الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اعادة الاعتبارلعمال كفرالدواربالمحاكمة الشعبية

طلعت رضوان

2017 / 9 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اعادة الاعتبارلعمال كفرالدواربالمحاكمة الشعبية

طلعت رضوان
رغم وجود نقابة عريقة للمحامين المصريين، ورغم وجود العديد من منظمات حقوق الإنسان، ورغم وجود الكثيرمن (منظمات المجتمع المدنى) ورغم صدور أكثرمن كتاب عن المذبحة التى قام بها ضباط يوليو1952 ضد عمال كفرالدوار، وطالبوا بضرورة إقامة (محاكمة شعبية) لإعادة الاعتبارلعمال كفرالدوار. ورغم أنّ هذه الجريمة مرّ عليها 65 سنة، ورغم أنّ المحاكمة الشعبية (هى محاكمة رمزية) فإنّ السؤال الذى يشغل أصحاب العقول الحرة هو: ما موانع إقامة هذه المحاكمة الشعبية؟ هل تقـدّم أحد بطلب رسمى للحكومة، والحكومة ردّتْ بالرفض؟ أم هوتقاعس من كل المنظمات التى تـدّعى الدفاع عن حقوق الإنسان؟ وهل العمال خارج نطاق (حقوق الإنسان)؟

أعلن ضباط يوليوأنهم مع الشعب. وكان المُنتظرأنْ يساندوا العمال الذين هتفوا للضباط ، اعتصم عمال كفرالدوارمساء12/8/52 لتحقيق بعض المطالب الاقتصادية. وكانوا فى شبرا الخيمة وغيرها على درجة من التحضرفكتبوا على اللافتات ((المصانع أمانة فى أعناقنا.. أرزاقنا فى هذه المصانع فحافظوا عليها)) هذا التظاهرالسلمى واجهه الضباط المنادين ب (القضاء على سيطرة رأس المال) بمحاصرة المصانع بالدبابات (د. فخرى لبيب– الشيوعيون وعبدالناصرج1 ص94)
تصاعدتْ الأحداث يوم 13 أغسطس. تم القبض على 576 عاملا. كان من بينهم أطفال فى سن العاشرة. بعد يوميْن صدرالحكم بالافراج عن 545 عاملا والحكم على 29 بالسجن. وكان المطلوب إعدام 29عاملا وتم الاكتفاء بإعدام عامليْن (مصطفى خميس وعمره 18سنة) و(محمد البقرى وعمره 19 سنة ونصف) وصدرالحكم بعد خمسة أيام. وأصرّالضباط على أنْ يتبعوا أسلوب الإنجليزالذين حاكموا وأعدموا جدودنا فلاحى دنشواى عام 1906، فجمعوا 1500عامل فى النادى الرياضى بكفرالدوار(ملعب كرة القدم) ليسمعوا النطق بحكم الإعدام. وعن هذا المشهد الذى يستدعى من بئرالأحزان أحداث دنشواى، كتب المؤرخ العمالى طه سعد عثمان أنّ عاملا من ((الذين حضروا إعلان الحكم مُـجبرين قال: إنّ ما تعرّض له جميع الحاضرين من العمال من مهانة وإذلال وإرهاب كان أقسى مما يمكن أنْ يتعرّض له أسرى الحرب فى جيش مهزوم ومستسلم بدون قيد مما جعل المنتصريعاملهم أسوأ من معاملة العبيد)) (خميس والبقرى يستحقان إعادة المحاكمة- مطابع الأمل للطباعة والنشرص52)

ورغم أنّ طه سعد عثمان وعبدالمنعم الغزالى يطالبان برد الاعتبارلضحايا المذبحة، فإنهما (نظرًا لميولهما الناصرية التى خرّبت عقول الكثيرين) يـُـصران على أنّ مُحرضى الإضراب هم كبارالرأسماليين الذين من مصلحتهم القضاء على (الثورة) الوليدة وللوقيعة بين العمال والضباط. إنّ هذا الكلام تنفيه الوقائع التالية: لماذا تم عقاب المنفذ (العمال) ولم يتم عقاب المحرضين؟ وهى حقيقة اعترف بها طه سعد نفسه الذى كتب ((استطاع المجرمون الحقيقيون أنْ يفلتوا حتى من مجرد البحث عنهم)) (ص35) وكذلك مامعنى البيان الذى أصدره قائد عام القوات المسلحة يوم 16 أغسطس وفيه تحذيرللعمال؟ ولماذا كانت حملة التفتيش القاسية التى قام بها نحومائة جندى على مساكن العمال وعلى مسكن مصطفى خميس بالذات؟ ولماذا استمرتْ مطاردة المباحث للعمال بعد صدورالحكم؟ (ص40،45) وما معنى أنْ يكتب محمد نجيب فى مذكراته أنه بعد أنْ صدّق على الحكم بالإعدام ((لقد أثقل الحزن قلبى)) ولكن لأنه كان يلعب دور(الواجهة) فقد نفذ قرارمجلس (الثورة) الصادربإجماع الآراء؟ (مذكرات البغدادى ج1 ص69) ولماذا يتم إعدام عامليْن، بينما اختلفتْ المعاملة مع عدلى لملوم (الاقطاعي) الذى أظهرمعارضته للضباط صراحة، وهاجم هو وأفراد من عائلته قسم البوليس وأطلقوا عليه أعيرة نارية؟ وأثناء المحاكمة كان هو وأمه يسبان قادة (الثورة) والفلاحين. وكتب محمد نجيب ((امتطى عدلى لملوم جواده ومعه 35رجلا وحوّطوا الفلاحين وأخذوا يُطلقون النارفى الهواء على طريقة رعاة البقر)) (كنتُ رئيسًا لمصر- المكتب المصرى الحديث- عام 84 ص 173) ورغم ذلك صدرالحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة الذى انتهى إلى الإفراج الصحى؟
ولماذا وافق الضباط على إنضمام عبدالمنعم أمين إلى حركتهم يوم 22يوليو رغم ((إتصالاته بالسفارة الأمريكية واقتناعه بما تروجه الدوائرالأمريكية فى مصرعن الخطرالشيوعى وضرورة التصدى له بكل الوسائل)) ولماذا يكون هوبالذات الذى رأس المجلس العسكرى لمحاكمة عمال كفرالدوار؟ وذكرالمؤرخ العمالى أمين عزالدين أنّ (عبدالمنعم أمين لعب دورًا فى حملة الترويج الأمريكية حول الخطرالشيوعى فى مصر) ولماذا تم إتهام خميس والبقرى بالشيوعية؟ وما مغزى هذا الإتهام عند ربطه بالدعاية الأمريكية عن الخطرالشيوعى؟ الإجابة ذكرها أمين عزالدين الذى قال ((وجدتْ المخابرات الأمريكية وعملاؤها فى أحداث كفرالدوارفرصتهم لكى يضاعفوا الترويج عن الخطرالشيوعى فى مصر. وراحوا يـُـقنعون نفرًا من قادة حركة الجيش من بينهم عبدالمنعم أمين)) (روزاليوسف 27، 31/7/87) وما مغزى ما ذكره محمد نجيب الذى قال ((لبيتُ دعوة إلى منزل البكباشى عبدالمنعم أمين. وكان حاضرًا معنا جيفرسون كافرى وأربعة من رجال السفارة (الأمريكية) علمتُ فيما بعد أنّ إثنيْن منهم من رجال المخابرات الأمريكية وكان معى عبدالناصر وزكريا محيى الدين. وفى لقاء آخرقال جيفرسون إنّ حكومته تخشى تسلل الشيوعية إلى مصر وعرض معاونة أجهزة المخابرات الأمريكية)) (مصدرسابق ص 312) وكتب طه عثمان ((وهكذا يتأكد دورالمخابرات الأمريكية فى الأحداث بالتقاريرالتى أحاطتْ قادة حركة الجيش عن شيوعية مصطفى خميس وقادة العمال فى كفرالدوار والتخويف من تحركات العمال فى مناطق أخرى مثل شبرا الخيمة والمحلة الكبرى)) (ص10) وذكرأيضًا أنّ ما حدث فى كفرالدواركان عربونًا للأمريكان فى محاربة الشيوعية (ص47)
وما مغزى ما ذكره طاهرعبدالحكيم فى كتابه (الأقدام العارية) حيث قال ((لم يكن قد مرّعلى ( ثورة) يوليو52 أكثرمن شهريْن حينما سيق إلى السجن الحربى أعضاء اللجنة التحضيرية لإتحاد عمال مصرفى سبتمبر52 على إثرالعدوان الوحشى على عمال كفرالدوار. وقد مورس التعذيب عليهم لأنهم احتجوا على إعدام خميس والبقرى ولإثنائهم عن المضى فى تكوين الإتحاد)) وأضاف ((إنّ النظام الناصرى كان يستخدم الفلكة والكرباج لتأديب معارضيه، ففى عام 53 ألقى القبض على حوالى 40 نقابيًا قدّموا عريضة يطالبون فيها بإصدارقانون للتأمين ضد البطالة))
وما مغزى أنْ يقول البكباشى عاطف نصار وهو يتلوالحكم العسكرى أنّ مصطفى خميس كان (يحارب الله ورسوله فحق عليه القتل)؟ وما علاقة ذلك بموقف الإخوان المسلمين الذين إتهمواعمال كفرالدواربالخيانة؟ (طه سعد ص28) وإذا كانت أحداث كفرالدوارمؤامرة دبّرها الرأسماليون كما يزعم الناصريون، فلماذا (تم اختفاء ملف التحقيق فى تلك الأحداث بعد أنْ قرأه أحد وكلاء وزارة العمل الذى كان متحمسًا لعرضه على مكتب العمل الدولى)؟ ولماذا (أحيطتْ أقوال مصطفى خميس بسرية تامة ولم يُعلم عنها شىء)؟ وما مغزى اختفاء الرسالتيْن المرسلتيْن لمصطفى خميس إحداهما من لندن والأخرى من الأرجنتين قبل إعدامه؟ وعلّق طه عثمان (( إنه حتى الآن لا أحد يعرف شيئًا عن محتوى الخطابيْن. ولاشك أنهما كانا فى صالح مصطفى خميس وإلاّ كانت كل الأجهزة بما فيها الصحافة قد فضحت ما فيهما بتضخيم كبير)) (ص 55، 56) ولماذا قال السادات يوم 14/8/52 فى نقابة المعلمين أنه (سوف يعلق المشانق فى شبرا الخيمة على أبواب المصانع إذا حدث أى تحرك من العمال)؟ وما مغزى نصيحة أستاذ القانون د.الطماوى لضباط يوليو((لقد أعدمتم إثنيْن من العمال فسكت العمال جميعًا. ويحتاج الأمرإلى إعدام اثنيْن من الطلاب كى يصمت الجميع))؟ (مجرد ذكريات- د. رفعت السعيد ص116) وما مغزى ماذكره أحمد الجبالى فى كتابه (العمال فى الحركة الشيوعية) من أنه وعدد من زملائه إلتقى عام 53بعد إضراب عمال الشوربجى بالمسئول عن المخابرات حينذاك وفاء حجازى وقال لهم (لقد أعدمنا خميس والبقرى ونحن مُستعدون لإعدام مليون لتعيش الثورة)؟ فكافأه عبدالناصربتعيينه سفيرًا فى أوروبا. إننى أرجو من منظمات حقوق الإنسان التفكيرفى إقامة محاكمة شعبية ترد الاعتبارلضحايا مذبحة دنشواى/ كفرالدوارالتى ارتكبها ضباط يوليو52بعد عشرين يومًا من استيلائهم على الحكم مع سبق الإصرار.
***










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إيهود أولمرت: نتنياهو لا يري


.. 166-An-Nisa




.. موكب الطرق الصوفية يصل مسجد الحسين احتفالا برا?س السنة الهجر


.. 165-An-Nisa




.. مشاهد توثّق مراسم تغيير كسوة الكعبة المشرفة في المسجد الحرام