الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النساء الكرديات شقيقات الرجال في سوريا

زوزان خلف

2017 / 8 / 8
القضية الكردية


مع احتدام الحرب في سوريا، انجرت النساء السوريات للتجنيد بالمئات أو ربما بالآلاف في كتائب نسائية شكلتها معظم أطراف الصراع فكلما كوّن النظام كتيبة ردت عليه المعارضة بأخرى، إلى جانب كتائب للأكراد وحتى تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» لم يفته أيضًا أن يُنشئ كتيبته هو الآخر، وتجدر الإشارة هنا إلى أن حمل المرأة للسلاح في النظام السوري ليس بجديد إذ اشتركت في صفوف الجيش والشرطة في كليات تدريب خاصة منذ الثمانينيات كما شاركت النساء في تشكيلات مسلحة تابعة لحزب البعث لتقييد جماعة الإخوان المسلمين في سوريا مع بداية الثمانينات، وفي تشرين الثاني 2013 شكّل الجيش السوري الحر كتيبة نسائية تحمل اسم «أمنا عائشة». ويبدو أن تلك الكتيبة كانت أكثر جدية من غيرها إذ ظهرت إحدى السيدات المتطوعات في الكتيبة في زي عسكري مموه حاملةً لسلاح بيديها مؤكدة أن الهدف الأساسي للكتيبة هو الدعم المعنوي.
إلا أن الكتيبة الكردية تحت مسمى «وحدة حماية المرأة الكردية» تشكل الكتيبة الأقوى على الإطلاق والمدربة تدريباً احترافياً والأكثر قدرة على التكتيكات القتالية والسيطرة على المعارك ولعبت دوراً مهماً لا يمكن تغافله في تحرير المناطق الكردية من تنظيم داعش والسيطرة عليها بمساندة طيران التحالف الدولي، ولا تبدو مشاركة النساء الكرديات في القتال أمرًا غريبًا بالنسبة للأكراد المتمركزين شمال سوريا إذ يفيد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن من بين كل خمسة مقاتلين أكراد، ثمّة امرأة مقاتلة، ويرتكز النشاط العسكري لأكراد سوريا على وحدات حماية الشعب الكردية، الذراع العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وتضم هذه الوحدات «وحدة حماية المرأة».
وتشير التقديرات إلى أن عدد الفتيات المقاتلات هو حوالي 10 آلاف مقاتلة، تتراوح أعمارهن ما بين 16 و 35 عاماً، وتستخدم المقاتلات الأسلحة المختلفة كالكلاشنكوف والآر بي جي والقنابل اليدوية وزرع الألغام والعبوات الناسفة والقناصة، وقد أظهرن شجاعة بالغة لفتت انتباه الإعلام العالمي في محاربة «تنظيم الدولة» في أواخر عام 2014 في عدة معارك، انتهت بسيطرة الأكراد على كوباني بدعم جوي من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في سوريا، ويرى محللون أن الكتائب النسائية الكردية هي الأقوى والأكثر خبرة على أرض المعركة من الكتائب النسائية لبقية أطراف الصراع في سوريا.
والتاريخ الكردي شاهد على الدور التي لعبته النساء في تسطير البطولات و الأمجاد فمن خلال البحث في التاريخ الكردي نرى أن المرأة الكردية كانت شقيقة الرجل الكردي في كل جوانب الحياة في وقت السلم والحرب، ولم تكن المرأة الكردية عبر التاريخ إلا سيدة في بيتها وعشيرتها ومجتمعها مما متعها بشخصية قوية وشجاعة وعقلانية مكنتها من المساهمة الفعالة في بناء مجتمعها وحظيت باحترام مجتمعها وتقديره لها ومساواتها مع الرجل وهذا ما اعطاها تميزاً لا مثيل له في المجتمعات المجاورة لها من عرب وأتراك وفرس.
وإذا اعتبرنا "جدتي" شاهدة مقاتلة مشاركة في حماية أرضها وعرضها ومؤرخة لبعض الحقائق والتي كانت ابنة لأحد وجهاء عشيرة كيكان أكبر عشيرة كردية في منطقة الجزيرة السورية والتي كان يمتد نفوذها على مناطق واسعة من الجزيرة السورية وجنوب تركيا، فقد كانت جدتي دائمة الحديث عن مشاركتها هي ونساء عشيرتها في المعارك التي دارت بين عشيرتها وعشيرة البقارة في أربعينات القرن المنصرم، وكيف أنها كانت تربط أبي الرضيع على ظهرها حيث كانت تتمتع بقوة شخصية وجسدية و ثقة بالنفس وشجاعة وعناد منقطع النظير ولم تقف مكتوفة الأيدي عاجزة عن حماية نفسها وأولادها وأرضها بل أنها شاركت بجانب إخوتها وزوجها - جدي- في تلك المعارك وحققوا انتصارات مكنتهم من تحصين مناطقهم ضد أي عدوان يهدد وجودهم في مناطقهم وعلى أرضهم.
و في تاريخ اليوم تتحدث "أفشين" فتاة في العشرين من عمرها ترتدي بدلة عسكرية وعلى كتفها شال زيتي اللون، لم تضع على وجهها أياً من أنواع مستحضرات التجميل بينما كان شعرها منسقاً بعناية حيث لفته على شكل ضفيرة وشدت نهايته برباط على شكل زهرة وردية اللون تحدثت وهي تحمل بندقيتها التي ثبتت فوهتها في ثقب حفر في جدار وتقول: "سقط المئات من الشهداء في المعارك التي شاركت فيها وكان من بينهم ست فتيات من صديقاتي فجرن أنفسهن كي لا يقعن بأيدي تنظيم الدولة، وسنظل ندافع عن أرضنا حتى آخر نقطة دم في جسدنا، لأن إرادتنا القوية هي دافعنا للاستمرار في القتال".
وبمعزل عن الجانب العسكري فإن المرأة الكردية تتمتع بشخصية قوية ووعي وثقافة عالية تمكنها من تقبل الحضارة المعاصرة وكل أنواع العلوم والمعرفة لتطوير مجتمعها حيث يسعى الأكراد رجالاً ونساء في محاربتهم لذلك الفكر الضال لتنظيم الدولة الإسلامية إلى رؤية بعد رمزي في انتصارهم على أولئك الجهاديين الذين يستعبدون النساء ويرغمونهن على ارتداء الحجاب، ويخضعون حتى نساء ينتمين إلى الأقلية الأيزيدية للعبودية والسبي بمفاهيم وقيم بعيدة عن الإنسانية، حيث يعتبر انتصار الأكراد على هذا الفكر الأسود والمتطرف انتصاراً للإنسانية جمعاء.
















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العزيزة زوزان
جمشيد ابراهيم ( 2017 / 8 / 8 - 17:30 )
فعلا الكوردية اصبحت ملحمة في شجاعتها و شخصيتها فتحية و تقدير لها و لك و لكنها لا تزال ضحية مجتمعات اسلامية رجالية متخلفة و ضحية غسل العار و الغدر و لا تزال تحتاج الى موافقة الاب و الاخ عندما تتزوج او تريد اختيار حياتها و دينها و شريكها بنغسها الخ و يمنع السقف الزجاجي تقلدها مناصب عالية
اجمل التحيات


2 - المرأة الكردية
زوزان خلف ( 2017 / 8 / 10 - 08:35 )
ما أردت توضيحه في هذا المقال هو أن المراة الكردية حليفة الرجل في كل مناحي الحياة و بما أن المجتمع الكردي لم يتخطى عتبة المجتمعات البدائية بعد فالمعاناة الاجتماعية أيضاً تشمل الرجل و المرأة بمساواة فالمرأة التي لا تستطيع اختيار شريكها عند شريحة اجتماعية معينة في ذلك المجتمع الرجل أيضاً لا يملك الحرية فيه في اختيار شريكته ... و حتى اعتلاء المناصب فهناك مساواة في عدم اعتلائهم لأن المناصب العليا محجوزة لفئة معينة و ليس لأنها امرأة لا تملك تلك الحرية إنما المجتمع البدائي هو من يقيد كل مكوناته بغض النظر عن الجنس

اخر الافلام

.. تونس...منظمة مناهضة التعذيب تحذر من تدهور الوضع الصحي داخل ا


.. الأونروا مصممة على البقاء..والوضع أصبح كارثي بعد غلق معبر رف




.. كلمة أخيرة - الأونروا: رفح أصبحت مخيمات.. والفلسطينيين نزحوا


.. العضوية الكاملة.. آمال فلسطين معقودة على جمعية الأمم المتحدة




.. هيئة التدريس بمخيم جباليا تنظم فعالية للمطالبة بعودة التعليم