الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صناعة المؤسسة و اكتساب الطبيعة

رضا كارم
باحث

2017 / 10 / 14
التربية والتعليم والبحث العلمي


التعليمية صناعة مؤسسة و التعلم اكتساب الطبيعة
تعليمية العربية تعتني بدرس النحو العربي عناية من جهة التطبيق منفتحة على مناشط اللغة المجيرة مدرسيا ضمن مواد مثل التواصل الشفوي و القراءة و الانتاج الكتابي وواستعمال قواعد اللغة.
العقل المتحكم بالتجربة التونسية رهينة للبنائية العرفانية لبياجي مثلما يرتهن درس الادب للسلوكية التي انتجت الشكلانية الروسية فقتلت المعنى .
نفس الجريمة حصلت مع بيداغوجيا الاهداف سليلة الخبرة الاقتصادية و المنتوج الصناعي. أخبرت بيداغوجيا الاهداف أن التلميذ مجرد منتوج محكوم بالجودة و التنافسية و العلاقة جودة ثمن.
ثم عوضتها الكفايات منحازة الى ضرورة أن يكون الانتاج كله ذا جودة و ان لا معنى لمنتوج غير قابل للتسويق و أن المصنع فتح لانتاج بضاعة جيدة و لا فرضية للفشل . و الفشل سببه العامل او مهندس الروبوتات و الحل في دعم تكوينهما و تحفيزهما ماليا و خلق نشاطات فنية و دورات تدريبية تطبيقية للترفيع في الكفاءة المهنية و الفنية التقنية للعامل ووالمهندس.
و اذا كانت الكفايات كما تعلن ذلك نصوص القانون التوجيهي لسنة 2002 قطعت مع السلوكية وواتجهت الى العرفانية،فانها سكنت البنائية الفردية لبياجي و هي نظرية واحدة ضمن تيار كامل لا يمكن اختزاله في تصور واحد.
الواقع ان المدرسة التونسية تدعي الانفتاح على نظريات عرفانية أخرى مثل البنائية الوجدانية الاجتماعية و ما بعد العرفانية . و لكن ذلك كله من الوهم و الزيف و الشكلانية البغيضة.
فالمدرس واقع تحت ضرورة قانونية و بيداغوجية و هي إنهاء البرنامج. و الواقع أنه يقال له أنت حر . أنجز تقييما اوليا توجيهيا يحدد مكتسبات المتعلم و خارطته الذهنية و النفسية ثم شخص و ادعم و عالج و كن وسيطا بيداغوجيا لا ملقنا تقليديا محتكرا للمعرفة.
ثم بتفاجأ المدرس بأزمة الزمن معطوفة على عقدة المحتويات. اذ ينبغي تدريس كذا محتوى في كذا فترات . بناء على عمل استباقي تبنى عليه خطة و مسلك و ترتيب.
و الخطة عمل تنظيمي يصدر قرارا بتدريس المحتوى أ في الحصة 1. و المسلك طريقة بيداغوجية لحمل المتعلم على ربط علاقة بنائية وجدانية و ما بعد عرفانية مع ذلك المحتوى. و الترتيب يقضي بتفصيل المحتوى الى عدد معلوم من الحصص سعيا الى جعله مكتسبا مدرسيا.
من الجلي أننا في تونس نفضل الحديث عن المنوال البنائي الفردي لبياجي و نزعم بشدة أننا عرفانيون . و هذا المنوال يجعل المتعلم قطب المثلث الديداكتيكي.
هنا تكمن الأزمة. نحن منشدون الى بنية واحدة و ننغلق على درس معلوم ونرفض مغادرته.
القول بتعلمية مادة قول غير علمي. لاننا لا نعرف التعلم و لا نهتم به الا بوصفه جزءا من التعليم. فالتعلم اكتساب طبيعي دون مؤسسة و التعليم معقود على المؤسسة. و هو جملة الاسئلة التالية: ماذا ندرس؟ لماذا ندرس؟ متى ندرس؟ كيف ندرس؟ و هوذو طبيعة صناعية ثقافية إذن.
نخلص الى أن التعلم فردي طبيعي و التعليم اجتماعي ثقافي و محتو للتعلم باعتبار دائرة اهتماماته الواسعة.
و ما حصل في تونس أن التعليمية او الديداكتيك وقعت ضحية سوء فهم بالغ . فتم الفصل بين تعليمية المادة و التعليمية العامة. كالفصل بين تعليمية اللغة العربية و تعليمية القراءة مثلا. بل وصل الخلط الى درجة الحديث عن تعليمية الباحثين و تعليمية المكونين ...
و هذا أضاع البوصلة و انحاز الى المجازات مرسلة و مقيدة و اهمل الدقة و الصرامة العلميتين.
و اليوم تسير تونس الى فساد نظري و عملي أطغى . فهي تخطط لما تسميه المقاربة بالمنهاج و هي مقاربة انغلوسكوسونية تعود الى سنة 1947 لا علاقة لها بالبيداغوجيا . و تتضمن التوجهات الكبرى و الخلفيات النظرية و برنامج البرنامج و البرنامج لكنها لا تسال عن الفصل و لا عن التعلم . ما يجعلها مقاربة في السياسات التربوية و الهيكلية العامة و محور نقاشات على مستوى المجتمع تقريرا لوجهة كلية حول سؤال العمومية و الشعبية و مسالة مثل ديمقراطية النظام التعليمي و العدالة التعليمية ...
أزمة التعليم الكبرى لم تكن يوما غير أزمة قرار. ماهية القرار و خلفيته و بنيته و غايته و تطبيقاته ووما يرتبط به من صفقات عمومية و تكوين و منح و حوافز و فساد...
إنها أزمة غياب الديمقراطية مفصلة في التواصلات الافقية و التبادلات المعرفية و المرونة القانونية و تدمير العقل البيروقراطي . و المعلم و الاستاذ و المساعدون و المتفقدان ضحايا هذه التنظيمية التسلطية القهرية.
اننا نحتاج الثورة حاجتنا الى وسيلة جماعية لضرب السلطوية و اشاعة الديمقراطية التي ننخرط فيها جميعا ، حاجة طبيعية و خيارا عقلانيا و برنامجا ثوريا.
كلما ازددنا فرضيات تعلم و ادراك ازددنا شقاء و ازدادت مسؤولية التغيير الجذري إلحاحا .
كيف نتشكل افقيا و طوعيا كاحرار لضرب الهيكلي السلطوي؟
________________
النص لمن يقرؤه و يهدمه . وحده المعول لي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل - حماس: أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق


.. فرنسا: لا هواتف قبل سن الـ11 ولا أجهزة ذكية قبل الـ13.. ما ر




.. مقترح فرنسي لإيجاد تسوية بين إسرائيل ولبنان لتهدئة التوتر


.. بلينكن اقترح على إسرائيل «حلولاً أفضل» لتجنب هجوم رفح.. ما ا




.. تصاعد مخاوف سكان قطاع غزة من عملية اجتياح رفح قبل أي هدنة