الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خفافيش الظلام... وفوبيا الابتعاد عن الاسلام

بولس اسحق

2017 / 8 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من منا لم يلاحظ في الآونة الأخيرة كثرة ما يشتكي منه رجال ودهاقنة الدين الإسلامي والمؤمنون المغيبون بصفة خاصة... وذلك بادعائهم تراجع جرعة تأثير الإسلام في المجتمعات العربية... ويتباكون على غربة الدين الإسلامي هذه الأيام مقارنة بأوقات سابقة... والحقيقة ان هذا الادعاء يدعونا الى التفكير مليا والتأمل في مدى صحته... فهل فعلا المجتمع العربي أصبح أقل تطبيقا للدين الإسلامي ام العكس هو الصحيح؟... فالحالة المأساوية التي وصل إليها المسلمون لم تكن نتاج لتركهم دينهم وتفريطهم بفروضهم ، بل كانت نتاج طبيعي لتردي المستوى العلمي والمعرفي لدى العرب والمسلمين وانشغالهم بالبحث والتمحيص حول أمور الحيض والنفاس ، والدليل على ذلك أن الدولة العثمانية حينما سقطت كان أهلها حرصاء جدا على الصلاة لكنهم لم يكونوا حرصاء على التعلم.... ولكن يبقى الرد الإسلامي الشائع بأن سبب التخلف و تردي الحال هو البعد عن الدين يعد من أكثر الأفكار سطحية و سذاجة ولا منطقية و الرد عليه من أسهل ما يمكن.... لان من يقل بأننا الآن في زمن البعد عن الدين هو شخص يغالط نفسه بشدة فالصحوة الإسلامية والتشدد الديني على أشدهما في هذه الأيام ومن لا يصدقني يمكنه أن يقارن بين معدل انتشار الحجاب في الستينات ومعدل انتشاره الآن، وقس على ذلك سائر الأردية الإسلامية الأخرى من دشاديش قصيرة وإسدالات وأنقبه وغيرهما... كذلك منذ متى والناس يولون كل هذا الاهتمام للفتاوى وتفتح لهم اكشاك... ومنذ متى والمشايخ والدعاة قد صاروا نجوم كاسيت وتلفزيون وفضائيات وصار دخلهم السنوي يقدر بملايين الدولارات؟
نحن الآن في العصر الذهبي للالتزام الإسلامي ومن يدعي غير ذلك يغالط نفسه قبل أن يغالط محدثه... والطريف أن عصر التقدم والازدهار الإسلامي الذي يتشدق به الإسلاميون دوما هو العصر العباسي الذي تصفه كتب الأدب بأنه عصر المجون والانحلال واللهو والزندقة والبعد عن الدين... ومراجعة بسيطة لأدبيات ذلك العصر كفيلة بأن تظهر لنا المكانة الكبيرة التي وصل لها الشعراء الزنادقة المجدفين وكيف أن أحدا لم يتعرض لهم أو يفكر في تطبيق أي حدود أو عقوبات عليهم مما يظهر مدى البعد عن الدين وتعاليمه في ذلك العصر... حتى في وقتنا الحالي تجد أن أكثر الدول تقدما وتحضرا و رخاء هي أكثر الدول بعدا عن التعاليم الدينية شكلا وموضوعا... مما يعني بالضرورة أن الابتعاد عن التقيد بنصوص بدائية عفا عنها الزمن وإطلاق العقل خارج حدود وقيود الميتافيزيقيات وتطوير النظم السياسية والاجتماعية والفكرية بما يلائم الظروف الآنية يؤدي إلى التقدم والازدهار والصحوة الحضارية... فلكي تتقدم الشعوب و تنبذ تخلفها يجب أن تبحث عن حلول علمية وعملية وواقعية لمشكلاتها ويجب أن تدرك العقول تماما أن الوصول إلى تلك الحلول يتطلب جهدا عقليا وبدنيا وبحثيا أكبر بكثير من البحث في كتب صفراء عتيقة قدسها الأقدمون أو من التقليب في تراث الأسلاف الغابرين.
فالمتتبع للشأن الإسلامي في كل بقاعه واينما وجد... يجزم بأن هذا الادعاء لا أساس له من الصحة... بل على العكس تماما لما هو حاصل في مجتمعاتنا العربية... أي ان جرعة افيون الإسلام زادت ولازالت تزيد وبصورة ملفته... وكلما قويت شوكة دهاقنة شيوخ الإسلام كلما اشتكوا من الحيف وطالبوا بالمزيد من التشدد في تطبيق الدين... وابسط مثال لنتأمل الوضع في بعض من الدول الإسلامية.... فمصر كما يقولون عنها بانها كانت ام الدنيا يرحمها الله ويسكنها فسيح جناته... قد تحولت من منارة للفن والثقافة الراقيين في الربع الأخير من القرن الماضي... الى مصدر مهم لقنوات الشعوذة والدجل والحض على الكراهية والإرهاب من قبل رجال دين يتزعموها... والذين لم نكن نسمع لهم حسا في ستينيات القرن الماضي ولم يكن يعيرهم بالا أحدا... فالكل كان يستمتع بروائع كوكب الشرق والعندليب والاطرش وعبد الوهاب وغيرهم ... هؤلاء العظماء الذين تركوا دنيانا... ليحتل مكانهم الذي اصبح شاغرا أصحاب اللحي والشعوذة والعفونة التي تفوح من افواههم... وهم يفتون ليل نهار ويتحكمون في حياة المسلم... ومصر هنا ليست الا كمثال فدول عديدة أيضا عرفت نفس التحول الخطير نحو التدين بسبب إرهاب أصحاب اللحى والعمائم وسلطتهم المتزايدة في الانتشار بحماية السلطان ودستور دين الدولة الإسلام والتشريعات الإسلامية موجبة... ويكفي مقارنة ما كانت تلبسه فتيات الستينيات والسبعينيات من فساتين زاهية... وما تلبسه فتيات اليوم من أحجبة وخيام متحركة واكياس النفاية السوداء... وهكذا كان الحال في سوريا أيضا وفي المغرب وتونس والعراق والأردن والكويت والجزائر والسودان وايران... الخ!!... تخيل فقط لو لم تكن مصر اسلاميه... شخصيا وليس عندي أي شك انها لكانت تكون من الدول الرائدة علميا وصناعيا لما تحتويه من عقول نابغه تحتاج فقط للحرية الفكرية البعيدة عن الإسلام وخرافاته... العلماء والأطباء والمهندسين والخبراء واليد العاملة والنيل والزراعة والموقع الاستراتيجي وقناه السويس وحضارة الفراعنة والسياحة والتاريخ كلها تصب في صالح مصر... وكفيله بجعلها في مصاف الدول الأوروبية والأسيوية المتقدمة... ولكن ما باليد حيلة فالوهابية مستفحلة فيها برعاية ازهرها والاخوان السفلة!!... الإسلام هو وقود آلة الجمود و التخلف في مصر والعالم أجمع....فكيف بإمكاننا اليوم ان نتوقع من شخص إعتاد أن يجاب عليه عند سؤاله " إن عقلك قاصر وعاجز عن الإدراك " ويصدق بذلك أن يصير مبدعا في يوم ما؟.... الإسلام وضع ملايين القيود على العقل وعلى الفكر والإبداع واوقف عجلة التقدم والحضارة عند 1394 عام مضوا ... ومما زاد الامر سوءا هو ظهور قنوات التغييب والتجهيل الإسلامية وزيادة الفقر بين الناس بنفس الوقت تقريبا... عندها زهد الناس في الدنيا وتدروشوا ولجأوا للآخرة... مما أدى إلى زيادة الأزمة و تفاقمها أكثر... فبدلا من أن يركز الشعب المصري جهده في تحسين حياته... وضع كل طاقاته في تحسين موته فظهر لدينا هذا الحال المزرى الذي نراه!!
ان هذا التراجع الحضاري بدأ في بداية السبعينيات... وتحديدا بعد ان اطلق الرئيس المؤمن السادات كما كان يسمي نفسه... يد الجماعات الإسلامية في الجامعات المصرية... لمقاومة المد الشيوعي بشكل خاص واليسار التقدمي بشكل اعم... ونتيجة لهذا ظهرت جماعات اسلاميه متشددة وانشقاق جماعات أخرى مثل التكفير والهجرة التي قتلت وزير الأوقاف الشيخ الذهبي بدعوى المجتمع الكافر... وبعد ذلك بعدة أعوام كان من اطلق القمقم أي الرئيس المؤمن هو نفسه الضحية... حيث قتل على أيديهم في العرض العسكري... ففي مصر قبل السبعينيات كان من النادر ان تجد امرأه تضع على رأسها ما يسمى الحجاب وربما كانت تضع غطاء كتقليد اجتماعي وليس من باب ديني... وهذه حفلات كوكب الشرق وغيرها أيام الزمن الجميل خير شاهد على تلك الحقبة الجميلة... التي لم يكن احد يعرف ما هي ديانة الشخص... فجرعة الافيون الدينية أيامنا هذه انا متأكد بانها لم تكن مكثفه بهذا الشكل حتى في زمن صلعم نفسه... والفضل يعود لوسائل الاتصال والاعلام وخاصه القنوات الدينية التي تحرص على بث التجهيل والتخلف بكل ما ملكت من وسائل مشروعة وغير مشروعة... وبدعم واسناد من أغبياء السياسة الذين اطلقوا المارد الشرير من قمقمه لكي يقضي على المد الناصري واليساري... إلى أن انقلب السحر على الساحر وأردي "السادات" قتيلا على منصة حماقته !! , ومازال حال الامة من سيء إلى أسوء واللعنة على الإسلام السياسي ما أعظم جهله وأسوأ شره !!
فشيوخ الشعوذة والدجل بكافة مشاربهم وانتماءاتهم هم ليس الا جماعة من البشر فقدوا كل شيء ....لقد فقدوا الحجة وفقدوا الاقناع ... واشتغلوا على التبرير ليل نهار... تبرير قوانين دينهم وقوانين شريعتهم التي تفضحهم .... فلم يبقى شيء عندهم سوى القتل والإرهاب لإيصال فكرتهم للعقول ... فإذا لم يقتنع الشخص الذي امامهم او اعترض... خلعوا رأسه من مكانه حتى يستريحوا منه... والسبب ليس فقط شيوخ الدجل وانما بالدرجة الأولى هو الالحاح القرآني الديني على المسلمين... والذي جعلهم بحسب ما ورد فيه من عنصرية وإرهاب... يعتقدون ان كل مخالف للإسلام على وجه الأرض هو حاقد على الإسلام... وعلى النعمة التي اسبغ بها اله القران على بعض من عبيده وهم المسلمون ... ظنوا ان العالم كله يعتقد ان الإسلام هو الحق ولكن الحقد اعمى قلوبهم... بالرغم من ان العالم الإسلامي الان يتذيل القائمة في كل شيء ... بل هو يعيش خارج التاريخ ... لذلك لم يعد امام شيوخ الإسلام ومعظم المسلمين الا الأكاذيب والتبريرات تحت مسمى...نظرية المؤامرة... والتي ترسخت بداخلهم... شلت عقولهم... تكاسلوا في الدنيا من اجل الأخرة... فقدوا القدرة على الابداع.... فقدوا القدرة على العطاء بل فقدوا القدرة على التمييز... بل ان معظمهم فقدوا قيمة الشعور بالحياة... كل هذه الاحباطات والفشل كان بسبب الصعوبة على المسلمين من تقبل الآخر الذي زرعها في نفوسهم القران أساسا... والذي جعلهم يرون أن كل شخص غير مسلم متبع للهوى... أي أنك ومهما فعلت فإنهم لا يعتبرون موقفك فكريا أبدا... فالتفكير السليم بالنسبة لهم يجب ان لا يوصلك إلا إلى الإسلام... وينظرون إليك كأنك مريض نفسي في أفضل الأحوال... ولذلك فكثيرا ما ترى في منتدياتهم وكتاباتهم العبارة الخالدة " ولا ينكر كذا وكذا إلا مكابر"... لذلك وبحسب قناعتي فانه إذا حصل وبدأ شخص مسلم في تقبل الآخر فإنه بذلك يكون قد قطع نصف الطريق إلى الإلحاد او الكفر بالإسلام.... لان الإسلام لا شيء سوى ثقافة مافيا ... سرطان حقيقي يهدد تطور العالم بأسره.... وشيوخه ودهاقنته وملاليه يريدون ان يعيدوا المسلمين إلى ثقافة الحيض و النفاس... ومنع الاختلاط... وجلوس المرأة في بيتها... وحكم منع الضحك أمام الأجانب (و من هم الأجانب؟! إنهم أولاد العم واولاد الخالة .. إلخ)... فالتشريع الإسلامي لا شيء سوى تفاهات ماضوية... ترهات...أساطير يجب أن يطبقها المسلم لأن مريضا مصاباً بصرع وهلوسة وانفصام في الشخصية قد قالها قبل 14 قرن وبن عبد الوهاب بعده بألف سنة والخميني قبل 40 سنة !!
وختاما...لماذا تخلف المسلمون وتقدم الغرب الكافر ؟؟ وهذا السؤال يتكرر دائما... وان بعض أطرف الأجوبة التي سمعتها وأسمعها على لسان معظم المسلمين هي أن الابتعاد عن الدين هو السبب في التخلف... وأن عدم تحجب النساء والابتعاد عن الصلاة وقراءة القران وتطبيق ما جاء في القران والسنة هو سبب عدم تمكنهم من مجاراة الغرب الكافر... وينسى هؤلاء أن الغرب الكافر الزنديق لا يؤمن بأي دين وحتى ان امن... فان ايمانه محصور في الكنائس أو المعابد .. بينما الحياة العملية والسياسية والثقافية تطبع عليها العلمانية والبعد عن الأديان .. بل ان بعض أعظم علماء الغرب كانوا ملحدين لا يؤمنون بالله أو بالدين ... فلمادا لم يمنع الابتعاد عن الدين و الايمان الغرب من التقدم و الازدهار... وبكل بساطة لان الدين ليس له علاقة بالتقدم أو الازدهار... بكل بساطة لان الدين ليس له علاقة بالتقدم أو الازدهار... فالقران لا يخبرنا عن كيفية صناعة محرك الطائرة النفاثة ولا يوجد حديث نبوي واحد يعلمنا كيف نصنع حاسوبا أو شاشة... ولن يستطيع شيخ ملتح يحفظ القران الكريم كاملا ويحفظ الاف الاحاديث النبوية ويحمل دكتوراه في علوم الشريعة من الازهر أو من أي جامعة إسلامية أن يكتشف أن الجراثيم تنتقل عبر الهواء أو يخترع لقاحا لداء الكلب القاتل كما فعل الطبيب الفرنسي العظيم لويس باستور... فسبب تقدم الشعوب هو العلم وحده لا شريك له... العلم هو الذي مكن الانسان من المشي على القمر... وهو الذي مكنه من اختراع الطائرة التي تنطلق ثلاث مرات أسرع من الصوت... وبالعلم أستطيع وأنا جالس الان أمام شاشة حاسوبي من إيصال أفكاري لك عزيزي القارئ وأنت بعيد عني الاف الاميال!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - معضله
على سالم ( 2017 / 8 / 10 - 05:03 )
وضع مصر هو فى غايه التعقيد والصعوبه , يتحكم فى مصر المنكوبه الان عصابه العسكر البلطجيه واللصوص والقتله وعصابه الشرطه القمعيه الدمويه وعصابه الدين والمشايخ الدجالين الكذبه الحراميه الانذال , الشعب مخدر من اثر الدين عليه ولايوجد له اى فعاليه او قوه , حل مشكله مصر يتلخص فى القضاء تماما على الاسلام وتحويل الشعب الى علمانى بحت وهدم الازهر والقبض على كل الشيوخ وايداعهم السجن المؤبد وكذلك اغلاق جميع المساجد الشيطانيه والخطوه التاليه هى تحجيم دور العسكر البلطجيه واللصوص المجرمين , لامكان للعسكر فى السياسه او الاقتصاد والتعليم وفن الاداره وكل اجهزه الدوله لامكان للعسكر فيها ويحل محلهم المتعلمين والاساتذه والاقتصاديين الدارسين ذوى الخبره ويكون دور العسكر هو حمايه الحدود ليس الا , مع مراعاه ان يكون الرئيس مدنيا كذلك جميع المحافظين , هذا الحل معضله كبيره وتنفيذه ليس بالسهل ابدا


2 - العجلة من الشيطان يا عطوط .نحن في الانتظار
فهد لعنزي ــ السعودية ( 2017 / 8 / 10 - 06:35 )
لقد اصبت كبد الحقيقة ولقد نطق روح القدس على لسانك وكفيت واوفيت الا انك بترت الحديث والحديث كالتالي:
بدأ الاسلام غريبا و سيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء.لا اريد الاسترسال في معناه وانت العارف كيف بدا الاسلام وليس كيف تم ونهايته ستكون كبدايته. نعم سنعود المدنية والعلوم التي ظهرت من جبال نجد والحجاز وسيعود خال بن الوليد مؤسس الارهاب وراسي قواعدد الاغتصاب. دعنا ننتظر لان في العجلة الندامة.


3 - ليس بعد الليل الا الفجر
بولس اسحق ( 2017 / 8 / 10 - 09:27 )
اخي فهد العنزي فعلا أحيانا يكون شر البلية ما يضحك والدليل قول اخينا في الإنسانية والذي ربما لا يعي ما يكتب (ولكن الخلاصة سنعود كما كنا بل افضل مما كنا وكما بدأ الإسلام غريبا سيعود غريبا وليس بعد الليل الا الفجر) ولا اعلم كيف سيكون بعد الليل الفجر ان كان أصلا سيعود غريبا.. وفعلا سيشرق الفجر قريبا ولاحت تلابيبه وبأسرع مما نتوقع لان الليل وظلامه في أنفاسه الأخيرة...وهذا اصدق ما قاله... والمشكلة انه يقولها متفاخرا ولا يعي ما يقول ...تحياتي.

اخر الافلام

.. أزمة تجنيد المتدينين اليهود تتصدر العناوين الرئيسية في وسائل


.. 134-An-Nisa




.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم


.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس




.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي