الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بنية التاريخ إلى أين

سعادة أبو عراق

2017 / 7 / 25
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


بنية التاريخ إلى أين؟
اتمنى من أصدقائي ان يتابعوا معي الخط البياني الذي سأرسمه لتطور نماذج التجمعات البشرية منذ الإنسان العاري إلى يومنا هذا، وبالتالي النظم السياسية التي قامت, عليها واظنه خطاً ليس طويلا في تصاعده، فهو سبع مراحل معروفة عند الجميع ـ ولم افعل سوى أن اعدت ترتيبها لكي اصل الى مرحلة التوقع او التنبؤ او التخطيط للمستقبل.
إن أحدا منا لا يعتقد أننا كبشر ولدنا هكذا، لكن اجدادنا الأولين الذين كانوا عراة يكابدون البيئة فرادى لكسب العيش والأمن، عراة من الأسلحة التي زود الله بها الأسود والضباع والأفاعي والسلاحف والطيور والأسماك لكي تدافع عن نفسها وتكسب عيشها.
ولكن غريزة التجمع التي بدأ يتلمسها ذاك الإنسان، كانت من الأسلحة التي راح يطورها تدريجيا على مدى تاريخنا البشري، ولم يكن ذلك بوعي وتصميم مسبق، إنما بدافع ملزم لنا لكي نعيش كمجموعات بشرية تعمل على تلبية رغبات بعضنا بعضا، ولكن على مدى التاريخ لم يكن هناك نموذجا واحداُ، ولكن البيئة والظروف كانت هي التي تحكم نوع التجمع بما يفيد سلامة هذا التجمع وقوته ورفاهيته.
ونستطيع ان نتلمس نماذج هذه التجمعات البدائة كما يلي:
1 - المرحلة الفردية: وهي المرحلة التي كان يتوفر فيها العذاء بكثرة بحيث ان الفرد الراشد بمكنه ان يعيش بمفرده وليس بحاجة لمساعدة من غيره، وهذه الحالة لم تخلق ضرورة أو رغبة في التجمع، وهذه الوضع استمر مع استمرار هذه البيئة، ولكن الإنسان العاري كان عاريا من وسائل الدفاع والهجوم ضد اعدائة المفترسين، مما دفعه إلى وسائل دفاع جماعية.

2 – النطام الأسري ، ولعل نظام الأسكيمو في اصقاع القطب الشمالي. هو نموذج ما زال موجودا، تفرضه البيئة الممحلة والعدد القليل من البشر والمتطلبات البسيطة القليلة، مما لا يلجئه إلى تعاون متسع، فهم يدخلون إلى بيوت بعضهم ويأكلون ويجلسون وكأن هذا البيت هو بيتهم، ويبدوا ان الخصوصية ليست واردة في اذهانهم كما لو انهم أسرة واحدة.
ونرى هذا النموذج أيضا في الغابات الاستوائية المطيرة، في حوض الأمازون وفي أدغال افريقيا الإسنوا-ية فالشكل مختلف ولكن السب واحد، فبقدر جدب الببيئة القطبية فإن الببيئة الأستوائية ثرية بالعطاء النباتي الوفير حيت ان الحصول عليه لا يحتاج إلى عمل جماعي، من هنا لم يكن هناك حاجة إلى ان تتكاثف الجهود لتوفير لقمة العيش، لذلك لم تقم في اواسط إفريقيا حكومات ودول تحمي افرادها، وهكذا ظلت المجتمعات الإفريقية مقصدا لتجار العبيد حيث يختطفون ويباعون.
3 – النظام القبلي: نستطيع أن نقول انه كلما ازدادت التعقيدات بازدياد عدد افراد المجتمع وازدادت المتطليات والمخاطر، احتاجوا إلى التجمع الذي يجعل من مجتمعهم آمنا مستقرا، وهنا نشأت القبيلة التي ينتسب أفرادها إلى جد واحد، أي انها مجموعة من الأسر، وبهذا النظام تغير النظام الأبوي المباشر إلى سلطة القبيلة الحاكمة، وفي هذه السلطة كسب قوة أكبر وأمنا اطول، ولكن فقدوا العلاقة الحميمة التي كانت في النظام الأبوي.
4 – النظام الإقليمي: إذا ما ازداد هذا النظام القبلي، وتكاثرت به النظم القبلية، فإنها كوحدات مجتمعية تشعر يتفردها وتمايزها عن غيرها، وهذا جعل الصراع فيما بينها محتوما على مناطق الرعي ومصادر المياه، مما أسس لمبررات الإقتتال فيما بينها، وهذا الصراع ظل يطل برأسه بين الفينة والأخرى، قد يطول او يقصر، دفع في النهاية إلى ظهور قوة أو فئة مسيطرة أخضعت – طوعا أو كرها _ كل القبائل لسلطتها، في ما يمكن ان نسمية نظاما قطريا او اقليميا، او كما فعل جنكيز خان الذي خلق من قبائل التتر البدائية امبراطورية عظمى.
5 – النظام القومي : وهذا النظام يتكون كما تكون النظام الإقليمي او القطري، حينما تبدأ تلك الأنظمة بالتحرش ببعضها البعض، وكما حدث في اوروبا حينما كانت الممالك تقتسم الرقعة الأوروبية، وتدين للبابا في الفاتكان بشرعية وجودها، ولكن كرهها لهذه السلطة الدينية غير المفيدة للملوك ولشعوب أوروبا، دفعها إلى تحالفات جديدة مع بعضها، متذرعة بالأصول العرقية واللونية والدينية واللغوية، وهذا جعل النظام القومي اكثر قوة ومنعة من النظان القطري.
6 – النظام الامبراطوري: كان هذا النظام وليد القومية التي اشعرت مواطنيها بالوحدة الفوقية والتميز عن سلالات اليشر جميعها، وكان هذا الشعور بالتميز والقوة والتفوق ان قامت هذه اقومية بالسيطرة على الأقوام الأضعف قوة كالامبراطورية الفارسية والرومانية واليونلنية والعربية ، وفي العصر الحديث بريطانيا التي لا تغيب عنها الشمس.
لم يكن النظام الامبراطوري النظام الأمثل الذي يجب ان تتبناه المجتمعات البشرية، ذلك انه أدى إلى حروب اكثر فظاعة وعنفا وتدميرا في حربين عالميتين، احرقت الأخضر واليابس وكان على المجتمع البشري ان يجد نظاما اخر يكون اشمل وأكثر قوة.
7 – النظام الأيدبولوجي: نشأ هذا النظام دون تخطيط بعد الحرب العالمية الثانية، بعد انتصار دول المحور على المانيا النازية: الإتحاج السوفيتي والولايات التحدة الأمريكية ، الاتحاد السوفيتي الذي يرفع ايدولوجية ماركسية لأدارة المجتمع بينما امريكا ترفع الرأسمالية لأدارة المجتمعات، واستقطبت كل فئة دولا وشعوبا حتى بدا العالم منقسما إلى قسمين، فريق مع الاتحاد السوفيتي والآخر مع امريكا، ورغم ان الإحتكاك بين هاتين الفئتين بقي باردا قرابة نصف قرن إلا ان العالم عاش فترة هادئة لم تحدث به حروب كبرى.
7 – توازن الرعب الذي خيم على العالم كان سقفا آمنا نمت فيه الحريات والعلوم والتكنولوجيا والعلاقات الإنسانية بين الدول والشعوب ، ولكن في عام 1991 انهار الإتحاد السوفيتي وانهار النصف المضاد أيضاً، إذ فقد السقف الأمريكي معادلة توازنه ووقع أيضا، ولكنه وقع أول ما وقع على العراق وانهار السقف المتزن الحامي للشعوب الضعيفة، بل بدأت تنهار كل جوانب السقف أيضا التي تمثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والصين على بقية البلاد العربية
8 – هنا نكون قد رسمنا صورة تطمح إلى الإكتمال ، ونحن الذين رسمنا هذه الصورة، نرغب أيضا في اكمالها، فمن الأحنمالات المنطقية لهذا التطور ما يلي:
أ – بناءً على تصورنا للبناء الهرمي للنظم المجتمعية والسياسىة التي تصاعد فيها الفكر البشري من النظام الأبوي إلى نظامين عالميين( اشتراكي – رأس مالي) فهل ستتفاهم روسيا مع امريكا لبناء نظام عالمي واحد؟ يكون إنسانيا في بنيته وقيمه؟
ب – هل الظروف والمفاهيم والتوجه العالمي ما زال غير مؤهل لقبول النظام الإنساني الواحد. وبالتالي الإبقاء على نظام القطبين ( روسيا - أمريكا ) أو غيرها من لأنظمة القوية؟
ج – هل سيحدث صراع حربي بين روسيا وأمريكا يستنفذ كلاهما جميع امكانياتهما بحيث يتقدم من هم في المقعد الخلفي كالصين او ألمانيا أو البرازيل ليرثوا زعامة العالم، وبضعوا نظاما انسانيا جديدا؟ وما اقوله هنا ليس احتمالا إنما هو قانون طبيعي، فبريطانيا وألمانيا وفرنسا التي أُنهكت تماما في الحرب العالمية الثاني جعلها لا تقوى على ان تكون الدولة العظمى، لذلك ظهرت الدول التي كانت في المرتبة الثانية وهي روسيا وأمريكا كدول عظمى مهيمنة.
د – هل يكون تطور التكنولوجيا في مجالات لم نحلم بها بعد، يجعل كل الشعوب بحاجة إلى بعضها بعضا، وهل يتطور علم الإقتصاد بحيث يؤدي أي ضعف او انهيار في إقتصاد أحدى الدول إلى انهيار مروع للاقتصاد كله؟ مما يوطئ لظهور قيم أخلاقية تحافظ بها الدول على سلامة بعضعا بدل هذا التناحر، وهذه المرحلة الإنسانية التي تقوم على فكرة وحدة الجنس البشري، هي منتهى ما يطمح إليه الفلاسفة والأنبياء والخيرون.
ه _ هل هناك ما يمنع اكتمال الهرم منطقيا او عمليا، كما صورته لنا أحلامنا وطموحاتنا، وهل عدم قدرتنا على الصعود إلى القمة، سيدفعنا للتراجع والدحرجة إلى مرحلة القطبين ثم إلى مرحلة القوميان فمرحلة الأقاليم فالقبلية والفردية،
و – اتراها نهاية التاريخ ام نهاية العالم كما يتنيأ فوكوياما








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -