الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ٱلكاريكاتير وٱلضغوط من أجل ٱلإصلاح

سمير إبراهيم خليل حسن

2006 / 2 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إنّ معدلات هجرة ٱلشباب من بلاد ٱلعرب وٱلمسلمين إلى ٱلغرب ٱلأمريكى وٱلأوروبى هى ٱلأعلى من جميع هجرات ٱلشباب فى ٱلبلاد ٱلأخرى. وقد تصاعدت هذه ٱلهجرة تصاعدا كبيرا فى ٱلسنوات ٱلعشر ٱلماضية. وأكثرها يطلب عملا وعيشا كريما لا يجده فى بلاده. ومنهم هارب من بطش سلطة قمعية ٱستبدادية بسبب رأى مخالف معها.
لقد نشأت فى بلاد ٱلغرب أزمة شديدة بسبب ٱلعدد ٱلكبير لهؤلآء ٱلمهاجرين. ولنا فىۤ أحداث فرنسا مثلا عليها. وقد صار ٱرتفاع عددهم فى مجتمعات ٱلغرب يهدد مكاسب شعوب تلك ٱلمجتمعات على مستويات مختلفة (مستوى فرص ٱلعمل ومستوى ٱلتأمين ٱلاجتماعى للعاطلين عن ٱلعمل وعلى مستوى ٱلأمن وملحقاته ٱلجرمية). وكانت أحداث 11 أيلول فى نيويورك هى ٱلمفجّر ٱلرئيس للتفكير فى وقف تأثيرات هذه ٱلأزمة ٱلناجمة عن ٱرتفاع معدلات ٱلهجرة للشباب من بلاد ٱلعرب وٱلمسلمين. وبدأت حكومات ٱلغرب ٱلعمل على ٱلحدّ من هذه ٱلهجرات. وقد وجدت أنّ حلّ هذه ٱلأزمة يبدأ فى بلاد ٱلمهاجرين ٱلأصلية. من خلال ٱلعمل على توسيع فرص ٱلعمل لهم فيها وتحسين ٱلأجور وفتح أبواب ٱلحرية ٱلشخصية.
وبدأت ٱلولايات ٱلمتحدة ومن ورآئها ٱلاتحاد ٱلأوروبى بٱلضغط على سلطات بلاد ٱلعرب وٱلمسلمين. من أجل إجرآء ٱلإصلاحات ٱلسياسية وٱلاجتماعية وٱلاقتصادية فى بلادها ونشر مفاهيم ٱلديمقراطية وسيادة ٱلقانون وٱلشفافية. وٱلعمل لخلق فرص عمل مجز للشباب تخفّض معدلات ٱلبطالة ٱلكبيرة وتمنع من ضغط هجرة ٱلشباب إلى ٱلغرب.
وبسبب تعاظم هذه ٱلضغوط تظاهرت بعض ٱلسلطات ٱلعربية بأعمال إصلاح جزئى بطىء على أمل توقف هذه ٱلضغوط لاحقا. وقد ظهر لهذه ٱلسلطات أنّ شعوبها بدأت تستشعر مفاهيم ٱلديمقراطية وبدأت تتأثر بها. وكان خوف هذه ٱلسلطات يأتى من حرجهاۤ أمام شعوبها بسبب ما يظهر من سرقات وفساد رجالها. فهم يسرقون كلَّ شىء من دون محاسبة ولا سؤال! وهم لا يفكرون بأى تطور داخلى. ولا توجد فى مناهجهم أى فكرة تتعلق بعدد ٱلعاطلين عن ٱلعمل فى بلادهم ومصادر عيش أولئك ٱلعاطلين. وهى تعادىۤ أىّ مطلب لسيادة ٱلقانون وٱلشفافيّة حماية لسلوكها ٱللصوصىّ من ٱلمحاسبة. وهذا جعلهاۤ أمام خيارين لا ثالث لهماۤ. إمّا ٱلقبول بٱلإصلاحات وخسارة مكاسبها ٱلتى تحصل عليها من دون حساب. أو ٱلعمل على وقف تلك ٱلضغوط وٱلاحتفاظ بتلك ٱلمكاسب وتوسيعها.
وكان ظهور ٱلكاريكاتير فى ٱلصحيفة ٱلدانماركية (ٱلذى يتناول شخصية ٱلرسول محمد بصورة مسيئة) مخرجا مؤقتا لتلك ٱلسلطات من حرجهاۤ أمام شعوبها ومن ضغوط ٱلغرب عليها. وقد سارعت هذه ٱلسلطات فى دفع أقسام من شعوبهاۤ إلى ٱلخروج وٱلتظاهر ضد ٱلغرب ٱلصليبى بتأثير ما شرَّبته لها من مفاهيم عن ٱلدين. وجعلتها تتحرك فى ٱلشوارع بحريتها ٱلغريزية بزعم ٱلدفاع عن ٱلرّسول. وحولت ما فى نفس هؤلآء من غضب بسبب فقرها وما تفعله فيها ٱلبطالة من تشرد إلى قوّة تخدم بها مصالح ٱلسلطات ٱلمستبدة وتبعد عنها ضغوط شعوبها بحجة ٱلحرب ٱلصليبية على دين ٱلإسلام. وتأجيل جميع ٱلمطالب ٱلأخرىۤ أمام هذا ٱلخطر ٱلمزعوم بتهديد ٱلوجود ٱلإسلامىّ. فٱلأَولى بٱلمسلمين ٱلأن أن يقفوۤا إلى جانب سلاطينهم ٱلمسلمين ٱلمدافعين عن ٱلدين فى وجه ٱلغرب ٱلصليبىّ!
لا يمكن ٱلتصديق أن فكرة ٱلكاريكاتير جآء بها فكر حرّ. كمآ أنّ حكومات ٱلغرب ٱلديمقراطى ليست هذه ٱلمسألة من أسس أعمالها ٱلموجّهة للإصلاح فى بلادنا. وهى تعلم أنّ مثل هذا ٱلعمل يعيق تأثيرها على عمل ٱلإصلاح ويضعف أنصاره داخل بلادنا. بل يترك ٱلأزمة (ٱلتى كانت ٱلسبب ٱلرئيس فى ضغوطها على سلطات بلادنا) تتزايد وتكبر وتهدد ٱلغرب جميعه.
فمن هو صاحب ٱلفكرة لهذا ٱلكاريكاتير؟
إنّهم رجال ٱلسلطة فى بلادنا. وهم ٱلمستفيدون مباشرة من ردة فعل شعوبنا عليه. وهم قادرون بما جمعوه من سرقاتهم ٱلوطنية أن يشتروا من يكتب فى ٱلصحف ٱلأمريكية ضد سياسة أمريكا فى ٱلشرق ٱلأوسط. كما يستطيعون أن يشتروا مَن يُسىء للرسول فى صورة كاريكاتير وغيره من وسآئل ٱلبلاغ. وهم يعلمون ٱلوسيلة ٱلتى تجعل من شعوبهم تندفع بقوى ٱلغريزة لتنفّس عن غضبها ٱلذى يولّده ضغط عيشها فى وجه قوّة مجهولة!
كيف لا وهى تعرف شعوبها ٱلتى حرصت علىۤ إشباعها بمنهاج ٱلانفعال وٱلسكينة. فهى ٱلتى دفعت ٱلمتظاهرين إلى ٱلشوارع تنفث غضبها بٱلصراخ وإطلاق كلمات ٱلعدآء للغرب ٱلصليبىّ. وبذلك صار ٱلكاريكاتير مُحرجا للغرب ومَخرجا للسلطات ٱلعربية وٱلإسلامية يفتح ثغرة كبيرة فى ضغوط ٱلغرب من أجل ٱلإصلاح وٱلديمقراطية فى بلادنا. فشعوبنا لا تريد ضغوط ٱلإصلاح وٱلديمقراطية من ٱلذين يسيئون للنّبى. بل هى تقف ورآء سلاطينها ٱلمسلمين فى وجه ٱلغرب ٱلصليبى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المرشد الأعلى في إيران هو من يعين قيادة حزب الله في لبنان؟


.. 72-Al-Aanaam




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تدك قاعدة ومطار -را


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في العراق تنفّذ 4 عمليات ضد




.. ضحايا الاعتداءات الجنسية في الكنائس يأملون بلقاء البابا فرنس