الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأخطاء النحوية والبلاغية في القرآن

ميرغنى ابشر

2017 / 9 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تختال بعض الكتابات المتأخرة بقبضها على اخطأ نحوية واضحة في اى القرآن مقاربة بما عرف من قواعد النحو المدرسي دارجة هذا المقبوض في قامة الشاهد على أكذوبة النص المحفوظ, مسيجه منه دليلا على أرضية وبشرية مقدس الإسلام الخالد, ولن نعتاص في الفتك ببليد قبضها الذى زرعت, فقد كفتنا متون العربية مورثوها وحديثها جهد الرد .
ومبتدأ حديثنا أن النص القرآني متن بلسان معرب يحتكم بنيانه اللفظي والبلاغي على قواعد العربية النحوية والبلاغية المقبوض منها عند مدراس اللغة والغائب من اللسان القديم الذى نجد شوارد منه حفظها لنا موفور التراث, ومن هذه الشوارد التي غدت عندنا من المعرفات المتداولة( لكن) بوصفها حرف نصب, ويحكينا قصتها أبو الأسود الدولي, فحين نهض بوضع النحو بتكليف من على بن أبى طالب ]قال: فجمعت أشياء وعرضتها عليه وكان من ذلك حروف النصب فكان منها ان وأن وليت ولعل وكأن ولم اذكر لكن فقال لي لم تركتها ؟ فقلت لم احسبها منها فقال عليه السلام :بل هي منها فزدها[(1) ,عودا لسياق مبحثنا الذى ما فارقنا نجد ان هذا النص القرآني يحتكم بغرض غايته لقواعد في البيان والصرف تتجاوز في بعض الأحيان معروف النحو والبلاغة المدرسي بوصفه ضربا في اللغة والكلام مغاير للنثر والشعر, يقول العلامة بن خلدون في مقدمته:]وأما القرآن وان كان من المنثور الا انه خارج عن الوصفين وليس يسمى مرسلا مطلقا ولا مسجعا, بل هو مفصل آيات تنتهي إلى مقاطع يشهد الذوق بانتهاء الكلام عندها [(2). ويسطر طه حسين في كتاب من حديث الشعر والنثر : ]..أن القرآن ليس نثرا كما انه ليس شعرا إنما هو قرآن ولايمكن ان يسمى بغير هذا الاسم..لأنه مقيد بقيود خاصة به[(3). تأسيسا على هذا المركوز من منطوق التراث والمعاصر كان للنص المقدس وفقا لمهدوفه وضربه المغاير للتقسيمات التقليدية للكلام ان ينتج عروضه الذى يفرض في أحيان كسر معروف النحو والبلاغة حتى يستقيم تبيانه على قيوده الخاصة به ]فأن لكل فن من الكلام أساليب تختص به وتوجد فيه على أنحا مختلفة[(4), فيأتي كسر القرآن لواضح النحو المعتاد من باب أساليبه الخاصة به نحوه نحو الشعر الذى يكسر فرض اللغة وقاعدتها حتى يستقيم على أوزانه ومعانيه الخاصة به, وان ]كانت بحور الشعر المختلفة تعتمد على الحركات الاعربية في المقام الأول , يقول لبيد العامري :
إليك جاوزنا بلادا مسبعة
يخبرك عن هذا خبير فاسمعه
في هذه الأرجوزة سكن الشاعر فعل المضارع يخبرك وحقه الضم على الرفع, ومن التسكين في موضع التحريك هذه الأبيات لأبى دجانة سماك بن خرشه في معركة احد:
أنا الذى عاهدني خليلي
ونحن بالسفح لدى النخيل
ان لا أقوم الدهر في الكبول
اضرب بسيف الله والرسول
وحكم اضرب هو الرفع.
ومن عند المتنبئ ديوان شعرنا وفارسه نقبض على كسر لمعتاد القواعد والنحو :
باد هواك صبرت أم لم تصبرا
وبكاك ان لم يجر دمعك أم جرى
فحرك تصبر وهى مجزومة بلم .
وفى باب أخر من أبواب قواعد العرب درجت العربية السالفة على إلحاق الصفة بالموصوف نحو الدجال الأعور ولكننا نجد جرير يخالف ذلك ويحول الصفة والموصوف إلى مضاف ومضاف إليه في بيته:
ياضب ان هوى القيون أضلكم
كضلال شيعة اعور الدجال
وقد حدثت هذه المخالفة عند قدماء العرب فذكر الزمخشرى صفات ومضيفات من قبيل :مسجد الجامع ودار الآخرة وهى في القرآن .[(5) وقد أطلق العلامة الميز التوحيدي في سفره القيم المقاباسات ان ]النحو يتبع ما في طباع العرب، وقد يعتريه الاختلاف[(6) وسليقة العرب وطبعها جعلتا الإعراب القرآني عمدة لها في نظمها وبيانها مخالفة بهذا ما استكانة عليه سليقة العرب الجاهلة, ودليلنا على فرضنا هذا حوارية فضها لنا ابن خلدون: ]سألت يوما شيخنا الشريف أبا القاسم قاضى غرناطة لعهدنا وكان شيخ هذه الصناعة أخذ بسبته عن جماعة من مشايخها من تلاميذه الشلوبين استبحر في علم اللسان وجاء من وراء الغاية فيه فسألته يوما: مابال العرب الإسلاميين أعلى طبقة في البلاغة من الجاهليين؟ ولم يكن يستنكر ذلك بذوقه فسكت طويلا ثم قال لي: والله مادرى فقلت له :اعرض عليك شيئا ظهر لي في ذلك ولعله السبب فيه ..ذكرت له السبب في ذلك ان هولاء الذى أدركوا الإسلام سمعوا الطبقة العالية من الكلام في القرآن والحديث اللذين عجز البشر عن الإتيان بمثلها لكونها ولجت في قلوبهم ونشأت على أساليبها نفوسهم فنهضت طباعهم وارتقت ملكاتهم في البلاغة عن ملكات من قبلهم من أهل الجاهلية ممن لم يسمع هذه الطبقة ولا نشأ عليها فكان كلامهم في نظمهم ونثرهم أحسن ديباجة واصفي رونقا من ألئك وارصف مبنى واعدل تثقيفا بما استفادوه من الكلام العلى الطبقة وتأمل ذلك يشهد لك به ذوقك ان كنت من أهل الذوق والتبصر والبلاغة فسكت معجبا ثم قال لي يافقيه هذا كلام من حقه ان يكتب بماء الذهب..[ (7)وشاهد ذلك ابتداع النص القرآني لحذف الهمزة أو أبدلها وهو ضربا خالف فيه القرآن سائد لهجة قريش وما لبس الأمر كثيرا حتى شاعت صيغ الحذف والإبدال القرآني في لغة الكتاب في العصور الإسلامية وما بعدها ومن الحذف في القراءات مستهزون متكين بدل مستهزئون متكئون وحذف القرآن الهمزة الأخيرة في بعض الأسماء الثلاثية وأبدلها حرفا من جنس حركة أولها فقال :أتتخذنا هزوا بدل هذءا :ولم يكن له كفوا احد بدل كفؤا ومن المعاصرين الذين استرشدوا في كتاباتهم مخالفات القرآن وعدوها من الأغراض البلاغية اللغوي حسن الترابي شاهدنا عنوان كتابه [اثنى عشر السنين[ بدلا من سنة محاكيا قول القرآن]اثنا عشر أسباط[ بدلا من سبطا وفق معتاد اللغة وسائدها المدرسي.ويؤكد هادى العلوي على ان القرآن هو ]مصدرا من مصادر اللغة اى انه حكم لامحكوم عليه[ ويدلل على أطلق بمثلا من سورة --- فيحكينا :] وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين[ وداود وسليمان من المثنى اللفظي والمعنوي وليس فيهما اى دلالة على الجمع ونتأمل بهذه المناسبة مدى حرية التعبير في القرآن فقد استعمل الفعل يحكمان في صيغة المثنى لأنه سلس ومتناغم مع نسق العبارة فلما جاء إلى ختام الآية جمع ولم يثن فقال لحكمهم توخيا لنفس الغرض الذى من اجله ثنى يحكمان لأنه لو قال لحكمهما لفقدت الآية طعمها البلاغي [(8) وعبارة الاختلاف في النحو التي وردة في مقابسة التوحيدي والتي مررنا عليها في سردنا هذا الذى نسطر وحدها كفيلة بفض الحيرة عن مخالفات القرآن ونجد, معضد لها في نتفة من مقدمة بن خلدون يقول فيها:]فالتأليف في هذا الفن أكثر من أن تحصى أو يحاط بها , وطرق التعليم فيها مختلفة , فطريقة المتقدمين مغايرة لطريقة المتأخرين. والكوفيون والبصريون والبغداديون والأندلسيون مختلفة طرقهم كذلك.[(9) وجاء في المقابسة التاسعة والثلاثون من كتاب ابوحيان التوحيدي ]والنحو كيل بصاع اللفظ؛ ولهذا قيل في النحو الشذوذ والنادر[و]إذا استقام لك عمود المعنى في النفس بصورته الخاصية فلا تكترث ببعض التقصير في اللفظ؟..فلأن تخسر صحة اللفظ الذي يرجع إلى الإصلاح أولى من أن تعدم حقيقة الغرض الذي يرتقي إلى الإيضاح[(10)]وقد انتبه الخليل في وقت مبكر إلى هذه اللعبة فحذر من التزمت في مسالة اللحن (الخطأ النحوي) وأوضح ان لغة العرب أكثر من ان يلحف فيها احد.[
(1)عبد الرحمن الشرقاوى،على امام المتقين،ج2 ،376
(2)ابن خلدون ، المقدمة،فصل فى انقسام الكلام الى فنى النظم والنثر،ص724
(3)طه حسين،من حديث الشعرو النثر،دار المعارف، ط12,ص25
(4)ابن خلدون ، المقدمة، فصل فى صناعة الشعر ووجه تعلمه ص728
(5)هادى العلوى،المعجم العربى الجديد المقدمة، المدى،ط2
(6)التوحيدى، المقابسات
(7)ابن خلدون، المقدمة، ص739
(8)هادى العلوى،المعجم العربى الجديد المقدمة،سابق،ص188
(9)ابن خلدون ، المقدمة ، فصل فى علم النحو،ص702
(10) التوحيدى ،المقابسات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أصل النحو هو اللغة الطبيعية
أوتمزيرت ( 2017 / 9 / 29 - 20:52 )
المسموعة وليس اللغة النظرية
وفي كلام العرب دائما استثناءات للقاعدة العامة
واختلافات في النطق والتركيب والشكل
لذلك فالكلام دائما الى نية المتكلم وقصده
وحتى في النحو النظري التقعيدي هناك مدارس

اخر الافلام

.. شبكات | مكافآت لمن يذبح قربانه بالأقصى في عيد الفصح اليهودي


.. ماريشال: هل تريدون أوروبا إسلامية أم أوروبا أوروبية؟




.. بعد عزم أمريكا فرض عقوبات عليها.. غالانت يعلن دعمه لكتيبه ني


.. عضو الكنيست السابق والحاخام المتطرف يهودا غليك يشارك في اقتح




.. فلسطين.. اقتحامات للمسجد لأقصى في عيد الفصح اليهودي