الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفعيل البرلمان الكردستاني لغرض تأجيل الاستفتاء !

بهروز الجاف
أكاديمي وكاتب

(Bahrouz Al-jaff)

2017 / 9 / 11
القضية الكردية


تعترض دعوة رئيس اقليم كردستان العراق، مسعود البارزاني، المنتهية ولايته, الى اجراء استفتاء عام في الاقليم، لبيان رغبة الجمهور بالأستقلال، أمور عديدة, داخلية وخارجية، أقليمية ودولية، دستورية وقانونية، سياسية واقتصادية. وفيما لم يتبق الا أسابيع قليلة على الموعد المعلن لأجراء الأستفتاء، في الخامس والعشرين من أيلول/سبتمبر الحالي، فان الاجرائات التنفيذية اللازمة لتحقيق الاستفتاء لم تكتمل بعد، وذلك مايضع رئيس الاقليم، ومن دعا بدعوته، في مأزق يتعذر الخروج منه دون خسائر، لذلك فان تفعيل البرلمان بأية طريقة كانت، لغرض اصدار قانون خاص بالأستفتاء لايغير من الموقف شيئا، بل ان تأجيل الأستفتاء بقرار من البرلمان سيكون حلا! فهل هذا هو ماسيحصل؟ لنرى:
يجمع المراقبون، في الأقليم، وخارجه، بأن الدعوة الى الأستفتاء، من أجل الأستقلال، من قبل البارزاني، المنتهية ولايته، حتى بعد مرور سنتين أخريتين على انتهاء مدة السنتين التي مددهما له البرلمان في نهاية شهر حزيران/ يونيو من عام 2013 بطريقة غير ودية، تأتي في ظل فشل الحكومة في ادارة الأقليم سياسيا واقتصاديا، وتلكؤ بعض الكرد في شراكتهم في بغداد، وطرد عدد من وزرائهم وقيادييهم بذريعة الفساد والترشيق، وفشلهم كذلك في "اقتناص فرصة" مابعد داعش على خلفية فرضية خروج العراق من المعركة ضعيفا.
ان الأستفتاء، بهذه الحالة، سواء تم أم لم يتم، يمكن أن يغطي الفشل، وينعش البقاء لمدة أطول على رأس السلطة، في الاقليم، من خلال دغدغة عاطفة الجمهور واثارة حلمه في دولته المنشودة والتي مضى عليه يحلم بها مائة عام، بالتمام والكمال، سفكت خلالها دماء مئات الآلاف من الكرد والعراقيين، على حد سواء، تخللتها عمليات تخريب لمدن، وقرى، وتشريد، وترحيل، وتسفير، وأنفالات، ومقابر جماعية، وضرب بالأسلحة الكيمياوية.
لم تلق الدعوة الى الاستفتاء ذلك الرواج الذي كان ينتظره البارزاني وحزبه داخل الأقليم، فالأقليم مجزأ الى ادارتين لمنطقتين، تسمى احدى المنطقتين " المنطقة الصفراء" ويتسيدها الحزب الديمقراطي الكردستاني، ادرايا وأمنيا وعسكريا، وتشمل العاصمة أربيل، وبعض أقضيتها، والتي فيها الرئاسات الثلاث، بالأضافة الى محافظة دهوك، أما المنطقة الأخرى فتسمى " المنطقة الخضراء" ويتسيدها، اداريا وعسكريا وأمنيا، الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يقوده جلال الطالباني. في المنطقة الصفراء يتم الترويج حزبيا للأستفتاء بشكل يومي فيما لايسمح لأحد، كائنا من يكون، أن يجهر في الرفض. وفي المنطقة الخضراء، التي تتألف من محافظتي السليمانية وحلبجة وبعض من أربيل وكركوك، توجد مساحة من حرية التعبير عن الرأي وتنتعش فيها أحزاب كثيرة من أهمها حركة التغيير التي تغلبت على الاتحاد الوطني الكردستاني في آخر انتخابات برلمانية جرت في الاقليم فيما تعادلا في انتخابات مجلس المحافظة مع وجود صحافة مستقلة ومعارضة كثيرة، فان الوضع مختلف، اذ تتعالى الصيحات الرافضة " لأجراء الاستفتاء في الوقت الراهن" بحجة عدم تبلور العوامل الداعية اليه وفقدان الثقة مع السلطة. وتعد حركة التغيير والجماعة الاسلامية من اهم الأحزاب المعارضة لأجراء الأستفتاء بصيغته الحالية، وموعده، بالأضافة الى امتعاض جماهير الاتحاد الوطني الكردستاني من قيادته المهادنة للبارزاني، وحركات احتجاجية علنية قاد جزءا منها رجل الأعمال في مدينة السليمانية، شاسوار عبدالواحد، والذي يمتلك أجهزة اعلامية منها محطة (NRT). ولاتبدو في الأفق دعايات الى اجراء الاستفتاء في المنطقة الخضراء باستثناء لافته واحدة ازيلت بعد ساعات من رفعها.
ينبع عدم ثقة المواطن بالدعوة الى الاستفتاء الى اعتقاده بحرص البارزاني، وحزبه، على البقاء في السلطة مدة أطول من خلال ضمانه للمنطقة الصفراء التي " يتوجب" عليها تأييده، وعلى الضائقة المالية والاقتصادية التي تسببت بها سياسة الأقليم النفطية والتي من أبرز مظاهرها انقطاع حصة الاقليم من الموازنة المالية العامة العراقية، وصرف جزء صغير جدا من رواتب الموظفين، وازدياد الديون الداخلية والخارجية، والأبتزاز المتزايد من قبل شركات النفط والغاز، والذي يُشك بوجود تواطؤ فيه أيضا، وعدم توفر الخدمات بالشكل المطلوب، بالأضافة الى البطالة المستفحلة والتي ربما تكون العامل المحدد لقدرة السلطة على بقائها، وكذلك عدم قدرة الأقليم على الدفاع عن نفسه من دون مساعدة خارجية.
ان أهم العوامل التي تدعو معارضي الاستفتاء الى التشكيك في نية الدعوة اليه، هي أنه لم يستند الى فقرة دستورية أو قانونية في ظل برلمان معطل من قبل حزب البارزاني تنتظره مشاريع لتشريعات كثيرة، ومنها مايدعوا الى تعديل قانون رئاسة الأقليم بجعلة برلمانيا، وليس رئاسيا، والطعن في شرعية الرئاسة الحالية!
وتعترض عملية الاستفتاء عدم وضوح تفاصيل كثيرة لابد أن يُحتكم اليها في فقرات دستورية، أو قانونية، لتحقيقها بشكل سلس وقانوني على أرض الواقع. فبعدم وجود قانون يحدد المناطق التي سيشملها الاستفتاء وعدم تعريف المستهدف من الاستفتاء، هل هو للكرد، كشعب؟ أم لكردستان كوطن؟ وماهي حدود الوطن القانونية في ظل الدعوة الى شمول المناطق المتنازع عليها في الاستفتاء؟ وكيفية الأجراء؟ ومن هم المشمولون بحق التصويت؟ وكيفية مراقبة عملية التصويت؟ وكيفية حساب النتائج والنسبة الغالبة، أهي نسبية أم مطلقة؟ مع رفض واضح من قبل الحكومة العراقية, وكذلك العرب والتركمان، وحتى المسيحيين، في المناطق المتنازع عليها.
ان الرفض العراقي والأقليمي والدولي للأستفتاء واضح، ولم يناصر الاستفتاء طرف دولي سوى مغازلات خليجية واسرائيلية غير رسمية مع مرونه تركية تشي بغايات ماوراء الدعوة الى اليه!
كل هذه العوامل جعلت خروج الداعين الى الاستفتاء من عنق الزجاجة أمرا صعبا، فاما الهروب الى الأمام عن طريق المجازفة، وتحمّل التبعات اللاحقة لما يؤول اليه الوضع في الأقليم، أو البحث عن مخرج ينهي الأزمة مع الحفاظ على ماء الوجه وضمان الكسب السياسي عند مستوى البقاء في السلطة لمدة أطول بدعاية الفشل في الوصول الى هدف قومي استوجب نضالا من أجله ولكن دون أن يتحقق.
ومن خلال مفاوضات وفد الأحزاب الكردية مع الحكومة العراقية، واتصالات حكومة الأقليم بالقيادات الدولية، والأممية، يتضح، بما لايقبل الشك، بأن الأقليم يحاول الحصول على ضمانات تساعد في خروجه من الضائقة السياسية والأقتصادية مقابل العدول عن اجراء الاستفتاء، ولكن هذا لم يحصل أيضا، ويبدو أنه لن يحصل.
يبدو أن تفعيل البرلمان بأية صيغة كانت، سواء قبلتا حركة التغيير والجماعة الأسلامية بذلك أم لم تقبلا، فان أغلبية برلمانية ضئيلة للأطراف الداعية للأستفتاء يمكن أن تنجدها مما هي فيه.
وتعود الدعوة الى تفعيل البرلمان الى اشتراط الاتحاد الوطني الكردستاني اصدار قانون في البرلمان يحدد كيفية اجراء الاستفتاء وموعده. أما وقد فات الأوان، وان الفترة المتبقية على الموعد المحدد لأجراء الاستفتاء لاتتعدى الثلاثة اسابيع، يصعب خلالها اكتمال الاجرائات اللازمة لنجاح عملية التصويت، بالأضافة الى الضغوطات والرفض الداخلي، والعراقي، والاقليمي، والدولي، الذي يدعو الى تأجيل الاستفتاء، فان الاتفاق الذي توصل اليه الحزبان الحاكمان هذا اليوم، العاشر من ايلول/ سبتمبر، الى تفعيل البرلمان بعد أربعة أيام فقط، أي في الرابع عشر من هذا الشهر، سواء رضيتا حركة التغيير والجماعة الاسلامية أم لم ترضيا، فان برلمانا فيه اغلبية برلمانية للأحزاب الداعية الى عملية الاستفتاء يمكن أن تنقذها من ورطتها فقط اذا مادعا البرلمان الى اصدار قانون خاص بالأستفتاء وتأجيل موعده الى أجل غير مسمى، مع امكانية اصدار قرارات أخرى لتأجيل الأنتخابات البرلمانية والرئاسية المزمع اجراؤها في الأول من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، وهو مالاترضياه حركة التغيير والجماعة الأسلامية، وليبقى الوضع، في الأقليم، كما هو عليه الى أجل غير معلوم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان: موجة -عنصرية- ضد اللاجئين السوريين • فرانس 24


.. أزمة المهاجرين في تونس.. بين مخاوف التوطين واحترام حقوق الإن




.. استمرار الاحتجاجات في جامعات أميركية عدة رغم اعتقال المئات م


.. آلاف النازحين يناشدون العالم للتدخل قبل اجتياح إسرائيل مدينة




.. رفح الفلسطينية.. جيش الاحتلال يدعو النازحين إلى إخلائها مرة