الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إعجاز بلاغي ولغوي في القرآن أم ركاكة وثرثرة ولغو

مالك بارودي

2017 / 7 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


.
كثيرًا ما سمعنا أنّ في القرآن إعجازا بلاغيًّا ولغويًّا، إلخ، لكن من يتأمّل ما جاء في هذا الكتاب بحياديّة وتجرّد ودون تقديس، مثلما يفعلُ حين يقرأ رواية أو مقالة منشورة في جريدة على سبيل المثال، سيفهمُ بسرعة أنّ كلّ أنواع الإعجاز المزعومة لا تساوي شيئًا، بل هي خرافة سمجة لا أصل لها ولا دليل على صحّتها وأوهام فارغة. فالقرآن كتابٌ من أسوأ الكتب، لا هو أفلح في أن يكون شعرا أو نثرًا ولا إقترب حتّىى من المستوى البلاغي للخُطب التي وصلتنا عن "الجاهليّين" ولا إستطاع أن يأتي بقصّة متماسكة ومرتّبة ولا حتّى أتى بخطابٍ منظّم ومنطقي يمكن أن يدلّ على صحّة كاتبه العقليّة. كلّ ما فيه لا يساوي حتّى ما يمكن أن يكتُبه كاتبٌ مبتدئ أو حتّى تلميذٌ في المعهد.
.
بطبيعة الحال، هالة التّقديس التي يحيط بها المسلمون هذا الكتاب هي العائق الأساسي والرّئيسي الذي يمنعهم من التّفطّن لركاكة القرآن وتفكّكه وعدم صلاحيّته كنصّ، ناهيك عن أن يكون نصًّا دينيًّا "موحى به" من إله المسلمين الذي تُنسبُ له كوكبة من الصّفات الخارقة ويُزعمُ أنّه خالقُ الكون، إلخ. ولو تجرّأ المسلمون على نزع هذا التّقديس من أدمغتهم وتناولوا القرآن بالدّرس والتّفكير لإنتهى الأمر بمعظمهم إلى رميه في أقرب قمامة.
.
على سبيل المثال، يقول كاتب القرآن: "مَن كَفَرَ باللَّهِ مِن بَعْدِ إيمانه، إلاّ مَن أُكْرِهَ وَقلبُه مطمئنٌّ بالإيمان، ولكن مَن شَرَح بالكفرِ صدْراً، فعليهم غضبٌ مِن اللَّه ولهم عذابٌ عظيم" (النّحل، 106). هل فهمتم شيئًا من هذه الجملة؟ ألا تحسّون بأنّها مفكّكة أو على الأقلّ ناقصة؟ في الآية حُكمان، لكنّنا لا نجدُ إلّا الحُكم الثّاني كاملًا، أمّا الأوّل فلا نرى منه إلّا بدايته... من شرح صدره بالكُفر سيغضبُ عليه الله ويُعذّبه: هذه فهمناها. لكن، ما الذي سيحدُث لمن كفر بالله بعد إيمانه ولكنّ قلبه مطمئنّ بالإيمان؟ هل سيشتري له الله قطعة حلوى؟ أم سيُرسله في رحلة إلى تايلاندا؟ أم سيُهديه تذكرة سينما؟ أين الحُكم؟ أم أنّ الله ترك الأمر للمفسّرين لكي يُرقّعوا كلامه بما أرادوا، حسب فهمهم أو عدم فهمهم؟ ثمّ، لو كتبتُ أنا جُملة بهذا الشّكل، هل ستقولون أنّ في كلامي إعجازًا وبلاغة؟ بالعكس، ستقولون أنّ هناك ركاكة في التّعبير وتفكّكًا، وفي أحسن الأحوال ستقولون أنّ الجملة فيها خطأ. وهذا هو المنطق. إذن، فهذه الآية آية ركيكة لا إعجاز فيها ولا هُم يُعجزون...
.
وفي آية أخرى، نقرأ: "وَهُوَ الذي أنْزَلَ من السماءِ ماءً، فَأَخْرَجْنَا بِهِ نباتَ كلِّ شيء، فَأَخْرَجْنَا مِنه خضيراً نُخْرِجُ مِنه حباً متراكماً..." (الأنعام، 99). ما هذا؟ أيّ أسلوب أخرق هذا؟ "فأخرجنا"، "فأخرجنا"، "نُخرجُ"؟ فِعل واحدٌ يتكرّرُ ثلاث مرّاتٍ في آية واحدة؟ لو وُجِدت جملة مثلُ هذه في أيّ كتابٍ لتمّ التّشهير بكاتبه ولَمُسِحَتْ به الأرضُ. ثمّ أنّ أبسطُ إنسانٍ يعرفُ أنّ من قواعد البلاغة أن لا تُكرّر الألفاظ، وأن تستعمل المرادفات عند الضّرورة، فهل إله الإسلام غبيّ إلى درجة جهله بأبسط القواعد البلاغيّة؟
.
وفي آية أخرى، نجدُ ما يلي: "إليهِ يُرَدُّ عِلْمُ الساعةِ، ومَا تَخْرُجُ مِن ثمراتِ من أكمامِها، ومَا تَحمِلُ مِنَ أُنثَى ولا تَضَعُ إلاّ بِعلمِهِ. ويومَ يُناديهِمْ: أينَ شُرَكائي؟ قَالوا: آذَنَّاكَ، مَا مِنّا مِن شهيد" (فُصّلت، 47) أين العلاقة بين بداية الآية ونهايتها؟ أليست هذه الآية مفكّكة؟ أو لعلّها مفبركة من آيتين منفصلتين؟ في كلّ الحالات، لو كتب أحدهم كلامًا كهذا لسخر منه النّاسُ ولإتّهموه بالحماقة أو على الأقلّ بالعجز، فكيف يكون في هذه الآية إعجاز وبلاغة؟ أين عقولكم؟ أم أنّ التّكرار والإجترار أفقدكم الإحساس؟
.
وهذه آية رابعة: "فلَولا أنَّه كَانَ مِنَ المسَبِّحِينَ، لَلَبِثَ في بَطنِه إلى يومِ يُبعَثون. فَنَبَذنَاهُ بالعَراءِ وهُو سَقِيمٌ. وأنْبَتْنا علَيه شجرةً مِن يَقطِينٍ. وَأرْسلْنَاه إلى مَائَةِ ألفٍ أو يَزيدون، فآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهم إلى حين. فَاستَفْتِهِم: أَلِرَبِّكَ البَنَاتُ وَلَهُمُ البَنُون؟ أم خَلَقْنا الملائِكةَ إناثاً وَهُم شَاهدون؟" (الصّافّات، 143-150) مرّة أخرى، أسأل: هل فهمتم شيئًا؟ هل هذا نصٌّ يمكن أن يتحدّى النّاس أن يأتوا بمثله؟ نصٌّ يقفز من موضوع إلى موضوع آخر إلى موضوع ثالث، إلخ، دون روابط أو حتّى تحضير ومقدّمات؟ بداية الآيات الأخيرة تحكي عن "يونس"، وقبلها هناك آيات كانت تحدّثنا عن "لوط" وقومه، ثم يقفز كاتب القرآن مباشرة إلى موضوع الملائكة؟ ما دخل الملائكة بالموضوعين السّابقين؟ ما العلاقة بين يونس والحوت والملائكة إن كانت إناثا أم لا؟ إنّها الرّكاكة القرآنيّة في أجلّ مظاهرها.
.
وفي آية أخرى، يقول كاتب القرآن: "وإذ قُلنا لكَ إنّ ربَّكَ أحاطَ بالناسِ، وما جعلْنا الرّؤيا التي أَرَيْنَاكَ إلاّ فِتنةً للنّاسِ، والشّجرةَ الملعونةَ في القرآن، وَنُخَوِّفُهُمْ، فما يَزيدُهُم إلاّ طُغياناً كبيراً. وإذ قُلنا للملائكة اسجُدُوا لآدم فَسَجدوا إلاّ إبليسَ، قال أأسجُدُ لمَنْ خلَقتَ طيناً" (الإسراء، 60). تفكّك الخطاب في أوجِهِ في هذه الآية، أليس كذلك؟ أترك لكم مهمّة البحث عن الرّوابط بين مختلف أجزاء هذه الآية-الكوكتيل.
.
ولكن السّؤال الذي يجبُ أن يُطرح هو: لماذا لا نرى المدلّسين الذين يتحدّثون عن الإعجاز البلاغي واللّغوي القرآني يستدلّون ويستشهدون بهذه الآيات التي ذكرناها وبأمثالها؟ أليس في تهميشهم لمثل هذه الآيات إعتراف صريح بأنّ الإعجاز اللّغوي والبلاغي في القرآن خرافة؟ ألا تفكّرون؟
.
---------------------
الهوامش:
1.. مدوّنات الكاتب مالك بارودي:
http://utopia-666.over-blog.com
http://ahewar1.blogspot.com
http://ahewar2.blogspot.com
2.. لتحميل نسخة من كتاب مالك بارودي "خرافات إسلامية":
https://archive.org/details/Islamic_myths
https://www.academia.edu/33820630/Malek_Baroudi_-_Islamic_Myths
3.. صفحة "مالك بارودي" على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/malekbaroudix








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وفاكهة و أبا
بولس اسحق ( 2017 / 7 / 12 - 06:55 )
* أَفَرَأَيْتُم مّا تَحْرُثُونَ *
أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزّارِعُونَ *
لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكّهُونَ *
إِنّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ *
أَفَرَأَيْتُمُ الْمَآءَ الّذِي تَشْرَبُونَ *
أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ *
لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ *
أَفَرَأَيْتُمُ النّارَ الّتِي تُورُونَ *
أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ *
نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لّلْمُقْوِينَ * فَسَبّحْ بِاسْمِ رَبّكَ الْعَظِيمِ
بالذمة هل هذا كلام من رب خلق الكون في ستة أيام، جمل ركيكه للغاية وفى النهاية تنتهى بـ وَمَتَاعاً لّلْمُقْوِينَ وهى كلمه كالعادة اختلفوا في تفسيرها، وأحيانا كثيرة كان الوحي لا يسعف محمد فيضطر إلى استخدام عبارات غريبة أو لا معنى لها على الإطلاق فقط لكي ينسجم الوزن والسجع ويحتار وراءه المفسرون بعد ذلك ولكم في العاديات ضبحا عبرة يا أولي الألباب...وعنبا وقضبا * وزيتونا ونخلا* وحدائق غلبا * وفاكهة و أبا*...تحياتي.


2 - الاية 106من سورة النحل-ماقبلها ومابعدها؟
عبد الله اغونان ( 2017 / 7 / 12 - 19:25 )
القران سياق عام ولايرتبط المعنى باية أو جزء من اية

اشتهر الرد على المحرفين بالقول المأثور --- ويل للمصلين

في حين الاية -- ويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراؤون ويمنعون الماعون

نسرد سياق الايات

-- ولقد نعلم انهم يقولون انما يعلمه بشر لسان الذين يلحدون اليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين

-- ان الذين لايومنون بايات الله لايهديهم الله ولهم عذاب أليم

-- انما يفتري الكذب الذين لايومنون بايات الله وأولئك هم الكاذبون

--من كفر بالله من بعد ايمانه الا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم

غضب من الله ولهم عذاب عظيم

-- ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الاخرة وأن الله لايهدي القوم الكافرين

--أولئك الذين ذبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم أولئك هم الغافلون

-- لاجرمأنهم في الاخرة هم الخاسرون

--ثم ان ربك للذين هاجروا من بعد مافتنوا ثم جاهدوا وصبروا ام ربك من بعدها لغفور رحيم

الايات 106 الى 110 سورة النحل

من يزعم أنه لم يفهم هذا الخطاب البليغ المؤثر؟

المشكل غير متعلق بالخطاب بل بالاعتقاد فمن شرح بالكفر صدره ليس كمن هو مضطر وقلبه مطمئن


3 - الجهل والامية شرط بقاء الاسلام والقرآن احياء
محمد البدري ( 2018 / 6 / 23 - 07:29 )
نصيحتي لكل من يمتلك عقلا ان يعمل جهده لدفن هذا الدين مرة واحدة والي الابد فسر بقاؤه قائم علي بقاء الامية والجهل في المجتمع

شكرا جزيلا للسيد بارودي

اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال