الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا عقيدة الحياة المعاصرة ؟ الجزء الخامس

رياض العصري
كاتب

(Riad Ala Sri Baghdadi)

2017 / 10 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في صياغتنا لنهج عقيدة الحياة المعاصرة وتحديد معالم سماتها وجدنا ان المبدأ الاول الذي يتوجب علينا التمسك به هو الايمان العميق والراسخ بالحقيقة ، وان الطريق الوحيد الذي يتوجب علينا ان نسلكه في سعينا نحو الحقيقة هو طريق العلم ، اما طريق الدين فهو طريق السراب وان السير فيه لا طائل منه ولا منفعة فيه ، يتميز الفكر العلمي بانه يوحد البشر لانه فكر واقعي بينما الفكر الديني فكر غيبي لا يقوم على الحقائق لذا يكون مفرّق للبشر والدليل على ذلك تعدد الاديان وكل دين يتفرع الى مذاهب وطوائف عديدة ، كما ان الحقائق التي يكشف عنها العلم تشيع في الانسان الثقة بالنفس وتخلق فيه الارادة حرة ، بينما الافكار الغيبية تحرم الانسان من حرية الارادة وتجعله يتشبث بالاوهام والخرافات فيفقد الثقة بنفسه ، اننا في عقيدة الحياة المعاصرة لا نؤمن الا بالحقائق ، ونرى بان العلم هو الاداة الوحيدة في الكشف عن الحقائق ولا اداة غيره ، وان عصرنا الحالي هو عصر العلم والتكنولوجيا وهذا يستوجب ان تكون عقيدتنا متوافقة مع العلم توافقا كاملا ، ونرى بان الانسان ليس مضطرا الى الايمان بالمعتقدات الغيبية بذريعة عجز العلم عن تقديم التفسير وكشف الحقائق لكل ما هو مجهول في هذه الحياة ، علينا ان نؤمن بالحقائق المتوفرة لدينا ، وترك ما هو غامض ومجهول الى المستقبل ، فلعل العلم في المستقبل يتمكن من كشف ما خفي علينا في الحاضر ، ومن هنا اعتبرنا العلمية هي السمة الاولى في نهج عقيدتنا ، المبدأ الثاني الذي أوليناه الاهمية هو ضرورة اقصاء الدين عن الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وحصره في اضيق نطاق ضمن علاقة الانسان بالاله الذي يعبده وهي علاقة شخصية ليس ملزما بها الكيان الاجتماعي ، وهذا هو جوهر مبدأ العلمانية ، ليس من حقنا محاربة الفكر الديني ولكننا نؤمن بحقنا في نقد الفكر الديني ، ونؤمن بحق الانسان في ان يختار بملء ارادته الانتماء او عدم الانتماء الى الفكر الديني ، ولكي يتمتع الانسان فعلا بحريته في الاختيار فانه يجب ان يكون هناك فكر ديني وفي المقابل فكر لا ديني ، ان وجود الشيء ونقيضه او ندّه يتيح للانسان حرية الاختيار وكل انسان مسؤول عن اختياره ، فالمسؤولية مرهونة بالحرية ، الفكر الديني يحمّل الانسان المسؤولية دون منحه الحرية ، ونحن ندعو الى تحجيم دور الدين لكي نمنح الانسان حرية الارادة ، ومن هنا كانت العلمانية هي السمة الثانية في نهج عقيدتنا ، المبدأ الثالث الذي اتسمت به عقيدة الحياة المعاصرة هو انها ليست مصممة لمجتمع معين او شعب معين او امة معينة ، العقيدة ذات بعد عالمي تتجاوز المفاهيم القومية والاقليمية والقطرية وتتجاوز المفاهيم الدينية والمذهبية والطائفية ، اننا نعتقد بان العالم يتجه نحو التوحد اكثر فاكثر ، وان شعوب الارض تزداد اقترابا من بعضها البعض ، وان مستقبل البشرية واحد ومصيرهم واحد ، ولان قضية الانسان وهمومه وتطلعاته واحدة في كل مكان في العالم ، ولاننا نتوجه بفكرنا الى الانسان في كل مكان ، ولان الانسان على سطح هذا الكوكب يواجه تحديات مشتركة ، وان العالم اصبح قريبا من بعضه بعد ثورة الاتصالات وتكنولوجيا نقل المعلومات ، فاننا نعتقد ان المفاهيم القومية والاقليمية والعرقية قد تجاوزها العالم وأصبحت مفاهيم قديمة لا تنسجم مع معطيات العصر الجديد ، ومن هنا كانت العالمية هي السمة الثالثة في نهج عقيدتنا ، وبناءا على السمات التي ذكرت آنفا لنهج عقيدتنا فاننا نؤمن بان البشر وكذلك جميع الكائنات الحية هم نتاج ظاهرة الحياة التي نشأت على كوكب الارض منذ 3,5 مليار سنة ، وان نشأة ظاهرة الحياة على كوكبنا لم تكن بارادة احد ما في السماء وانما توفرت وبالصدفة الظروف المناسبة لنشأة هذه الظاهرة ، ونؤمن بانه لا وجود لاله في السماء يراقب تصرفات البشر ويحاسبهم عليها ، ولذلك نرى بان على البشر ان ينظموا شؤونهم ومصالحهم بموجب دستور يتم تشريعه من قبلهم وان يتصرفوا بمسؤولية ويلتزموا بالمعايير الاخلاقية مع وضع اساليب ردع مناسبة لغرض صيانة الحقوق وترسيخ العدل وهذه مسؤولية الدولة ومؤسساتها ، عقيدتنا تؤمن بالمعايير الاخلاقية وتحث على الالتزام بها لان الفضيلة معيار للقيمة الانسانية ، اننا نرى بان البشر في عصرنا الحالي قد وصلوا الى درجة متقدمة من المعرفة والوعي والشعور بالمسؤولية ولا حاجة لاغرائهم بالجنة او تهديدهم بالنار لتوجيههم نحو الالتزام بالقيم الاخلاقية والسلوك الحسن ، ولذلك عقيدتنا ليس فيها عبادات ولا طقوس ولا شعائر ولا ملائكة ولا جن ولا جنة ولا جهنم ولا عالم ما بعد الموت ، نؤمن بان الحياة لكل كائن حي فرصة واحدة لن تتكرر .
يتبع الجزء السادس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي