الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو بناء حركة فاعلة ومتماسكة

سلمان بارودو

2006 / 2 / 6
القضية الكردية


لقد أثبتت جميع التجارب للقاصي والداني وبما لا يدع مجالاً للشك أن السبيل الوحيد أمام التحديات والضغوطات وطرق مواجهتها يجب الاستناد لقوى الشعوب المتحررة من قيود تمنع حركتها والقادرة بدون شك على صنع المستقبل المنشود لأجيالها، وبالتالي بناء حياة سياسية ديمقراطية متطورة وفاعلة بعيدة عن الإقصاء وشطب الآخر المختلف سواء أكانت عرقية أو دينية أم رأي وثقافة سياسية معارضة.
لذلك، ومن هذا المنطلق، والحرص على قضية شعب مظلوم ومضطهد، كالشعب الكوردي في سوريا والمحروم من كافة الحقوق القومية والديمقراطية بسبب السياسة الشوفينية المنتهجة بحقه، وذلك بهدف تذويبه وصهره، وحرمانه من كافة حقوق القومية والإنسانية، وقد طالت تلك السياسات والمشاريع التمييزية كافة مفاصل ومناحي حياتهم، وذلك بالرغم من أنهم يشكلون ثاني أكبر قومية في البلاد ويتعرضون لكافة أنواع الاضطهاد القومي والتمييز العنصري استهدافاً لوجودهم التاريخي وحقوقهم القومية.
لذلك يجب على الحركة الكوردية في سوريا الاستفادة من تجاربها وتجارب الآخرين وعليها أن تتصدى لجميع مشاكلها والعقبات التي تعترض طريقها بكل جرأة ووضوح، وهي بالتأكيد لديها القدرة على تجاوز محنتها إذا توفرت النوايا الجدية والصادقة لحلها وهي ليست مستعصية ومستحيلة إلى درجة اليأس والاستسلام للأمر الواقع في هذه المرحلة الصعبة والمصيرية، في زمن الألفية الثالثة من التاريخ والدخول بعصر العولمة والديمقراطية وحقوق الإنسان، حيث أن الكثير من المشاكل والقضايا المعلقة تأخذ سبيلها إلى الحل.
لكن الإقدام إلى مثل هكذا خطوات لا يمكن أن تتحقق ما لم يبادر كل طرف إلى مراجعة نقدية جريئة لجملة مواقفه وتوجهاته، والتخلص من عقلية التطرف والتعصب والانغلاق، والتوجه نحو بناء حركة سياسية فاعلة ومتماسكة من أجل الدفاع عن مصالحها القومية والديمقراطية ورسم مستقبل أبنائها.
لذلك على الحركة الكوردية في سوريا أن تأخذ مكانها الطبيعي واللائق في هذه المعادلة كرقم صعب لا يمكن تجاهله وتجاوزه في جميع الحسابات ذات الشأن السوري بشكل عام، وذلك لبناء مرجعية كوردية تعتبر كمؤسسة شرعية يتم فيها توحيد الخطاب السياسي الكوردي وضمان لاستقلالية القرار السياسي واستجابة عملية لرغبة وتطلعات الجماهير نحو التماسك والتلاحم على طريق النضال من أجل رفع الغبن اللاحق عن كاهل الشعب الكوردي، وإيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكوردية في سوريا عبر الاعتراف الدستوري، وتحقيق أمانيه وأهدافه القومية والديمقراطية، وصياغة استراتيجيات مستقبلية واضحة للعمل النضالي الكوردي والوطني السوري، بل أنها ضرورة موضوعية تمليها الظروف السياسية وتقتضيها مصلحة الشعب الكوردي في لمَ شمله وتوحيد امكاناته وطاقاته النضالية بغية زجها في خدمة المجتمع بأسره، وبالتالي الدخول في حوارات جادة وصريحة مع كل القوى والفعاليات الوطنية على الساحة السورية دون استثناء، وذلك من أجل المشاركة في بناء دولة الحق والقانون والمؤسسات الديمقراطية المبنية على مبادىء التسامح وحقوق الإنسان والصداقة بين الشعوب والأمم.
كما عليها إعطاء الاهتمام الجدي والصريح بمبدأ التسامح الذي يعني – فيما يعنيه – أن المجتمع البشري بحاجة إلى نشر وتأصيل قيم التسامح كمنظور إنساني وأخلاقي، وتعميم فكرة قبول الآخر المختلف في ميادين السياسة والدين والقومية والاجتماع، والعمل على تجاوز الصراعات العقيمة، والغير مثمرة تاريخياً، وذلك عبر القيام بتدعيم كل ما يساهم في إيجاد وترسيخ الحوار والتقارب ومن ثم التأكيد على أهمية الروح النقدية التي تعني - فيما تعنيه – التوقف عن النظر إلى الواقع من خلال الآراء المسبقة والتفسيرات الجاهزة التي تدَعي امتلاك الحقيقة والفهم وحيازة الحلول، وهذا يعني ضرورة إخراج الأفكار والنظريات من رؤوسنا لا إخراج رؤوسنا من الأفكار والنظريات.
أن تحقيق ذلك كله سيساهم بالتأكيد إلى حراك سياسي، وتحسين أجواء الثقة المتبادلة، وأرضية ديمقراطية صلبة سيتمتع في ظله كل المواطنين دون استثناء، وسيعزز من شأن ومكانة سوريا إقليميا ودولياً وفي كافة المجالات ومناحي الحياة، للوصول إلى بناء مجتمع ديمقراطي حر خال من الظلم والاضطهاد بكل أنواعه أشكاله، لأن المجتمعات الديمقراطية هي التي تستطيع الوقوف في وجه التحديات ودحر كافة المخططات التأمرية التي تستهدف الوحدة الوطنية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Lawyer arrested on LIVE TV


.. اللاجئون السوريون في لبنان.. ما أبرز معاناتهم وما مصيرهم؟




.. عضوية فلسطين بالأمم المتحدة.. هل هو مشروع جزائري أم إماراتي؟


.. إصابة عدد من موظفي الأمم المتحدة جراء إطلاق نار عند معبر #رف




.. فيديو: انتقادات حقوقية لنظام بطاقات الدفع لطالبي اللجوء في أ