الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في متاهاتِ الذكورة

أفراح جاسم محمد

2017 / 10 / 9
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


في متاهاتِ الذكورة
أ.د. أفراح جاسم محمد
في محاولةٍ للتنقيبِ في ثنايا المجتمع العربي ، عن واقعِ ما سُمي بالنظامِ الابوي، عدَّ د. هشام شرابي المجتمع بانه يعاني من أزمةِ وعي وتخلَّف تعود الى نظامهِ الابوي " النظام البطريركي" ، والذي هو بنية مُنافية للحداثةِ تنطلق من سيطرةِ الرجل على المرأةِ والولد على البنتِ ، ليبقى الخطاب المُهيمن هو خطاب الذكر واوامرهِ وقراراته .
وبالرغمِ من كلِ الاتفاقيات التي تُطالب بحقوقِ المرأة ، فالقارئ لبنودها يظن انها تارة تستحق التنفيذ وتارة أخرى استحالة تنفيذها ، بسببِ تلك العقول التي لطالما تحاول ان تسحق اية تقدم بات ملموساً لنهضةِ المرأة ، وبالرغمِ من كلِ الحركات النسوية ونحن في الالفيةِ الثالثة ، فما زالت المرأة تتحرك وفق الفضاء الذكوري .
ما زالت النظرة الابوية تُشهر سيفها لإعلاءِ الصورة الاقصائية للمرأةِ والنظرة الدونية لها ، ولا سيما في مجتمعاتٍ لم تُلامس الحداثة ، اذ تعيش المرأة بداخلِ متاهات مقيتة خاضعة لاحتلالِ الرجل بفحولتهِ لمقاليدِ مسيرتها وهيمنة النسق الذكوري ، وقد يستمد اقصاء المرأة قوَّته من خلالِ نسق القيم والمعايير الذي يُحدَّد ادوار الذكورة والاناث ومكانة كلاً منهما في المجتمعِ ، كما يُحرَّض هذا النسق على تفضيلِ الذكور وتعظيم سلطتهم الأُسرية والاجتماعية على حسابِ ابخاس وتحقير الاناث وتكريس تبعيتهن ، ويستمد نسق المعاير والقيم شرعيته من روافدٍ مختلفة أهمها الثقافة السائدة .
وصور او اشكال اقصاء المرأة من خلالِ المنظومة الثقافية السائدة في المجتمعِ العربي عديدة منها ، في تفضيلِ انجاب الذكور على الاناثِ ، اذ ان انجاب الذكور قد يدعو الى الفرحةِ والابتهاج ، بينما يحل الحزن والاسى عند ميلاد الانثى وكأنها فأل سيء للأسرةِ الجاهلة، وقد عبَّرت العديد من الامثلةِ الشعبية العربية عن هذهِ الصورة مثل ( يا مخلَّفة البنات يا مخلَّفة الهم للممات) .
ومن الصورِ الاخرى أيضاً ان الثقافة السائدة لا تعترف الا بدورِ الفتاة كزوجة وربة بيت ، وهي ان سمحت لها بالتعليمِ والعمل فهذا من أجل تحسين فرصها في الزواجِ ، وقد تتعرَّض للنظرةِ الدونية ان تأخر سن الزواج بها او لم تتزوج قط ، او تزوجت ولم تُنجب ، او تزوجت وانجبت أُناثاً فقط او تطلَّقت او ترمَّلت ، وبصرفِ النظر عما تكون قد حصلت عليه المرأة من درجاتٍ علمية .
وصورة اخرى ايضاً أدخلت المرأة في متاهاتِ الذكورة هي (رمزية الشرف) التي تحملها المرأة في نظرةِ المجتمع ، فكون المرأة رمز الشرف لذا فقد تعدَّدت وسائل محاربتها للحفاظِ على شرفها ، مثل عزلها عن مجتمعِ الرجال وعدم خروجها واخضاعها لرقابةِ الرجال ، وقد يصل الامر في تعنيفها حد مصادرة حياتها بالقتلِ في حالاتِ ما يُسمى بالدفاعِ عن الشرفِ ، لذا فان الهاجس الوحيد الذي يُسيطر على أسرةِ البنت هو صون شرفها .
كما ان مسألة مشاركة المرأة في اتخاذِ القرارات الخاصة بالأسرةِ وان كانت تحدث بسرَّيةٍ وتكتم شديدين من قبلِ الرجل ، الا انه قد يسود اعتقاد بان استشارة الزوج للزوجةِ مثلاً عند اتخاذ القرارات يُنقص من رجولتهِ ، فما زال مفهوم الرجولة السائد في ثقافةِ المجتمع العربي خاصة بين ابناء الريف والطبقات الشعبية في الحضر ، يرتبط بقدرةِ الرجل في السيطرةِ على المرأةِ واخضاعها .
ويؤكد هذا الرأي الدكتور شاكر مصطفى سليم في دراستهِ الموسومة (الجبايش)" ان الرجل ان منح الزوجة اية احترام او نظر اليها نظرة مساواة مع الرجلِ امر يتنافى والرجولة ، وعلى الزوجةِ ان تنظر للزوجِ كسيد مُتنفَّذ فلا تُخالف رغبته ولا تتوانى في تنفيذِ اوامره ، بل ويجب ان لا يعلوا صوتها على صوتهِ وكثيراُ ما يستغل الرجال علاقاتهم بزوجاتهم لإظهارِ سيطرتهم في الاسرةِ واشباع رغبة النفوذ والتسلط " .
وما زالت هذه الصورة الى الآن وان تناقصت بشكلٍ كبير ، مما سبق يتضح ان عملية التنشئة الاجتماعية تتوقَّع ان يسلك الرجل والمرأة بشكلٍ مختلف ، اذ يحصل الرجل على مزايا اكثر من المرأةِ ، فالمجتمع العربي يُنشَّأ الرجل على ان يكون قوياً وان يكون قادراً على اثباتِ رجولتهِ ، وان تكون المرأة ضعيفة وخاضعة وتابعة ، مُعتمدة اقتصادياً على الرجلِ ، ولهذهِ الاعتبارات تُفرض القيود على المرأةِ وهو مؤشر على تربيةٍ غير سليمة .
وفي خضم هذا كله لابد من اعادةِ النظر بالمنظومةِ الثقافية العربية ، لتكون مُشجعةً على المساواةِ بحيث لا يُبخس اية حق للمرأةِ ، وتنفيذ بنود حقوق الانسان من خلالِ الاشارة لاتفاقياتِ حقوق المرأة وتفعيلها وتطبيقها على ارضِ الواقع ، مع الانتباهِ لدورِ وسائل الاعلام وما يمكن ان تؤديه في اظهارِ الصورة الناصعة لما تحتله المرأة ككيان في المجتمعِ ، وما يمكن ان تلعبه التنشئة الاجتماعية من ادوارٍ كبيرة ومهمة في هذا الشأن ، فضلاً عن الدور الجوهري للمنظومةِ الدينية بالتشجيعِ على ابرازِ دور النص الديني وما ذكره عن المرأةِ بحيث جاء لجانبِ المرأة وإبراز حقوقها ، دون مخالفته والعمل على الضدِ من ذلك كما في عهودِ الجاهلية ، والعمل على تفعيل دور المرأة وتمكينها في اتخاذِ القرار ، من خلالِ العمل على زيادةِ الاهتمام بها ، بأجراءِ دراسات حول تفعيل دور المرأة وتمكينها في اتخاذِ القرارات سواءً في المؤسساتِ الحكومية وغير الحكومية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصحفيات أكثر عرضة للانتهاكات والتحرش اللفظي أو الجسدي


.. مريم شمالي وهي ربة منزل من إحدى قرى سعدنايل




.. نعمت شفيق .. المرأة الحديدية تقمع مظاهرات الطلاب الرافضة لإس


.. حديث السوشال | علاقة -سرية- بزعيم عصابة تتسبب في قتل ملكة جم




.. المشاركة في المسيرة جنان الخطيب