الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدجل اللاديني

حسنين السراج

2017 / 8 / 9
المجتمع المدني


من كتاب جرائم ارتكبتها حين كنت حارسا لدين الله


الدجال (الديني) هو ذلك الذي يجلس على الانترنت ويثقف لثقافة الجهاد والموت ليل نهار ويدعو للانتحار وهو جالس مكانه لا يحرك ساكن ... هذا الذي يصفق لكل من يقتل نفسه وغيره باسم الله لكنه قابع في بيته .
اذا كان من يثقف لثقافة الموت ويموت هو بنفسه ايمانا بها يعتبر (مجرم) بحق نفسه وحق غيره فمن يثقف لثقافة الموت ويستثني نفسه فهو (مجرم ودجال وجبان )

مثلما ان هناك دجال ديني هناك دجال لاديني ايضا...لكن الفرق ان الدجال الديني يؤيد الموت ويستثني نفسه منه والدجال اللاديني يؤيد الكثير من الاشياء التي تصنف على انها حرية وتمدن وهو غارق في النفاق والدجل .

انها الازدواجية . هو متحرر في عالم الانترنت لكنه منغلق ومتشدد في الواقع . هو غير متصالح مع نفسه يحاول فقط الظهور بمظهر المتوافق مع السائد (سواء في الواقع او في الانترنت).

قبل فترة نشر احد الملحدين العقلانيين منشور يتحدث فيه عن مفارقة غريبة وهي قيام صديقه وهو ملحد ايضا بنشر منشورات تتحدث عن حقوق المراة وهو يضرب زوجته بقسوة تصل الى مكوثها في المشفى .

هؤلاء من اتحدث عنهم . هذا النوع الذي يصعب شفائه من التخلف مهما تغيرت افكاره . من الممكن ان تنسلخ الكثير من الناس عن العقيدة السائدة للمجتمع لكن الانسلاخ عن واقع المجتمع ليس بالأمر السهل .

هناك شريحة من الناس تنشر منشورات تدعو للحرية الشخصية وحقوق المرأة لكنهم لا يحترمون النساء في حياتهم الشخصية . نعم هناك ملحدون وعلمانيون ينشرون منشورات عن حقوق المرأة وهم لا يعاملون النساء في حياتهم بنفس الثقافة التي يروجون لها . ويؤيدون اشياء هم في الواقع لا يتقبلونها على انفسهم لكن يؤيدوها للظهور بمظهر المتحررين امام الناس . انها الازدواجية .

احترام العلم يعني الانصات لاي راي مهما كان مختلف باحترام حتى لو كان من يعتنقه شخص واحد فقط . لولا انصات العلم لاراء منفردة وغير تقليدية لما وصلنا الى ما وصلنا اليه اليوم . كبريات الافكار العلمية المبتكرة انتجها اشخاص كسروا بديهيات عصرهم . العلم هو تأمل اي فكرة مهما كانت فقيرة . العلم هو الانصات لاي صوت مهما كان ضعيف . حتى الاراء التي لا تنطلق من العلم نفسه بل من ظنون وتوقعات وتصورات من الممكن ان يستمع لها باحث نهم ويبحث في اصلها ويتمكن من اثباتها علميا يوما ما . هذا هو العلم وليس التطبيل لفكرة واتهام كل من يخالفها بالجهل والتخلف .

من الاشياء التي يروج لها على انها طريقة لايصال وجهة نظر هي التعري في مكان عام . مع ان تعري فلان او فلانة لا يخصني بشيء لكنه حسب اعتقادي لا يوصل اي وجهة نظر. مجرد تعري لا اكثر ولا اقل . ان التعري لاثبات وجهة نظر هو تسطيح لوجهة النظر التي يحاول احدهم اثباتها . الغريب ان هؤلاء الذين طبلوا وزمروا لقيام ناشطة مصرية بالتعري امام مقر السفارة المصرية في السويد لم يقدموا هم على نفس الفعل لاثبات حقهم!!! ألستم تؤيدون ما فعلته ؟؟؟

تقول الكاتبة فؤاده العراقية ضمن مقال لها يحمل عنوان (تعرية الأجساد .. باسم الحرية وتحت شعار جسدي ملكي): هذه الحركات هي بالأصل صرخة جديدة ضد حرية المرأة الحقيقية في محاولة منها لإلغاء عقلها الذي تستطيع به أن تملك جسدها فعلاً لكنهم يحاولون تهميشه من خلال تجسيدها وإقناعها بأنها مجرد جسداً يمكنه أن يتحرر من خلال تعريته , يقابلها الحجاب لحركات أخرى بحجة الشرف والفضيلة , فصارت المرأة بالحركتين مجرد جسد قابل للتعرية حيناً ,وللتغطية حيناً آخر...كون المرأة تتعرى لأجل ان تنال حريتها وتقفز فوق مفاهيم امتدت لقرون متجاوزة نظرة المجتمع المهينة لها والتي سلبتها حقوقها الأساسية وعملت على معاداتها وعدم مساواتها مع الرجل , فكونها تتجاوز كل هذه الانتهاكات وتتعرى وتقول جسدي ملكي وبتعريته سأتحدى قيودي وأحصل على حريتي الحقيقية , فهذا إثبات منها على أنها جسد فقط(انتهى).(1)

اذا كنت تعتقد انك تخلصت من سطحية الفكر الاصولي والنفاق الديني . فلا زال امامك سطحية انصاف المتحررين الذين يطبلون لاشياء سطحية جدا . التعري من الاشياء السطحية التي اريد لها بقوة ان تبدو جوهرية . لا يهمنا بشيء تعري فلان او فلانة . سواء كان في الحمام او في مكان عام . ما يهمنا هو ان بعض من يدعون التمدن يريدون ان يسطحون قضية المراة وهمومها بتعرية جسدها ... تخيل المرأة التي تحرم من الوظيفة في بعض البلدان ومن التعليم في بلدان اخرى وتتعرض للضرب وللاهانة وللتنكيل ولشتى انواع الظلم يراد ان تُختصر قضيتها (بجسد عاري)... يا لسخرية القدر . ويا للاسف .

تقول الكاتبة مكارم ابراهيم في مقال لها يحمل عنوان (انا مالالا ولست علياءالمهدي):

مالالا استطاعت ان تعري المجتمع الاسلامي دون ان تتعرى في وطنها باكستان وبقيت في وطنها ,الذي يضطهد الفتيات بمنعهن من الذهاب للمدرسة للتعلم رغم تعرضها للاعتداء من جماعة الطالبان تصر على ان تذهب للمدرسة واكمال الامتحان وهي راقدة في المستشفى للعلاج ولكن علياء المهدي لم تعري مجتمعها بل عرت نفسها فقط وليس في وطنها بل في السويد حيث يمكنها ان تحصل على اللجوء الانساني حفاظا على حياتها!, بينما الفتاة مالالا يمكنها ان تحصل على لجوء انساني في اية دولة تشاء اذا ارادت وليست بحاجة لادلة تثبت ان حياتها في خطر فكل العالم يشهد لها بذلك ولهذا اعتبرت شخصية عام 2012(انتهى).(2)

في النهاية لابد ان اشير الى ان الفرق بين الدجل الديني والدجل اللاديني شاسع فالدجل الديني يؤدي الى الدم والموت او مسخ الذات في افضل الاحوال اما الدجل اللاديني فيؤدي الى الازدواجية .. لا قياس بين الاجرام وبين الازدواج

المصادر :
1- تعرية الأجساد .. باسم الحرية وتحت شعار جسدي ملكي - فؤاده العراقية – الحوار المتمدن
2- نا مالالا ولست علياءالمهدي - مكارم ابراهيم – الحوار المتمدن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأونروا: التهجير القسري دفع نحو مليون شخص للفرار من رفح| #ا


.. أهالي الأسرى يحتجون داخل الكنيست أثناء اجتماع رئيس لجنة الخا




.. بسبب شقة في نيويورك.. جلعاد أردان ينهي خدمته كسفير لإسرائيل


.. 3 وكالات في الأمم المتحدة تصدر تحذيرا من أزمة سوء تغذية تضرب




.. إسرائيل على صفيح ساخن.. مظاهرات واعتقالات