الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أي إله يعبدون ؟

رضا الكصاب

2017 / 9 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من أخطر الأفكار التي تشكل خطر على العالم، هي تلك التي يحثك أصحابها على أن تكون مجاهدا و قاتلا في سبيلها، فمن دون أن تشعر ستجد نفسك بيدقا أو حجر شطرنج في لعبة تتضارب فيها المعتقدات مع بعضها البعض، و أبشع ما يوجد في هذا العالم، هو أن تجد أشخاص وصل بهم التعصب و الانحطاط الفكري لدرجة تكاد لا تصدق، حتى أصبحوا قنابل موقوتة تنتظر فقط فرصتها لكي تنفجر في أقرب شخص مختلف عنهم، فبسبب صدفة جغرافية أصبحوا يرون أنفسهم فوق الجميع لأنهم ولدوا على الدين الصحيح بين كل الأديان الموجودة على الأرض، وهؤلاء الأشخاص يعتبرون النصوص التي تأمر بقتل المشركين و المرتدين نصوص مقدسة و يجب تطبيقها على أرض الواقع، لهذا السبب هم أخطر و أحقر فئة يمكن لك أن تقابلها . لن يحرموك و لن يتردد أي واحد منهم بقتلك ان وجد فيك المعايير المطلوبة التي أخبره بها نصه المقدس . لذلك فأنت فالنسبة إليهم لاشيء، فهم فوق الجميع و الوجود بأكمله موجود لأجلهم فقط .

لكن الغريب في الأمر هو أن كل المعتقدات تتشارك في نفس الفكرة بالضبط، و التي تتمثل في أن معتقدي هو الصحيح و هو الطريق الوحيد للجنة، و أنت مصيرك هو العذاب الأبدي في جهنم إن لم تؤمن بإلهي، فكل شخص يرى دينه هو الأفضل و هو الأصح بين كل الأديان، و أكثر من ذلك هو أن الدين بنفسه يوجد فيه طوائف و مذاهب كثيرة، و كل مذهب يرى نفسه أصح من الآخر، فعبارة ” أنا على حق و الباقي في جهنم ” هي عبارة رئيسية تتشارك فيها كل الأديان والمذاهب عبر العالم . بحيث أنك تجد أن أصحاب الأديان يعتقدون أنهم مكلفون بأمر صادر من قوة عظمى لتطهير الأرض من الكفار حسب معتقداتهم، و تلعب هذه الأفكار دور كبير في تكوين أشخاص بدون رحمة و بدون أي إنسانية، فالأطفال يتعلمون الحقد و الكراهية منذ صغرهم، و يتعلمون أن أصحاب الأديان الأخرى مغضوب عليهم من طرف الإله و ضالين حسب دينه . و كل هذه الأفكار تجعلني أتساءل كثيرا، و أطرح أسئلة دون أن أحصل على إجابات منطقية لها، فأي إله هذا الذي يأمر عباده بقتل الآخرين ؟ و أي إله هذا الذي يأمر خلقه بكره بعضهم البعض ؟ و ألم يسأل أحد هؤلاء المؤمنين نفسه كيف يكون هذا الكون العظيم بأكمله مخلوق لأجله ؟ في حين نحن نمثل نطقة صغيرة تعتبر لا شيء مقارنة مع ضخامة هذا الكون … أي رب هذا الذي تعبدونه ؟ أنا حقا أحتاج أجوبة صريحة دون أي تهرب، فعقلي لا يكاد يستوعب أن الإله الذي أوجد الكون بكل مجراته يلعب لعبة القط و الفأر مع مخلوقات موجودة في نطقة زرقاء في بحر أسود .

اذا نظرنا إلى التاريخ سنجد أن البشر كانوا يقتلون بعضهم البعض لكسب رضا الآلهة التي يؤمنون بها، و بواقعية كبيرة فالأديان كانت سبب في موت الملايين، فبعض الحروب اندلعت بسبب أفكار تافهة راح ضحيتها الآلاف من الأبرياء الذين لا ذنب لهم في كل هذا، فكم من روح بريئة راحت ضحية لهذه الأفكار البشرية، و كم من زوجة شاهدت زوجها يقتل أمامها، و كم من طفل بريء نظر إلى أعين أبيه و هو يذبح أمام أعنيه الملائكية، و كم من طفل شاهد أمه و هي تغتصب أمامه تحت راية الجهاد، و كم من زوجة أصبحت جارية باسم الدين أو ما يسمى بالسبي الذي هو مقدس و واجب عند البعض عند رفع راية الجهاد، و كل هذا دون الحديث عن بعض المعتقدات التي كانت تقوم بصلب كل من يخالفها بتهمة الهرطقة و مخالفة تعاليم الإله حسب ما يزعمون . و هذا لم يحدث في المجتمعات المتخلفة و البدائية آنذاك، بـل نجد أن أبشعها كان في أكثر بقعة جغرافية متحضرة في يومنا هذا، و بسبب تطور وعي الإنسان، بدأت المجتمعات في تلك المنطقة تتحضر و تتقدم و تجرم كل شخص يحمل هذه الأفكار، لكن للأسف مجتمعاتنا المتخلفة مازالت تتبنى هذه الأفكار الوحشية، و لازال البعض يريد قتلك لأنك مختلف عنه، و لن تنتهي هذه الأفكار إلا بمحاربة المصدر التي جاءت منه و إن لم نفعل هذا ستبدأ الحروب و الصراعات مجددا و سيبدأ القوي يقتل الضعيف .

أفلا يعقلون، أفلا يفكرون و ينظرون إلا الوحشية التي زرعت لديهم منذ لحظة ولادتهم، ألا يستطيعون أن يفكروا للحظة واحدة عن السبب الذي دفعهم لكره الآخرين … لا لن يفعلوا و لن يفكروا بذلك، لأن عقلوهم مبرمجة منذ الصغر على أن لا تشك و تسأل إطلاقا .

عندما تقرأ كل هذا، يبدأ يراودك الشك و تتساءل عن الإله الذي يعبدونه، هل حقا هذا دين من عند رب السماوات ؟ أم أنها لعبة شيطانية جاءت لتسيطر على عقول الناس، أم أنها مجرد هلوسة أصابت بعض الحمقى و المرضى النفسيين … بل في الحقيقة هي سم مقدس يقدمه المجتمع للطفل منذ طفولته لكي يشربه و يبدأ بعد ذلك بإلقاء جنونه على كل من يخالفه، لذلك فالسؤال الذي يبقى مطروح هو أي إله يعبدون ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أنا بخدمة الدين أم الدين بخدمتي ؟
ابو انور الكوفي ( 2017 / 9 / 26 - 22:22 )
ولنا أن نتسائل هل الاديان نزلت لخدمة الانسان ورقيه ورفاهيته أم ان الانسان يجب ان يخدم الدين .... ؟ الحاصل منذ بدايات وجود الاديان ان الانسان والجماعات والمجتمات البشريه هي في الواقع في خدمة الاديان ....أذا كان الدين رحمه كما يقول سدنته فلماذا يتوجب علي ان اسهر لخدمته وابذل جهدي ومالي ووقتي في سبيله ...! أليس هو قد جاء لخدمتي ...؟ كما يزعمون ...


2 - !!! اليك الجواب
سمير آل طوق البحراني ( 2017 / 9 / 27 - 07:42 )
فار تفكيري فصاحت في شراييني الدماء
لوحة الاديان هل خطت باقلام السماء؟
ام كما قال المعري بمكر القدماء
ام هو الحق بدين الارض لا دين الكتاب
انهم يعبدون الاه الملوك ودهاقنة الدين والا هل من العقل والمنطق ان الله الخالق العظيم يسب ويشتم ويتحدى مخلوقاته وكانه ملك من الملوك يريد الانتقام ممن ينآؤئه او ان يامر المسلمين بفتل مخالفيهم ليورثهم ديارهم ونسآئهم اويامرهم لنصرته كي ينصرهم وهل من الحكمة والعقل والمنطق ان يتحدى عرب الجزيرة بلغة هو معلمها؟؟. اخي الكريم كل الاديان صناعة بشرية وليس هناك ادلة مقنعة على سماويتها.ان مشكلتنا في الوقت الحاضر هو الدين الاسلامي الغير متجانس مع معتنقيه الذين يكفرون بعضهم بعضا قبل تكفير اصحاب الاديان الاخرى استنادا على عنعنات لا دليل على صحتها لو سلمنا جدلا بانها من عند الله (تعالى الله عما يصفون).فكيف لدين يعتقد انه آخر الاديان جاء رحمة للعالمين وهو ليس رحمة لمعتنقيه ان بنسب الى خالق عظيم؟؟. متى تعي خير امة اخرجت للناس بانها شر امة اخرجت للناس وتدع الاعتقادا امر شخصي وتؤمن بالعيش المشترك مع كل البشرية؟؟


3 - سيان
نور الحرية ( 2017 / 9 / 27 - 12:08 )
ان كان من عند الله فهذه كارثة فهو اذن اله سادي ومجرم يستمتع بشي عباده الى أبد الابدين وان لم يكن كما قالوا فهذه كارثة أيضا لاسطورة شغلت الناس وكدرت صفوهم لعشرات القرون


4 - انا مؤمن بقول المعري
Muwaffak Haddadin ( 2017 / 9 / 28 - 08:05 )
قال ابو العلاء المعري
أفيقوا أفيقوا يا غواة فإنما دياناتكم مكرٌ من القدماء
فلا تحسب مقال الرسل حقاً ولكن قول زور سطّروه
وكان الناس في يمنٍ رغيدٍ فجاءوا بالمحال فكدروه
وقال
دين وكفر وأنباء تقص وفرقان وتوراة وإنجيل
في كل جيل أباطيل, يدان بها فهل تفرد يوما بالهدى جيل

الا يلخص هذا ما نحن نناقشه؟
موفق حدادين
عمان في2017 / 9/28



اخر الافلام

.. مراسلة الجزيرة ترصد توافد الفلسطينيين المسيحيين إلى كنيسة ال


.. القوى السياسية الشيعية تماطل في تحديد جلسة اختيار رئيس للبرل




.. 106-Al-Baqarah


.. 107-Al-Baqarah




.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان