الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوح في جدليات – 26 - بعضُ خواطري -5.

نضال الربضي

2017 / 8 / 1
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


بوح في جدليات – 26 - بعضُ خواطري -5.


15
في النسخة العربية من المسلسل الكرتوني "جزيرة الكنز" تغنـِّي القراصنة:
"خمسة َ عشر رجلا ً ماتوا من أجل الصندوق"

سألتُ نفسي كثيرا ً: لماذا مات الرجال؟ ماذا يوجد في هذا الصندوق؟ ألم يمكن تقاسمُ محتوياتِه؟

في حلقات المسلسل تتــَّـابعُ الدراما، و يُقبض على القراصنة، و يموت بعضهم، و ينتهي الكنز بيد البحارة تحت إمرة القبطان الشرعي. وحده ُ من القراصنة: لونج جون سلفر يحصلُ على حِصَّة و يختفي، مثل طيف ٍ من الدخان، لكنه يتركُ في قلب الفتى: جيم، دروسا ً في الحياة لا تُنسى.

لم يكن مُمكنا ً للفوضى التي يُمثلها سلفر أن تبلغ َ غايتها إلا بتفرُّدِه، إنّه نوع ٌ فريد من الشخصية ِ المُميَّزة التي لا تعمل إلا وحيدة ً من خلال أشخاص ٍ آخرين لا معهم، هي رؤية لشخص ٍ بلا رفيق، لكن َّ حضوره يفرضُ خشوعاً من نوع ٍ خاص على الجماعة، إنه: متمرِّدٌ نبيل، قرصان ٌ شريف، شيطان ٌ حكيم، وحشٌ واعٍ، روحٌ حرَّة، إنه: قانون نفسِه.

سيلفر نوع ٌ من الإنسان الأعلى الذي رأى فيه نيشته بلوغ الظهيرة، تحقيق الممكن من خلال عمل ِ جوهرٍ مُركَّز ٍ مُقطَّر ٍ نقي لوعي ٍ بلغ مدى ً سامياً. قرصنتهُ تمرُّدٌ على واقع ٍ ظالم، قاسٍ، مُر، لكنَّه تمرد ٌ فردي خاص مملوك من وعي شخصٍ قادر ٍ على إدارته عارف ٍ بنتائجه لديه القدرة على التكيُّف ِ مع الواقع و مجادلة ِ أحداثِه و مفاوضة الظروف و فرض الشروط للخروج بالنتيجة ِ التي وضعها مسبقا ً أمام عينيه ِ كهدف.

يملكُ سلفر ما وصفهُ نيتشه بالعين الفاحصة الجريئة، و اليد المفككة القديرة المُقتحمة، و الإرادة الصلبة الجريئة الراغبة في المشي تحت سماوات فيها غيوم مُتلبِّدة ماطرة تعوي رياحُها و تشتدُّ على الماشي. تتجلى عبقرية ُ سلفر في انتقاله بين معسكري البحارة و القراصنة، و بسلوكه بما يظهر أنه بحسب المعسكر الذي ينتمي إليه في كل حالة أو وقت، و بتوظيفه كل شئ لخدمة هدفه، و ببلوغه الهدف.

يفتقر باقي القراصنة الذي لقوا حتفهم أو تم اعتقالهم لميزات سلفر، و يجدُّون في طلب كنزهم بغرائز حيوانية يوظفون لخدمتها طرقا ً بدائية ً أو قديمة أو وحشية ضحلة، لا ترقى إلى مستوى التخطيط بعيد المدى أو الحكمة المطلوبة للتعاطي مع مستجدات المواقف. إنهم على نقيض ِ سلفر غارقون َ في دائرة قانونهم الخاص، قانون القسوة و البطش و القرصنة، و الذي يقف على الطرف الآخر للوادي السحيق الذي يفصلُ قطعان البشر عن بعضها، مقابل قانون البحارة.

سلفر كان: قانون نفسِه، لا يخضع لقوانين البحارة أو القراصنة، و إن التزمَ بهما في جدلية: سلفر مع الحياة. في حكمته يعلم ُ أنه: قانونُ نفسِه، و أن التزامه بقانون ٍ ما إنما هو أداة لهدف، طريق لمحطة، وسيلة لغاية، ضرورة لتحقيق نتيجة، لا تكويناً نفسيا ً أو ميلا ً أو بناء ً عقلياً، بهذا يظهرُ في القصة كنوع ٍ ثالث من الشخصيات، نوع: سلفر، الذي يقف متحدياً: قانون الخير (البحارة)، و قانون الفوضى و الشر (القراصنة)، إنه هنا: الفرد المُرتقي فوق المجموعة، و التمثيل الصادق لخصائص الإنسان الحر من الأدلجة و القوانين الوضعية على أخلاقياتها أو غيابها، إنه سلفر الذي هو: ما بعد الخير و الشر!

غنـَّـتِ القراصنة:
"خمسة عشر رجلا ً ماتوا من أجل الصندوق"

سيلفر لم يمت من أجل الصندوق،
اختار أن يحيا من أجل نفسه و ما يحب، و جعل من الصندوق أداة ً لتلك الغاية.

من ماتوا من أجل الصندوق كان الصندوقُ غايتهم، ففنوا دونه، انتهوا قبل امتلاكه، مضوا سوى من أغنية ٍ شاحبة، لأنهم لم يملكوا الوعي، و لا الإدراك، و لا الفهم لـ: ماهيةِ الحياة، و علاقتها مع: أنفسهم. ضحلٌ كان ماؤهم و عكِراً، بينما ثقيلا ً كان ذلك القارب ُ من الغرائز البدائية ِ الذي ركبوه ليحملهم إلى الارتواء، فلم يُبحر، و ضربته الشمس، و نخره سوسُ فساد الطبع و أفسدته رطوبة ُ الأهواء، فسقط و تهافتَ خشبُه في ذات الماء الضحل العكر الذي استقلوه، فذاب و ذابوا معه.

"خمسة عشر رجلا ً ماتوا من أجل الصندوق"
تبقى تلك الأغنيةُ ناقوساً للنفس
هناك ذلك الصندوق
و هنالك َ الموت
و تلكمُ ذكرياتُ الرجال، لا الرجالُ أنفُسهم، فقد هلكوا
وهنالك َ بالمقابل: سلفر!


16

---------------------------------
طاولتان متلاصقتان طولا ً
و شمعة عند الرأس و أخرى عند القدمين
و جسم فارغ مسجى في شرشف أبيض عليه بعض الزهور
ووجه أصفر عظمي الطلعة
ترنو حدقتاه الغائرتان المطبقتان إلى أعلى
و يدان مصلبتان على الصدر
قرب القلب!


صاحت المرأة الثكلى مذ رأته يدخل:
تعال يا أبو فارس، شف رنده!

ووقفت و انكبت على وجه ابنتها تلثمه و تمسحه بكفيها، و أعولت النساء و صحن:
يا عروس!

فعض أبو فارس على شفته حتى أدماها، و ارتعش فمه فتحرك فكاه و اهتز شاربه
وضاقت أكثر فأكثر فتحتا عينيه
و التقى بصره ببصر زوجته فأسرع في خطوه،
و لم يلتفت إلى وراء حتى صار في الغرفة المجاورة التي جلس فيها بضعة رجال يتحدثون.

كان محزونا ً أكثر من هؤلاء الجالسين، و حتى أكثر من والد رنده نفسه
فلما التقت عيناه بزوجته ثانية، حسب أن عويلاً حادا ً يثقب أذنية:
أين فارس؟

"أين فارس؟!" ظن أن زوجته اكتشفت السر، و أنها لا تبكي رنده بل تبكي ابنها، فأشفق عليها من كل قلبه،
و قد يكونُ ِأشفق َ على نفسه.

---------------------------------
(نص مُقتطف من مشارِف ِ نهاية رواية: المصابيح الزرق، للأديب الراحل: حنا مينة)


رنده، عروسُ فارس، ذلك الغائب، تموتُ بالسل.

أبو فارس يعرفُ سر َّ الغائب، لقد مات، قتله القصف و هو في القارب، لم يحارب حتَّى، لبس الزي العسكري، و مات و هو يُنقل لأرض المعركة، دون أن يحُارب.

أم ُّ فارس تنتظرُ عودة َ ابنها بلهفة، خائفة ٌ هي، لكنها تستبشرُ خيراً: الحرب انتهت، فليغادر اللون الأزرقُ الشبابيك، لن تغير الطائراتُ بعد الآن، لا شئ تخافه الناس، بقي أن يعود فارس، لكنها لا تدري أنه:مات.

أبو فارس بعقله كتم السر، مضى عكس الشعور، عكس الرغبة القاهرة في إخبار زوجه. كلا الفعلين منبعهما الطبيعة البشرية: التحكم الشديد العميق بالنفس، و الانفلات ُ مع المشاعر. نقيضانِ يشكَّلان عوامل َ بناء ٍ للشخصية، راقب القوة العميقة المستندة إلى التبصُّر و التحليل و التقيم ثم قارنها بالانفلات و ما يتبعُه،،،

،،، في الأولى نرى: أبا فارس، و في الثانية نرى:مفيد الوحش (في رواية: نهاية رجل شجاع لنفس الأديب)، كلاهما بطل ٌ إنساني له طريقه، رؤيته للحياة، سلوكُه، شبكةُ تفاعلاته مع الواقع. أبو فارس ليس دائما ً وجه العقل كما أن مفيد الوحش ليس دائما ً وجه الغريزة، لكن الاثنين يشكلان منفردين و كذلك معاً: وجه الطبيعة البشرية.

هناكَ امتزاجٌ غريب للمتناقضات في النفس، انتقالٌ متتابِعٌ من إحداها إلى أخرى فأخرى بلا ثباتٍ على أيِّها، استمراريةٌ لتبديل ِ المواقف، للقفز: من فَـ إلى، للانتصار على فكرة و أفهوم لصالح فكرة ٍ أخرى و مبدأٍ آخر، لدوران ِ دولابٍ زاهي الألوان و الأطياف زاخرٍ بمكنوناتِ النفس أمام َ إبرةِ اختيار توقفه بقوَّة شعور ٍ أو إرادة ٍ أو محصِّلة ِ مشاعر ٍ أو محصلة ِ إرادات ٍ أو محصلة ِ مشاعر َ و إرادات ٍ مُختلطة، هذه هي النفس البشرية.

"تعال يا أبو فارس، شف رنده!"
صوت ُ الأمِّ أمام الموت،
امتحانُ نضوجِ أبي فارس،
اختبارُ مكانةِ العقل فيه،
سبرٌ لمنتوجِ تفاعُل ِ الغريزة مع الحكمة،
استحضارٌ لكينونة ِ الألم بشموليتها أداة ً للاختبار، تحزُّ في النفس، تحفرُ أثلاماً في العقل،

"أين فارس"
لهفةٌ ٌ فلتت من قلب الأم فغادرت عبر لسانها اتهاما ً للحياة يتردَّد في الكون،
تهمة ٌ قذفتها الأمُّ في وجه الواقع،
شك ٌّ مشوب ٌ بيقين ٍ خفي دفعته الأم في وعي الأب قسراً،
اختبار ٌ آخر ُ لأبي فارس،
حسرة مضافة إلى حسرة رنده،
ثقل فوق ثقل يحملهما عقل ٌ منهك و جسد ٌ استهلكته الأيام.


تُعلِّمُنا الحكمة أن الحياة تنتصرُ بقوَّة الاستمرارية و حتميتها على الموت الذي هو حتمية ٌ أخرى، انتصار الحياة هو فقط في أنها استمرت، بدأت، اكتملت فبلغت الموت، فتحول الكائنُ إلى موادَّ جديدة ولدت شيئا ً آخر. جسد الإنسان تمتصه البكتيريا و الديدان و الحشرات لتعطي منه للتربة و الأرض ما يضمنُ إنباتها، لنأكل، نعم نحن نأكلُ أمواتنا لنحيا، هذا القرف لا نفكر فيه، ننساه، نجهله، نُحيله إلى العلوم الطبيعية لندرسه هناك على مستوى القوانين و النظريات و الفرضيات و المعادلات، بعيداً تماما ً عن مستوى الشعور، و بفصل ٍ عن أي ارتباط ٍ للمعلومة مع النفس البشرية ووعيها الذاتي الفردي الداخلي الخاص بها، إننا بهذا نحقِّقُ أعظم الغرائز و أقواها، و ننسجم معها: أعني غريزةَ البقاء،،،

،،، بهذه الغريزة ندرس ُ الموت بعيدا ً عنا، أكاديميا ً لا شخصياً، و بهذا نقدر ُ أن نشعر بالطمأنينة، نتمكَّنُ ألا نقرف َ من أنفسنا، نحن الذين يأكلون الأموات: أموات الحيوان و النبات و أمواتنا المتحللين في الأرض، بهذا نبقى على أوهام فخرنا و عزَّتنا و تميُّزنا و سموِّنا و رفعتنا و مكانتنا الخاصة في عالم الأحياء، بل و في الوجود أيضاً.

"يا عروس"
صاحت المُشيِّعات، ولولن، نداءَ اعتبار ما سيكون، مجازا ً مُرسلاً.
بقي المجازُ مجازاً و لم تصر رنده عروساً
لكن ماتت ِ الصبية ُ بالسل
لم تدرِ ما حلَّ بفارس
و مات فارس و هو يحلمُ بالعوده
و بقيت الحسرة في قلب الأب
تمنعه الحكمة أن يورثها لقلب الأم
ذاك القلب الذي سيعلم لوحده يوما أنه كان يطارد خيط دُخان!

سلامٌ على قلوب الآباء و الأمَّهات، و ليبقى الأبناء و البنات بأمان ما استطاعوا، و ليرحموا قلوب َ آبائهم و أمهاتهم من الخوف، و ليكبر الوعي، و لتنشطِ العقول، و لتكن المشاعر في خدمتها، و لِتُبنى الدول، ولتقم المؤسسات، و ليظل السلام بين الناس، و ليفهم الناس أنهم إخوة، و لتبقى أحلام العلمانية في بناء مجتمعات أفضل هي المحرك لكل من استنار!

إنه الأمل و إنها الإرادة و أُعطيها المقدرة، و منهم أقول ُ لِ و لِ و لِ
لماذا؟ لأنني: أختارُ أن أقول و أختار ُ أن أُريد و أختار ُ أن أفعل.

إنه الخيارُ إذا ً!









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما زلتُ استعمل هذه الأغنية ..
قاسم حسن محاجنة ( 2017 / 8 / 1 - 17:41 )
كلما تحدثت صغيرتي عن شيء يحوي الرقم 15 فإنني اردد بتلقائية وعفوية ..
15 رجلا ماتوا من اجل صندوق
هل الصندوق هو الغاية ؟ أم أن الحياة هي الغاية ؟
انا مع غائية الحياة ..
دُمت بود


2 - نضال الربضي المتفضل
عبد الرضا حمد جاسم ( 2017 / 8 / 1 - 19:58 )
قلتَ
من ماتوا من أجل الصندوق كان الصندوقُ غايتهم، ففنوا دونه، انتهوا قبل امتلاكه، مضوا سوى من أغنية ٍ شاحبة، لأنهم لم يملكوا الوعي، و لا الإدراك، و لا الفهم لـ: ماهيةِ الحياة، و علاقتها مع: أنفسهم. ضحلٌ كان ماؤهم و عكِراً،)انتهى
انهم هم اليوم كما ذكرتهم في ذلك التعليق الثورة في صفحة الحبيب قاسم حسن محاجنة
..........................
اليوم تقول
تُعلِّمُنا الحكمة أن الحياة تنتصرُ بقوَّة الاستمرارية و حتميتها على الموت الذي هو حتمية ٌ أخرى، انتصار الحياة هو فقط في أنها استمرت، بدأت، اكتملت فبلغت الموت، )انتهى
نعم انها منتصرة و ليس انتصرت...هي وَّلادة...قمة و قيمة الحياة انها ابدعت سبل استمراها...سؤل لك و لنضال المفكر العميق المتأمل : لماذا تقذف الاشجار بعض ثمارها و تترك الاخرى للجني؟
الحياة يا صديقي تقدم مع الطبيعة كل يوم جديد...لماذا تنحني بجلال السنابل العامرة؟ لماذا صوت الفارغ قوي ؟
.......................
انك تثير امور اتمنى ان يفكر بها الانسان او قارئها...الحياة يا عزيزي ان تقرأ بتأمل
دمتم بتمام العافية


3 - للصندوق سحره يا قاسم الجميل!
نضال الربضي ( 2017 / 8 / 2 - 08:29 )
صديقي الأصيل،

للسحر صندوقه الذي يحتجزُ المُبهَر الأسير
و في قصتنا هنا كان صندوق السحر صُندوقاً
فجاء الإسم دالا ً على التأثير

أجيب على سؤالك فأقول:

- يولد الإنسان بفعل بيولوجي، لا غاية له و لا هدف، ثم َّ يصنع ُ أهدافه بنفسه، عندي الحياة هي الغاية، ديناميكيات التفاعل، جدليات الطبائع: البشرية و غير البشرية، هي أيضا ً الهدف.

- قلت ُ في مقال خواطري 2 (رقم: 565974)

---------------

يجيب الإنسان: جدليتي مع الوجود نشوة ٌ تكفيني.

إذا ً نشوةُ الجدلية هدف ٌ و جواب، أضيفُ: هي أيضا ً القانون.

------------

دمت بالخير و السلام و الود!


4 - الوعي هو المُنطلق أيها العزيز عبد الرضا - 1
نضال الربضي ( 2017 / 8 / 2 - 08:37 )
محبة ً و سلاما ً و طِيباً يا صديقي الجميل!

سعدتُ بقرآتكَ و تأمُّلاتكَ لهذه الخواطر التي تعمل ُ في داخلي. إنها طريقتي في نشر الوعي، بأن أقدِّم خُلاصة ً صادقة من نفسي، رؤية ً جديدة، مدخلا ً كان خفيَّا ً فظهر، بُعدا ً فُتح للإدراك، إلى كل ِّ من يحبُّ أن يرى،،،

،،، أدينُ بهذا للحوار المتمدن و كُتَّابه الذين تعلمتُ منهم مجاناً، و هاءنذا أعطي أيضا ً مجاناً كما أعطوني مجاناً،،،

،،، سيتغير شخص واحد على الأقل، و سيغير شخصا ً أو شخصين، يغيران أربعة ً، يغيرون ثمانية، و ستدور كرةُ الثلج إلى أن تُظفئ َ بجليدها نارا ً أكلت العقول و الأفئدة ً و القلوب و البلاد و البشر و الحجر، نار الخرافة و الجهل و العبودية للمجهول، نار قفص ٍ بل أقفاص ٍ هم فيها محبوسون.

تسألني و العزيزَ قاسم عن الأشجار:
إن قصدت َ بها البشر، فهذه مردُّها لطباعهم، فمنهم من يُحب أن يُعطي فيلقي بثماره، و منهم من يحب أن يعطي لكن أن يقصده الناس ليأخذوا فيبقى ثماره على الشجرة للزائرين، و منهم من استلبته الأنانية فيضع الثمار بين أشواكا ً حادَّة ٍ طويلة كثيرة حتى لا يعود يراها أحد، و من رآها منهم هاب الشوك فابتعد.

يتبع


5 - الوعي هو المُنطلق أيها العزيز عبد الرضا - 2
نضال الربضي ( 2017 / 8 / 2 - 08:53 )
تابع

تفضَّلت َ بالسؤال:
لماذا تنحني بجلال السنابل ُ العامرة؟

أقول: إن ثقل حبوبها الناضجة يشدُّها إلى الأسفل، و هي بهذا تتبع قانون الجاذبية، و أقصد كما لا شك َّ أنك أدركت أن أشبه: إدراك المستنيرين لما لديهم و تفاعلهم معه و تقديرهم لدورهم بالتركيز على مواهبهم بِـ: انحناء السنبلة أي باتباع القانون،،،

،،، و بهذا كما أنه من المستحيل للسنبلة الثقيلة أن تعاكس قانون الجاذبية و تمتنع عن الإنحناء فكذلك من المستحيل على المستنير بحق أن يشمخ برأسه و يستأثر بما عنده و يمنعه عن الأرض التي هي الناس و الواقع و كل من يحتاجه، فهو ابن الأرض بل جزء ٌ منها.

أما سؤالك: لماذا صوت الفارغ قوي؟
أقول: الصوتُ يكونُ قويا ً بحسب شدَّة ِ من أرسله، فيمكن للفارغ أو المُمتلئ أن يكون لهما صوت ٌ قوي. لكن َّ قوَّة الصوت لا ترتبط بفائدته أو بتأثيره على الحياة أو التقدير الذي يحصل عليه أو الاحترام الذي يتبوؤه في النفس، كما أنه لا يغير من قانون الحياة شيئاً، إنه فقط: صوت،،،

،،، و يبقى أن نقول هنا أن الإنسان يجعل ُ للصوت ِ قيمة ً، فإن كان هذا الثاني مليئاً أحب َّ الأصوات المليئة َ بدوره!

دمت بكل الحب و الخير و السلام!


6 - تحية طيبة
عبد الرضا حمد جاسم ( 2017 / 8 / 2 - 09:32 )
سلاو و تقدير و احترام
ربما قد اطلعتما ايها الكريمين على ما ستجدونه في هذا الرابط
اليوم اطلعت عليه و له علاقة بالكتابة و الكُتاب

http://www.raialyoum.com/?p=719661
.............
دمتما بتمام العافية


7 - شكرا ً للرابط أخي عبد الرضا
نضال الربضي ( 2017 / 8 / 2 - 19:48 )
مساءً طيبا ً!

شكرا ً للرابط،

يخضع الوعي الجمعي لخدعة مقصودة هي توهُّمه أنه قادر على تغير الواقع بقوة التواصل الاجتماعي،

من يملكون خيوط التحريك يعلمون أن هذه كلها أدوات انشغال، قنوات تصريف طاقة، لا أكثر، مهما ظهر العكس،

لعلك تذكر ثورة يناير في مصر،
ما زال الثوار يظنون أنهم من أسقط مبارك و الحقيقة أنه الجيش المصري بسبب استئثار مبارك بالحكم دون رفاق السلاح القدامى، و مرة أخرى يتدخل الجيش لإسقاط مرسي، و هو الآن يثبت السيسي (لاحظ كيف يحمي السيسي قوات الجيش من المساءلة و يضمن استمرارية بزنس القوات المسلحة المصرية بدون إخضاعه لرقابة البرلمان)

أنظر سوريا،
عدم سقوط النظام سببه ثبات الجيش السوري

أنظر العراق،
سقوط العراق كان بعد سقوط الجيش

الشعب وقود للقوى المؤثرة يمكن استغلاله أو حرقه لكنه لا يملك أدوات و لا إمكانيات التغير لوحده، و هنا أودُّ أن أربط ما قلتُ بالمقال الذي تفضلت َ بإيراده لأتفق معه في ما ذهب إليه من فشل الكثير من المحللين في إدراك عوامل التأثير الحقيقية و يجنحون إلى الخيال غير العلمي مدفوعين بحماس ٍ لا شأن له بالواقع.

النيات الحسنة لا تصنع التغير.

دمت بكل الخير و السلام!

اخر الافلام

.. مكافآت سخية للمنتخب العراقي بعد تأهله لأولمبياد باريس 2024|


.. عقاب غير متوقع من محمود لجلال بعد خسارة التحدي ????




.. مرسيليا تستقبل الشعلة الأولمبية لألعاب باريس 2024 قادمة من ا


.. الجيش الأمريكي يعلن إنجاز بناء الميناء العائم قبالة غزة.. وب




.. البرجوازية والبساطة في مجموعة ديور لخريف وشتاء 2024-2025