الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى متى يستمر الوهم العروبى؟

طلعت رضوان

2017 / 8 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لماذا لم تلجأ الكويت للعرب لطرد جيش العراق؟
ماذا قال مثقفو الأربعينيات عن جامعة الدول العربية؟
فى سنة1962كنتُ قد بلغتُ سن العشرين، ونظرًا لما سمعته عن (مقهى ريش) فقد دفعنى الفضول للذهاب والتعرف على المكان ورواده. واستمر ترددى إلى أنْ عرفتُ (قهوة البستان- خط الدفاع الخلفى لريش- كما سمعتُ) وبعد كارثة بؤونه/ يونيو1967وتعرفى على من هم أكبر منى فى العمر، سمعتُ تعبير(المكلمة) الذى كان يسخر من (كلام المثقفين على القهاوى)
ومع كل (مؤتمر قمة عربى) أتأمل وجوه رؤساء الدول، وأتابع كلمات كل رئيس (بدقة) علــّـنى أفهم شيئــًـا، أو لعلــّـه سيقول شيئــًـا (جديدًا) مختلفــًـا عن كلام المؤتمرات السابقة، فـأتكــّـد أننى أمام مشاهد من فيلم سبق أنْ رأيته أكثر من مرة، وعلى الفور يقفز إلى ذهنى تعبير (المكلمة)
وإذا كان وضع الأنظمة العربية سيئــًـا منذ احتلال فلسطين، وازداد سوءًا بعد هزيمة يونيو67، ولكن ما حدث بعد غزو جيش العراق (العربى) لاحتلال دولة الكويت (العربية) أصبح تعبير(سيىء وأسوأ) لا يصلح لوصف حال الأنظمة العربية، خاصة وأنّ شعار(القومية العربية) وتوأمه (الوحدة العربية) سقط فى (وحل الأحداث المتتالية) وهى الأحداث التى بدأتْ بلجوء النظام الكويتى إلى الدولة الاستعمارية الكبرى (الولايات المتحدة الأمريكة) لمساعدتها فى (طرد) جيش الغزو العراقى من وطنها، وهو ما تـمّ بالتنسيق مع قوات حلف شمال الأطلنتى.
الدرس الذى يتجاهله العروبيون والناصريون ومعظم الماركسيين هو: لماذا لجأ النظام الكويتى إلى أمريكا وحلفائها ولم يلجأ إلى (الأشقاء العرب)؟ أو ليس ما حدث أدق وأبلغ دليل (على أكذوبة العروبة)؟ و(أكذوبة الوحدة العربية والقومية العربية)؟
ومثل توابع الزلازل والبراكين، بعد أحداث يناير2011، التى أطلقتْ أمريكا وأوروبا عليها تعبير(الربيع العربى) فإنّ الباحث المتخصص فى رصد الأحداث السياسية فى المنطقة، عليه أنْ يـُـراجع كل مفردات اللغة العربية، ليعثرعلى الوصف الدقيق لحالة التردى الذى وصلتْ إليه الأنظمة العربية. والتردى الذى أقصده هو الانبطاح والاستسلام للوضع الذى فرضته القوى العظمى، مع الاحتفاظ بكافة المزايا والرفاهية التى يتمتع بها الرؤساء والملوك، بينما الشعوب (العربية) هى التى دفعتْ الثمن، من دمائها (أعداد الموتى والمصابين والمشوّهين) وأعداد الذين فروا وهربوا من جحيم القتال الدائر، إما بين جيش الدولة والميليشيات الإرهابية، أو بين الميلشيات الإرهابية المسلحة ضد بعضها البعض (مثل الوضع فى سوريا والعراق واليمن وليبيا) أما المأساة الحقيقية فقد تمثلتْ فى مشاهد الذين هربوا من جحيم القتال فى أوطانهم إلى جحيم من نوع آخر فى الدول (العربية) التى استقبلتْ هؤلاء البشر المنكوبين (ليس بسبب القتال المسلح فقط) ولكن بسبب حكامهم الحريصين على البقاء على كراسى الحكم، رغم أية نتائج، طالما هم فى قصورهم وسط حاشيتهم وفى حماية القوى العظمى، بعد أنْ ضمنوا (تأمين) مستقبلهم بالأرصدة المحوّلة إلى بنوك أمريكا وأوروبا.
وبعد هذا العرض السريع للوضع اللا إنسانى الذى تعيش فيه الشعوب (العربية) وموقف التردى للأنظمة (العربية) فإنّ السؤال الذى يفرض نفسه بقوة هو: ماذا سينتج عن اجتماع ملوك ورؤساء الدول (العربية) مع كل أزمة؟ هل يستطيعون وقف المذابح اليومية فى أكثر من بلد (عربى)؟ وهل يستطيعون منع المزيد من تخريب وهدم البنية الأساسية من مرافق المياه والكهرباء وشبكة المواصلات..إلخ كما حدث فى اليمن (بشكل خاص) وكأنه عاد إلى عصر ما قبل التاريخ؟
ولأنّ (الكلام) غير الفعل، فماذا فى (قدرة التوصيات) أنْ تفعل؟ وأليستْ تلك التوصيات هى الأخت الشقيقة (للمكلمة) التى دارتْ على موائد ومنصات المؤتمرات العربية؟ وبالفرض أنّ بعض الدول البترولية (ستفعل) فإنّ أقصى ما (جعبتها) هو (التبرع) ببعض الأموال، فهل الأموال أوقفتْ أو ستوقف نزيف الدماء اليومية على أرض الواقع؟ وهل يوجد نظام (عربى واحد) يستطيع التصدى للميليشيات الإسلامية المسلحة فى أكثر من وطن (عربى)؟ وهل يجرؤ نظام (عربى واحد) على تحدى الإدارة الأمريكية أو الأنظمة الأوروبية التى تــُـموّل الجماعات الإسلامية المسلحة؟
وإذا كان البعض لا يزال على (وهم) قدرة (جامعة الدول العربية) على (الفعل) فإنّ هذا الوهم تسحقه الحقيقة التى تتجاهلها الثقافة السائدة حيث أنّ بريطانيا هى التى أنشأتْ جامعة الدول العربية عام1945وأكثرمن ذلك كما ذكرهيكل فى كتابه (الاتصالات السرية بين العرب وإسرائيل) أنّ ثمة وثيقة عبارة عن برقية وردتْ من وزير الخارجية البريطانى إلى المعتمد الإنجليزى فى مصر، جاء فيها ((تستطيع أْنْ تــُـقـدّم أى تأكيدات تقترحها لعزيز المصرى باسم الحكومة البريطانية، بأنّ الحركة العربية لابد من تشجيعها بكل وسيلة ممكنة. ويمكن لعزيز المصرى أنْ يبدأ فى تنظيم القوة التى يريدها. وأنْ تضع تحت تصرفه ألفىْ جنيه استرلينى إذا كنت ترى ذلك مفيدًا. وأنْ تطلب منه أنْ يظل على اتصال بمكتب القاهرة للمخابرات البريطانية. وأنْ تتعهد له بأننا سوف نساعد الحركة القومية العربية بمقدار ما يبدو من تأثيرها))
وكتب د. عبدالرحمن البيضانى نائب رئيس الجمهورية ورئيس وزراء اليمن الأسبق أنّ إيدن وزير الخارجية البريطانى ((أعلن يوم 29/ 5/ 1941 فى دار بلدية لندن أنه يدعو إلى إنشاء جامعة عربية. ووعد بمساعدة هذه الجامعة. وعندئذ أسرع مسيو كاترو المفوض الفرنسى العام فى سوريا ولبنان فكتب إلى الجنرال ديجول يقول ((إنّ تبنى بريطانيا لقضية الوحدة العربية يجعلها تأخذ زمام المبادرة. لذلك يجدر بفرنسا أنْ تدعو إلى نفس الفكرة وتنقل محورها من بغداد والقاهرة إلى دمشق وبيروت حيث النفوذ الفرنسى)) ثم ألقى إيدن خطابًا أمام مجلس العموم البريطانى يوم 24/ 2/ 1942 يلح على إنشاء جامعة عربية)) (أهرام 9/ 8/ 2003) كسبتْ بريطانيا السباق، وهو ما أكده المؤرخ عبدالرحمن الرافعى فكتب ((وكان إنشاء جامعة الدول العربية بإيعاز من بريطانيا)) (مصر بين ثورة1919و1952- مطابع الشروق- عام77- ص53)
فماذا تفعل (جامعة عربية) أنشأتها دولة إستعمارية؟ وهو السؤال الذى طرحه المثقفون قبل (مرض الوهم العروبى) حيث وصفوها بأنها (جامعة للأنظمة العربية) وضد (الشعوب العربية) وذلك فى مجلة الفجر الجديد- الأعداد من سبتمبر1945- يوليو46)
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أسياد و حكام و شعب عبيد
Amir Baky ( 2017 / 8 / 30 - 17:32 )
إتفقت النظم العسكرية و الدكتاتورية مع الأنظمة الدينية الفاشية على أن الحاكم هو السيد و الشعب من العبيد الذى يجب أن يقول تمام يا فندم أو يسمع و يطيع دون تفكير . طبقة المثقفين أصبحوا أهداف لسهام تجار الدين و تجار الوطنية. فتارة يتم تخوينهم و إنهم أصحاب اجندات خارجية و تارة يتم تكفيرهم على إنهم ملحدون. النظم السياسية و نظم الحكم التى يريدها المثقفون ضد طموحات رجال العسكر و رجال الدين. فالعروبة كذبة كبيرة و دولة الإسلام كذبة ثانية. فهذا الكلام لدغدغة المشاعر الوطنية أو الدينية. الإدارة الرشيدة و الرقابة على الحاكم و مسائلتة و عقابة لو أخطأ هو الذى يريدة المثقفين و يرفضة تجار الدين و تجار الوطنية. المخابرات الإنجليزية عرفت أن السر فى قيادة الشعوب العاطفية فى فكرة القومية السياسية أو الدينية. السر فى تقديم كلام براق و أجوف لهذه الشعوب حتى لا يفكرون بمنطق عملى. سر قيادة هذه الشعوب فى دعم الفاشى أو الدكتاتور بحيث يكون ولاءة ليس للبلد ووضع هالة من القداسة حولة لمنع نقدة تارة بأنه يمثل الدولة و الجيش و تارة بأنه يمثل الدين . و اى شخص يخرج على الحاكم يجب محاكمتة.

اخر الافلام

.. رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إيهود أولمرت: نتنياهو لا يري


.. 166-An-Nisa




.. موكب الطرق الصوفية يصل مسجد الحسين احتفالا برا?س السنة الهجر


.. 165-An-Nisa




.. مشاهد توثّق مراسم تغيير كسوة الكعبة المشرفة في المسجد الحرام