الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يحكم الاسلام السياسي

احمد حمادي

2017 / 7 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا يخفى على احد حجم الدمار والخراب الذي خلفته أحزاب الإسلام السياسي التي تمسك السلطة او التي تلعب دور المعارض لحكومات في اغلبها دكتاتورية قومية شوفينة في منطقتنا الملتهبة منذ الاحتلال الأمريكي للعراق، والأخير هو الأنموذج المثالي الذي تظهر فيه هذه الأحزاب بأصنافها وفروعها ومرجعيتها المختلفة على حقيقتها دون تجميل، فالنهب والفقر والأمية والطائفية والتهجير والخطف، قائمة على قدم وساق منذ استلام هذه الثلة السلطة، وأبشع ما أنتجته أنظمة الحكم على مر تاريخ البشرية الحديث يتجسد في هؤلاء، وأي مراقب يشاهد هذه الآفات وهي تنخر في جسد المجتمع والدولة ، يدرك أن عمر هذه الأحزاب ليس بالطويل، فالأمثلة على فشلهم اكبر من أن تعد أو تحصر في هذه المساحة الصغيرة، والتناقض وصل مراحله الأخيرة لإنتاج نمط جديد لا بد أن يلقي بهذه القمامة إلى مزبلة التأريخ غير مأسوف عليها.
ملايين من المواطنين يعيشون على الكفاف يتسول الآلاف منهم في التقاطعات بينما ثروة احد مسؤولي الإسلام السياسي الكبار يقدرها المقربون والمراقبون بالستين مليار دولار، والمشكلة أن أكثر ما يدعو له هذا المسؤول وأتباعه من المؤمنين المتقين هو مساعدة الناس والارتقاء بواقعهم... وبالطبع لا يختلف عنهم أتقياء حزب (س) الإسلامي او أتباع التيار (ص) الإسلامي ومجموعة(ع) الإسلامية فكلهم يهتفون ليل نهار على شاشات الفضائيات من اجل خدمة المواطنين وتحسين واقعهم ألمعاشي، بالمقابل كل هؤلاء وإتباعهم والمستفيدون منهم يمرون يوميا بمواكبهم المدججة بالأسلحة وسياراتهم الفخمة التي تقطع الشوارع وتمر في نفس التقاطعات التي يتسول فيها الأطفال والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة دون أن يشعروا بأي خجل.
في عهد الخليفة ودولته الإسلامية في العراق والشام، وعهد آيات الله وحججه وعهد البدلات والأحذية الايطالية والفرنسية التي يلبسها الإسلاميون الجدد يهجر ويشرد الملايين، في عهد العمائم واللحى العفنة يقتل الناس فقط لان اسم احدهم فلان او اسم الأخر علان وبالطبع فلا مسؤولية يتحملها هؤلاء لأنها إرادة الرب.
بفضل هؤلاء السادة نصف مدن البلاد تسكن العشوائيات، ونسبة الأمية ارتفعت بجهودهم الجبارة إلى ما يقارب نصف السكان، وفي عهدهم أغلقت كل المصانع؟ وتحولت جميع مدن البلاد إلى مكب للنفايات تشبه إلى حد كبير ما تحمله أدمغة هؤلاء المجاهدين؟
في ظل حكم الأتقياء كل شيء مباح حتى المخدرات بأنواعها صارت تباع في الصيدليات والكوفي شوبات فلا حشيشة ولا كوكايين ولا مورفين الا وتجدها بمجرد رغبتك في الانفصال عن قبح الحياة التي أنتجتها عقليات الإسلام السياسي المبدعة لكل فنون القتل والفوضى والخرافة، حتى ان أسواق الأسلحة وبيعها صار يتعامل بها المتاجرون على مواقع التواصل الاجتماعي، كما ان مراكز الشرطة في عموم البلاد أصبحت مجرد لافتات ليس لها أي عمل لان مهمة حفظ الأمن في بغداد وبقية المحافظات أوكلت لشيوخ العشائر، الذين يبدو أنهم قد درسوا القانون الفرنسي، ودخلوا دورات على كيفية التعامل مع المشتبه بهم على أيدي الشرطة النرويجية!
أسماء ولافتات كبيرة تطالعك وأنت تتجول في اية مدينة من مدن هذه البلاد البائسة، تدعوك إلى الصدق والنزاهة ومحاربة الفساد ، وتذكرك بالعقوبات في الدنيا والآخرة ان تجرأت على السرقة والاختلاس. وليست الأسباب حفاظا على المال العام وهيبة الدولة، إنما اللصوص لا يحبون المنافسين!
حتى محاسبة ومعاقبة المجرمين في العراق لا تجري في المحاكم إنما وتقديرا لخدمتهم الجهادية فأن التوبة إلى الله هي الطريق الأسلم وخير دليل على ذلك دعوة رئيس هيئة النزاهة في ذكرى ليلة القدر لكل السياسيين إلى التوبة والدعاء إلى الرب بالرحمة والمغفرة ولا بأس بغض النظر عن كل المليارات التي سرقت!
كما أنهم وفي خطوة يقومون بها للتكفير عن ذنوبهم والمغفرة عن كل الجرائم التي ارتكبوها او ارتكبت بسببهم، فأنهم يتركون السلطة وملذاتها كل عام ليقابلوا وجه ربهم في مكة ويدعونه أن يمن عليهم وعلينا بالخير والعافية والأمان وان يجعلهم من دائمي النعمة. والمقربون من هؤلاء يعرفون جيدا أنهم لا يؤدون أي صلاة إلا في الجوامع والحسينيات، حتى أنهم حين يعقدون اجتماعا سواء في مجلس النواب أم الوزراء أم أية وزارة و يرفع بينهم الأذان ويسمعون المنادي فأنهم يتركون كل شيء ليلبوا أمر الرب.
إلف مليار دولار سرقت ونهبت من موازنات هذه البلاد منذ ان استلم الإسلاميون السلطة، تكفي لتوفير مسكن وفرصة عمل وتأمين حياة مرفهة لمئة مليون إنسان ، لكن من يتمتع بها فقط هم شلة السفلة هؤلاء وأبنائهم وماسحو أكتافهم والمروجون لهم، يتنعم هؤلاء اللصوص بخيرات باريس وستوكهولم ودبي، بينما أبناء بغداد والبصرة والانبار والنجف يتحملون انقطاع الكهرباء وسط درجات حرارة تجاوزت الخمسين درجة مئوية.
ليس هناك ما يميز هؤلاء إلا شيء واحد هو أنهم مفروضون علينا بإرادة إلهية، على اعتبارهم مدعومين من مرجعياتهم الدينية المختلفة التي تستمد أوامرها من الله بشكل مباشر، وبعد صدور أمر تعيينهم الإلهي هذا تصبح المطالبة برحيلهم رجسا من عمل الشيطان!
لكنهم وباسم ربهم هذا فعلوا بنا أسوأ الأفاعيل، أصبحوا ملاكا لشركات النهب والنصب، بل أن كثير منهم قد أسس مليشيات يصل تعداداها عشرات الآلاف من المقاتلين، وهي تمتلك المدافع والدبابات والمدرعات وتمارس سلطتها التي منحتها لها السماء، فكيف لنا بعد اليوم أن نحيا وسط هذه الطفيليات التي لا تعتاش إلا على دماء الفقراء والمساكين.
كم من المتسولين عندنا؟ كم المتشردين عندنا؟ كم من بائعات الجسد عندنا؟ كم من المرضى عندنا؟ كم من النازحين والمهجرين عندنا؟ كم من الأبرياء يقبعون في السجون عندنا؟ وفي المقابل كم من اللصوص لدينا؟ كم من السفلة لدينا؟ كم من القتلة لدينا؟ كم من رجال الدين والعمائم بالونها المختلفة لدينا؟ كم من تجار المخدرات ومدراء شبكات الدعارة لدينا؟ لكن الفرق بين هؤلاء وأولئك ان الأولين هم المحكومون أما الآخرين فهم الحاكمون، عند ذلك يكون للتاريخ حكم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في


.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج




.. 101-Al-Baqarah


.. 93- Al-Baqarah




.. 94- Al-Baqarah