الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طفولة عقل !!

ماهر رزوق

2017 / 10 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


العقل العربي كان و ما يزال هو موضوعنا الأساسي و شغلنا الشاغل دائماً ، و ربما أنه سيبقى كذلك لفترة طويلة ... ليس تشاؤماً و إنما تقدير منطقي لحالة المجتمعات العربية و الطريقة التي تعتمدها في حل مشاكلها (طريقة النعامة) ... فالعقل العربي يتجاهل أي تحليل منطقي عقلاني للأمور ، و يتشبث دائماً و برعونة بآراء و أساليب قديمة جداً في التحليل و الفهم ...

أستطيع أن أقول أن العقل العربي الذي ينتمي إلى عائلة الإنسانية مازال يعيش طفولته ... و حتى أنه لم يصل بعد إلى مرحلة المراهقة ، التي تعني التخبط و التخلخل و الضياع الفكري الذي يليه دائماً نضوج و وعي ثابت يمكن أن يعتمد عليه لإرساء القواعد الأساسية الأولى لبناء حضارة إنتاجية فكرياً و عمرانياً و تكنولوجياً .. الخ

تبدو أولى علامات الطفولة في طريقة تعامل ذلك العقل مع الحلقة الأضعف في مجتمعاتنا ، ألا و هي المرأة ... فمازال العقل العربي يتعامل مع المرأة كرمز للشرف و الكرامة يجب الحفاظ عليه في مكان آمن كالأسرار ، لأن أي خلل يصيب ذلك الرمز سيؤدي بالضرورة إلى احتقار ذلك العقل لذاته و شعوره بالدونية الأخلاقية أمام أقرانه ...

الأصعب من ذلك كله ، أن العقل العربي لا يتعامل مع المرأة فقط كملكية ثمينة يحب الحفاظ عليها ، و إنما كذلك عندما يتعرض رمزه للخلل ، فإن ذلك العقل يصب جام غضبه و ثورته على ذلك الرمز نفسه و قد يصل الأمر به إلى التخلص منه تماماً ، كوسيلة لغسل العار الذي لحق به و استعادة الاحترام لذاته المهزوزة أمام المجتمع ...

المشكلة أن الذات العربية هي ذات مهزوزة أساساً و محتقنه بمشاعر الذل و الهوان منذ الصغر و حتى الشيخوخة ... لكن هذا الذل يبقى حبيس النفس كالقنبلة الموقوتة حتى يأتي الوقت المناسب الذي تنفجر فيه لتنهي وجود ذات أخرى أضعف منها و أقل قيمة اجتماعية (كالمرأة) !!
لكن مشاعر الذل التي يتعرف عليها ذلك العقل منذ بدايات الوعي لديه ، تصبح عادة و عرف أكثر منها حدث طارئ ... فالقمع الذي يتعرض له ذلك العقل من العائلة و (الأب الدكتاتوري) و المدرس و الشرطي و رب العمل ... بالإضافة إلى القمع الفكري الديني (الممنوعات و المحرمات الكثيرة) و كذلك تعرض حتى كل هؤلاء مجتمعين إلى محاولات الدول الغربية (ذات الأهداف الاستعمارية) أن تحط من قدر و قيمة و حتى أهمية وجود ذلك العقل .. كل ذلك يزرع في تلافيف ذلك العقل الديناميت الجاهز للانفجار على أضعف حلقات المجتمع و التي هي طبعاً المرأة التي لم تتعلم و لا تعمل و لا يمكنها أن تسافر أو تقدم على أي شيء إلا بموافقة الرجل ... تلك المرأة التي ارتدت الحجاب في عمر العشر سنوات (عن قناعة!!) ، و مازالت تلك القناعة ترافقها رغم مرورها بمراحل الوعي المتعددة التي لم تؤدي بها إلى نضوج حرّم عليها أن تصله !!

يستمر العقل العربي الطفولي باعتماد نفس الطريقة في التفكير عندما تواجهه مشكلة .. يلجأ إلى الشيوخ و الفقهاء .. الذين يعتمدون على كتب الفقه و التراث القديمة ... فتعالج المشكلة بعقلية القرن الرابع عشر ... و تبقى المرأة و يليها الرجل ثم المجتمع العربي ككل ضحية المقاومة الشرسة التي يبديها ذلك العقل تجاه (فطامه) من التاريخ و قطيعته الأبستمولوجية مع المعارف و الأساليب و النصوص التي لم تعد تناسب عصرنا الحالي ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتصام لطلاب جامعة غنت غربي بلجيكا لمطالبة إدارة الجامعة بقط


.. كسيوس عن مصدرين: الجيش الإسرائيلي يعتزم السيطرة على معبر رفح




.. أهالي غزة ومسلسل النزوح المستمر


.. كاملا هاريس تتجاهل أسئلة الصحفيين حول قبول حماس لاتفاق وقف إ




.. قاض في نيويورك يحذر ترمب بحبسه إذا كرر انتقاداته العلنية للش