الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقف00تراجيديا الاسئلة وكوميديا الاخطاء

علي حسن الفواز

2006 / 2 / 17
المجتمع المدني


ماذا يفعل المثقف العربي ازاء تراكم ظاهرة الهزيمة وظاهرة الخراب والاحتلال واختلال معادلات القوة والضعف في المشهد القومي واتساع حلقات الموت القصدي وخيبات الثقافة في ان تصلح شأناً او تؤهل مكوناً او تعيد الثقة لمواطن يحلم بالامة الواحدة والسوق العربية المشتركة !!؟ الشعراء يهرّبون اللغة ومخيالهاويتسربون عبر ممراتها السرية وخياناتها وينامون بعيداً عن شواردها 00 والروائيون والقصاصون يقترحون حلولاً فوقية واستعلائية للهم العربي النائم في القاع وعند جلود الفقراء المتورطين بأوهام السياسين 00 والباحثون والنقاد والبنيويون والتفكيكيون المفخخون بفنطازيا المعرفة اكثر الناس وهماً بمشكلات الثقافة والواقع والاحزان القومية وضياع الارض والموقف و السيادة والغش في كتابة التاريخ وضعف تأثير الثقافي على السياسي المأزوم بعقد البداوة والتخلف والاقنعة والالبتاسات والضعف الاستلابي امام ظاهرة لمعان الاشياء بدءاً من العمارة الغربية والبنوك الغربية والشوارع الغربية واللغات الغربية وانتهاء بلمعان احذية كاترين زيتا جونز 0
فماذا يفعل المثقف العربي حقاً ازاء هذا الكولاج الدامي ؟ وهو الباصر والرائي و المتورط بلعبة الكشف ؟ وماذا ينبغي ان يفعل وان يبحث ويدور وان يرمم ويعقد الصفقات لكي يتوهم بانه يمارس دوراً انقاذياً وتطهيرياً لامته التي تحارب مجاناً وفي حروب طويلة لاناقة له فيها ولاجمل 00 سوى انها تكرس الهزيمة وضياع المال والرفاهية وفقدان الابناء وتعويم المشاكل الحقيقة 0
ان مشكلة المثقف ازاء ماتقدم تكمن في مشكلة التاريخي اولاً لانه همش دور المثقف وحولة الى مهرج في الديوان او ( مستشار ) استعراضي لا سطوة لافكاره على قدارات العصاب السلطاني والتكرس الغرائبي لتكوينه ، وربما يضعه امام خيارين ، اما ان يصبح جزءاً من استحقاقات المثقف اللاعضوي الذي يريد ان يأكل ويشرب وينام ويتناسل مثل عباد الله الاخرين ، واما ان يضع رقبته بين كفيّ السيافين ،،،، و رغم هذا التغييب القصدي للمثقف وسعة المحابس التي أخذت وجوده واطمئنانه ، فان الدولة القمعية تظل تملك حساسية ازاء وجوده الاضطراري في نسقها فهو كائن رقابي رغم كل التعميات التي مورست ضده؛؛؛ وكائن قرائي يعرف ماتحت الوسادة وماتحت العمامة ومابينهما
لذلك يظل المثقف محاطا بالعيون والمؤوّلين والقراء والحساد ، وان تهمة ذبحه واقصائه جاهزة في ادبيات وتشريعات السلطة واي سلطة تنتمي لمكون العصاب ، وربما هي السلطة التي قال عنها الغزالي بان اصحابها الذين مسكوا زمامها بعد الحكم الراشدي والذين لم يملكوا زمام التفقه بامور التشريع والكتاب والسنة والاحكام والفصل في امور الدين والدولة والحقوق والواجبات ، دعوا الفقهاء ورواة الحديث والمفسرين الى ملازمتهم في فصل هذه الامور وربما تورط بعضهم في التاويل في غير مواضع الكلم والقصد ؛؛ ولقد كان هذا التاسيس الاولي لتابعيةالمثقف اللاعضوي لمهيمنات السلطة وتاسيس ادب التابعية ؛؛؛؛؛
كما ان مشكلة المثقف العربي تكمن في السياسي العربي ثانيا لان هذا السياسي العصابي مصنوع ومنتفخ مثل تكوينه السايكولوجي وايهامات مدنه وسلطته وانه جاء من منطقة رمادية تماما لعبت فيها الحروب الصغيرة والخيانات الكبيرة دورا مهما في انزياحات معنى السلطة ومعنى الدولة وظاهرة تكريس الاستعلاء السايكوباثي المرحّل من ( الازمة والنتيجة ) الى منطقة التاسيس الفارغة اصلا بحكم غياب الدولة المركز والمؤسسة منذ مئات السنين والتي تركت مركزها لهوامش دونية وسلطات افتراضية غازية تملك وجودها بفعل الخارج القوي( العسكرتاريا والعقائد التعويضية) لذلك فان هذا السياسي الافتراضي لم يمر بمرحلة التعقيم الثقافي ولم يعبر المطهر ليكون مؤهلا لزمن الحوار القهري مع الثقافات الغازية والتي تلبست ثياب المركز والامبراطور المنتصر واستحقاقاته في الغنائم ؛؛؛؛ ان السلطة المغيبة هنا بفعل هذا الاستلاب والمفككة مؤسسيا هي غنيمة وكل تفاصيل المشهد الوجودي بما فيه عقيدة المركز تدخل ضمن التفاصيل الغنائمية ؛؛؛؛؛ فضلا عن ان المثقف ذاته يلعب دورا سلبيا في السياق اذ ان هذا المثقف ظل مازوكيا ويعاني من الفوبيا والصدمة واللاوعي المهتز ..وحين أتيحت له الفرصة للرحيل والهجرة لم يتعاط الحوار الحقيقي بل ظل يعيش ازمة (الفوبيا) فعاد الينا اما مقلدا للنموذج الغربي ومدافعا عنه وشاهدا وشاهدا على قوة منجزه كما فعل رفاعة الطهطهاوي والشيخ محمد عبدو ؛؛؛ واما مشوشا وسلبيا كما فعل بعض المثقفين العرب الذين ذهبوا الى اوربا وامريكا والذين عادوا الينا بمفاهيم تاثرية معقدة لمفهوم الدولة القومية القوية والتي ظلت لالقة في اذان هؤلاء المثقفين كنوع من الحلم المضاع ،،، وقد عملت هذه الافكار فيما بعد الى تاسيس الفكر القومي التاثري التعويضي والذي مهد لتاسيس شوفينية السلطة والوعي تحت ايهامات ثقافة الاحيا والدفاع عن الهوية واللغة ............
ان العودة الى مشكلة المثقف المعاصر ازاء هذه الازمات وازاء هذه المتاهة وازاء قضية الوعي المازوم بكارثية ما جلبه له من اشكاليات في الحوار والتمظهر في المناطق المعزولة وغير الماهولة بالتبادل المعرفي والسلعي ،،، يمكنها ان تكون عودة الى نظرية الازمة ذاتها وربما السؤال ذاته،، فهل يمكن لنا ان نعزل المثقف من لزوجة السلطة واغواءات المكان الشيطاني المتضخم بالوهم والتنميات المفخخة والصناعات الثقافية المغشوشة؟؟؟ ان وعي هذا السؤال يقودنا الى تلمس حافات المشكلة وتفحص اسبابها ومعطياتها اذ ان العالم لاينتظر قطارنا العابر ،، فالقطارات تمضي والمحطات تضيق ؛؛ وان المكان السكوني ومفهوم المحطات الكثيرة لا ينتج سوى اوهاما وعقدا وتمظهرات غير عميقة ,, ان معطيات ما انتجه المهيمن والتابو في خطابنا الثقافي المعاصر هو في جوهره انظواء تحت ذلك التاريخ الايهامي الطويل وسيره المتلفعة بالليالي والحروب والخيانات ومؤامرات الديوان والحريم وصراع العقائد البائدة ونموذج العسكرتاريا الذي صنعته السلطات كجزء من مكونها ونسقها ،، لكنه انفصل عنها وعمل على تفكيك خطابها السياسي واعادة صياغته بنمط التراجيديا الذي نقراءه بعد سقوط كل دولة اقترحت لها مركزا ونسقا وعقيدة في دمشق وبغداد وسامراء وحلب والقاهرة....
ان ضياع هذا المركز هو ضياع للثقافي ايضا بحكم ضعف حصانته وضعف مخرجاته في ان تكون نصا في التوالي النسقي وانتاج حوارات وعقائد تنويرية تحترم الاخر ... لقد ظل السياسي العربي خاضعا بالكامل لسطوة العصبية والتي توهمها بن خلدون بانها مصدر القوة ،، اذ جرت هذه العصبية معها ويلات الحكم المركزي والشمولي وهو ما نترسم خطاه في مشهدنا السياسي المعاصر وتكّون الدولة العربية المعاصرة وفقدانها الهوية والملامح والتي يضيع فيها المثقف والحكيم والفيلسوف والسياسي العضوي،، لانها تتماهى مع المكون القديم للسلطة والذي يجعلها عرضة للوهم والتضخم والذوبان في الشكل الاستعرضي للعمران الغربي وبالتالي تفتح ابوابها للغزو والاحتلال وضياع الهوية ...
مرة اخرى نقول ان السؤال الذي ابتدانا به الموضوع يعيدنا الى ذات النقطة وهي استقراء سيرة المثقف في النسق السياسي ونفيه داخل منتجاته المرعبة وضرورة الدعوة الى فصل اللاتكافى بين السياسي والثقافي اولا لان السياسي توريطي وعصابي واستلابي ولاينتج سوى ثقافة غوغائية عمومية وهو بهذه الصفة يمارس لعبة الاقصاء والتغييب والتي يكون المثقف اول ضحياها ،، أي ان هذا المثقف سيظل الوحيد الذي يتحمل تراجيد يا الاسئلة وكوميديا الاخطاء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مواجهات واعتقالات بجامعة تكساس أثناء احتجاجات على دعم إسرائي


.. مراسلة العربية: إسرائيل طلبت إطلاق سراح 20 من الأسرى مقابل ه




.. اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين


.. شبح المجاعة يخيم على 282 مليون شخص وغزة في الصدارة.. تقرير ل




.. مندوب الصين بالأمم المتحدة: نحث إسرائيل على فتح جميع المعابر