الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحق المُطلق

مرثا بشارة

2017 / 7 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في عالم يزخم بآلاف المعتقدات والاديان، القديم منها والحديث، ذو المباديء السامية وذو التوجهات الهدّامة، ذو الافكار المنطقية وذو الخرافات الشاذة، يعتصر عقل الانسان هذا السؤال: أين الحق؟ الاجابة على هذا السؤال غالبا ما تكون واحدة من اثنين، الاولى: انت على دين آبائك وأجدادك ولابد وانهم كانوا يدينون بدين الحق، إذا انت على خطاهم تسير في طريق الحق، لا داعي للقلق! هذه الاجابة تقنع البسطاء الذين يؤثرون السلامة ويطمئنون إلى مسكّنات تهدأ بأعماقهم صوت البحث عن الحق او تخدّره ويا حبذا لو أماتته وأراحتهم من ضجيجه! لكنها لم تعد شافية لمن يُعمِلون العقل ولا يرتضون عن البحث بديلا، أما الاجابة الثانية التي يتفتّق عنها أذهان الكثيرين بعد حالة من البحث ثم التيه بين غياهب الافكار الفلسفية والدينية، هي ان لكل الاديان والمعتقدات ما لها وما عليها، إذ بها بعض الحق او كثير منه وعليها بعض المآخذ التي تتنافى مع المنطق ومع العلم في بعض من فروعه او كلها، وبخاصة علوم الاثار والتاريخ والجغرافيا والفلك، وإذا سلمنا بهذه الفرضية، إذا لا أحد يمتلك الحق المُطلق! هذه الاجابة الثانية تضع أمامنا علامة استفهام كبيرة، بل وتحتم علينا ان نفتش عن إجابة لهذا السؤال: طالما انه لا أحد يمتلك الحق المطلق، إذا بأي حق بين هذه جميعها يمكننا ان نثق ونمتلك اليقين؟!!!
هنا يفترض البعض بأن كلٌ يرى نفسه على حق وللحقيقة اوجه كثيرة، نعم، للحقيقة أكثر من وجه وكلٌ يراها بمنظوره الخاص لكن للحق وجه واحد وطريق واحد ومصير واحد، إما يُدركنا او نضل عنه السبيل.
لكن ما المعيار الذي على اساسه يمكن ان نقول بكل ثقة قد بلغنا الحق الالهي المبين؟ الفيصل الوحيد هو مضمون الرسالة المقدمة للانسان. لانه من المضمون يمكن بكل سهولة إكتشاف إذا ما كانت هذه الرسالة هي طريق الحق الذي يعلنه الله عن نفسه، ام انها من اختراع بشر. وما اكثر ما اخترع الانسان من اديان في جهد حثيث منه ان يصل لطريق تسد جوعه الداخلي لوجود إله يعطي معنى لحياته!
وفي فهمه المحدود وتصوراته المشوهة عن الله ظن انه يمكن إرضاءه أو ردّ انتقامه بسلسة لا تنتهي من اعمال الخير والتقوى علّه يختبر بعض من الطمأنينة الزائفة المؤقتة. هذا ما يقدمه الفكر الديني للانسان على مر العصور، بعض الممارسات داخل إطار ديني لم ولا ولن تملىء قلب الانسان باليقين الكامل من جهة الله ومن جهة نفسه ومصيره!
ما يعلنه الله عن نفسه للانسان رسالة وليس دين، ومن حق الجميع ان يتشكك ويبحث حتى يصل لليقين في بلوغه هذه الرسالة الالهية، وكل فكر او معتقد لا يحمل لمعتنقيه اليقين الكامل من جهة الله ومن جهة الانسان ومصيره باطلا يُتّبع، لكن تذكر بأن المعتقد إما يُقبل كله أو يُرفض كله، لان للحق وجه واحد لا يمكن المساومة عليه وإلا اصبح باطلا!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مشروع علم وتاريخ الحضارات للدكتور خزعل الماجدي : حوار معه كم


.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو




.. 70-Ali-Imran


.. 71-Ali-Imran




.. 72-Ali-Imran