الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يوجد فرق بين لواء شرطه متعصب ومفجرالكنائس؟

طلعت رضوان

2017 / 10 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



منذ عدة سنوات (خاصة بعد حرب أكتوبر73 والانفتاح الاقتصادى الساداتى وعودة الإسلاميين من دولة آل سعود) وأنا أرصد التحولات فى الشخصية المصرية وتدهورها ، فبعد أنْ كان العقل والوجدان المصرى مع الرحابة وسعة الأفق ، ومع قبول الآخر المختلف دينيـًـا ومذهبيـًـا ، إذا به يتحول إلى عقل شديد الانغلاق ، ولا يعترف إلاّ بما قرأه فى كتب التراث العربى/ الإسلامى ، أو بما سمعه من شيوخ الفضائيات الخاصة والحكومية. ومن خلال رصدى لذلك التحول فى الشخصية المصرية ، لاحظتُ أنّ الهوس الدينى انتقل إلى قطاعات عريضة ومتنوّعة من شعبنا ، بحيث شمل أطباء ومهندسين وأغلب الصحفيين والضباط ، لذلك لم أندهش عندما قرأتُ ما نشرته وسائل الإعلام عن لواء الشرطة (إيهاب رشدى) نائب مدير أمن القاهرة الأسبق الذى أحالته نيابة حوادث الجيزة إلى محكمة الجنايات ، بتهمة قتل زوجته. وجاء فى اعترافاته أنه ((بعد أنْ توضأ استعدادًا لصلاة الجمعة ، طلب من زوجته أنْ تــُـغلق القناة التليفزيونية التى تــُـشاهد عليها المسلسل ، وتنتقل إلى قناة أخرى تـُـذيع خطبة الجمعة ، ولكن الزوجة أصرّتْ على مُـتابعة المسلسل. وادّعى لواء الشرطة فى التحقيق أنّ زوجته سيئة الخلق، وأنها تعوّدت على سبه وتجريحه ، وأنها (يوم الحادث) حاولتْ قتله بسكين المطبخ ، فما كان منه إلاّ أنْ أخرج مسدسه وأطلق النارعليها. ولكن أولاده (فى شهادتهم أمام النيابة) كذبوه وقالوا إنّ والدهم دأب على معاملة والدتهم بقسوة ، وكان يـُـهينها ويسبها باستمرار. وأنه يوم الواقعة أصرّعلى قتلها.
وتلك الواقعة أثارتْ التداعيات التالية :
أولا: هل مجرد عدم سماع الزوجة لأوامر زوجها، ورفضها تغيير قنوات التليفزيون من المسلسل إلى خطبة الجمعة ، يستدعى القتل؟ وبالفرض أنه صادق فى كلامه عن أنها كانت سيئة الخلق وتعوّدت سببه وتجريحه، فهل هذا السبب يستدعى القتل؟
ثانيـًـا : هل هذا التصرف من لواء الشرطة ، يمكن أنْ يفعله أى إنسان يمتلك إرادة التصرف الطبيعى ، مثل أى إنسان ليس به أى خلل عقلى؟ لأنّ أقصى ما يفعله الإنسان السوى ، المُـحتفظ بقواه العقلية، هو أنْ يتحاور مع زوجته لاقناعها برغبته وليس بقتلها، خاصة أنه توضأ وتأهب للذهاب إلى المسجد وهناك سيسمع الخطبة ، فلماذا أصرّعلى رأيه؟ ولماذا تطوّر الموقف لدرجة المُـشاجرة التى انتهتْ بقتل زوجته؟
ثالثــًـا : كيف جمع هذا اللواء بين تمسكه بالدين والقتل؟ سؤال يحتاج إلى علماء علم النفس من مستوى سيجموند فرويد. وهذا السؤال يخرج من أحشائه السؤال الأهم : هل الإنسان (شديد التدين) هو- بالضروة - شديد التعصب ؟ وأنّ تعصبه وصل به إلى ذروة (الانغلاق العقلى) الذى يؤدى بصاحبه إلى آفة الأحادية ، التى هى أشرس أعداء التعددية؟
رابعـًـا : أليس هذا اللواء ضحية (طغيان اللغة الدينية) التى سادتْ مع عهد السادات الذى أطلق سراح الإخوان المسلمين وعتاة الأصوليين المسلمين من السجون ، لضرب طلاب اليسار فى الجامعات ، وسيطرة هؤلاء الأصوليين على مناهج التعليم وبرامج الإعلام ؟ فكانت نهايته على أيدى هؤلاء الذين تصوّر أنهم (الظهير الآمن) وأنهم هم خط الدفاع الأول لمحاربة الليبراليين ودعاة الدولة المدنية ، وذلك عن (إيمان) عشّـش فى تلافيف مخ السادات ، بأنّ المؤسسات الدينية (ومعها كل التنظيمات الدينية ، رسمية وشعبية/ شعبوية) هى (منصة الصواريخ) لحماية أى نظام استبدادى يعتمد على (ديمقراطية المفرمة) الى أطلقها السادات بلا مواربة ، ولكن خاب ظنه وفشلتْ توقعاته ، فإذا بهؤلاء الذين أطلقهم على شعبنا لتدشين (الدولة الدينية) هم الذين قتلوه بحجة أنه ((ليس بالحاكم المسلم الذى يـُـطبـّـق شرع الله)) قال من قتلوه ذلك وأصروا عليه فى التحقيق مع بعض المقبوض عليهم ، رغم أنّ السادات أعلن - فى بداية عهده - أنّ دولته ستكون دولة (العلم والإيمان) وفق نصيحة محمود فوزى الذى شغل منصب رئيس الوزراء ثم وزير الخارجية فى عهد السادات. فكان شعار (دولة العلم والإيمان) بداية الانهيار الحقيقى للشخصية المصرية ، حيث أعطى أغلب المتعلمين المصريين عقولهم لشتى أصناف الأصوليين ، الذين صبوا فى عقول المُـتأثرين بهم السموم التى أضرّتْ بالانتماء للوطن، ليكون البديل هو الانتماء للدين ، فكانت النتيجة أنْ خسروا الوطن وخسروا أنفسهم.
خامسًـا : وهل لواء الشرطة الذى قتل زوجته يختلف عن الشاب الانتحارى مُـفجـّـر الكنيسة البطرسية ؟ وهو ما اعترف به زملاؤه المتهمون فى تحقيقات النيابة ، حيث أدلوا بمعلومات غاية فى الأهمية. وجاء فى أقوالهم أنّ الانتحارى مُـنفـّـذ العملية ((ظلّ طوال ليلة الحادث يستمع إلى فلاشة كانت معه مُـسجـّـل عليها خطب القرضاوى ، التى تُـحرّص على أنّ القيام بالعمليات الانتحارية ضد (الأقباط) وتفجير كنائسهم ونهب أموالهم و(هتك) أعراضهم هى نصرٌ للإسلام ومصيره الجنة الخالدة والحور العين. وأنّ المتهم ظلّ منذ الفجر يتحدث عن الجنة والنعيم الذى ينتظره فى الآخرة وبعدها تحرّك لتنفيذ تفجير الكنيسة)) وأوضح المحامى سميرصبرى أنّ القرضاوى ((كان من الشخصيات التى نجحتْ فى نشر الفتن بخطبه التحريضية. وتعدّدتْ فتاواه المثيرة التى تُـدعم وتـُـغذى الإرهاب . وأنّ مؤلفاته تشهد بذلك وتعج سطورها بالهجوم والعداء. وروّج لأحاديث تـُـشرّع المظاهرات والاعتصامات. وهاجم الحكومات وأصدر فتاوى تفرض على الناس النزول للشوارع ومن يعترض على ذلك فهو مخالف للشرع والدين. وأنّ القرضاوى اعتلى المنابر التليفزيونية ودعا للعمليات الانتحارية ، ويشهد بذلك موقعه الالكترونى الرسمى ويتضمن عشرات الفتاوى التى تـُـجيز العمليات الانتحارية للرجال وللنساء، بل تُـجيز للمرأة خلع حجابها للتمويه من أجل تنفيذ العملية الانتحارية. وقال فى موقعه الالكترونى : العمليات الاستشهادية من أعظم أنواع الجهاد فى سبيل الله. وعندما سُـئل عن قتل المدنيين أثناء العملية الانتحارية قال : لا يـُـقصدون بالذات ، لكن قتلهم يأتى عفوًا)) (أهرام16/12/2016)
سادسًـا : الاختلاف الوحيد بين اللواء ، والانتحارى مُـفجـّـر الكنيسة، أنّ الأول قتل زوجته والثانى قتل أكثرمن ثلاثين من الأبرياء بخلاف المصابين ، ولكن مرجعية الإثنين واحدة : تسليم عقلهما للشيوخ الذين صبوا فى رؤوسهم السموم التى كانت مثل الاسمنت الذى يدخل بين الطوب والحائط . وكل هذا بتأثير (طغيان اللغة الدينية)
000
هامش : يوسف القرضاوى (مواليد1926) تعرّض للسجن فى عهد عبدالناصر، بسبب انتمائه للإخوان المسلمين وفتاويه الضارة بالوطن. وبعد خروجه من السجن سافر إلى دولة قطر. وهناك عمل مديرًا للمعهد الدينى . وحصل على الجنسية القطرية عام1977. ومنذ ذلك الوقت وهو يقوم بالتحريض ضد مصر، خاصة بعد انتفاضة يناير2011.
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ارى ان لواء الشرطة المتعصب اكثر ارهابا
مروان سعيد ( 2017 / 10 / 15 - 21:50 )
تحية للاستاذ طلعت رضوان وتحيتي للجميع
نعم اصمم ان هذا الوحش اكثر اجراما من الداعش لاانه من المفروص انه تعلم وتثقف وحاصل على اقل تقدير الشهادة الثانوية وحضر محاضرات كثيرة واجتماعات للمحافظة على الامن والمواطنين واخذ دروسا ملحقة بكيفية التعامل مع السلاح اوقات الغضب
ولكن الدواعش اكثرهم اميين يمكن غسل دماغهم بسهولة وتسييرهم من قبل بعض شيوخ الدعارة والفتنة كما يريدون مع
واليوم شاهدت فيديو لقتل كاهن بمصر ويقول الشهود ان الشرطة تاخرت قرابة الساعة ونصف وان الاسعاف لم يرضى بفحص الكاهن الا بحضور الشرطة ففارق الحياة
https://www.youtube.com/watch?v=oEiajcWcyzk
بالحقيقة ان 60 بالمئة من الشرطة والجيش والرجال المصريين متعصبين ودواعش يقفون مع المتعصبين حسب الحديث الغير شريف انصر اخاك ظالما كان ام مظلوما
ونشكر جهودك التنويرية
ومودتي للجميع

اخر الافلام

.. 163-An-Nisa


.. السياسي اليميني جوردان بارديلا: سأحظر الإخوان في فرنسا إذا و




.. إبراهيم عبد المجيد: لهذا السبب شكر بن غوريون تنظيم الإخوان ف


.. #جوردان_بارديلا يعلن عزمه حظر الإخوان المسلمين في حال وصوله




.. رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء تستطلع هلال المحرم لعام 1446