الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المقدس و المدنس -رؤية مغايرة-

الدير عبد الرزاق

2017 / 8 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إن بناء المعنى داخل الأنساق المغلقة للمقدس تصطدم بإشكالية أحادية الفهم لدى الشخص المتدين ـ متدين بمعنى ضرورة وجودة ثلاثية ( إله/ معتقد/ متدين) ـ ، فهذا الاصطدام غير الطبيعي في كنه، مرجعيته تاريخية تسمتد امتداداتها من الخرافة و الأسطورة ، و بداية رحلة بحث الإنسان عن الله في هذا العالم...
فمفهوم المقدس لا يمكن التوافق عليه، لاعتبارات يمكن إجمالها فيما يلي :
1/ الاختلاف الثقافي.
2/ الفروقات الفردية داخل المجتمعات.
3/ الفروقات الجماعية داخل الجماعات.
4/ تباين المستويات الثقافية و العلمية.
5/ الهرمية الدينية.
6/ التعدد الديني.
و أمام أي محاولة لتفتيت هذا المقدس و سبر أوغواره من خلال بعد إشكالي يستعدي علاقة الإنسان بالمقدس، نستنتج أن الإنسان بطبعه يميل إلى خلق مقدسات يعلق عليها خطاياه و نجاحاته، لكن ليس هناك اختلاف حول أنواع المقدس، فالمقدس إما يكتسي ثوب الزمن المقدس أو المكان المقدس، فليس هناك فهم واحد سواء للزمن المقدس أو المكان المقدس، فكل شخص يسكب فهمه للمقدس بشكل تصعيدي (أي يعطي وجوده لهذا المقدس مقابل إعفائه من التفكير الغيبي)...
و المقدس في كل زمان و مكان اتخذ أوضاعا و تجسيدات معينة حسب رؤية المجتمعات لهذه المقدسات...
أما المدنس ـ نقصد به أي مادة قابلة للفساد و الانحلال و الزوال ـ فهو يملأ كل مناحي الحياة و يتخذ أبعاد متعددة تعدد الوجود المادي و غير المادي للإنسان، هذا الأخير الذي راكم حقبا من "المدنسات " و التي أعطاه في أحيان كثيرة صفة المقدس ، و بقيت الأشياء "المدنسة " تتعايش مع وهم الإنسان و ارتباطاته الوثيقة مع "الأنا" الذي يغيب المنطق التجريدي للأشياء...
فاليوم نعيش أزمة "المقدس" و هيمنة "المدنس" ، و هي نتيجة حتمية و طبيعية لتراكمات البشرية، و البشر طبيعته الشر، هذا الشر الذي تبلور بشكل فظيع مع الحرب العالمية الأولى و الثانية و هيمنة الرأسمالية المتوحشة التي استفادت بشكل رهيب من العلاقة الملتبسة و الغامضة بين المقدس و المدنس.
و المقدس يصل إلى ذروته عندما يرتبط بالأشخاص، كما هو الحال اليوم مع اتجاهات دينية و سياسية و فنية ...، هذه العلاقة المتوترة التي تلغي الذات الإنسانية و تجعلها موضوعا لإسقاط نزوات و رغبات الشخص المُقَدس على أشخاص ـ لأنه غالبا لا يمكن تقديس فرد من طرف فرد و لكن من طرف جماعات، لأن الجماعات وحدها من تصنع المقدسات ـ بالضرورة هي علاقة متوترة و أي محاولة للاقتراب من هذه العلاقة و تحليلها و نقدها من الداخل، تصدم برغبة جامحة قد تصل في أحيان كثيرة إلى العنف المعنوي أو العنف المادي، مما يطرح سؤالا حول علاقة العنف بالمقدس؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا لهذه المقالة
محمد البدري ( 2017 / 8 / 31 - 06:14 )
هذه رؤية ليست مغايرة يا عزيزي الفاضل استاذ الدير، بل تحليل عميق للاوعي الفردي والجمعي الساعي لاثبات وجوده كنسق فاعل، بل الوحيد الفاعل، علي الارض. فعدم اكتمال فعل الخير لدية وجعله سائدا من اجل حريته المرجوة في جميع الازمنة وتحت سقف كل الافكار هو ما ادي به الي خلق المقدس والدنس تفسيرا لما لا يقدر علي مواجهته.
تحياتي وتقديري واحترامي

اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي