الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا عقيدة الحياة المعاصرة ؟ الجزء السادس

رياض العصري
كاتب

(Riad Ala Sri Baghdadi)

2017 / 10 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ان نظرة عقيدة الحياة المعاصرة الى الكون والحياة والانسان من خلال ثوابت فكرية تتعلق بالطبيعة المادية والطبيعة البشرية ، هذا بالاضافة الى اعتمادها قواعد مرجعية تستند اليها في تنظيم مصالح وشؤون البشر ، من المعلوم بان جميع الكائنات الحية على كوكب الارض ، والبشر جزء من هذه الكائنات ، يخضعون جميعا خضوعا تاما لسلطة قوانين الطبيعة المادية ( اي القوانين الكونية ) ولكننا نحن البشر نتميز بامتلاكنا لمعايير اخلاقية لا تخضع لسلطة قوانين الطبيعة المادية ، هذه المعايير هي نتاج التاريخ الطويل للحضارة البشرية ، واننا في الوقت الحاضر بحاجة الى اعادة النظر بتلك المعايير لكي نختار منها ما يلائم عصرنا الحالي ويتوافق مع طبيعته المتغيرة والمتطورة بشكل سريع ، أي اننا بحاجة الى عصرنة المعايير الاخلاقية التي اوجدها الانسان القديم ، وهذا ما تم تجسيده في الثوابت المبدأية في ( عقيدة الحياة المعاصرة ) وهي ما يلي :
(أولا ) : ثوابت الطبيعة المادية ، وتشمل :
1 ـ مكونات الطبيعة المادية : وتشمل كل من المادة والطاقة والحركة حيث ان الحركة هي الصفة الظاهرية لكل من المادة والطاقة عند جمعهما معا وهذه هي طبيعة الوجود ذاته ، أي أن أساس الوجود هو ( مادة و طاقة وحركة ) واننا نرى ـ وهذه مجرد فرضية تعبر عن وجهة نظرنا ـ ان الوجود عبارة عن سلسلة دورات كونية متصلة منذ الازل والى الابد ... حيث تبدأ ولادة الدورة الكونية بانفجار عظيم للمادة الكونية الاولية لتتحول هذه المادة كلها الى طاقة يصاحبها توسع في حجم الكون ثم تأتي مرحلة التوقف عن التوسع نتيجة التوازن بين القوى الكونية ثم بعدها مرحلة الانكماش والتقلص في حجم الكون حيث تبدأ الطاقة الكونية بالتحول الى مادة تدريجيا الى ان تعود كلها الى مادة بالكامل كما كانت اول مرة لتتجمع في مركز الكون بكثافة عالية جدا وضغط شديد جدا ، ثم يحدث بطريقة ما انفجار عظيم جديد وهكذا يولد كون جديد وتستمر هذه الدورات الى ما لا نهاية وفقا لمشوراها في الولادة والموت ، وان كل دورة تستغرق عشرات المليارات من السنين ، هذا وان الوجود الحالي ما هو الا احدى هذه الدورات في هذه السلسلة اللانهائية
2 ـ قوانين الطبيعة المادية : وهي القوانين التي تتحكم بصفات وسلوك كل من المادة والطاقة والحركة ، وهي ذاتها قوانين علوم الفيزياء والكيمياء والاحياء . أي أن قوانين الوجود انما هي قوانين الطبيعة والحياة ( اي قوانين الفيزياء و الكيمياء والاحياء )
3 ـ سمات قوانين الطبيعة المادية : الامتداد في كل مكان ، والامتداد في كل زمان ، وغير قابلة للخرق او للافناء ، بمعنى ان قوانين الوجود هي قوانين ثابتة وراسخة وباقية في كل مكان وزمان منذ الازل والى الابد وليس بالامكان الغائها او خرقها لانها مرتبطة ارتباطا جدليا بكل من المادة والطاقة اللتين لا يمكن افنائهما او استحداثهما من العدم ، وبالتالي فاننا البشر وفي حدود ادراكنا وفي حدود قدراتنا واستطاعتنا لا يمكننا ابدا تعطيل او خرق قوانين المادة والطاقة تحت اي ظرف من الظروف ، وهذا يعني لا وجود للمعجزات في حدود قدرات البشر ، ونذكّر هنا يجب التمييز بين خرق قوانين الطبيعة وبين الخداع البصري
4 ـ المعادلة الكونية : هي المعادلة التي تبين الترابط الجدلي القائم بين العناصر الثلاثة المكونة للوجود وهي المادة والطاقة والحركة ، وان أي حركة في الارض او في السماء انما هي نتاج تزاوج او تفاعل بين المادة والطاقة ، ولا وجود للحركة او للحياة من غير وجود كل من المادة والطاقة في حالة التزاوج وتمازج ، ومن الجدير بالذكر ان معادلة اينشتاين الشهيرة ( الطاقة = الكتلة × مربع سرعة الضوء ) تعكس مفهوم المادة من خلال الكتلة ، وتعكس مفهوم الحركة من خلال سرعة الضوء
5 ـ مبدأ ثلاثية التكوين : نلاحظ ان أي كائن في الوجود يتصف بميزة واضحة وهي انه ثلاثي التكوين او ثلاثي الكينونة ، ونقصد بمفهوم التكوين هو مكونات الكائن او صفاته مثل الحيز الذي يشغله في الفضاء أو خصائصه او تأثيراته في محيطه ، فمثلا اي مادة في الكون لها ثلاث ابعاد ، والكون ذاته له ثلاث ابعاد ، والذرة لها ثلاث مكونات ، والضوء يتكون من ثلاث الوان اساسية ، والقوى الكونية على ثلاثة انواع ... وهكذا باقي الصفات والخصائص في الوجود ، ويبدو ان هناك سرا ما بين العدد ( 3 ) وحقيقة الوجود
6 ـ مفهوم الصدفة : ويقصد به امكانية حدوث تقاطع بين حركتين (او اكثر) ذات مصدرين مختلفين ، او تقاطع حركة مع سكون ، من غير تخطيط مسبق لفعل التقاطع ، والتقاطع عبارة عن التقاء بين كائنين متحركين يلتقيان في نفس النقطة المكانية وفي نفس اللحظة الزمانية من غير وجود تخطيط مسبق او ارادة مسبقة ، او تكون العملية معكوسة أي بوجود ارادة وتخطيط مسبق للتقاطع ولكن لا يحصل التقاطع لاسباب خارجة عن الحسابات والتخطيط ، ان تفسيرنا لمفهوم الصدفة هو ان هذا الكون لا يخلو من العشوائية بالرغم من كونه قائم على قوانين ثابتة ومحكمة ( قوانين الطبيعة المادية ) وان افضل مثال للعشوائية في الكون هو طريقة انتشار الاجرام السماوية فيه ، مثال ذلك مجموعتنا الشمسية فنلاحظ وجود قمر واحد يدور حول الارض بينما هناك اقمار عديدة تدور حول كوكب المشترى ونحن متأكدون بان ذلك لم يحدث عن ارادة السماء وانما هي بفعل العشوائية ، وان الصدفة هي تعبير عن وجود العشوائية والتي هي نقيض الارادة او المشيئة ، الصدفة تحدث نتيجة حركة كل جسم في الكون حسب قوانينه الخاصة به دون مراعاة لحركة الاجسام الاخرى وهذه هي العشوائية ، الصدفة لها وجود في عالم البشر يدعى الحظ ، هذا وان عناصر فعل الصدفة هي ( المكان والزمان والحركة ) .
يتبع الجزء السابع والاخير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي