الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلمات في آفة العنف وليس فقط تضامنا مع المقهى الثقافي ليوان.

عبد اللطيف حصري

2017 / 10 / 19
المجتمع المدني


الاعتداء على المقهى الثقافي (ليوان) في الناصرة، بخلاف حالات القتل التي تضرب مجتمعنا دون رحمة، يستدعي النظر في عمق الظاهرة أكثر من أي وقت مضى.
لا أقلل اطلاقا من أهمية الأبحاث حول ظاهرة العنف في المجتمع العربي، فجلها أعمال تستحق الثناء والاهتمام، والأهم أنها تستحق العمل بها...
لقد تناولت الموضوع في أكثر من مناسبة، وأشرت الى وحدة الحال بين أدنس ثالوث يشكل تهديدا لنسيج مجتمعنا من خلال ضرب قيمه الاخلاقية، وأعني تحالف الجريمة المنظمة مع الفكر التكفيري والخيانة الوطنية... لكن السؤال كيف وصلنا الى هذه الحالة؟ ومن أتاح لهذا الثالوث كل هذه الهيمنة.؟ ..
قولا واحدا...! اسرائيل ليست بريئة، بل عملت ومنذ قيامها على تحويل مجتمعنا الى دفيئة عنف وانقسام وشرذمة.
فيما كانت القرية توفر الأمن المجتمعي والأمان الاقتصادي من خلال تعاضد عائلاتها وتكاتفها، سحبت اسرائيل أهم مقومات هذا الأمن والأمان وهو الأرض، وباتت علاقات التكافل الاجتماعي تستبدل بعلاقات السلبطة والعربدة والتي تستوجب ظهيرا داعما، ما يعني اللجوء الى علاقات العشيرة بمفهومها الارتدادي وليس الايجابي، فالتطور العمراني والسكاني لم ينعكس بالمطلق تطورا بالثقافة على هذه الخلفية.
لقد تحول العديد من القرى الى تجمعات سكانية كبيرة منحتها السلطات صفة "مدينة"، بعد أن جردتها من كل امكانية لحياة مدنية وثقافية. لا بل وعملت على تجريف الحياة المدنية والثقافية في المدن الكبيرة، والتي غدت محاصرة اقتصاديا ومحاصرة ثقافيا في ظل سلطة ترى بساكني هذه التجمعات عدوا. فالمدينة بنسختها المخنوقة لم تقدم بديلا في الثقافة كما لم تقدم بديلا في الاقتصاد. فما نراه من انبعاث للعشيرة بتصنيفها الارتدادي ليس صدفة، وقد يكون حاجة ذاتية للفرد واحيانا للمجموع.. وحين أتحدث عن الشكل الارتدادي لانبعاث العشيرة فإنني أعني تماما ما يترتب عنه من أثر في مجموعة متنوعة من القرارات الحاسمة في حياة الفرد وفي حياة المجموع، بدءاً من العلاقات الأسرية ومن يتزوج ممن، مرورا بمن يفوز في الانتخابات، وانتهاءً بتوزيع موارد المجتمع، والذي ينعكس تقاطبا اجتماعيا واقتصاديا حادا، شكل تشابك القبلية مع الفكر الديني المسيس أفضل أرضية لهذا التقاطب بما فيه إرساء قواعد مشوهة للعلاقات الاجتماعية، وأساسا فكريا للتسليم بالظواهر السلبية. فتجربة الحركة الاسلامية مثلا من خلال ما أسمته مشروع "المجتمع العصامي"، ليس فقط انها لم ترتق الى مستوى تقديم الحلول، وانما عمقت الظاهرة بحيث تحولت الى مشروع ثراء فاحش للنخب الاخوانية، ما أتاح لهذه النخب تعميق وتوسيع سيطرتها على موارد المجتمع، وتهميش العامة حتى في ابسط حقوقهم مثل قطع الارض للإسكان.
لا اسعى من خلال الاشارة الى تجربة ام الفحم وما أسموه "المجتمع العصامي" الى تقييم التجربة، وانما الى ضرورة الوقوف على عمق الظاهرة وما يقدمه الدين بشكله المسيس من تعميق للتقاطب الاجتماعي، والذي يشكل ركنا هاما في دفيئة العنف.
تغيب احيانا بتقييمات وابحاث المختصين في ظاهرة العنف حيثية الخيانة الوطنية، أو على الأقل لا تحظ بالاهتمام الكافي، فالحصول على السلاح ليس فقط قضية تربوية واقتصادية، وانما لها تبعات في السيكولوجيا الوطنية وبالحس القومي للفرد. فالسلاح الذي يحظى بغض الطرف من قبل الشرطة وسلطات الأمن، يوفر ارضية خصبة للخيانة الوطنية. والسلطات تدرك هذه المسألة جيدا وتستغلها على أكمل وجه، إما من خلال الابتزاز أو من خلال تضخيم الأنا المرتدة الى عشائرية سحيقة في نفسية المسلح.
أعتذر ان بدت كلماتي محبطة، لكن في تصوري ما لم تأخذ برامج مكافحة آفة العنف طابعا شعبيا وجماهيريا يستند الى خطط علمية ومدروسة، تعالج المسألة من كل جوانبها، فلن تثمر حلولا مرجوة.
تشخيص اسباب العنف مقدمة ضرورية وحاسمة لتقديم الحلول..!
سياسة القهر القومي والطبقي ليست بريئة..!
الفكر الظلامي وتسييس الدين الى حد التكفير ليس بريئا..!
الخيانة الوطنية وسهولة انتشار السلاح ليس بريئا..!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات في تونس لإجلاء الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين


.. مصدر مصري رفيع المستوى: أحد بنود مقترح الاتفاق يتضمن عودة ال




.. الاحتجاجات تتصاعد.. الاعتقالات في أميركا تتجاوز ألفي طالب


.. شاهد: المجاعة تخيّم على غزة رغم عودة مخابز للعمل.. وانتظار ل




.. مع مادورو أكثر | المحكمة الدولية لحقوق الإنسان تطالب برفع ال