الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفكير المسلم المعاصر أبوي مغلق استبدادي!!

حسن ميّ النوراني
الإمام المؤسِّس لِدعوة المَجْد (المَجْدِيَّة)

2006 / 2 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


- قبل سنوات عديدة، في قاعة المركز الثقافي بمدينة أبي ظبي، عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة، سألت المفكر المغربي الكبير الدكتور محمد عابد الجابري، عن مقولة سجلها في كتاب له عن العقل العربي، تتحدث عن "العقل الغائب" في الثقافة الإسلامية.. قال الدكتور الجابري، ردا على سؤالي، وكان من ضمن سؤالين سجلهما، مع جوابهما، أو سجل أحدهما، في كتاب له صدر في وقت لاحق: "في الحقيقة انا استعرت المقولة من المفكر الإسلامي الموسوعي المعروف بحجة الإسلام الإمام ابي حامد الغزالي"!
في الواقع، انا – النوراني – تتلمذتُ في بداياتي المعرفية، على يديِّ شيخي الامام الغزالي، المفكر المنفتح الذي كان يفهم جيدا شرط التفكير الأساسي الأول والأهم، كما يكشف عن ذلك، وصفه لنفسه في احد كتبه، بقوله: "أنا قحّام"!! يعني انه يقتحم كل مجال من مجالات المعرفة دون تردد أو خوف او وهن!! وأنا على سنته "قحّام" أيضا!!
قد يكون الإمام الغزالي مسئولا، من جهة ما، عن انحدار الثقافة الاسلامية، من خلال انتصار عامة المسلمين، لكتابه: "تهافت الفلسفة"، ضد كتاب الفيلسوف الإسلامي العظيم ابن رشد، الذي رد فيه على "تهافت" الغزالي، بكتاب "تهافت التهافت"..
معركة "التهافتين"، على صعيد الفكرية الإسلامية المنغلقة، أنتجت، انحدارا ثقافيا اسلاميا (وعربيا طبعا) ونهوضا ثقافيا أوربيّا.. المسلمون أخذوا من الغزالي تكفيره للفلاسفة، والأوربيون، في بداية نهضتهم الحضارية أخذوا من ابن رشد، دفاعه عن حرية الفكر، كما يمارسها الفلاسفة!!
وفي ثقافتنا الإسلامية، الأبوية المنغلقة الاستبدادية، فإن "الفلسفة كفر"!! ويقول فقهاء مسلمون: "من تمنطق (أي: اشتغل بعلم المنطق، أي: علم المنهجية الفكرية) فقد تزندق"!!
صحيح، أن الغزالي، في كتابه "تهافت الفلاسفة"، اتهم الفلاسفة بالكفر، ولكنه لم يتهم المنهج الفلسفي بالكفر، بدليل أنه انتهج طريقه في الكتاب ذاته.. وصحيح أيضا، أن موقف الغزالي، لم يتجمد عند حدود كتابه "التهافت" ولكنه واصل نموه الروحي، وكتب كثيرا من الرسائل التي لا تتفق مع ما قرره في كتابه "التهافت".. ويكفي للغزالي فخرا، أنه أحد اثنين شاهقين، في تاريخ الثقافة الإنسانية -الثاني هو الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت- اللذين منحا الفكر الصحيح منهجا "شكيا" علميا فلسفيا، كان ولا يزال، قاعدة لا يستغني المنهج العلمي عنها..
ولكن المسلمين، لم ينتفعوا بالغزالي الحقيقي، وحاربوا المنهج العلمي الفلسفي الشكي، وخذلوا ابن رشد، الذي انتصرت الثقافة الغربية لفكره، فكانت النتيجة المأساوية: انحدار الثقافة العربية الإسلامية، ومعها الحضارة الإسلامية، وصعود الثقافة (ومعها الحضارة) الأوربية!!
من أساسات المنهجية العلمية السليمة، قاعدة الانفتاح، والقدرة المتواصلة على التحرر من المفاهيم الجاهزة، والاستعداد المتواصل للتعاطي مع كل جديد في الحياة، واحترام حق الآخر في التفكير، والحوار في النور لا في السراديب المغلقة، والحوار على أرضية مشتركة، تسع الناس جميعا.. وأقول بكل صراحة، إن أرضية الدين، كل دين، لا تصلح أن تكون أرضية مشتركة تسع الإنسانية كلها.. فلا يوجد دين مفتوح بعرض وطول الوجود الإنساني، الأديان، كل دين، له أتباعه المحدودين، زاد عددهم أم نقص، لكنه يبقى عددا محدودا لا يشمل الإنسانية كلها.. لذا، فإن من الأخطاء الفكرية القاتلة، أن يتحاور اثنان معا، لا تجمعهما الأرضية المشتركة، أعني بها: العقل الإنساني المنفتح على الإنسانية كلها، ثقافة وحضارات، وتاريخا وحاضرا.. العقل المحب النوراني عاشق الحقيقة!!
يناقشك المسلم، فيتلو عليك ما يحفظ من آيات القرآن وروايات الحديث النبوي ومقولات المشايخ!
يناقش المسلم مخالفيه في الرأي، ويفرض عليهم، صراحة أو ضمنا، أن يلتزموا بالقاعدة التي يلتزم بها عامة المسلمين ومفكريهم التقليديين: قاعدة "السمع والطاعة"!!
يعتقد المسلم، أن ما لديه من المعرفة هو غاية كل معرفة، ويجهل أن المعرفة متحركة متغيرة لا تعرف التوقف ولا تقبل الجمود.. يناقشك المسلم - آسف، إنه لا يناقش، إنه يأمر – وهو يتقمص دور الأب المحيط بكل أمر، وصاحب الحق في أن يفرض عليك ما يراه هو فقط!!
وصاية! نعم وصاية يعتقد المسلم أن من حقه أن يفرضها على غيره! بهذه المنهجية، منهجية الوصاية الأبوية، يؤكد الفكر الإسلامي، كما يمارسه المسلمون التقليديون، أنه مغلق وأنه استبدادي وأنه يلغي حق العقل في التفتح كما هي طبيعة العقل الأصلية!!
دعوت "مسلما" لمناقشة مفتوحة لدعوتي النورانية، فرفض الدعوة، وقال لي بالحرف: "لا أريد لدعوتك أن تشتهر"!!
أضاف: "أنا مستعد فقط أن أناقشها بيني وبينك"!!
رددت عليه: "المفكر يطرح فكرته ودعوته على الناس ليناقشوها فيقبلون الصواب فيها ويرفضون الخطأ"!!
صديقي الإنترنتي، الذي لا أعرفه شخصيا، قال: "لأني أحبك، أريد أن أناقشك فأبين لك خطأ مذهبك"!
ردي على صديقي على "التشات الماسنجري" هو: "أنا أحب الحقيقة، وأعشقها، ومن يعشق الحقيقة، يعشقها في النور.. فتعالوا بنات وأبناء أمي وأبي، نعشق الحقيقة في النور.. هذه نورانيتي.. فهل دعوتي النورانية ضد الحقيقة الإسلامية الأصلية؟!
أما أنا، فبقوة وجلاء أعلن: دعوتي النورانية، لا تقبل فكرا منغلقا أبويا استبداديا.. النورانية دعوة الحرية والعقل والحب والبهجة.. دعوة في النور للنور..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المرشد الأعلى في إيران هو من يعين قيادة حزب الله في لبنان؟


.. 72-Al-Aanaam




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تدك قاعدة ومطار -را


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في العراق تنفّذ 4 عمليات ضد




.. ضحايا الاعتداءات الجنسية في الكنائس يأملون بلقاء البابا فرنس