الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أليس النشيد الوطنى رمز للولاء

طلعت رضوان

2017 / 10 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بدأ ترسيخ ظاهرة (النشيد الوطنى) فى العصر الحديث، وبصفة خاصة بعد الثورة الفرنسية (عام1789) وبعد الثورة الروسية (1917) وبعد استقلال الهند عن بريطانيا (عام1947) وبعد الثورة الصينية (1949) ثم توالتْ الثورات مثل استقلال الجزائرعن استعمار الفرنسى عام1962..إلخ فكان لكل دولة ما أصبح مُـتعارف عليه (نشيدها الوطنى) وهذا النشيد الوطنى يكون عادة مُـستمد من تراث كل دولة ومن تاريخها الحضارى. وهذا النشيد يضع موسيقاه أحد كبار الموسيقيين الوطنيين.
وكان من حـُـسن حظ مصر أنه مع ثورة شعبنا فى شهر برمهات/ مارس1919كان ابن مصر (سيد درويش) ودوره الكبير فى مجال الموسيقى، وابن مصر (محمد يونس القاضى) ودوره الكبير فى الإبداع وكتب العديد من الأغانى الوطنية، وكان من بينها نشيد (بلادى بلادى) وهو النشيد الذى استمرّ منذ عام1919حتى الآن. ومع مراعاة الجريمة التى ارتكبها محمد عبدالوهاب عندما أعاد توزيع لحن النشيد (فى عهد السادات الذى منحه رتبة لواء) وتمثلتْ الجريمة فى الايقاع البطيىء فى التوزيع الجديد، بمقارنته باللحن الأصلى الذى وضعه سيد درويش، ولذلك فإنّ الفرق الموسيقية من شباب مصر الوطنيين، يلتزمون باللحن الأصلى ويتجاهلون اللحن الذى وضعه عبدالوهاب.
أكتب هذا المقال بعد أنْ نشرتْ وكالات الأنباء العالمية وكذلك موقع (هسبريس الالكترونى- 2سبتمبر2017) الخبر المتضمن أنّ الصين أصدرتْ قانونــًـا جديدًا بشأن النشيد الوطنى. وأنّ هذا القانون سيسرى العمل به فى أكتوبر2017. وجاء فى صدر القانون الإشارة إلى بعض الذين يقومون بإجراء تعديل فى كلمات النشيد الوطنى، من الذين تأثروا (بفترة المستعمرة البريطانية) وهو ما أثار القلق فى (هونج كونج) كما تضمن القانون منع استخدام النشيد فى المناسبات الخاصة وفى الاعلانات التجارية، ويكون استخدامه فى المناسبات الوطنية والمسابقات الرياضية الدولية. ونصّ القانون على تشديد العقوبة على مخالفة ما ورد فى نصوصه.
وما فعله نظام الحكم الصينى هو ما فعله – وتفعله - كل الأنظمة الوطنية. حتى فى الدول حديثة العهد (مقارنة بتاريخ مصر الحضارى) حيث بدأتْ (ظاهرة الاستهانة) بالنشيد الوطنى وهو ما ظهر بكل وضوح بعد انتفاضة يناير2011 وتجلى بعد أنْ سيطر الإسلاميون على الحكم عندما نصـّـبوا (محمد مرسى) وأجلسوه على عرش مصر. وكان من مظاهر الاستهانة بالنشيد الوطنى (التى تــُـعتبر جريمة فى الأنظمة الوطنية) أنْ رفض الإسلاميون تحية العلم المصرى، ورفضوا أداء النشيد الوطنى، وكانت (حجتهم) أنّ ذلك يـُـعتبر من (الوثنيات) وكان على رأس الرافضين أعضاء حزب الضلمة (والمعروف بالاسم الحركى : حزب النور)
وإذا كان شعبنا فى يونيو2013خرج بالملايين للتخلص من حكم الإسلاميين، فلماذا استمرّتْ ظاهرة عدم احترام أداء النشيد الوطنى؟ ورفض أداء التحية للعلم المصرى؟ وقد كتبتْ الصحف (حتى التابعة للنظام) مثل الأهرام والجمهورية والأخبار- فى تحقيقات صحفية - عن المدارس التى يـُـسيطرعليها إسلاميون (سلفيون) ويرفضون أداء التقليد الذى عرفته مصرمنذ عشرات السنين - أى أنْ يكون الطقس اليومى (فى طابور الصباح) أداء تحية العلم ثم التغنى بالنشيد الوطنى. ورغم ما كتبته الصحف، بل وأذيع فى بعض الفضائيات (التابعة للدولة مثل قناة النيل الثقافية) فإنّ نظام الحكم (المصرى) لم يهتم بإتخاذ أى موقف من هؤلاء الأصوليين الإسلاميين، الكارهين والمعادين لمعنى (مفهوم الانتماء للوطن) لأنهم على اقتناع بأنّ الولاء يكون للإسلام ولا يكون للوطن، نتيجة اقتناعهم بالتراث العربى/ الإسلامى الذى رسـّـخ هذا المفهوم (الدينى) للانتماء وهو ما عبـّـر عنه أصوليون عتاة بدءًا من جمال الدين الإيرانى الشهير بالأفغانى الذى قال ((وعلمنا وعلم العقلاء أجمعين أنّ المسلمين لايعرفون لهم جنسية إلاّ فى دينهم واعتقادهم)) (العروة الوثقى14/8/1884) وروّج للاحتلال الأجنبى على (قاعدة الرابطة الدينية) فكتب ((...هذا ما أرشدنا إليه سيرالمسلمين، لا يتقيدون برابطة الشعوب وعصبيات الأجناس، وإنما ينظرون إلى جامعة الدين، لهذا نرى المغربى لا ينفرمن سلطة التركى، والفارسى يقبل سيادة العربى، والهندى يذعن لرياسة الأفعانى)) (العروة الوثقى28/8/1884)
وبعد الأفعانى قال حسن البنا ((إننا تعتبر حدود الوطنية بالعقيدة وليس بالتخوم الأرضية)) ثم جاء الدورعلى الأصولى العتيد (سيد قطب) الذى روّج لاحتقار الانتماء للوطن مقابل الانتماء للدين، فكتب ((...والمجتمع الإسلامى وحده هو المجتمع الذى تمثل فيه العقيدة رابطة التجمع الأساسية. والذى تعتبر فيه العقيدة هى الجنسية التى تجمع بين الأسود والأبيض والأحمر والأصفر والرومى والفارسى وسائر أجناس الأرض فى أمة وحدة)) ونقل حديث عن الرسول قال فيه عن أرض قريش ((دعوها فإنها منتة)) وكان تعقيب قطب ((ومنذ ذلك اليوم لم يعد وطن المسلم هو الأرض، وإنما أصبح وطنه هو (دارالإسلام) والأرض التى لا يهيمن فيها الإسلام هى (دار الحرب) وكذلك حارب النبى محمد مكة - وهى مسقط رأسه وفيها عشيرته وأهله، وفيها داره ودور أصحابه، فلم تــُـصبح دار إسلام له ولأمته إلاّ حين دانتْ للإسلام وطبـّـقتْ شريعته)) (معالم فى الطريق- ص120، 157)
ومع مراعاة أنّ سيد قطب يـُـعتبر أهم مرجع للأصوليين الجـُـدد (أمثال أعضاء حزب الضلمة) فلماذا (يحتضنهم) نظام الحكم (المصرى) وكيف يـدّعى أنه يُحارب التطرف ويحارب الإسلاميين الإرهابيين أمثال الدواعش، بينما أعضاء حزب الضلمة لا يختلفون عن الدواعش؟ والفرق الوحيد هو تقسيم الأدوار: جماعات مُـسلحة بأدوات قتل الجسد وتخريب العمران، وجماعات مسلحة بالتنظير لهدم الولاء الوطنى، وكان من أمثلته عدم احترام تحية العلم ورفض أداء النشيد الوطنى، فلماذا (يصمت) النظام على تلك الجريمة؟
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 163-An-Nisa


.. السياسي اليميني جوردان بارديلا: سأحظر الإخوان في فرنسا إذا و




.. إبراهيم عبد المجيد: لهذا السبب شكر بن غوريون تنظيم الإخوان ف


.. #جوردان_بارديلا يعلن عزمه حظر الإخوان المسلمين في حال وصوله




.. رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء تستطلع هلال المحرم لعام 1446