الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التجربة المُحمدية

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2017 / 8 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الأفكار..حُبيبات اللقاح تلك و المتطايرة حول عقولنا قد تصبح ذات تأثيرٍ كبير على حياتنا إذا ما تحولت من مجرد أفكارٍ تهيم فوق رؤوسنا فنلتقط منها ما نشاء و ننبذ منها ما نشاء إلى أسلوب حياة يستوطننا مُرغمين فنُجبر على ممارسته طالما بأن الأغلبية تؤمن بجدواه و بمدى صحته..تلك الأفكار التي نُجبر على إتباعها يعتقد الكثيرون مُخطئين بأن نجاحها و مدى فعاليتها يعتمدان فقط على ضخامة "عدد" معتنقيها مُتناسين بأنه أيضاً قد يُقاس بمدى صمودها عبر الزمن حتى بعد وفاة صاحبها المُروِّج لها و الذي بغياب حضوره قد تصبح تلك الفكرة عاجزةٍ عن الصمود أمام أي نقدٍ تواجهه من الرافضين لها و لاعتناقها.

أحد تلك المفاهيم التي يعتنقها ربما الملايين و لكنها فشلت بشكلٍ متكرر في إثبات مدى فاعليتها أثناء مواجهتها للعديد من الاختبارات العملية هي تلك التي أسسها الرسول الكريم محمد خلال حياته سواء في المجتمع الذي كان يقتدي به و بتصرفاته و بأفكاره نتيجةً لاحتكاك أفراده بشكلٍ مباشر و يومي به أو في المجتمعات التي وصلت إليها أفكاره إما عن طريق الحرب أو السَّلم..كل تلك الأفكار أثبتت إنها أفكار غير قابلة للتطبيق بشكلٍ كلي و فاعل في الحياة الواقعية إما لأنها تنزع إلى المثالية الشديدة أو ربما لأنها تحرض على القسوة الشديدة و في كل الحالتين تمت مواجهة تلك الأفكار في حينه باقتناعٍ ظاهري بها إنهار عند أول اختبار حقيقي يواجهه.

فبعد وفاة الرسول الكريم -ربما بعدة ساعات- اتضح مدى العُمق الذي تمكنت من الوصول إليه جذور تلك الأفكار التي كان يُروِّج لها بحماسٍ شديد طوال أهم سنوات حياته..تلك الأفكار -التي قد نختلف أو نتفق حول مشروعيتها- انهارت بعد بضع ساعات فقط من وفاته عندما تنازع أشد الناس مواظبةً على حضور مجلسه و أشدهم تشرباً ظاهرياً لأفكاره حول أي "فئة" هي الأكثر صلاحية لخلافته في سدة الحكم..حينها كان ميلاد اللحظة التي انتقلت فيها عملية اختيار من يتولى إدارة شؤون البلاد من مرحلة الاعتماد على معيار "الكفاءة" إلى مرحلة الاعتماد على معيار "أي الأشخاص هو الأفضل نسباً".

و هنا سأتساءل مُرغمة هل كان الرسول الكريم يُمثل قدوةً حقيقة لمن كانوا حوله أم أنه كان يجسد فقط فكرة السلطة السياسية التي يتطلع جميع من حولها إلى الوصول إليها؟؟..ألهذا سعى الجميع تقريباً إلى أن يكونوا من ضمن الدائرة الضيقة جداً و التي تضم المقربين إليه لنيلها بعد وفاته؟؟..و هل هذا يعني أن أغلب من كانوا يحيطون به لم يؤمنوا حقيقةً بأيٍ من الأفكار التي كان يؤمن بها و لا حتى بجدوى استمرارية محاولة تطبيقها على نطاقٍ مجتمعي أوسع بعد وفاته؟؟..قد يكون هذا التساؤل الأخير هو التفسير الأقرب إلى المنطق -بالنسبة لي طبعاً- نتيجة لحالة التنازع السريعة جداً بُغية السيطرة على مقاليد الحكم بعد وفاته و نتيجة لسرعة إقصاء أتباعه لمعيار الكفاءة عند اختيارهم لمن يقوم بهذه المهمة من بعده..ذلك الإقصاء لم يكن بالعبثي المعنى فعلياً فلقد كان يحمل في طياته إشارة مبطنة منهم للآخرين بأن شدة إيمانك بأفكار ذلك الرسول و إتباعك لها ليس بالأمر الكافي لاختيارك لخلافته في وظيفته فهناك أمورٌ أخرى أهم يجب أن تُؤخذ في الحُسبان..و هو الأمر الذي أصبح مع تقادم الزمن القاعدة الحقيقية في عالمنا الإسلامي لاختيار أي شخص لشغر أي وظيفة مهما صغُرت.

لماذا فشلت التجربة المُحمدية بعد ساعات فقط من وفاته؟؟..أي إجابة سأحاول تجميلها ستحمل لي في طياتها الكثير من التكفير لهذا سأحاول عدم تجميل أي إجابة أطرحها هنا لعبث محاولة القيام بذلك الأمر..فعندما يفشل أي شخص في ضمان استمرارية فعالية فكرته حتى لما بعد بضع ساعات من توقفه عن الترويج لها و تثبيتها في عقول مُريديه فهذا يعني أن تلك الأفكار لم تكن تعنيهم كثيراً إما لكونها مثاليةً جداً أو سيئةً جداً أو لكونها غامضةً جداً فلم يتمكن أياً منهم من فهم جوهرها الحقيقي بشكلٍ عميق..و بالرغم من أن أحد أبسط المفاهيم التي روَّج لها الرسول الكريم كانت أن السلطة الدنيوية ما هي إلا مسؤولية مرعبة بالنسبة لأي شخص يحمل بداخله القليل من الحس الإنساني و ليست بالمكافأة التي قد يسعى أي عاقل إلى الوصول إليها مُستميتاً إلا أن النزاع عليها من قبل أكثر أتباعه قُرباً له كان دموياً وحشياً.

تلك الأفكار لم تتوقف معضلة المسلمين معها عند العجز عن فهمها و الاقتتال بسببها قديماً و لكنها معضلة استمرت معهم حتى هذه اللحظة..ففروع جذور ذلك الصراع الدموي ممتدة حتى عصرنا الحالي و ما زالت تتسبب منذ أكثر من 1400 سنة في دمار و قتل لا يُبقي و لا يذر و ربما لن تتوقف عن فعل ذلك الأمر حتى آخر الزمان..و تكفي نظرة بسيطة و سريعة على التاريخ الإسلامي لجعلنا ندرك بأن انهيار الدولة الإسلامية كان بسبب الاقتتال الداخلي أكثر منه بسبب الأطماع الخارجية..ذلك الاقتتال الذي كان مُستنداً في أسبابه بشكلٍ رئيسي على الاختلاف الشديد في فهم تلك الأفكار المُحمدية و التي يبدو أنها كانت عصيةً على الفهم لدى معظم أتباع محمد..لهذا عندما نرى كل تلك الفروع التي تقطر دماً يجب حينها أن نتساءل مُرغمين "هل كانت أفكاراً ناجحة؟؟".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تجربة عبقرية
Amir Baky ( 2017 / 8 / 2 - 11:05 )
أقرب المحيطين بمحمد لم يقتنعوا به كنبى أو رسول ولكن وجدوا فكرتة العبقرية السياسية فى تحويل مجموعة قبائل متناحرة إلى قوة عسكرية بإستخدام كذبة الدين الجديد و أنه نبى أمر جيد. فإتفق المستفيدين على بقاء هذه الكذبة التى تم البناء عليها هذه الإنجازات السياسية. فعبقرية محمد الحقيقية هى خلق المصلحة الشخصية للأقوياء المحيطين به لتثبيت كذبتة. فبعد وفاة محمد تناحر الجميع على الحكم و السلطة السياسية و لم يهتم أحد بشخص عزيز لديهم توفى. فإرتد الكثريرين و المجبرين على إعتناق الكذبة بعد وفاة محمد لعدم إقتناعهم به فحاول ابوبكر و مجموعة المستفيدين على إجبار المرتدين إلى العودة لممارسة الكذبة. لذلك لا تتعجبوا من تغول ثقافة النفاق و الخيانة و الكذب و إعلاء المصلحة الشخصية على المصلحة العامة فى المجتمعات الإسلامية.


2 - تحية (إجلال وإكبار) للكاتبة الثائرة زين اليوسف
ملحد ( 2017 / 8 / 2 - 12:04 )
تحية (إجلال وإكبار) للكاتبة الثائرة زين اليوسف
اعتقد أنك أنت وامثالك (ولو انهم قلائل!) تشكلون أمل المسلمين الوحيد لانتشال هذه (الامة) من قاع التخلف والتقوقع ....الى السطح والانفتاح ...ثم الى التفوّق والابداع

تحياتي الصادقة لك


3 - تعليق
صباح ابراهيم ( 2017 / 8 / 2 - 14:16 )
لقد ولد الاسلام وهو يحمل بذور فرقته معه ، وبموت محمد زادت الفرقة واتسعت الهوة كثيرا بين المهاجرين والانصار في سقيفة بني ساعدة للتنازع على المنصب الاول ، وبمعركة الجمل ولد الفراق الابدي والتنازع المذهبي بين المسلمين الذين انشقوا الى اتباع علي بن ابي طالب و اتباع معاوية وعائشة و اقاربها والذين انقسموا لمعسكرين متنازعين منذ ذلك الزمن والى الان والى يوم يبعثون .

لقد قالها رسول الاسلام ان المسلمين سيفترقون الى اثنين وسبعين فرقة 99% منهم سيحرقون بنار جهنم و فرقة واحدة هي الناجية .
فمن ستكون الناجية يا ترى ؟


4 - إلى Amir Baky
زين اليوسف ( 2017 / 8 / 2 - 14:54 )
أتفق مع أغلب ما ذكرته في تعليقك و تحياتي لك...


5 - إلى ملحد
زين اليوسف ( 2017 / 8 / 2 - 14:57 )
تحية لك و لعباراتك التي أتمنى أن أكون كفؤاً لها...


6 - طيب والقتال الطائفي النصراني إلى وقت قريب
سامي عزمي شديد ( 2017 / 8 / 2 - 15:54 )
يا اخ ملحد ؟؟؟؟


7 - من معجزات الرسول عليه الصلاة والسلام
شتيوي بو خبله ( 2017 / 8 / 2 - 15:58 )
ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي. وفي بعض الروايات: هي الجماعة. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم.


8 - مجرد رأى
على سالم ( 2017 / 8 / 2 - 18:55 )
بالطبع انا اتفق معك تماما فى رؤياكى الا اننى اعتقد ان ميلاد محمد او قثم كان فى حقيقه الامر طالع نحس وخراب ودماء ودمار على البشريه وحتى هذه اللحظه والرعب والخوف على مستقبل العالم من هذا المعتقد الاجرامى الدموى البشع


9 - الى سامي عزمي
ملحد ( 2017 / 8 / 2 - 21:42 )

عجبا! أيعقل انك انت ايضا لا تعرف معنى كلمة (ملحد) ???!!!
ساجيبك هذه المرة فقط
تقول: ( طيب والقتال الطائفي النصراني إلى وقت قريب)
رد: كلهم تجّار دين ومجرمي حرب لتحقيق اهداف سياسية.......

تحياتي

اخر الافلام

.. احتفال الكاتدرائية المرقسية بعيد القيامة المجيد | السبت 4


.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا




.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة


.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه




.. عظة قداسة البابا تواضروس الثاني في قداس عيد القيامة المجيد ب