة وعزبة الأقباط إلى كفر دميانة وعين شمس وإمبابة فى الثمانينيات والكشح (عام1998) والفترة الثانية (من عام1999- 2000) وذكر واقعة شريط فيديو الراهب المشلوح..إلخ (صحيفة المصرى اليوم29/10/2005)
وعن دور الدولة وتقاعسها فى مواجهة طغيان اللغة الدينية، حتى داخل مؤسسات الدولة، كان من رأى الباحث نبيل عبدالفتاح أنّ ((النظام المصرى الحالى ليست لديه رؤية لعلاقة الدين بالدولة، وإنما مواقفه تتسم بالذرائعية والبراجماتية. بل إنّ علاقته بالمؤسسة الدينية الرسمية أدّتْ إلى كسر تماسكها التقليدى)) ولأّنّ هذا التماسك قد انهار، لذلك كانت النتيجة بروز تيار داخل تلك المؤسسة الرسمية أقرب إلى جماعة الإخوان المسلمين (الإسلام والديمقراطية والعولة- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان- عام2006- ص131)
وإذا كان البعض يرى أنّ طغيان اللغة الدينية بدأ مع عهد السادات، فإنّ نبيل عبدالفتاح اتفق مع رؤيتى التى كتبتُ عنها كثيرًا، حيث بدأتْ الظاهرة مع نظام يوليو1952، وأنّ الصراع بين الضباط والإخوان كان يستهدف الجلوس على عرش مصر، أو- على الأقل - الاشتراك الفعلى فى الحكم، ولذلك فإنّ الصراع بينهما لم يكن حول الدين. ووفق صياغة عبدالفتاح ((تاريخ نظام يوليو مع الحقل الدينى هو تاريخ التوظيف النفعى والسياسى والبراجماتى للدين فى السياسة والشرعية.. بل نستطيع القول أنّ الضباط (عسكروا الدين) وفق ((استخدامات الصفوة السياسية العسكرتارية الجذور، ومعها حلفاؤها من المؤسسة الدينية الرسمية وعناصر إخوانية)) (المصدر السابق - ص55، 125)
أما عن الأحداث الأخيرة فقد لفت نظرى ما ذكرته بعض المواقع الالكترونية من أنّ سفارة إسرائيل وسفارة أمريكا حذرتا مواطنيهما من وقوع حادث إرهابى (سيحدث) فى مصر، وذلك قبل24ساعة من الحادث الذى وقع بالفعل. فلو كان هذا الخبر صحيحـًـا، ألا يستدعى علامة استفهام عن علاقة أمريكا وإسرائيل بالتنظيم الإسلامى الإرهابى الذى أعلن مسئوليته عن الحادث؟ وهل (يتفضــّـل) أى مسئول مصرى لكشف الحقيقة؟
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رواية وهمية
ابراهيم الثلجي ( 2017 / 7 / 9 - 12:15 )
بعد ادانة استهداف اي عرق وارهاب اي دين يجب توضيح بان ما ذهب اليه الكاتب من تاريخ غير صحيح
عند دخول الاسلام لمصر كان الاقباط عبيدا للرومان ومضطهدين من قبلهم الى ان حررهم عمرو بن العاص وكانوا طائفة مميزة عن الشعب المصري الكبير وسكن معظمهم طيبة
الفراعنة ثبت جينيا بانهم من القفقاز وغرب اوروبا فرنسا بالتحديد ، راجع اخر البحوث العلمية
اما عن قبط مسلمين ممكن بان اسلم مجموعات من الاقباظ عند دخول المصريين في الاسلام
ولما كتب القديس الدجال صمويل عن نبوئته المزعومة حذر رعايا كنيسته الاقباط من الاختلاط بالمسلمين خوفا عليهم من الانحلال الخلقي والمثلية الذي اتى به الاسلام على مصر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هذا اعلام الكنيسة في القرن السابع الميلادي
ومنها تفهم تعريف القبطي الصحيح وارتباطه بالتسمية الطائفية
اما كتابة لهذا الظابط الناصري او الفاروقي فلا تعني الا بروبوغاندا لضمان ولاء فئة او اقلية للنظام ابتغاء للحماية باسم المساواة التي لا زال الاقباط يشكون من التهميش السياسي والاداري من عبد الناصر فما بعد وكان عندهم فرصة بعد ثورة يناير للمساواة الى ان خدعهم
كهنتهم وجعلوهم في صف ضد الارادة الشعبية فيظلوا معزولين


2 - استهداف الأقباط المسيحيين
شاكر شكور ( 2017 / 7 / 9 - 17:37 )
من الصعوبة التمييز بين سلطة نظام الحكم والإرهابيين لأن الإرهابيين متوغلين اصلاً في عروق مؤسسات الدولة وخاصة في الشرطة والمحاكم وسوى كان المسلم معتدل او متشدد فكلاهما يؤمن بأن النصارى من المغضوب عليهم ، فالحكومة لا تبالي بقتل المسيحيين لأنهم لا يمثلون تهديد لها كما ان الدستور المصري تحكمه الشريعة الإسلامية التي تزدري المسيحيين وتسيئ الى جوهر عقيدهم ، إذن الفرق بين إرهاب الحكومة وإرهاب المتشددين الإسلاميين هو ان الحكومة تمارس التقية مع المسيحيين من اجل حفظ نظام الحكم والبقاء على كراسي الحكم ولو اتيح رجوع عصابة الأخوان الى الحكم فبإعتقادي سيتوقف العدوان المسلح على المسيحيين لكن تبقى المضايقات الدينية والتمييز الديني على أشده وتعود مصر للعيش في غار حراء مع الجن والعفاريت وقصة إقرأ ، فالأقباط المسيحيين بين نارين نار تسويف الحكومة لحقوقهم ونار المتشددين الإسلاميين الذين بعتبرون المسحيين ذميين من الدرجة الثانية في المواطنة ، لقد آن الآوان ان يفهم الأقباط المسحيين هذه الحقيقة وأن يجدو وسيلة لضمان مستقبل اولادهم والحرية لا تعطى بل تنتزع ، تحياتي استاذ طلعت


3 - عدا الفقرة الأخيرة!
معلق قديم ( 2017 / 7 / 10 - 00:55 )
المقال موضوعي متزن مقنع إلا أننا بوصولنا إلى الفقرة الأخيرة نصطدم بعكس ذلك تماما وتظهرعقلية نظرية المؤآمرة

ما الغريب في تحذير اسرائيل وتحذير أمريكا لرعاياها؟
أليس لهم مخابرات الكترونية ترى وتسمع دبيب النملة؟

ما الغريب في أن تكون اسرائيل سيد العارفين؟ ألا تتصور أن المخابرات المصرية أيضا تراقب أنشطة الارهابيين وتتوقع الحوادث قبل حدوثها لكنها تضطر إلى كتمان المعلومات عن الناس لتحتفظ بطرق جمعها للمعلومات من جهة ولتحاشي افزاع السياحة والتشهير بسمعة البلاد من جهة أخرى فلا يهمها الحفاظ على روح الأجنبي قدرما يهمها المال المتحصل منه

توقع عمليات الارهاب الاسلامي بحد ذاتها لا يتطلب عبقرية شرلوك هولمز لكن شبه مستحيل على مصر قبل أمريكا وقبل اسرائيل تحديد مكان وزمان العدوان بكل دقة للاستعداد وللردع بل كثير من العمليات الانتحارية القذرة تتحدد تفاصيلها في آخر لحظة حسب التساهيل

الحل في استئصال الفكر الديني فهو العدو الذي بالداخل وخطورته تفوق وهم خطورة اسرائيل

تظل نظرية المؤآمرة متجذرة للأسف عند أفضل مفكّرينا ممتزجة بالشوفينية التي تكره وتتخوّف من كل أجنبي كقاعدة عامة...خسارة..الحلو ما يكملش!

اخر الافلام

.. -اليهود مش هينسوهم-..تفاصيل لأول مرة عن قادة حرب أكتوبر


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية.. الكلمة الفصل للميدان | 202




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية: تماسك في الميدان في مواجهة


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مدينة صفد ال




.. تغطية خاصة | عمليات المقاومة الإسلامية ضد الاحتلال مستمرة |