الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرية لدى جان جاك روسو

عزة علامة

2017 / 8 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إنّ الحرية بالنسبة لـ جان جاك روسو هي ماهية الإنسان الأصلية و فطرته الأولى، ففي حالة الإنسان الطبيعي، الحرية هي مُعطى ولا حاجة إلى أن يسعى إليها، فهي صفته الجوهرية، لكنّ الحالة المدنية التي وصل إليها الإنسان أفقدته هذه الحرية الطبيعية، وكان لا بد له من أن يسترجها، وإن كان على شكل عقد في ما بينه و بين الحاكم من جهة، وبين الأفراد الآخرين في المجتمع من جهة أخرى. وهذا هو الحل الذي قدّمه روسو لمشكلة الحرية.

والعقد الاجتماعي يمكن أن يوصف بأنّه "شكل للتجمّع يحمي ويحفظ بمجموع القوة المشتركة شخص كلّ واحد وممتلكاته، ويظلّ بواسطته كلّ واحد، وإن اتفق مع الجميع، لا يطيع إلاّ نفسه، ويبقى حراً بنفس الدرجة التي كان عليها سابقاً" .

ويقول روسو: "إنّ ما يفقده الإنسان بالعقد الاجتماعي هو حريته الطبيعية وحقاً لا محدوداً في كلّ ما يغريه وما يستطيع بلوغه، أما ما يكسبه فهو الحرية المدنية التي وحدها تجعل الإنسان سيّد نفسه حقيقةً، فطاعة القانون الذي نسنّه لنفسها هو حرية" . ففكرة روسو عن تشريع القوانين هي أن يشرّع الناس قوانينهم بنفسهم، فوضع القوانين هو على عاتق الشعب، وكلّ قانون لا يُقِرّ به الشعب يكون قانوناً لاغياً. فالفرد يشرّع القوانين التي تأتي من إرادته الحرة، من ثم يطيع هذه الإرادة، وهذا ما يجعل منه حراً. وهذا هو معنى كلمة مواطن بالنسبة لروسو، أي هذا الشخص الذي يجمع ما بين سنّ التشريع وإطاعة التشريع.

وبهذا المعنى تكون الحرية هي الصفة الإنسانية الجوهرية والرئيسة بالنسبة لروسو. ولذلك يقول أيضاً: "تخلي المرء عن حريّته هو تخلٍّ عن صفته كإنسان.. إنّ مثل هذا التخلّي يتنافر مع طبيعة الإنسان لأنّ تجريد إرادته من كلّ حرية إنّما هو تجريد لأفعاله من كلّ صفة أخلاقية" .

إن تخلّي الأفراد عن حريتهم بالنسبة لروسو هو فعل لا معقول ولا يمكن أن يتصوّره عقل، والذي يفعله لا يمتلك الحسّ السليم، وإذا ما تخلّى شعب بأكمله عن حريته لشخص واحد، يكون هذا الشعب شعب مجانين، وهنا يغيب الحق.

لكن، من جهة أخرى، بخضوع أعضاء المجتمع لمقتضيات العقد، هم لا يخضعون لأحد إنّما يخضعون فقط لإرادتهم التي تكوّن العقد من خلالها. كان يهدف روسو من خلال نظريته عن العقد الاجتماعي إلى تأسيس دولة مبنية على الحرية.

إنّ الحرية الآتية من الإرادة الحرة بالنسبة لروسو هي الصفة التي يتميّز بها الإنسان عن باقي الكائنات والمخلوقات، لأنّ المخلوقات الأخرى يتحدد ما يحصل لها بالكامل بواسطة الطبيعة، إذ إنّ كلّ أفعالها تأتي على هيئة ردود أفعال لما تقدّمه الطبيعة لها، بيد أنّ الإنسان يتحكّم بأفعاله من خلال إرادته الحرة وحس المسؤولية والواجب والأخلاق لديه. فإن كانت أفعالنا هي فقط ردود أفعال لما نواجهه من الطبيعة، فلن تكون هناك مسؤولية لأفعالنا.

إنّ العقد الاجتماعي الذي يتشارك فيه المتعاقدون جميعاً في صنع السلطة والإرادة العامة، هو بديل للحالة الطبيعية بنسختها الأصلية الأولى، حيث تستبعد سلطة واستبداد الرجل الواحد الذي يأتي على هيئة سيّد حر واحد وحيد وجميع التابعين له مجرّد مستعبدين يحكمهم كما يشاء. فالكلّ هنا يصبح مسؤولاً عن المصلحة العامة، ولا تعود توجد مصلحة خاصة إذا كانت تضر المصلحة والإرادة العامة وتحددها.

وبذلك، بالنسبة لروسو، تصبح الحرية هي في الخضوع للقانون الذي يضمن الحرية للمجتمع ككلّ، فيصبح الفرد الواحد جزءاً من كلّ لا يتجزّأ، ويكون أساس وجوده الحرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن مصمم على التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين حماس وإسر


.. شبح الحرب يخيم على جبهة لبنان| #الظهيرة




.. ماهي وضعية النوم الخاصة بك؟| #الصباح


.. غارات إسرائيلية تستهدف كفركلا وميس الجبل جنوب لبنان| #الظهير




.. إسرائيل منعت أكثر من 225 ألف عامل فلسطيني من الوصول لأماكن ع