الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في المفاهيم المعرفية للقرآن - العلم - الخلق

انطلاق الرحبي

2006 / 2 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وقل ربي زدني علما
إنك لعلى خُلُقٌ عظيم
إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ
أبلغلكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله مالاتعلمون
ولو كنت أعلم الغيب لستكثرت من الخير وما مسني السوء
بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم

أحاول اليوم أن أقرأ في مفهومي العِلمُ والخُلُقُ لإعتقادي بعلاقة التلازم بين المفهومين على المستوى المعرفي والإجتماعي على حد سواء. فلنفكر بطبيعة هذه العلاقة وأثرها المعرفي والإجتماعي على المستوى الفرد الإنسان أو المجتمع بشكل عام.
وقل ربي زدني علما فالخطاب يطلب من النبي أن يزيده علما ومن هو المعلم الذي طُلِبَ منه أن يأخذ العلم منه (ربي). الرب إذن تعطي معنى المعلم هنا الذي يعطي العلم ويعلم العلم، وما غاية الزيادة التي يرجوها النبي لنفسه ، هو زيادة الخير وتجنب السوء كما في الآية( ولو كنت أعلم الغيب لستكثرت من الخير ومامسني السوء) فزيادة العلم زيادة في الخير وعدم مس السوء فالسوء هو القبح من الأعمال ومنه جاءت السيئة ونقيضها الحسنة إذن عدم المس هو النتيجة لزيادة العلم وبعد هو العمل الحسن وهو هو الخُلُقُ العظيم فبهذا الترتيل للآيات نصل إلى علاقة التلازم بين العلم والخلق. فالزيادة في العلم هو زيادة في العمل الحسن وهو زيادة في الخُلُقُ الحَسِنْ وكما ذكر القرآن في مكان آخر مبيناً تلك العلاقة بين العلم والجسم حيث قال ( زاده بسطةً في العلم والجسم) أو كما يقال ( القلب السليم في الجسم السليم) وهذا كله على المستوى المعرفي لأن العلم من علم: أصل صحيح واحد يدلُّ على أثرٍ بالشيء يتميَّز به عن غيره1. هذا معناه اللغوي أما معرفياً فهو تمييز الحقيقة الوجودية في قلب الإنسان كما قررت سابقاً. إذن الزيادة في تمييز الحقائق الوجودية وهو زيادة في المعرفة وهنا يتبين لنا لماذا قرن النبي بين معرفة الرب ومعرفة النفس الإنسانية حين قال : من عرف ربه عرف نفسه والمعرفة هي نتيجة العلم = التمييز. فكل علم هو تمييز لحقيقة وجودية ومن ثم معرفتها وهوهو معرفة معلمها وهو الرب وبالتالي مميزها وهو الإنسان فهذا هو التلازم بين الإثنين . وشرط التحقق اي تحول العلم إلى معرفة وخلق هو الإستقامة والثبات على القراءة بعين المستوى الإنجذابى ( الملائكة ) في الوجود المعرفي للإنسان أي قلبه فنتائج الإستقامة والثبات هو كشف الحقيقة كما هي دون إنتباذ أو إنزياح، والأثر الإجتماعي لها هو الخُلُقُ العظيم. فعندي من الإستحالة تمييز الحقيقة الوجودية إذا كانت القراءة بعين المستوى الإنتباذي في الوجود المعرفي (القلب) لأنه الوهم والباطل فلا علم ولامعرفة . الذي ينتج المعرفة للناس هو ذو الخُلُقُ العظيم وإلاّ فهو قَلْبٌ للحقائق إلى نقائضها وهذا مانراه في الممارسة العملية في الواقع الإجتماعي للقوى المستبدة المسيطرة على البنية الإجتماعية التابعة فهي تعتمد سياسة التجهيل وتُلبِسَ الباطلَ ثوبَ الحق لتخدع الناس وما يخدعون إلاّ أنفسهم كما يقول القرآن . أو كما قال معلمنا علي عليه الصلاة والسلام: كلمة حق يراد بها باطل . آه لو نعي هذا القول العظيم والخطير إنّها المقتلة التي علينا أن نتبينها ونفضحها إن كنّا طلاّباً للحقيقة المعرفية وللعلم المنتج لها. لإنّه من هنا تنزاح الحقيقة عن وجودها الحقيقي ويتم قلبها إلى نقيضها وهو هو السوء أي القبح فالحذر كل الحذر من الغفلة حتى لاتتحول الحقائق إلى نقائضها فنتيه في العماء.وهو هو مبتغى الإستبداد والإستكبار على المستوى المعرفي والإجتماعي ( الأخلاقي ) إفساد الناس والفساد في الأرض .ولهذا يخشى العلماء معلمهم الحقيقي لعظمة مكانته في قلوبهم وهو يكشف لهم عن مكنون علمه بالتمييز الذي وهبهم إيّاه. فلاحظ الوظيفة المعرفية والإجتماعية للعلم أبلغكم رسالات ربي لما عنده من العلم وبعد أنصح لكم لاحظ عظمة التعليم والتربية وحب الخير للناس. فكيف قرن الإبلاغ لرسالات ربه بعد العلم الذي جاءه منه بالنصح ، وأنصح لكم : انصح من نصح: أصلٌ يدل ُّ علىملاءمة بين شيئين وإصلاح لهما..... ومنه النُّصح والنَّصيحة : خلاف الغشّ ، ونَصَحْتُه أنْصَحُه ، وهو ناصح الجيْب ، لمثَلٍ ، إذا وُصِف بخلُوص العمل ،...2. أي كان مخلصاً في ذلك وهذا هو الفرق المعرفي والإجتماعي بين المستويين الإنجذابي والإنتباذي فماذا نختار لنصلح حال أمتنا التي تاهت في العماء؟!. أقرأ الآية الأخيرة زيادة في الدليل على ماقلته من علاقة التلازم بين الإثنين فلاحظ العلاقة بين النقيضين إتباع الهوى ( الإنتباذ) عن الحق والعلم و(الإنجذاب) إلى الحق، فالهوى من هوي : أصلٌ صحيح يدلُّ على خُلُوّ وسقوط . أصله الهواء بين الأرض والسماء ، سمي لخلوّه..3 . وهنا إتباع أي الأسلوب ، ألأداة المعرفية كان الهوى : الشيء الخالي الساقط = الوهم الباطل صدق الصادق الأمين..
فأثر الأول الإجتماعي ماذا كان : الظالمون ! الله الله الظلم الإجتماعي
والثاني النقيض ماذا سيكون بالضرورة العدل الإجتماعي ! فالعلم يؤدي إلى الخلق وهما يؤديان إلى العدل والحرية ونقيضهما إتباع الهوى يؤدي إلى طمس الحقيقة موت المعرفة = الجهل وبالتالي إلى الظلم الإجتماعي . وهذا مايؤكده ويثبته لنا الواقع الإنساني والتجربة الإنسانية وهي أكبر دليل على ذلك ولهذا أعيد القول: أيها الناس إنَّ القرآنَ ليس نصاً بل هو واقعٌ يحيا ويتجدد تنتجه الحياة بتجددها وتطورها المستمرين.

1،2،3 : المقاييس في اللغة ابن فارس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah