الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقف العربي و الجنس

ماهر رزوق

2017 / 9 / 27
المجتمع المدني


يحاول المثقف العربي أن يظهر دائماً بمظهر الشخص الرزين , السوي و العاقل الذي لا تهمه الأمور الجنسية اطلاقاً ... بل و ينتقدها بصوت عالٍ ، فتراه على مواقع التواصل الاجتماعي و مواقع تقييم الكتب و الأفلام ، يستسخف و يستحقر كل شيء ذو محتوى جنسي ... في محاولة منه لتحقيق أمرين : أولاً : كبت مشاعره و رغباته بالعصبية و الانفعال ... ثانياً : ايصال هذه الصورة النقية (الكاذبة) عن نفسه إلى الآخرين ...

و أسأل نفسي : لماذا يحمّل المثقف العربي نفسه كل هذا العبء ؟؟ أن يكون شخصاً مزيفاً غير شخصه الحقيقي ، لماذا ينافق في موضوع _من الواضح_ أنه يهم الجميع ، إلا الذين يعانون من مشاكل نفسية أو هرمونية أو جسدية !!؟

ربما ليظهر بأنه أسمى من غيره مثلاً ... و لماذا سيكون أسمى عندما يحتقر الجنس أو الكتب التي تتحدث عنه !!؟

فالجنس هو سبب الحياة و أهم رغبة و حاجة عند الانسان ... لذلك لا يمكننا أن نبقي رؤوسنا في التراب ، متعامين عن واقع الحال لمدة أطول ...
فكما تقول الكاتبة نوال السعداوي في كتابها الهام (الرجل و الجنس) ، أن الرجل _بشكل عام_ هو الذي جلب على نفسه أعباء الجنس و الشرف ، في محاولة منه _منذ القدم _ أن يسلب المرأة كل ما تمتعت به من امتيازات ، لقدرتها على الولادة و منح الحياة ... فالأولاد كانوا ينسبون للمرأة (كما يقول فرويد) ، لأنها كانت الأقوى و الأقدر ... كانت تعامل كإله .. و كانت دماء حيضها مقدسة و ليست كما نراها اليوم نجاسة !!
لكن الرجل الغربي و الأوربي استطاع عبر مسيرته التطورية و الحداثية ... أن يتحرر من هذه الأغلال التي جلبها على نفسه , محرراً معه المرأة الغربية و الأوربية من سطوته ... بينما بقي الرجل العربي متخبطاً في دوامة النفاق و الكذب بما يخص هذا الأمر _ جارّاً المرأة العربية معه إلى ذات الدوامة _ متظاهراً أنه أرفع و أسمى من نجاسة الجنس التي يجري خلفها بشكل مستمر في الخفاء !!

و مما ساعد على استمرار هذه الظاهرة و ابقاء الجنس مشكلة العرب الأساسية و الجدار الصلب الذي يفصل بينهم و بين الخطوة الأولى على طريق الحداثة ... هو أن ذلك الطريق شائكٌ للغاية و مشبعٌ بالتجاوزات الاجتماعية و الدينية و السياسية حتى (من وجه نظرهم) ، لأنه قد يعرض كل معتقداتهم و موروثاتهم و عاداتهم للشك و الجدل و التقييم ...

العربي بشكل عام ... يعرف أن هذا الجدار يحميه من مطبات كبرى قد تواجهه لو تجاوز مخاوفه و حطم هذا الجدار ... فالحرية الجنسية هي من أكتر الأشياء التي يستهجنها و يرفضها و ينتقدها في الغرب و أوروبا ...
لكن الواقع مختلف تماماً عما نؤمن به و ندافع عنه ... كما أن الوقائع تقول عكس ذلك تماماً ... فالأوروبي و الغربي ليس هو المهووس بالجنس (كما نعتقد) ، لأن أكثر المضايقات و الاعتداءات و الممارسات الجنسية الشاذة ... تحدث في العالم العربي أو تبدر من عرب و مهاجرين في أوروبا ...
فتجاهلك أنت (كمثقف عربي) لموضوع الجنس و خوفك من القراءة عنه أو نقاشه , يزيد من حجم المشكلة فقط لا غير ...
لأننا نمارس الجنس و نتحدث عنه و نفعل كل شيء يفعله الغرب ، و لكن فقط في الخفاء ... بينما نستخدمه في العلن كذريعة و تهمة نلصقها بالآخرين ، فننزه أنفسنا و نشيطن الآخر ... فيسهل علينا بعد ذلك اقصاؤه أو حتى قتله !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب العلوم السياسية بفرنسا يتظاهرون دعمًا لغزة


.. علي بركة: في الاتفاق الذي وافقنا عليه لا يوجد أي شرط أو قيود




.. خليل الحية: حققنا في هذا الاتفاق أهداف وقف إطلاق النار وعودة


.. البنتاجون كأنه بيقول لإسرائيل اقتـ.لوهم بس بالراحة..لميس: مو




.. مستشار الرئيس الفلسطيني: المخطط الإسرائيلي يتجاوز مسألة استع