الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة ودادية الى...

وداد عقراوي

2006 / 2 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تحية طيبة وبعد

في الايام الماضية وبحكم تواجدي في المهجر الدنماركي حيث ازمة الرّسوم الكاريكاتيريّة تطغي على الحياة اليومية تذكرت جميع ما كنت قد سمعته منذ طفولتي عن الاسلام وبدأت اهاجر المهجر لادخل صفحات النت الاسلامية حيث قرأت الكثير، منه مايلي:
"في بداية دعوة النبي الكريم تعرض للكثير من الالفاظ من اهالي قريش ولكنه وبمنتهى الحكمة كان يقول(ص): ألا تعجبون كيف يصـرف الله عني شتم قريش، ولعنهم؟ يشتمون مذممًا، ويلعنون مذممًا، وأنا محمد"

حينها تسألت: ترى هل كان الرسول (ص) سيوافق ان يقوم المسلمون بحملة مقاطعة البضائع الدانمركية؟ الم يكن الاجدى ان تُهمل الرسومات التي وبلمح البصر جعلت اصحابها من المشهورين والان يتصارع الصحافيون لعمل حديث معهم والمسلمون هم من بلطوا طريق الشهرة لهم... جريدة اليولند بوستن لم تكن هي الاخرى مشهورة مثل بوليتيكن او برلينسكا الا بعد الحملة.

للاسف نسمع الان من يصورون لنا صورة للاسلام تختلف عن الصورة التي كبرنا عليها... من منا لم يسمع من الخطباء المسلمين بان الاسلام هو دين السلام وقضينا ايام وليالي لنذاكر ما قيل انه تعبير عن القيم العالية والفهم الحقيقي لمعنى الاسلام... لا زلت اذكر اقوال الاستاذ المصري صبحي استاذ مادة الدين في ثانويتنا: "الاسلام هو دعوة للسلام لان هدف الاسلام هو السلام... المهم والاهم في الاسلام هو السلام وهنا تأتي تحية الاسلام : السلام عليكم.... وعليكم السلام"

اتفهم طبعاً تأثر الجالية الاسلامية واحترم وجهة نظرهم... ولكنني ارى بان ما يقوم به بعض المسلمين الان يسيئ للاسلام اكثر من ان ينفعه.

كنا ننتقد الغرب ونقول بان نظرتهم للشرقيين هي نظرة تتسم بالتعميم... كنا نجادلهم: كلما قامت مجموعة من الشرقيين بعمل غيرقانوني تقومون بتعميم العمل على كل الشرقيين وبين ليلة وضحاها يصبح كل الشرقيون مسؤولين عن تلك المخالفة او الجريمة.
وها هم الشرقيون يفعلون نفس الشئ... فالكثيرون يدعون لمعاقبة "الكل" بسبب تصرف قام به شخص وجريدة. هناك من يدعوا ايضا لقتل الصحفيين الدنماركيين ولكن فاته التفكير في ما تتضمنه هذه الدعوة... فقتل المقابل تعني في حقيقة الامر الدعوة لقتله هو ايضا اي انها انتحار... بالاضافة الى ذلك فان حلول مشكلة الغرب والشرق ليست مرتبطة بموت اوحياة هذين الشخصين... فالمخرج الهولندي قتل ولكن المشكلة الاساسية لا تزال قائمة.

لو اراد اي طرف من الطرفين المتنازعين ان يخطط للبقاء لوحده في هذا العالم فهذا يعني اعلان سفك دماء الطرف المقابل. وبهذا الشكل سيندثر جزء من العالم الانساني وعندها سيتم نبش اجساد كل من يكون اسلوبه في الحياة مختلفاً عن اسلوب حياتنا وتفكيرنا... ولكن وفي وسط هذه المعمعة قد يتسنى لطرف ان يلتهم الطرف الاخر قبل ان تسنح له فرصة "القضاء عليه"... فنجد التأريخ يعيد نفسه ويتأزم الوضع اكثر مما هو متأزم... وندور وندور في نفس الدوامة.

في نفس الوقت اجدني قلقة جداً بشأن الاحداث في الضفة الغربية... اخشى ان يتسرع احبائنا الفلسطينيون وفجأة تغادر القوات الاجنبية كلها ومن سيقف بجانبهم ضد اسرائيل؟ من سيقدم لهم المساعدات الصحية والمالية... ان كان للشعب او الحكومة؟ والطفل الفلسطيني الذي سينقصه الحليب من فكر فيه او تذكره؟ السيدة الفلسطينية المريضة خطرت على بال من؟
فعلى سبيل المثال شاهدت في الليلة الماضية لقاءاً مع سفيرة فلسطين والصحفية الدنماركية نبهتها بصريح العبارة:
هل تعتقدين بان الدنماركيون سيستمرون بمساعدتكم بعد ما شاهدوه على شاشات التلفزيون!
للعلم يقوم الدنمارك بانجاز العديد من المشاريع في الاراضي المحتلة...

من ناحية اخرى فاود ان اشير ثانية الى قول استاذي المصري صبحي: الإسلام هو دين التسامح والمحبة والاخاء والكرم مع الديانات السماوية...

يعلم الكثيرون بان احد الخطباء خطب على شاشات التلفزيون وأهان الديانة المسيحية أمام سمع و بصر الحاضرين والسامعين. و معظم المحطات نقلت الوقائع... ولكن لم تتخذ اي دولة اوربية اي اجراء ولم نسمع عن اي حملات ضد المسلمين... على الاقل ليس علناً.
فلنفكر قليلا فيما نفعله... فبالتأكيد للدول الغربية ايضاً المترجمين والمتابعين لما نقوله عن ديانتهم... فكما تتأثر الجالية الاسلامية لو تفوه احد بكلمة ضد ديانتهم فالاخرون يحسون بنفس التأثر لو كانت ديانتهم هي المستهدفة.

فلنكون ممن يشارك في تقليل الهوة بين شعوب العالم ودياناتهم... فلنحترم لنستطيع تذكير الاخرين باحترامنا لهم ووجوب التزامهم بذلك ايضا.
ان الديانتين الاسلامية والمسيحية يجب ان تكونا لخدمة الانسان وصيانة كرامته واعطائه الحق في الحياة الكريمة والسلام والمحبة والوئام... ولاعمار الارض وازدهارها.

الحكومات المستبدة سعيدة بهذه الاحداث لان الشعب انشغل عن ما يرتكبونه من ظلم ومصادرة لحقوقهم... فلنمنع ان يأخذ الامر من الوقت اكثر مما اخذه... فها هو رئيس الوزراء الدنماركي قد اعتذر للشعب المسلم فلنطوي هذه الصفحة ونفتح صفحة جديدة وليكن الاف السجناء اللذين يحتاجون لمساندتنا ومساعدتنا على رأس اولوياتنا.

في الظروف الصعبة التي نمر بها الان من المهم جدا ان نتسلح بالتأني وعدم التسرع.

حماية الدين تكون بالاستعانة بالخالق الذي يؤمن به كل شخص وبالعلم و العمل وإيجاد الفرص لتطوير وتنشيط الإبتكار والإبداع والإنتاج والدراسـات والبحوث... فلنصعق ونفاجئ الغرب بتسامحنا وحرياتنا ومناقشاتنا واحترامنا للغير حتى اللذين ينتقدوننا. فلنعود لنكون المختبر الاول من نوعه في العالم للحضارة و المنبع الاول للحداثة في جميع صورها. فلنبني صرحاً للمقارنة الصريحة والبنّاءة بين وضع دول الغرب المتقدمة علمياً ووضع بلداننا المتأخرة بشكل عام ولنركز على الطرق العقلانية المنطقية الصحيحة لحل المشاكل ولنتذكر احترام التنوع الديني والحضاري والثقافي في كل خطوة نخطوها.

التسامح وبناء الجسور على انقاض بقايا الجسور التي نُُسفت هو ما نحتاج اليه الان... لسنا باي شكل من الاشكال بحاجة للمزيد من الفوضى والخسائر البشرية وإثارة مشاعر الغضب او للمزيد من الكراهية والتباعد والحقد والعداء والتصادم المبرر والغير مبرر

ان ارتكاب الفظائع مبعثه التشبث بافكار معينة اما جهلاً او عناداً على الرغم من انها قد تكون غير عقلانية وغير واقعية

اشكر مقدماً كل من سيستلم رسالتي واشكر كل من سيرفض استلامها

مع فائق الود والإعتبارات الصادقة وامنياتي القلبية بالخير والسلام للجميع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟


.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي


.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ




.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها