الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطيّة - جزء 1

ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)

2017 / 8 / 8
المجتمع المدني


كثيرٌمن الضحايا سقطت والتضحيات بُذلت ، والكتابات دُبّجت والمحاضرات قُدّمت من أجل الديمقراطية وفيها ، فهل مفهوم الديمقراطية واضحٌ لدى جمهرة أبناء الشعب ، وهل كانت تلك التضحيات في مذبح الديمقراطية ذات جدوىً حقيقي لها ؟
قدّم مفهوم الديمقراطية إلى الشعب على أنه البلسم الشافي لجراحاته والوسيلة الناجعة لإيصاله إلى " الحياة الأفضل " وتحقيق حياته الحرة الكريمة ، ووصفوها بالحرية الشخصية التي إذا تمتع بها الفرد حقق بها ، وعِبرَ الإنتخابات ، النظام السياسي الذي تتحقق فيه العدالة الإجتماعية والرفاهية والعزة والكرامة للجميع .
إن كان وصف الديمقراطية ينحصر بما أعلاه ، وتحققت الحريّة الشخصية وحرية الرأي و الصحافة وإمتلاك القنوات الفضائية ووسائل الإعلام غير الخاضعة للرقابة ، لكان من الواجب علينا تقديم آيات الشكر والإمتنان لقوات الإحتلال التي غزت بلادنا في 2003 وحققت لنا هذه الحرية التي كنا محرومين منها لعقود مضت . لقد كسرت سلطة الحاكم المدني لقوات الإحتلال حاجز الخوف الذي خيّم على صدورنا ، في العقود السابقة ، إذ لم يكن فينا من يتجرّأ على لفظ أية كلمة نقد موجهة إلى السلطات الحكومية بله رئيسها ، دون أن يتعرضّ إلى عقوبة ، أقلها الإعدام ، وجاء بريمر وأطلق حريتنا في الكلام المباح حتى أصبح بوسعنا أن نشتم أكبر رأس في الدولة بدون عقاب ، وأصبحت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة تتجرأ في إجراء مقابلات مع مسؤولين كبار وتحرجهم في محاورتهم ، وكأنها فعلاً السلطة الرابعة .
لا ينحصر مفهوم الديمقراطية بوصف محدد في جميع الأحوال ، فبالإضافة إلى تعدد أشكال الديمقراطية يكون هنا إختلاف في عمقها ؛ مثال الطيف الشمسي الذي يتحلل ، بشكل عام ، إلى سبعة ألوان ، ولكن لكل لون منها آلاف الدرجات بين غامقه وفاتحه ، ولذلك يخطأ مًن يضرب ديمقراطية بريطانيا والولايات المتحدة مثلاً مقارنا لمستوى الديمقراطية في بلد ثالث ، فليس هناك ديمقراطية في بلد ما لها شبيه في بلد آخر .
وصفت الديمقراطية أنها سلطة الشعب ، حيث أن الشعب ينتخب حكامه ، لكن الشعوب ليست متساوية في مستويات وعيها السياسي وإستيعابها لحقوقها وممارستها ، فعلاً وعن جدارة . إن تحديد معنى " الشعب " في كل بلد مسألة غير متفق عليها ، وبالتأكيد ليس المقصود بها ، في كثير من الدول " سكان ذلك البلد " أو " نفوس ذلك البلد " ، فهناك دول تمارس التمييز بين سكانها ، لأسباب متعددة ، تهمّش منهم الطيف الذي تعتبره غير مؤهل كعضو كامل الأهلية ، وكذا الحال بصورة عامة ، فإن ممارسة المواطن لحقوقه تتطلب أن يكون كامل الأهلية من حيث العمر والإدراك الذهني وذا إرادة حرة في ممارستها ، ليس خاضع لتأثيرات خارجة عنه بحيث يلتبس القرار عنده بسببها عن تشخيص مصلحته ومَن يكون الأصلح في العمل لتحقيقها . إن هذه العوالمل تحدد موضوع تحقق الديمقراطية في أي بلد سواء في شكله أو عمقه .
يُفهم من مفهوم الديمقراطية أن أبناء الشعب ينتخبون حكامهم عبر صناديق الإقتراع ويخولونهم صلاحية تسيير أمور الدولة بما يصدّرون من قرارات ، ولما كانت التطبيقات الفعلية ، في جميع بلدان العالم ، من نتاج الإنتخابات تشير إلى حصول جهة سياسية معينة بأكثرية أصوات الناخبين ( وليس أصوات كل الناخبين ) فمعنى ذلك أن أكثرية أبناء الشعب بإنتخابها هيئة معينة وتخويلها صلاحية إصدار قرارات واجبة التطبيق على الجميع ، إنما إختارت " هيئة دكتاتورية " ، ومن هنا نخلص أن لا يوجد في العالم كله بلد يُطبق النظام الديمقراطي الذي نتصوّره أوالذي تصوّره إفلاطون في جمهوريته . فبلاد العالم كلها تطبق نظاماً خليطاً ، بنسب مختلفة ، من الديمقراطية والدكتاتورية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان.. مدينة الفاشر بين فكي الصراع والمجاعة


.. إعلام إسرائيلى: إسرائيل أعطت الوسطاء المصريين الضوء الأخضر ل




.. كل يوم - خالد أبو بكر ينتقد تصريحات متحدثة البيت الأبيض عن د


.. خالد أبو بكر يعلق على اعتقال السلطات الأمريكية لـ 500 طالب ج




.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان تنديدا بالحرب الإسرائيلية