الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اختلافات البيت العلوي في فهم خطبة الغدير

علي المدن

2017 / 9 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أحد المداخل المهمة في فهم تاريخ الفكر الديني الإسلامي دراسة التاريخ الداخلي للفرق الشيعية، وعلاقة بعضها ببعض، وموقف بعضها من البعض الآخر.
هذا التاريخ، وعلى العكس مما يتصور البعض، فيه الكثير من الخلاف والصراع والتنافس، بلغ أحيانا حد التكفير والتبديع أو الاتهام بقلة الدين واتباع الأهواء أو السعي وراء المصالح والمنافع. ومع ذلك كله فإن هناك فترات تتغير فيه المعادلات! فتشهد تقاربا وتحالفا، كما هو الحال مثلا في العقود الأخيرة حيث تتظافر المساعي من أجل التقارب بين الزيدية والإسماعيلية والنصيرية (العلويون) والإمامية، مع توغل لهذه الفرقة الأخيرة بين الفرق الأخرى، ومحاولة الهيمنة أو التأثير على البقية، بمعنى آخر: أن التقارب يأخذ طابعا سياسيا أحيانا، أو تحالفا فكريا طائفيا.
بمناسبة الاقتراب من ذكرى ما يسمى ب"حجة الوداع" وما رافقها من أحداث في غدير خم، وخصوصا الخطبة التي ألقاها النبي والتي اشتهرت بخطبة الغدير، وهي واحدة من أهم الأحداث والخطب الجدلية في تاريخ الإسلام السياسي والفكري، أحاول أن أذكر هذا الحدث كأنموذج على الخلاف الشيعي الزيدي / الإمامي، وسوف أركز الإشارة إلى واحدة من الخلافات الجذرية حول إحدى العبارات الإشكالية الواردة في الخطبة، وهي العبارة التي يقول النبي فيها: (من كنت مولاه فهذا علي مولاه)، كيف فهم هذان الاتجاهان العلويان هذه العبارة؟
سوف لن أشير إلى تلك الآراء المتأخرة للزيدية في القرن السادس الهجري وما بعده؛ إذ في هذه الفترة بدأ التقارب في الرأي بين هذين المذهبين، وإنما أنقل لكم رأيين زيديين لأهم شخصيتين في هذا المذهب، وهما: زيد بن علي بن الحسين (ت 122)، والقاسم بن إبراهيم الرّسي(ت 246)، ونقارنهما برأي شيعي آخر - سيكون لاحقا رأي الإسماعيلية والإمامية وطوائف أخرى - وبنفس المستوى من الأهمية العلمية والمذهبية، وهو رأي محمد بن علي بن الحسين الباقر (ت 114).
والآراء كالآتي:
1- نقل ابن بأبويه القمي في كتابه "معاني الأخبار" بسنده عن علي بن هاشم، عن أبيه قال: ذكر عند زيد بن علي بن الحسين ع قول النبي ص: (من كنت مولاه فعلي مولاه)؟ قال: نصبه علما ليعرف به حزب الله عز وجل عند الفرقة.
2- وفِي "مجموع كتب ورسائل القاسم بن إبراهيم الرسي" (2 / 612-613) قال محمد بن القاسم: (وسألت: عن قول النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم: (من كنت مولاه فعلي مولاه و من كنت وليه فعلي وليه)؟ فقال: تأويله من كنت ناصره فعلي ناصره، وذلك أن المولى في لسان العرب هو النصير.
3- وفِي المصدر السابق لابن بابويه نقل بسنده عن أبان بن تغلب أنه قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي ع عن قول النبي ص: (من كنت مولاه فعلي مولاه)؟ فقال: يا أبا سعيد تسأل عن مثل هذا؟! علمهم أنه يقوم فيهم مقامه.

يبقى علينا ذكر ثلاث ملاحظات:
الملاحظة الأولى: أن أعلام البيت العلوي بالرغم من تميزهم عن غيرهم من أعلام البيوتات القرشية، أو عموم أعلام علماء الإسلام الآخرين، في بعض المسائل المتعلقة بتاريخ الإسلام وعلومه، إلا أن موقف هؤلاء الأعلام لم يكن موحدا حتى في المسائل الرئيسيّة كما هو الحال مع العبارة الإشكالية التي ورد ذكرها في خطبة الغدير. ومن الواضح أن الآراء الثلاثة التي نقلناها تمثل ثلاثة اتجاهات في فهم هذه العبارة! فمع أن الاتجاهين الأول والثاني يبتعدان عن الاتجاه الثالث في ربط معنى العبارة بموضوع الخلافة بعد النبي، فإن الاتجاه الأول يركز بوضوح أكثر على المنزلة الدينية "عند الفرقة" (والمنزلة الدينية هنا "مرجعية فكرية" لا علاقة لها بالسلطة وإنما بالهداية عند النزاع والاختلاف)، في حين أن الاتجاه الثاني يولي عناية أكبر لموضوع "النصرة"، وهي عادة ما تكون في قضايا الحروب والنزاعات التي يشتد فيها الخلاف ليتخطى مجرد "الفرقة" إلى الصراع والاحتراب. وعلى الاتجاهين معا يكون معنى العبارة النبوية له علاقة بأحداث الإسلام المتأخرة عن مقتل عثمان أكثر من أي وقت سابق على ذلك.

الملاحظة الثانية: ذهب ويلفرد مادلونگ في رأي لا يخلو من وجاهة أن استشهاد الإمام علي بحديث الغدير في مسجد الكوفة في القصة المشهورة التي شهد له فيها مجموعة من الصحابة تؤكد أن الإمام يموضع نفسه بحسب هذا الحديث وعباراته موضعا دينيا يجعل من الجدير بالمسلمين أن يصطفوا إلى جانبه عند الخلاف والنزاع، وليس في كلامه إشارة إلى أحقيته دون سواه بالخلافة المباشرة بعد رحيل نبي الإسلام، وهذا الرأي الذي يذهب إليه مادلوگ ينسجم أكثر مع المنقول عن زيد والقاسم أكثر من المنقول أعلاه عن محمد بن علي الباقر. وسبب عدم خلو كلمة مادلونگ من الوجاهة هو أن الإمام لو كان يريد الاستشهاد بهذا الحديث على حقه الحصري بالإمارة والخلافة لكان قال ذلك، بل ولكان خطّأ الصحابة الحاضرين وأدانهم في قولهم بخلافة المتقدمين عليه بعد شهادتهم بأن النبي قال تلك الكلمة في حقه، في حين أن الإمام لم يفعل أي شيء من ذلك.
الملاحظة الثالثة: جدير بالانتباه أن موقف زيد بن علي والقاسم الرسي سيختلفان أيضا مع محمد بن علي الباقر في قضيتين آخريين، هما: الوصية، والبراءة من الخلفاء السابقين على فترة تولي الإمام علي للخلافة، وهذا واضح بحسب الأخبار المنقولة عن زيد في كافي الكليني، وفِي مصنفات الرسي التي كتبها في "الرد على الرافضة" ومدعي "الوصية" (هذه الرسائل مطبوعة في المجموع الذي نقلنا عنه رأي الرسي).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الدين الشيعي الحنيف
أنور الكوفي ( 2017 / 9 / 10 - 14:38 )
الاختلافات بين الشيعه والسنه كبيره وعميقه وراسخه في الوجدان ومتجذره في العقل الجمعي لكلا الطرفين وكم الحقد المزروع لديهما تجاه الاخر وخاصة لدى الطرف الشيعي يعادل ما يحملانه لبقية الاديان الاخرى ويزيد . لا يسعنا القول الا النصيحه نوجهها لعلماء وفقهاء المذهب الشيعي ان يستقلوا بدينهم عن المسلمين ويتخذوا دينا شيعيا حنيفا ولهم اتباعهم وطقوسهم وشعائرهم افضل مما يبقون تابعين وذيول للدين الاسلامي الحنيف وان كانت هذه التبعيه اسميه فقط مجرد نصيحه والله من وراء القصد ومن منطلق الحرص على هذا الدين وديمومة شعائره ومعتقداته وخاصة المتعه والخمس واللطم وظرب الزنجيل وأكل القيمة والهريسه والفسنجون وزيارة النصف من شعبان وانتظار رجل اختفى منذ الف وأربعمائة عام هربا من بطش جنود بني العباس ..... !!!

اخر الافلام

.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_


.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال




.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس


.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال




.. قطب الصوفية الأبرز.. جولة في رحاب السيد البدوي بطنطا