الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استقلال كوردستان خطوة لتعزيز الامن والاستقرار في المنطقة

كوهر يوحنان عوديش

2017 / 7 / 25
القضية الكردية


يحفظ لنا التاريخ المعاصر للدولة العراقية الكثير من المآسي والفواجع والمظالم التي تعرض لها الشعب جراء السياسة الخاطئة التي اتبعها المسيطرين على مقاليد الحكم منذ تأسيس الدولة العراقية حتى يومنا هذا، فالتفرد بالحكم من قبل شخص واحد او حزب واحد او طائفة معينة والاحتكام الى القوة لحل المشاكل والمسائل المصيرية التي تخص فئة ما او قومية معينة ادت الى عدم استقرار العراق وعدم تمتع الشعب بخيرات البلد الوفيرة التي تكفي لاشباع عشرات اضعاف مواطنيه، بل بالعكس من ذلك تماما كانت هذه السياسة سببا في تحول العراق الى قنابل موقوتة تنفجر بين الحين والحين ليذهب ضحيتها الاف الابرياء من ابنائه من كل الاجناس والطوائف والقوميات والاديان.
من اكبر الاخطاء المقترفة من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة هي الاحتكام الى القوة في اسكات المعارض او المطالب بحقوقه وتهميش الاخر المختلف دينيا او قوميا او طائفيا او حزبيا، لذلك نجد ان العراق كان في صراعات مستمرة واصعب هذه الصراعات واكثرها تعيقدا كان الصراع العربي الكوردي، وبذلك كان العراق يفقد الكثير من خيراته وابنائه بسبب الاقتتال الدائر بين الطرفين جراء الغبن الواقع على الكورد من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة على الحكم.
لكي لا تتحول الضحية الى جلاد عندما تحين الفرصة كان على مستلمي الحكم بعد 2003 الاستفادة من تجارب الحكومات السابقة وعدم ارتكاب نفس الاخطاء التي ادت وتؤدي الى تدمير البلد شعبا ووطنا، لكن على العكس من ذلك ما ان استقوى عود معارضي الامس وحكام اليوم في الحكم حتى سقط القناع وبدأت الوجوه تظهر على حقيقتها، فنشروا ثقافة الانتقام ورسخوا الطائفية وشددوا على تصفية المعارض وتهجير المسالم وابتلعوا الاخضر واليابس والتصقوا بكرسي الحكم البغيض الذي كانوا حتى الامس القريب يحاربونه ولم يكتفوا بهذا الالتصاق بل سجلوه باسمهم في دائرة التسجيل العقاري لكي يتوارث جيل عن جيل ويبقى باسم العائلة وفي قبضتها ولا يذهب الى اي غريب في حالة الوفاة.
بعودة الى موضوعنا الاساسي فان اقليم كوردستان العراق يعتبر مستقلا بحكم الواقع منذ 1991، لكن منذ ذلك اليوم لحد يومنا هذا لم يعلن الكورد الاستقلال ولم يدعوا اليه، بل اعتبروا انفسهم جزء لا يتجزأ من العراق، الا ان الاساليب العوجاء المتبعة في ادارة الحكم ما بعد 2003 اديا الى تباعد كبير وهائل بين مكونات واطياف الشعب العراقي من الصعب اجتيازه او التغاضي عنه او ازالته دون نية صادقة في حل المشاكل وعقلية ديمقراطية متقدمة في التعامل مع المقابل والتي يفتقدها اغلب قياديي العراق الجدد، وبفضل هذه السياسة اصبح العراق دويلات داخل دولة فعليا واختفى مفهوم الدولة ليحل محلها احزاب وميليشيات واشخاص تابعين لا تهمهم مصلحة الوطن تحكم على هواها دون محاسبة او التزام بمبدأ او قانون، ولولا القوة المستخدمة من قبل المسيطرين على مقاليد الحكم ضد طوائف وكيانات فاقدة للدعم والقوة لكان العراق اصبح عدة دول او اقاليم عدة قبل عشرات السنين.
ما جرى ويجري في العراق يثبت لنا ان الوحدة القسرية ( التي يبكي عليها حكام اليوم ودول الجوار ) التي تضم العراق بحدوده الحالية لم تكن يوما اداة او وسيلة او سببا في ازدهار البلد وترفيه ابنائه وتقدمهم، بل بالعكس من ذلك تماما فان هذه الوحدة ( القسرية ) كانت وبالا على الشعب والوطن وسببا في اغلب ويلاته، فما فائدة وطن تسع مساحته لبلايين الانفس وهو ضيق على ابنائه ويبصقهم ( هل تستطيع الحكومية العراقية تقديم ملخص عن اعداد المهجرين من العراق منذ 2003 حتى يومنا هذا وخصوصا الاقليات منهم؟ وهل تستطيع الحكومة العراقية تقديم تفصيل دقيق عن اعداد النازحين من ابناء الشعب العراقي جراء الصراعات الطائفية المعلنة والخفية منها؟ )، وما فائدة وطن خيراته تكفي لاشباع اضعاف سكان الكرة الارضية وابنائه ينبشون المزابل ويعيشون تحت خط الفقر؟، وما فائدة وطن واحد موحد وابنائه يتقاتلون فيما بينهم على مر الزمان، ما الفائدة من كل هذا؟ هل وحدة العراق اغلى من دماء الشعب التي لم تكف يوما عن الجريان؟.
على قادة العراق الجدد التفكير مليا قبل اتخاذ اي قرار مأساوي تكون عواقبه وخيمة على كل الاطراف دون استثناء بشأن استفتاء شعب كوردستان على الاستقلال، فبدلا من التهجم والتهديد وابراز العضلات عليهم الجلوس الى مائدة الحوار واعطاء كل ذي حق حقه، فاذا كان شعب كوردستان يريد الاستقلال فليتم ذلك سليما، واذا كان هناك طائفة اخرى تريد اقليما فليتم ذلك سلميا ايضا دون اراقة دماء، فما الضير في دولتين متجاورتين او دولة تتكون من عدة اقاليم يعيش فيها الجميع بامان وسلام بدلا من دولة واحدة تعتاش على دماء ابنائها.
ان اثارة كل هذه المخاوف من استقلال كوردستان ليس له من داع او مبرر، فبدلا من دق ناقوس الخطر وتحذير دول المنطقة والعالم بان استقلال كوردستان يؤدي الى زعزعة امن واستقرار المنطقة كان على مروجي هذه الدعايات ( نخص العراقيين منهم ) التفكير مليا بالعراق واين تكمن مصلحة شعبه، لان استقلال كوردستان يؤدي الى انهاء صراع عقود من الزمن وهذا بدوره يؤدي الى تعزيز الامن والسلام والازدهار في المنطقة، وبدلا من رفض الاستفتاء ومعارضته والتلميح احيانا باستخدام القوة اذا اقتضت الضرورة لمنع هذا الاستفتاء كان على قادة العراق واحزابه المتنفذة اعطاء الحرية والحق للشعب الكوردستاني لتقرير مصيره بنفسه بعيدا عن اية انواع من الضغوطات، وبذلك يكون هؤلاء القادة قد اثبتوا للشعب العراقي والعالم بانهم يؤمنون بابسط مفاهيم! الديمقراطية وحرية التعبير عن الرأي والاهم من ذلك كانوا جنبوا العراق سفك وهدر المزيد من الدماء والاموال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار


.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم




.. توطين اللاجئين السوريين في لبنان .. المال الأوروبي يتدفق | #


.. الحكومة البريطانية تلاحق طالبي اللجوء لترحيلهم إلى رواندا




.. هل كانت المثلية موجودة في الثقافات العربية؟ | ببساطة مع 3