الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقد النُظم القَبلية في المجتمعات العربية

ياسر ماجد جاسم

2017 / 8 / 15
المجتمع المدني


النُظم القبلية المتمثّلة بالعادات والتَقاليْد والاحكام العشائرية للاسف لا زالت تطبق في معظم مجتمعاتنا بشكل مباشر او غير مباشر و هي خطيرة التأثير على وعينا الانساني والحضاري والمعرفي ، هذه النظم لا زالت راكدة لا تتَطور شأنها شأن الاديان ولم يتم استبدالها بمفاهيم اخرى في اغلب الدول و هنا تحديدا اتكلم عن البلد الذي توارثته بالصدفة كما ورثت ديني و اسمي و ولغتي اتحدث عن العراق ، أستطيع ان اقول بشكل مطمئن بأن هذه النظم القبلية المتمثّلة بالعادات والتقاليد والاحكام العشائرية نشأت مع نشوء المجتمعات البدائية للإنسان ، كانت مفيدة جدا وفعالة كانت تنظم حياة الأفراد والعلاقات بين قبيلة واخرى .

اضمحلت النظم القبيلية عند نشأة المدن لكن للاسف لازالت موجودة في بعض دول العالم الثالث كمصدر تشريع ثاني مع الدولة ، بالرغم من كونها تخالف دساتير دولها وتُخالف مفاهيم حقوق الانسان المتعارف عليها عالميا لكن لازال هنالك دول تعطي احترام لهذه النظم واغلب الدول التي تحكمها نظم قبلية هي الاولى في الارهاب والجهل و العنصرية و التخلف منها العراق واليمن والسعودية و سوريا و ليبيا ، يعتقد بعض المثقفين ان سبب جمودنا و ارهابنا وتخلفنا كعرب هو بسبب التدين المتشدد والفقه الذي يُحد من تفكيرنا و وعينا و لا يركزون على النُظم القبلية التي تسيطر على السلوك و الوعي ، مشكلة النُظم القَبلية من عادات وتقاليد واحكام عشائرية هي انها تُجمد عقل الانسان باتباع انسان اخر و الانضواء تحته ، في هذه النظم يوجد فقط عقل جمعي غوغائي و لا قيمة لأي عقل فردي لا يمكن ان يكون لأي شخص رأي حر مهما يكن حتى لو عاش بيننا بيرتراند راسل ، اما ان يتم إخراسه بالقوة او إسقاط شخصيته و إهانته وهو في عمر الزهور قبل ان يكون راسل عربي ، و لكي نستطيع تنوير أنفسنا لابد من وجود شمعة تضيئنا من الداخل لكن بوجود هذه النظم ستنطفئ كل شمعة وكل بصيص نور وأمل ، هذه النُظم تقتل الطفولة و تلقن مبادئها من جيل لآخر كما هو الحال مع الدين مع الوقت تصبح هذه النظم القَبلية تابوهات و خطوط حمراء و غالباً ما يتم ربطها مع الدين لكي يتم ترويجها على انها شئ مقدس لا يمكنك التشكيك به

انا اعتقد ان بداية الإدراك الانساني الحديث تَكونْ عندما ادرك الانسان بان هنالك جينات تتحكم بجسده وعقله و عندما ادرك ان هنالك إطار فكري يُحدد من تفكيره و هذا الإطار هو العقل الجمعي للمجتمعات المتمثل بـ (العادات والتقاليد والعرف والانتماء ) ، الخروج من الاطار الفكري بالنسبة للانسان القبلي هو أشبه بخروج السمكة من الماء و ارجو قراءة الكلمتين " الانسان القبلي " هنا اقصد انك لا تستطيع ان تخرج من هذه النظم القَبلية قبل ان تعرفها و تكتشف هذا الإطار الفكري الوهمي ، قد يقول البعض ان النظم القبيلية لها محاسن كثيرة كصلة الرحم بين الأقرباء و حث الناس على التعاون والانضواء تحت مسمى واحد هذا كله صحيح لكن هل هي صالحة لزمننا ، للاسف بالرغم من ان هنالك محاسن كثير للنظم القَبلية ألا ان لها الكثير من المساوئ مثلها مثل الدين ، الدين يعطينا راحة نفسية ومعنوية و يعطينا العزاء الا ان كل هذه المحاسن هي مخدرات موضعية تزول مع الوقت ونفس الشئ بالنسبة للنُظم القَبلية

ان القول بأن النظم القَبَليَّة تجعل القطعان سعيدة وتنظم علاقاتهم الاجتماعية و تعطي الرخاء للمنتمين ، هو قول مظلل و خبيث وهو أشبه بالقول بأن غاز الضحك يجعلك تَضحك ! ( غاز الضحك: هو مخدر موضعي يستخدم في الجراحة والمقارنة واضحة بان هذه النظم كانت مؤقتة والان يجب ان تستبدل فالمخدر الموضعي المؤقت ليس علاج حقيقي لعلة ما ) ، قد يسأل البعض هل النظم القَبلية ضرورية لبقاء مجتمعاتنا العربية ، جوابي نَعَم ! ، النظم القَبلية هي ضرورية جدا للمجتمعات التي لا تمتلك وعي او حرية فكرية ، لان هذه المجتمعات لايمكن ان تنظم نفسها الا بمبادئ وسلوكيات وعادات وتقاليد متوارثة من الأسلاف وستكون فوضوية و مضطربة بدون هذه النظم فالحرية لها ثمن ، وبما ان للحرية ثمن معين فان التفسير الوحيد للعبودية و القطيعية و العقل الجمعي هو ان الانسان يخاف من المسؤولية لذالك يرفض الخروج من هذه الانتماءات التي تحد وتحدد وعينا و فكرنا و فلسفتنا .

يقول ادونيس : ((اقسى السجون هي تلك التي لا جدران لها)) ، هكذا الحال مع النظم القبلية هي سجون لا جدران لها الا بعقل الانسان البسيط و هي سجون قاسية لانها غير موجودة لكن نتوهم بوجودها ، بالرغم من كونها سجون فكرية كذالك هي لا إنسانية و هي العدو الاول لحقوق الانسان ، لان النُظم القَبلية تفرق بين الرجل و المراة و الغني و الفقير و الكبير و الصغير و يَجبْ ان ننتقد النُظم القَبيلة وتجريمها باعتِبارها نُظم مُتَخلفة لا تَصلح الا لمجتمعات بربرية بدائية عاشت في نقص حضاري ومعرفي لا تصلح الا لمجتمعات ليس لها وعي ، بالاضافة الى كونها نظم لا تصلح الا لمجتمعات جاهلة ولا نرى الدول المتقدمة معرفيا وعلميا وفكريا وفلسفيا و انسانيا تحتكم لهذهْ النظم بل لها دساتيرها وقوانينها المدنية ، يجب استبدال هذه النظم القبلية بقوانين مدنية إنسانية تعددية متوافقة مع عصرنا ومع مفاهيم حقوق الانسان المتفق عليها عالميا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال


.. اعتقال طالبة أمريكية قيدت نفسها بسلاسل دعما لغزة في جامعة ني




.. العالم الليلة | الأغذية العالمي: 5 بالمئة من السودانيين فقط


.. خالد أبو بكر يرد على مقال بـ -فورين بوليسي-يتهم مصر بالتضييق




.. جامعة كولومبيا: فض اعتصام الطلبة بالقوة واعتقال نحو 300 متظا