الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاهيل الحقل الديني في المغرب بين السؤال الثقافي و تطلعات المستقبل الجزء الثاني

المهدي مالك

2006 / 2 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قبل الدخول في صلب هذا الموضوع المهم اود ان استنكر الرسومات التي نشرتها بعض الصحف الأوربية و التي استهدفت اعظم مقدساتنا الاسلامية الا و هو مقام رسول الله عليه الصلاة و السلام و الذي له مقام كبير عندنا كمسلمين الذين يشعرون بالاهانة و الغضب من هذه الرسومات الخطيرة و غير المقبولة من طرف العالم الاسلامي .
و انني كانسان مسلم و مناضل امازيغي اعتبر هذه الافعال مسيئة لجميع المعتقدات الدينية و الاخلاقية باعتبار ان هذه الرسومات تبين الرسول الكريم ص في اوضاع غير اخلاقية و اعتقد ان الحرية لها حدود و قواعد و من بين هذه القواعد احترام المقدسات الدينية او الثقافية لأي شعب كان.
و هذا الفعل المشين سيساهم في انتشار التطرف الديني بشكل اكبر و الذي وجد هذه الفرصة الذهبية للاستقطاب و السيطرة على عقول الناس بصفة عامة و عقول الشباب بصفة خاصة و تشجيع المذاهب المستوردة من مراكز التكفير و التخلف الديني الذي لا يساير تحديات هذا العصر و يفضل الرجوع الى عصور عبادة الاولياء الصالحين الذين كانوا يستغلون الدين لاغراضهم الخاصة كالسيطرة على عقول الناس عن طريق ديننا الاسلامي و ترسيخ مجموعة من المعتقدات الخرافية كرفض كل ما يتعلق بالتجديد و الديمقراطية و تعليم البنات و غيرها من المحرمات و اعتقد اسلافنا الامازيغيين ان هذه المعتقدات الخرافية تدخل في اطار تقديس الدين الاسلامي و الذي يعتبر كنزا كبيرا بالنسبة لهم في حياتهم العادية و ابتكروا مجموعة من قوانين تسمى بالاعراف الامازيغية و التي تتناسب مع مقاصد الشريعة الاسلامية و تدعوا هذه الاعراف الى قيمنا الاسلامية كالتضامن الاجتماعي و احترام ممتلكات الانسان كنفسه و ماله و عرضه كما تدعوا هذه الاخيرة الى الديمقراطية و تنظيم الشؤون المحلية للقبائل الامازيغية و التي لها خصوصياتها الثقافية و عندما جاءت الحركة الوطنية ذات توجهات مشرقية و التي اعتبرت ان هذه الاعراف الامازيغية بمثابة مؤامرة استعمارية تهدف الى القضاء على الاسلام و اللغة العربية و الحركة الوطنية استغلت خطابها الديني المتخلف بقصد اتهام الامازيغيين في شرفهم الديني و في مواطنتهم الخالصة و كما ان الحركة الوطنية استخدمت الدين الاسلامي لقمع الحقوق الثقافية و اللغوية لشعبنا الامازيغي منذ الاستقلال و انذاك كان ممنوعا من الحديث عن الامازيغية كسؤال ثقافي او كمسالة حيوية بسبب تفسيرات هذه النخبة المتعربة و التي جعلت من ظهير 16 ماي 1930 الخاص بتنظيم المحاكم العرفية مجرد ظهيرا بربريا و الذي يهدف الى تقسيم المغرب الى مناطق امازيغية و اخرى عربية و تنصير الامازيغيين و غيرها من الاكاذيب التاريخية و ظلت مدرسة الظهير البربري تحاول ان تطارد او ان تقمع كل ما هو امازيغي تحت غطاء الحفاظ على الاسلام و هذا في اعتقادي المتواضع يعتبر مغالطة عظيمة لان الكيان الامازيغي حافظ على ديننا الاسلامي و ساهم في انتشاره في المغرب الكبير و الاندلس و جنوب الصحراء الافريقية و السؤال الذي اطرحه هو أي الاسلام تقصد مدرسة الظهير البربري الحفاظ عليه هل هو الاسلام المستورد من الدولة الاموية ام اسلام ملوك الطوائف .
و ان هذه المدرسة عملت منذ الاستقلال على ترسيخ مجموعة من مقدساتها الخرافية و المعادية لمسالة التعدد الثقافي باسم الدين او بمعنى اخر باسم العروبة كمحاربة السؤال الثقافي و الذي ظهر في اواخر الستينات من القرن الماضي و انذاك يعتبر من يتحدث عن الامازيغية كثقافة و كحضارة كانه يتحدث عن مؤامرة استعمارية او عن شيئا خطيرا في عرف الحركة الوطنية التي جعلت المجتمع الامازيغي يعيش في بحور التخلف الديني لسنوات عديدة و الذي يمنعه أي التخلف من التفكير في مجموعة من الاشياء كالتقدم النافع و تطوير الثقافة الامازيغية و هذا التخلف جعل مجتمعنا الامازيغي يسافر الى كوكب النسيان الثقافي و تقديس الشعوذة و ضريح سيدي فلان اكثر من الله و رسوله العظيم ص و تقديس مذاهب الفكرية او الدينية المستوردة من المشرق العربي و هذه المذاهب فكرية كانت ام دينية ساهمت و تساهم في طمس هويتنا الدينية الحقيقية كشعب مؤمن بقيم التعايش الديني مع الاخر و الذي اصبح يخشى كثيرا من التطرف كايديولوجية ذات الطابع الوهابي .
و ان تاهيل الحقل الديني في المغرب ملف ذو ابعاد مختلفة و ايضا ذو مشاكل عديدة كمشهدنا الديني الرسمي الذي نعرفه جيدا و الذي صار يطرح مجموعة من الاسئلة ذات ابعاد معاصرة و ذات ابعاد ديمقراطية فالمناضل الامازيغي في مناسباتنا الدينية دائما يتساءل عن سؤالا ذو بعد ثقافي و يقول هذا السؤال لماذا يبث الطرب الاندلسي و لم يبث الطرب الامازيغي على امواج الاذاعة و شاشات التلفزيون في تلك المناسبات العزيزة على كل مسلم و يقول لسان حاله أليس المسلمين كاسنان المشط ام نعتبر مسلمين من الدرجة الثانية او من احفاد الظهير البربري الخيالي و الذي مازال يعيش في عقول البعض و مازلنا كمناضلين امازيغيين نعاني منه حتى اليوم.
و هناك مشكل اخر الا و هو لغة الخطاب الديني و التي لا يفهمها معظم المغاربة لانها تكون اللغة العربية الفصحى كأن المغاربة جاءوا من الجزيرة العربية او لا وجود لشيء اسمه الشعب الامازيغي الذي هو اكثر تدينا و اكثر محافظة على قيمنا الاسلامية كالوقار و الاحترام المتبادل و التضامن بين الناس و الامازيغيين بشكل عام متدينون و متعايشون مع اصحاب الديانات السماوية كاليهود و المسحيين و الامازيغيين عانوا كثيرا من مرجعية الحركة الوطنية التي منعتهم من تذوق هذا الدين بلسانهم العريق و جعلتهم يؤمنون ان من لا يعرف لغة الضاد لن يدخل الى الجنة و هذا القول في اعتقادي الشخصي يدخل في اطار رفع العروبة الى مرتبة التقديس الديني حيث ان العروبة كفكر انذاك تعتبر مقدسة اكثر من الاسلام كقيم تدعوا الى المساواة بين المسلمين و نبد التعصب القبائلي و القومي و هذا القول منافي لحديث رسولنا الأكرم ص و الذي يقول لا فرق بين عربي و عجمي الا بالتقوى و العجمي هو الذي لا يعرف العربية لانه نشا في مجتمع غير ناطق بهذه اللغة المحترمة .
و ان لغة الخطاب الديني يجب ان تكون مفهمة من طرف جميع المغاربة بدون استثناء او تمييز و اقصد بهذا الكلام هو ان الامازيغيين يجدون صعوبات كثيرة في فهم بعض الاركان كالحج مثلا حيث الانسان الامازيغي عندما ينوي ان يحج الى بيت الله الحرام و الذي لا يجد برامج تلفزيونية عن الحج بلغته الام و التي يفهمها جيدا و يشعر هذا الانسان بانه ناقص في مواطنته و في اسلامه البسيط و الذي نشا في احضان الوقار بكل معانيه العظيمة .
و النضال الامازيغي انطلق من منطلق الحفاظ على ثقافة مجتمعنا الامازيغي الذي اعطى احسن النماذج عبر التاريخ و الذي اعطى الكثير لخدمة حضارتنا الاسلامية و مازال يعطي الى حد اليوم و النضال الامازيغي قاوم الاستعمار الايديولوجي و الذي مازال يقتله باتهاماته القديمة بملابس جديدة و التي هي تتحمل كامل المسؤولية تجاه اقصاء المكون الامازيغي منذ الاستقلال الذي حاول اقبار السؤال الثقافي و اللغوي و حتى البشري و منطقة الريف تعرف هذا جيدا
و نحن نتطلع الى هذا التاهيل في حقلنا الديني الذي نتمنى ان يكون اصلاحا شموليا و ان يكون ذو بعد ثقافي و ليس العكس و يأخذ هذا الاصلاح بعدا ديمقراطيا و علمانيا و انني لا اقصد إلغاء الشريعة و انما القضاء على الاستغلال الديني الذي مازال يعتبر القضية الامازيغية مجرد مشروعا استعماريا و وصمة عار في جبين اجدادنا الامازيغيين لكن هناك سؤالا كبيرا و الذي يجب ان يطرح الان و هو هل نريد العلمانية بمفهومها الغربي و ام نريد العلمانية التي تتناسب مع خصوصياتنا الدينية و الحضارية كمجتمع اسلامي و اعتقد اننا نحتاج الى العلمانية ذات مفاهيم اسلامية و ذات مفاهيم كونية كذلك لاننا لا نعيش في هذا العالم لوحدنا بل نعيش مع الاخر أي مع الغرب الذي له قيمه الخاصة به و لنا قيمنا الخاصة بنا و يجب على الغرب ان يحترم قيمنا و نحن بدورنا سنحترم قيمه الخاصة كحرية التعبير التي تعتبر نعمة و لكن في حدود








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah