الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأليه الذات في معبد النرجسية

اخلاص باقر النجار

2017 / 10 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


د.إخـــلاص باقـــر هـاشـم النجـــــار
العراق / جامعة البصرة / الإدارة والإقتصاد
قسم العلوم المالية والمصرفية

بادئ ذي بدأ أكتب للراقية عقولهم فقط ولا استهدف شخصاً معيناً بذاته ، فمن خلال مشاهداتي في المحافل التي أتواجد فيها عملاً وموهبة ، أرى الكثير من عبّاد الذات في معابد النرجسية ، فعندما يتحدث السيد فلان المصاب بداء العظمة يقف من على صرح علياء مجده ويرمق الآخرين من الأعلى بنظرة قاصرة عند قاع أقدامه ، يغرب عن خلده بأن صورته قد بدت ضبابية في أعين الآخرين وهم ينظرون إليه كيف يبالغ في طقوسه ، وهو يتقافزاً طائراً في الهواء على بساط نرجسيته السحري تارة يتربع على أريكة القمر وأخرى يوقد غليونه من لهيب الشمس .
تلك هي صفات داء العظمة كبير في عين ذاته صغير في أعين الناس ، يقول الله تعالى : {{ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴿١١﴾ }} سورة الضحى ، وحدّث هنا لا تعني تأليه الذات وخلق سور حديدي ما بين الموهبة والآخرين ،وإنما التحدث عن الطاقة المودعة المكنونة داخله ، حتى تكن مناراً ونافذة أمل للعلم والتعلم وليس رصاصة طاشة تحطم طموح الشباب الناشئ، ولا يمكن لأحد أن يزكي نفسه وان إمتلك كل المقومات العلمية والأدبية ، لأن ظروف البشر وإمكانياتهم متفاوتة فأبن الأمير ليس كأبن الفقير ، والبيئة المترفه غير البيئة المجدبة ، ومن قدمت له الحياة فرصة من ذهب للتعلم فتلك نعمة قد منها الله تعالى عليه ، والنعمة تقتضي الشكر لا النكران والقصاص من الاخرين بدافع السخرية ، والكبر والتعالي لا يجني سوى إزدراء الناس ، تلك هي صفة أبليس الكبر والتعالي فعندما تعالى بذاته النارية نسى من أعطاه هذه الصفة .
فالنرجسية أذن إضطراب الشخصية والغرور الأعمى وحب النفس إلى درجة التأليه والتيه في عتمة النوايا السيئة ، ومحاولة البروز على الشاشة ولو على حساب الآخرين ، ولعل أبرز صفاته الأنانية والدهاء فهو عاشق لذاته ، ويُبيح لها استغلال الناس بمنظاره الضيق الصدأ الساخر في محراب طاقاته العلمية ، كما يستفزه التجاهلُ ويحنقه النقد ولا يريد أن يسمع إلا المديح وكلمات الإعجاب والتصفيق ، لأن الشعور بالعظمة يخامره أينما حل ّ، لأنه نادر الوجود الفريد من نوعه لا يهتم بمشاعر الآخرين وأن همشهم بسلوكه الفج ، بل بالعكس ينتظر منهم فروض الطاعة والاحترام لشخصه العظيم وأفكاره الابتزازية الهدافة ، متمركز حول ذاته يستميت من أجل الحصول على المناصب والمكاسب لا لتحقيق ذاته وإنما لتحقيق مآربية الشخصية المريضة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتوسع في إفريقيا.. والسودان هدفها القادم.. لماذا؟ | #ا


.. الجزيرة ضيفة سكاي نيوز عربية | #غرفة_الأخبار




.. المطبات أمام ترامب تزيد.. فكيف سيتجاوزها نحو البيت الأبيض؟ |


.. حماس وإسرائيل تتمسكان بشروطهما.. فهل تتعثر مفاوضات القاهرة؟




.. نتنياهو: مراسلو الجزيرة أضروا بأمن إسرائيل | #غرفة_الأخبار