الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أم الهزائم الكاريكاتيرية

حسين ديبان

2006 / 2 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



كعادة العرب والمسلمون دوما في تحويل هزائمهم وانكساراتهم الى انتصارات عظيمة كان لابد لهم من تحويل الهزيمة الحضارية والثقافية والفكرية والأخلاقية الجديدة الى انتصار مابعده انتصار حيث زعم الكثير من المسلمون أنَ مقاطعتهم للبضائع الدنماركية ومظاهراتهم الصاخبة ردا على الرسم الكاريكاتوري كان لها الأثر الكبير بأن تعيد الدنمارك خصوصاً والغرب عموماً حساباتهم ومواقفهم تجاه المسلمون ونبيهم بعد أن أدرك هؤلاء حجم الخطأ الذي وقعوا فيه على مازعم وظنَ المتأسلمون وكل مايزعم به المتأسلمون ويظنَون هو خطأ وإثم معاً ولندقق بما يلي:

أولا:لابد من إعادة التأكيد والتذكير أن الذي دفع الرسام الدنماركي ليرسم محمد نبي الإسلام بهذه الصورة مع أنها جاءت في إطار حرية التعبير التي نعتبرها المقدس الأول هو تراث الإسلام الدموي من جهة وأفعال الكثير من المسلمون الدموية التي شكلت ومازالت انعكاس حقيقي لذلك التراث الدموي، فأسامة بن لادن ورفاقه مسلمون ومفجرو قطارات لندن ومدريد مسلمون وقاتلوا الأبرياء في العراق مسلمون ومختطفو الرهائن وناحريهم على الهواء مباشرة مسلمون ولابد للفعل القبيح والشنيع أن يعكس رسماً قبيحاً شنيعاً تماماً كما الفعل الجميل سيعكس بالتأكيد رسماً جميلاً ولقد جاءت ردود الفعل الإسلامية العنيفة والغير مبررة على ماحدث لترسخ هذه الصورة عن حقيقة الإسلام ونبيه.

ثانيا:وإستنادا الى تلك الحقيقة التي ترسخت في أذهان شعوب الغرب وقادته كان لابد لهذا الغرب من إعادة صياغة لطريقة تعامله مع المسلمون المقيمون منهم في دول الغرب أولا والقابعون في بلدانهم ثانيا وهو مابدأ فعليا في جملة من مشاريع القوانين التي بدأ الحديث عنها في أكثر من دولة أوروبية وهدف مشاريع القوانين تلك إجبار المقيمون على الإندماج في مجتمعاتهم من جهة ومن جهة ثانية الحد من موجات هجرة هؤلاء المسلمون الذين لا يمكن لهم بأي حال من الأحوال ومهما طال بهم زمن الإقامة في تلك البلدان من الإندماج في بوتقة تلك الشعوب نظرا للفكر الإنعزالي الضيق والإستعلائي الذي يؤمنون به مقابل الفكر الحر المنفتح وإحترام الأخر الذي تربى عليه هؤلاء الغربيون، وجميعنا يعلم كيف أن العرب والمسلمون قد أقاموا غيتوات لهم في تلك البلدان ضاقت حتى بإخوتهم في الدين من جنسيات أخرى فهذا الغيتو خاص بمسلمي اليمن وذاك بالمسلمين الفلسطينيين وثالث بالهنود ورابع بالباكستانيين الخ.، والمصادقة على هذه القوانين هي أولى خسائر المسلمون الذين وجدوا على الدوام في تلك الدول الحضن الدافئ والحياة الكريمة وحرية العبادة والإيمان وممارسة شعائرهم التي إفتقدوها في بلدانهم الإسلامية.

ثالثا:لم تستطع كل مظاهرات المسلمون وأعمالهم العنيفة ومقاطعتهم للمنتجات الدنماركية أن تجبر رئيس وزراء الدنمارك على تقديم الإعتذار الذي طالب به المسلمون وذلك لأن رئيس الوزراء الدنماركي لايمكنه أن يضحي بمبدأ حرية التعبير التي دفع من أجلها الشعب الدنماركي ومعه شعوب الغرب كثيراً كما وإنه لايمكنه منطقيا أن يعتذر عما فعله أحد مواطني الدولة الدنماركية كما لا يمكنه قانونياً أن يطلب من ذاك الرسام أو الصحيفة الإعتذار فلا سلطة للحكومة ورئيسها على الصحافة التي تتمتع بحرية لانعرفها ونحتاج الى عشرات السنين لكي نتعرف عليها اذا بدأنا الأن سلوك الطريق الصحيح المؤدي اليها وهذا غير متوقع وغير واقعي في ذات الوقت، كما أن رئيس الوزراء الدنماركي في عدم إعتذاره إحترم خيار شعبه الذي رفض بأغلبية كبيرة تقديم أي نوع من أنواع الإعتذار، وسبباً آخر مهماً ربما كان من جملة الأسباب التي دفعت الدنماركيين الى رفض الإعتذار هو مظهر النفاق الكبير الذي ظهر عليه المسلمون في حملتهم ومواقفهم، فالمسلمون لم يقدموا على مقاطعة إلا المنتجات التي لها بديلا مع استمرار طلبهم للمنتجات التي يتركز أغلب انتاجها في الدنمارك-الأنسولين مثالا- كما وأن المسلمون لم تتوفر لديهم الجرأة لأن تشمل مقاطعتهم منتجات بقية الدول التي أعادت نشر الرسوم المحمدية وهم إن فعلوا ذلك سيعودون الى عصر نبيهم حيث الخيمة والسقيفة مسكناً ويعفور الحمار وسيلة للنقل واللبن والتمر طعاماً وأبوال البعران والحجامة علاجاً..وكذلك فإن إستمرار المسلمون في الدنمارك في تلقي المعونات الإجتماعية التي تصرفها الحكومة الدنماركية لأغلبهم في ذات الوقت الذي كان أئمتهم المنافقون يجولون على العالم الإسلامي داعين الى مقاطعة منتجات الدولة التي منحتهم الحرية والأمان وهو برأيي من أهم الأسباب التي دفعت أغلبية الشعب الدنماركي لرفض تقديم أي اعتذار بسب ماشاهدوه من نفاق المسلمين ونكرانهم للجميل وهي عادة أصيلة تأصلَ عليها وتربى أغلبية المسلمون.

رابعا: بدلاً من أن يحصل المسلمون على إعتذار يحلموا به من رئيس وزراء الدنمارك وشعبها فإن كثير من الأطراف الإسلامية قد قدمت اعتذارها وأسفها للدنمارك حكومة وشعباً بسبب ماأقدمت عليه من استغلال دنيئ وقذر للأحداث تمثل في الهجوم على حرمة السفارات الدنماركية وممثلياتها الدبلوماسية في دمشق وبيروت وطهران وحرقها وهي إن اعتذرت فبسبب إدراكها للنتائج الوخيمة المترتبة على أفعالها سالفة الذكر والذي تجلى بحجم الإدانة الدولية الكبيرة لهذه الأفعال وليس على خلفية أخلاقية تفرض عليها الإعتذار إن أخطأت بحق غيرها تماما مثل رفض مجموعة من الدعاة ورجال الدين المنافقين للمظاهر العنيفة في الرد على الأخرين وهي دعوة فرضتها حسابات الربح والخسارة ولم تستند الى أساس أخلاقي وإنساني وأيضاً مثل موقف الفقهاء المسلمون الذين رفضوا فتوى إهدار دم الرسام الدنماركي التي أصدرها فقيه كويتي فهؤلاء رفضوا الفتوى ليس لأسباب إنسانية تحرم قتل النفس البشرية ولا لأسباب قانونية تجرم من يحرض على قتل الآخر بل بسبب حالة الضعف التي يمر بها الإسلام والمسلمون وهو عذر أقبح بكثير من ذنب الفتوى..إنها السياسة المحمدية التي تترائى لنا الأن أمام أعيننا فلعمري كأننا نعيش ذاك الوقت الأن حين كان محمد ضعيفاً يدعو الى المجادلة بالحسنى ولا إكراه في الدين ومن شاء فليؤمن فليؤمن ومن شاء فليكفر فليكفر ولكم دينكم ولي ديني ثم سرعان ماإنقلب على كل هذا حين أصبح قوياً ليصبح الدين كله لله ولادين إلا الإسلام وأمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا أن لا إله إلا الله وهو رسول الله وقاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ماحرم الله ورسوله ولايدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون إلخ آيات البطش والعنف والقتل والسيف وقد أدرك الغرب الحضاري هذا وأظنه لن يسمح بالتالي لهؤلاء الرعاع أن تنمو شوكتهم أبدا.

لقد خسر المتأسلمون هذه المعركة لأنهم لايملكون أدواتها فهي معركة حضارية أداتها حرية التعبير والقلم والإحتجاج السلمي وهم لايملكون الحضارة أساساً حتى يملكوا أدواتها، فكل مايملكوه هو العنف والإرهاب واللحى الكثة العفنة ونكران الجميل.. إنهم إنعزاليون بإمتياز وإقصائيون إستئصاليون بإمتياز وقبل كل ذلك فإنهم أفاقون منافقون بإمتياز..إنها هزيمة جديدة تضاف الى هزائمهم الكثيرة التي لن تتوقف حتى تتوفر الجرأة للمسلمون للوقوف أمام تراثهم وإعادة صياغته من جديد صياغة تلغي كل ما يلغي الآخر ويكفره وكل مايمنع المسلم من الإختلاط مع الآخر وقبوله وكل مامن شأنه تجاوز عقدة الماضي المجيد حيث لا مجيد في ماضي المسلمون إلا دماء الشهداء والأبرياء الذين قتلوا بإسم الله والدين والرسالة المحمدية وهو مايفرض على المسلمون تقديم إعتذار واضح وصريح عن هذا التاريخ حتى يستطيع العالم أن يدرك بأنه للتو فقط قد بدأ المسلمون الحياة الإنسانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في


.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج




.. 101-Al-Baqarah


.. 93- Al-Baqarah




.. 94- Al-Baqarah