الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إستفتاء نحو إستقلال كردستان تجنباً للقتال القومي المحتمل في العراق

طه معروف

2017 / 9 / 4
القضية الكردية


فإذا كان القتال المذهبي أول مولود لعملية السياسية الفاشلة في العراق فبالتأكيد القتال القومي سيكون مولده الثاني . ومن هذه الزاوية فقط يمكن للمرأ أن ينظر إلى أهمية الإستفتاء وضرورتها في هذا الضرف الحساس التي تمر بها العراق بغية إبعاد وحماية الجماهير في عموم العراق وكردستان من هذا التهديد و((القتال الحتمي)) ... رغم أن كردستان يتمتع بإدارة ذاتية وشبه مستقلة عن بغداد منذ قرابة 27سنة ولم يبقى الظلم القومي على جماهير كردستان إلا أن هذا الوضع لايعني إنتهاء المشكلة ولا يعبر عن إخماد نار الصراع القومي في العراق بصورة نهائية... نحن نسمع دائماً من نواب عراقيون من حزب الدعوة وجماعات إسلامية و شوفينية أخرى تحت قبة برلمان العراقي وهم يلوحون بالتهديد والوعيد ويعلنون عن عدم قبولهم ورضاهم لإقامة كيان كردي حتى بوضعه الحالي في شكل الإدارة الذاتية وحكومة أقليم كردستان .ويطالبون دائماً بفرض مزيد من الضغط الإقتصادي عبر قطع حصتها من عائدات النفط بموجب إتفاق سابق بينهم وبين ممثلي أحزاب القومية والإسلامية الكوردية و بعبارة أخرى يعلنون بصراحة عن رغبتهم ونيتهم للقضاء عليها في حال توفرت لها الضروف ...هذه النية والرغبة الشوفينية أكد عليها عبادي زعيم حكومة الميليشيات الطائفية في بغداد في الآونة الأخيرة عدة مرات حيث أعلن عن رفضها وعدم موافقتها على إجراء عملية الإستفتاء في كردستان ويزعم بأنه خاطئ و غير دستوري لاقيمة له ولكن وفق منظوره الطائفي السماح بتدخل وهيمنة حكومة ملالي ايران وأطلاق يده لتدخل في جميع شئون الداخلية للعراق وتعامل معها كأنه أقليم أيراني ليست تجاوزاً على الدستور بل هي ترجمة الحرفية للدستور العراقي .عبادي الذي يرفض الإستفتاء ويختار القتال بدل الحل السلمي ويعتبر نفسه حامي "وحدة تراب ووحدة الشعب" فيجب أن يسأل نفسه: هل بإمكانه أن يحكم العراق بجميع مكوناته وهو كادر لحزب سياسي شيعي الذي لاينتمي في عضويته أي عراقي بغيرحاملي الهوية الطائفية الشيعية ؟؟ أية دستور بغير دستور طائفي يؤيد ويضفي الشرعية على سلطة هذا الحزب المذهبي الذي يحمل بذور التفرقة وينادي بعلنية لتصنيف وتعريف الإنسان العراقي وفق الهوية العرقية والطائفية بدل حقوق المواطنة والهوية الإنسانية ؟

تجربة تعايش بين القوميان دول أوروبا الشرقية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لآ شك أن مجتمعات أوروبا الشرقية أكثر راقياً وتقدماً في جميع ميادين الحياة السياسية والإجتماعية والثقافية والحضارية عن العراق ولكن رغم ذلك لم يتمكنوا من الإندماج بصورة موضوعية خلال الحقبة السوفيتية وبصفارة أمريكية وغربية واحدة إنفصلوا بعضها عن البعض وشكلوا دويلاتها القومية في التسعينات من القرن الماضي من دون معا رضة داخلية تذكر مثلما حصل لتشيك والسلافيين والكرواتيين علماً أنهم عاشوا لفترة تأريخية طويلة ضمن دولة واحدة و بسلام وليس في بلد مثل عراق الذي وصل فيها حدة الصراع والقتال القومي إلى مستوى الإبادة الجماعية ضد الكورد من قبل حكومة صدام الدموية.. وإذ كان هذه هي حال تلك الشعوب الراقية والمتمدنة الذين فشلوا لمواجهة المد القومي ولم يقاوموا تبليغات الأمريكية والغربية للإنفصال بل أيدوهاو طبقوها ، فكيف يمكن إذن أن يحصل عملية ألإندماج والتعايش السلمي في مجتمع مثل مجتمع العراقي الذي أستمر فيها الصراع القومي منذ سبعة عقود و القوميين في كلا طرفي الصراع يعدون العدة لتطوير بالشوفينية القومية والتعصب القومي ومازال هناك مؤسسات العشائرية والأحزاب الطائفية والمرجعية الدينية في أعلى هرم السلطة لرسم سياسة العراق ..
بإمكان القوميات والأمم المختلفة أن يعيش جنباً إلى جنب فإذا كان نظام حقاً نظاماً ديمقراطياً مستنداً على مبادئ المساواة التامة بين مكوناتها العرقية والمذهبية مثل بريطانيا وسويسرا وبلجيكا وكندا أو إسبانيا ففي مثل هذه الدول الرأسمالية المصالح الإقتصادية هي وراء الإنفصال لإنه لايوجد تمييزعرقي والدستور فيها يضمن المساوات لجميع العرقيات والمذاهب...ولكن في بلدان مثل ايران وتركيا وسوريا و عراق الذي لم يطرأ أي تغييرلا على أنظمتها السياسية ولا على عقليتها الشوفينية إلا بشكل سلبي منذ تأسيسها ولحد الآن ، فتأييد و مطالبة بالإنفصال أمر ضروري تجنباً للقتال القومي الذي يخدم فقط القوميين الرجوازيين في كلا طرفي الصراع ...... .


معارضي إستفتاء من أجل الإستقلال
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هناك من ينتقد الإستفتاء وإستقلال كردستان بحجة مشاركة ودورالمأثرللأحزاب القومية الكردية وخصوصاً حزب بارزاني وأخرى يدعي بأن أكثرية الساحقة من الجماهير الكردية يطالب بتحسين حالاته المعيشة ولايؤيد إجراء إستفتاء في كردستان والبعض قلق من تشكيل دولة يمكن يسيطرعليها حزب بارزاني ويعتبربعض الآخر إجراء الإستفتاء حيلة بأيدي حزب بارزاني لتعزيز نفوذه وبسط سيطرته على عموم كردستان وينتقد آخرون بسبب عزل البرلمان وغياب الإنسجام السياسي بين القوى الكوردية وأخيراً وليس آخراً هناك من يدعي بإن الإستفتاء لايحظى بدعم الدول الأقليمية والغربية والأمم المتحدة .حصل في بريطانيا عدة إستفتائات وآخرها إستفتاء بريكست ولم أسمع قطعاً من اليسار أن يتحدث عن إقصاء وعزل أي حزب يميني من المحافضين إلى حزب إستقلال اليميني بزعامة نايجل فاراج وهكذا في فرنسا وهولندا ودول العالمية أخرى ...مبدأ الإستفتاء هي حرية التصويت لا إرتباطها بماهي هذا الحزب أو ذاك لإن إستفتاء ليست الثورة . من يقاطع ويرفض الإستفتاء في كردستان يجب أن يطرح بديل عملي لحل قضية القومية لجماهير كردستان بطريقة يضمن حمايتها من العودة إلى القتال القومي المحتمل وألا سيبقى صوته في الحاشية ولا يتجاوز بعض الإنتقادات .. يجب أن يعرف الجميع بأن تلك العوامل التي أدى إلى قتال الداخلي بين أحزاب القومية الكردية في تسعينات القرن الماضي وأنتجت الإضطراب السياسي و سؤ أحوال المعيشية وعزل البرلمان في كردستان نتاج الوضع الحالي في ظل سلطة ميليشيات بارزاني وطالباني والمتحالفين معها من الإسلاميين.. هي نتاج العملية السياسية الفاشلة في بغداد التي يشارك فيها جميع القوى القومية والإسلامية في كردستان.. ولذا فالوقوف بوجه الإستفتاء يعني الإدامة بالوضع الحالي وبالسياسة االذيلية لعملية السياسية الفاشلة في بغداد التي سببت في خلق أكبرمآسي لجماهير العراق من الحرب والتشريد والتجويع . من يربط الإستفتاء بإستبعاد حزب بارزاني يتجاهل الوضع السياسي في كردستان والعراق ويحاول أن يؤجل الإستفاء إلى أجل غير مسمى.. لا حديث عن رجعية هذه الأحزاب القومية فهي معروفة لدى الأحزاب والتيارات الماركسية والعلمانية منذ زمن بعيد ولكن هذا المبرر أضعف من أن يكون جواباً لهذ الموقف بل تجاهلاً عن ماهي الطبقية البرجوازية لجميع الأحزاب القوميةوليس حزب بارزاني فقط .تأييد الإستفتاء لايعني مساندة الأحزاب القومية في كردستان بل بالعكس من أجل سحب البساط من تحت أقدامها وقطع الطريق عنهم في الإستمرار للتلاعب بهذه الورقة وإستخدامها بهدف نهب المجتمع والإعتداء على حريته إعتداء .. إستفتاء جواب على قضية واحدة فقط وهي القضية القومية ولن يؤدي من دون نضال الجماهير اليسارية والمتمدنة إلى تغيير الحياة السياسية والإجتماعية والإقتصادية ..سبعة عقود في تأريخ الصراع القومي في العراق لم يجني المجتمع العراقي بجميع مكوناته بغير التعصب القومي والقتال المستمر الذي وصلت إلى مستوى حرب الإبادة في عهد حكومة البعث ومازال هذه العقلية متسلطة لدى زعماء الحكومة المذهبية الشيعية والقوميين في بغداد وبدأ يهددون كما هددوا داعش ولكن هذه المرة بشعار :قادمون ياكركوك وأربيل والسليمانية .. مقاطعة الإستفتاء بسبب دور حزب بارزاني حجة غير واقعية و إنكار ضمني لحق الإستفتاء في كردستان و لعل هذا يذكرني بموقف بعض المثقفين في العراق الذين أظهروا أنفسهم كمدافعين "صلبين لإلغاء عقوبة الإعدام" ولكن إستثنوا وأيدوا إعدام قيادات البعث ..إذا كان أحد مع حق الإستفتاء كأداة ووسيلة لتحقيق هدف سياسي معين، يجب أن لا يستثني و لايرتبط هذا الحق بوجود هذا الحزب أو ذاك لإن مجتمع يعطي أصواتها ب (لا) أو (نعم) للإستقلال لا لهذا الطرف السياسي أو ذاك...

.
هناك إجماع في مواقف جميع اليسار والشيوعيين المؤيدة لحل القضايا القانونية والدستورية أوالسياسية فإذا أمكن بصورة سلمية عبر الإستفتاء في جميع دول العربية والشرق الأوسطية والعالم.. يؤيدون بلا نقاش حق تقرير المصير للفاسطينيين كما دافعوا عن حق إنفصال في جنوب سودان سابقاً وفي مناطق أخرى في العالم أيضاً ولكن يشترطون ولا يؤيدون الإستفتاء في كردستان بحجة مشاركة الأحزاب البرجوازية أو يدعون بأن هذا الإستفتاء يؤدي إلى تقوية حزب بارزاني .
ولكن ما الفرق بين حزب محمود عباس وحماس في فلسطين أوحزب سيلفا كير ميارديت ورياك مشار في جنوب سودان مع حزب مصعود بارزاني ؟؟؟ أليس جميعهم أحزاب قومية برجوازية ؟؟ مشاركة الأحزاب لايغير شئ من طبيعة الإستفتاء الذي يضع أمام مواطن حق الإختيار بنعم أو لا لمشروع معين .بجانب حزب مصعود بارزاني وطالباني هناك إتجاهات مدنية ويسارية وعلمانية وجماهير غفيرة يشارك الإستفتاء لنيل حقوقها بطريقة السلمية والحضارية بغية تجنب الحرب القومية الذي مازال لم يضمد جروحها .. التصويت بلا أو نعم من حق كل المشاركين و يجب أن يضمن في الإستفتاء الحرية الكاملة للجميع سواء من يصوت ب نعم أو لا والتجاوز على هذا الحق وإطلاق الإتهامات بالتخوين من قبل أي قوى سياسية يجب أن يرد بالقوة لضمان تنفيذ إستفتاء مدني وحضاري نزيه يعكس أصوات الجماهيربصورة فعلية لا الشكلية .
فشل التأريخي لمشروع أحزاب القومية الكردية من اللامركزية و الحكم ذاتي والفيدرالية مع حكومات المركزية المتعاقبة في بغداد ، أجبرتهم إلى إختيار الإستفتاء كوسيلة لحل قضية الكوردية بطريقة سلمية..لكن و لحد الآن بدلاً من أن ينضوي حكومة عبادي تحت لواء هذا الحل السلمي العادل فقد بدأ يلوح بتصعيد الصراع ويهدد بصورة غير مباشرة بنفس الشعار الذي هددوا بها داعش في فلوجة والرمادي وموصل أي ((قادمون يا كركوك وأربيل والسليمانية)) وكأن سبعة عقود من مأساة للصراع القومي و 14سنة من القتال الطائفي الدموي المستمر من عمر سلطتهم الميليشياتية لم يشبع شهيتهم المتعطشة للدماء. يتحدثون عن وحدة تراب العراق وينسون كيف مزقت سياساتهم الطائفية نسيج مجتمع العراقي .

يخطئ من يظن أن إجراء إستفتاء لإستقلال كردستان قد يؤدي إلى كارثة أويعقد الأجواء السياسية في العراق والمنطقة وسيلحق مزيداً من المآسي بجماهير كردستان...لاجديد في إطلاق هذه الإدعائات الشوفينية التقليدية المسمومة من قبل إعلام دول المنطقة وإنما الجديد هي قلق وخوفهم لحل هذه القضية بطريقة حضارية وبمشاركة الجماهير لتقرير مصيرها بنفسها في إطار عملية سلمية دون إراقة الدماء وما لمثل هذه إدعائات التي يروج لها حكومة العبادي والقوميين إلا بروباكندة رخيصة بهدف إبتعاد عن الحل السلمي ومن ثم أحياء الصراع القومي طبقاً لنهج وسياسة حكومات العراقية السابقة وآخرها حكومة صدام الدموية.


طه معروف

04-09-2017









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب بجامعة ليل الفرنسية يتظاهرون دعمًا لغزة


.. إسبانيا ترحّـل -37 صحراويا- من طالبي اللجوء إلى المغرب؟




.. الصحة العالمية تحذر من احتمالية تفشي الأمراض في لبنان بسبب ت


.. قطر تبدأ إرسال مساعدات إنسانية إلى لبنان لدعم مئات آلاف النا




.. أصوات من غزة| إسرائيل تقتل 10600 طفل وفق الأمم المتحدة