الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لاندرك وجودنا الا من خلال مراياهم

نعيم مرواني

2017 / 10 / 11
المجتمع المدني


اعتى الصراعات هوذلك الذي ينشب بين العقل والعاطفة , ان اتبعنا العاطفة فتستمر المعاناة وان اتبعنا العقل فمعاناتنا مؤقتة تجسدها فترة الصراع هذه. عندما ينتصر العقل تتحرر الارادة ويعود الكائن الى جادة الصواب, قد تكون معركة العقل والعاطفة خاطفة لكنها مخيفة يتهيبها الكثيرون فيؤثرون الراحة في ظل الانسياق خلف الغريزة حتى ينتهون عند نهايات غير محمودة. انه اذن الرضى بالبؤس الدائم على أمل اطلالة سعادة مقتضبة بين احاييين متباعدة.
الادمان هو حياة السعادة الاصطناعية او الهروب من الواقع المر الى الخيال الحر, في الخيال، تطير فوق السحاب كأنك ريشة تداعبها نسوم شاطئية تعاكس اشعة الشمس الذهبية المنبعثة من شمس تذوي مبتعدة في الافق الغربي, وفي الواقع تمشي باقدام ثقيلة وسط ركام من جثث واصوات لبشر تتحرك في جميع الاتجاهات لايعيرونك اذنا ولا تعيرهم اهتماما، يضايقك زحامهم ولايدركون لك وجودا.
انه مزيج مخيف من الملموس والمحسوس, المادي والروحي, الطافي والغاطس، العقلي والعاطفي, المرئي والمختفي, يقسمهما خط وهمي - الهي او طبيعي- الى قسمين متساويين يشكلان بتكاملهما كائنا عاقلا متنقلا ومقررا ، فانحراف الخط القاسم يقود الى اختلال توازن متسببا بحروب وجرائم واعتداءات ومغامرات وقرارات ذات نتائج مجهولة التداعيات، حينها ينعدم الفارق بين الانسان والحيوان رغم ان الاول مخير والتالي مسير.
انها لعنة الارادة الحرة، اذ بيديك تحفر قبرك او تبني قصرك، حقا اننا خليط مخيف من روح ومادة وقد لانقوى على المحافظة على تناسقهما وتوازنهما، فنميل صوب احداهما ونحن نرقص لميلاننا طربا إما عن وعي فنؤثر سعادة الميلان على تعاسة الاستقامة او دونما وعي وتلك تقود الى مأساتنا وقد تطال حياتنا وحيواة من هم حولنا.
قال أخو العرب "ذو العقل يشقى بالنعيم بعقله واخو الجهالة بالشقاوة ينعم." لاادري لماذا تحضرني دائما عبارة جون بول سارتر الخالدة " جهنم هي الاخرون." فسعادتنا يقررها من هم حولنا من الناس ونحن بهذا مسيرون. من حولنا يستطيعون جعلنا سعداء او بؤساء. ان احاسيسنا ومشاعرنا لابد مرتبطة بهم، فان غدوا حزنا وان اقتربوا فرحنا.
قيل ان الانسان كائن اجتماعي، لذا لانستطيع الاستغناء عمن هم حولنا، فادراكنا للاشياء مرتبط بهم او مرتكز عليهم، ولا ندرك شيئا بمعزل عنهم. نرى انفسنا من خلالهم، يعكسون لنا صورنا - تماما مثلما ربط هيغل ادراكنا لوجودنا بوجود الاخرين حولنا- فهم كالمرايا عليها تنعكس صورنا، فنرى انفسنا او ندرك وجودنا. التعاسة ،قمة التعاسة، ان تعيش بمعزل عن الناس ولكن السعادة غير مضمونه بالعيش قربهم, اذن فنحن مسيرون عندما يتعلق الامر بالسعادة لان صورنا المعكوسة على مراياهم هي التي تقرر سعادتنا او تعاستنا.
انه امر مزعج حقا حين لايستطيع المرء معرفة نجاحه او فشله الا من خلال مرايا من هم حوله, اذن فلابد لنا ،ونحن نبحث عن السعادة، من تحطيم مراياهم كي نبحث عن مرايا اخرى تعكس لنا صورا جذابة وان كانت غير حقيقية.

نعيم مرواني
العراق- بغداد
11 تشرين الأول عام 2017








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عراقيون كلدان لاجئون في لبنان.. ما مصيرهم في ظل الظروف المعي


.. لدعم أوكرانيا وإعادة ذويهم.. عائلات الأسرى تتظاهر في كييف




.. كأس أمم أوروبا: لاجئون أوكرانيون يشجعون منتخب بلادهم في مبار


.. أزمة اللاجئين في مصر: مطالب بدعم دولي يتناسب مع أعباء اللاجئ




.. هغاري: الجيش الإسرائيلي سيواصل العمل من أجل خلق الظروف لاستع