الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حياد التقنية

محمد سيد رصاص

2006 / 2 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


رأى الأفغاني ومحمدعبده,في مجلة"العروة الوثقى ",انعداماً للعلاقة بين المسيحية والتقنية والمدنية الغربيتين,فيما اعتبرا أن هناك علاقة معنوية بين الاسلام والعلم, وإن كان لايوجد ذلك-كما أقَرا-في أحوال المسلمين المعاصرين لهما .
تابع الاسلاميون هذا الموقف على مدار القرن العشرين,فيما رأينا أصحاب التيارات السياسية الأخرى عند العرب,من ليبرالية وماركسية مع موقف وسطي من القوميين,يأخذون موقفاً معاكساً يرون فيه ارتباطاً بين الأفكار الغربية وبين ازدهار وتطور التقنية والعلم في الغرب .
كان هذا الموقف الأخير انعكاساً لما أعطته الفلسفات الليبرالية والماركسية من نظرات,سادت الأجواء الغربية على هذا الصعيد طوال القرن التاسع عشر, وخاصة لما تضافرتا مع الفلسفة الوضعية,التي أتت لتقدم فلسفة للعلم,تربط فيه الأخير بعملية التخلي عن الدين والميتافيزيقا .
انتهى هذا المناخ في الحرب العالمية الأولى,لما استخدم السلاح الكيماوي ومختلف أنواع الأسلحة الحديثة,في مجزرة بشريةلاسابقة لها ,ماأدى إلى طرح فلسفي جديد حيال الموضوع ,بدأته الفرويدية,وهو ماترافق مع انتعا ش أفكار تشاؤمية مثل السريالية واستعادة لفلسفات شوبنهاور ونيتشة وكيركجارد,هي في الضفة الأخرى لفلسفات العقل البارد التي رأت الخلاص في (العقل)و(العلم)وفي الابتعاد عن(الروح)و(القلب)و(الشعورالفردي).
بالتضافرمع هذا,كان صعودالفاشية والنازية في ايطاليا وألمانيا, واستخدام هتلر العالي للتقنية والعلم في ظل نظام سياسي استند إلى فلسفة عنصرية ومارس ممارسات استعادت الكثير من عصور الغابة والبربرية في التعامل مع البشر,سبباً في تشكيل نظرة فلسفية جديدة عند مفكرين,عانا الكثيرمن هتلر وموسوليني وعارضا نظامهما السياسي,هما جورج لوكاتش وأنطونيوغرامشي,حيث قدما رؤية قالا من خلالها بأن العلم والتقنية محايدان,وليسا محايثان,من حيث علاقتهما بالأفكار والفلسفات,وأنهما نتاج بيئة احتماعية لم تتشكل عبر الأفكار, وإنما عبرعوامل اقتصادية وجغرافية-سياسية,كما قالابأن التقنية والعلم ليسا خيراً خالصاً أوشراً محضاً,حيث يتحدد ذلك من خلال الحامل الاجتماعي لهما .
تعزز ذلك كثيراً بعد اختراع القنبلة الذرية واستخدامها في عام1945,إلاأن ذلك لم يكن هو المفصل ,وإنما المناخ الفكري-السياسي الذي ساد الغرب الأميركي الأوروبي في الربع الأخير من القرن العشرين,بعد أن استعادت الكنيستين الكاثوليكية والبروتستانتية قوتهما في المجتمعات الغربية,إثر أربعة قرون من الانكفاء,على حساب أفكار(عصر الأنوار)الذي أفرز مناخات الوضعية والليبرالية والماركسية, وهو شيء تزامن وترافق مع صعود تيار محافظ جديد(يعود إلى أفكارالمحافظ الانكليزي إدموند بيرك الواقف ضد الثورة الفرنسية)استوعب لحسابه الليبرالية الاقتصادية وربطها بالمحافظة الفكرية-السياسية واستخدم أرفع أساليب التقنية لصالح نظامه السياسي, كما رأينا عند ريغان وتاتشر وكول والإدارة الأميركية الحالية .
أدى هذا إلى انتصار أفكار لوكاتش وغرامشي حول التقنية في المناخ الفكري الغربي الراهن,وإلى هزيمة فلسفية لمؤسس الوضعية أوغست كونت: لم نرى ذلك بعد في الفكر العربي المعاصر, وإنما مازلنا نرىسيادة فكرية في هذا الموضوع لأفكار وضعية يحملها ليبراليون جدد,معظمهم من خلفيات ماركسية سابقة,تحمل الكثير من أفكارمفكري عصر الأنوار,مثل ديدرو ودوهلباخ,الذين عارضوا الدين بالعلم والعقل وربطوا الأخيرين بالإبتعاد عن المشاعر والعواطف لصالح نظرات حسية مفرطة,وهوشيء ربما يفهم عربياً من حيث أن الفلسفة الوضعية تسود في المجتمعات التي تتجه أولم تستكمل مهام التصنيع والتقنية,كما حصل في روسيا بين عامي 1861و1917 وهو ماشمل حتى مفكرين ماركسيين تأثروا بالوضعية مثل بليخانوف و بوخارين, إلأأن الذي لايفهم هو استمرارسيطرة هؤلاء على الأجواء الفكرية العربية فيما يتعلق بالنظرات إلى العلم والتقنية,في الوقت الذي نرىأن أكثر من يستخدمهما ويستوعبهما,وهو مايمكن لمسه في الجامعات ومراكز البحوث والخريجين,هم فئات وأفراد متدينون في المجتمعات العربية الاسلامية,يمارسون العلم والتقنية(وبعضهم يطور ذلك إلى الاقتصاد والهاي-تكنيك)وفي الوقت نفسه يمارسون اعتقاداتهم وأفكارهم وشعائرهم الدينية:هل يختلفون في ذلك عن المتدين المسيحي في نيويورك أوالمتدين الهندوسي في بومباي؟...............








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إبراهيم عبد المجيد: يهود الإسكندرية خرجوا مجبرين في الخمسيني


.. سياسي يميني فرنسي: الإخوان ساهموا في نشر الإسلاموفوبيا في أو




.. 163-An-Nisa


.. السياسي اليميني جوردان بارديلا: سأحظر الإخوان في فرنسا إذا و




.. إبراهيم عبد المجيد: لهذا السبب شكر بن غوريون تنظيم الإخوان ف