الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل المرأة حقاً هي شرف الرجل؟

نضال العبود

2006 / 2 / 20
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


الشرف هو السمو و العلو، و شريف القوم مقدّمهم، أي أكثرهم جرأة و شجاعة و كرماً و دفاعاً عن الحق ضد الباطل و إغاثة للملهوف...و غيرها من الصفات التي كان يتحلى بها العربان..
و لا يختلف على هذا المعنى لا قديم قواميس العربية و لا حديثها، و لم نرصد فيهما أي تطور دلالي للمعنى الذي تحمله الكلمة ضمن السيرورة التاريخية لحركة الأقوام العربية العاربة و المستعربة.

لكن أن يدعي العربان أن شرف الرجل هو المرأة فهذا تناقض ما بعده تناقض.. و البرهان على ذلك ليس بالعسير. فكيف يقبل أن يسوم شرفه (المرأة) أنواع العذاب النفسي و المادي عشرات المرات يومياً في المنزل و الشارع و العمل و غيرها، و يعاملها على أنها ناقصة عقل و دين مع أن خديجة الأسدية امرأة و رابعة العدوية امرأة و نوال السعداوي ...
العربي يحمل المرأة جميع عقد نقصه و عاره لأنها العنصر الأضعف، و هي أفصح الأمثلة على وضعية القهر بكل أوجهها و دينامياتها و دفاعاتها في المجتمع المتخلف.
فالمرأة تعاني من الاستلاب الجنسي من قبل الرجل العربي الذي يجعل وضعيتها مأزقية، و يفجر عندها الكثير من المآزم النفسية.

كان جسد المرأة و ما يزال مادة غنية للتشريع ، تحديد المسموح و الممنوع من تحركات الجسم و تعبيراته و متطلباته، تبعاً لأنماط مقبولة اجتماعياً، أي في النهاية تبعاً لأنماط تخدم المتسلط الذي يمتلك هذا الجسد.
هناك قوة المنع المدنية، و قوة التحريم الدينية التي تثقل جسد المرأة بقيود الخطيئة و مشاعر الإثم.

جسد المرأة مقيد تاريخياً، فالحركية الحرة للجسم جنسياً أساس معنى العيب، و ضبطها المقنن أساس معنى الشرف. كل قوانين المنع و التحريم تهدف لاحتواء هذا الجسد و وضع مفاتيحه في يد الرجل. فالقوانين (ومنها قانون الشرف) هي إذن وسيلة الرجل و سلاحه لامتلاك جسد المرأة و السيطرة على كيانها. و هكذا يمتلك الرجل جسد المرأة، أي يمتلكها بعد أن يختزل كيانها ضمن حدود جسدها في أغلب الأحيان، لا من خلال رضى و توافق متبادلين، بل من خلال قوة القانون، العلاقة حقوقية قبل أن تكون عاطفية. و لكن حقوقية العلاقة لا تترك للمرأة أي حق تقريباً. بينما تعطي الرجل كل الحق مما يدفع به إلى الأنانية، حتى في المتعة، إذ لا يراعي حاجاتها و وتيرة الإثارة و المتعة عندها.

إذاً قانون الشرف هذا بدعة اخترعها الرجل ليمتلك من خلاله جسد المرأة و يتصرف به كما يشاء و أصبح هو نفسه مكبلاً بهذا القانون.
و لم تستطع عقليته الأسيرة لمعتقدات و عادات عفا عنها الزمن أن تتحرر و تتكيف مع حركة المجتمع و أصبح اعتقاده أحد معوقات التطور الاجتماعي و القيمي و أهم مثبطاته، و ظل حبيس تفكير محدود.

فجمود الفكر و تحجره منع من تحول المجتمع الأهلي إلى المجتمع المدني و أصبح الخاص مهيمناً و متسلطاً على العام.
فإذا نعت شخصاً بأنه فاسد أو أداة فساد أو بأنه يغلب مصلحته الأنانية الضيقة على مصلحة المجموع فإنك لن تحرك شعرة في مفرقه، أما إذا وصفته بأنه عديم الشرف (ليس له أية مكانة بين قومه أو لا يعتد برأيه) فإنك تقض مضاجعه و تسبب له انهياراً عصبياً مع توافق ذلك فعلاً مع واقع الحال.

لذلك فما نحتاجه هو جدل حقيقي بناء مع الذات و مع الآخر لنحطم تابوات وهمية موجودة فقط في مخيلتنا. فتحطيم هذه التابوات سيوصلنا إلى المعرفة التي هي بالأساس صراع بين العقل الرحماني و العقل الشيطاني بمعنى تمييز الحقيقة (الواقعية) عن الوهم (المثالية).
و المعرفة هي الوسيلة الوحيدة لنقض الواقع الحالي المتخلف للوصول إلى واقع أقل تخلفاً يتطابق فيه العقل مع الواقع، و ينظر فيه إلى الإنسان كانسان مع إهمال خلفية صورته التي يمكن ألا تمثله في أحيان كثيرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ناشطات تخشين أن يصبح مشهد مقتل النساء أمراً اعتيادياً


.. رئيسة جمعية المرأة والمواطنة بالكاف كريمة البرين




.. لوحة تمثيل الثروة


.. بعد سنوات من تحرير الطبقة النساء تشاركن في الانتخابات الب




.. رغم قسوتها لا يمكن للحرب في اليمن أن توقف الحياة