الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عاصم الدسوقى ومغزى تزويرالتاريخ

طلعت رضوان

2017 / 10 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا يستطيع أى مؤرخ أنْ يفصل ذاته بكل توجهاتها العاطفية والأيديولوجية ، عن كتاباته. والذات لصيقة بكل إنسان ، وفى نفس الوقت سمة إنسانية عامة لا يمكن إنكارها ، وإذا كان من حق المؤرخ أنْ يتبى ما يشاء من آراء ، فهل من حقه تزوير وقائع التاريخ ؟ وهنا يبرز الفرق بين مؤرخ ومؤرخ ، فمنهم من يُدافع عن توجهاته بأعلى درجة من الحيادية وبدون تزوير، ومنهم من تغلبه عواطفه وتوجهاته فيلجأ للتزوير. وقد قرأتُ كثيرًا ما كتبه د. عاصم الدسوقى من دفاع عن الناصرية (وهذا حقه) ولأنّ عدد من يقرأون الصحف والمجلات والكتب قليل ، فلم أكن أهتم بما يكتب ، أى لم أكن أخشى على شعبنا من كتاباته ، أما عندما يكون الحديث فى فضائية يُشاهدها الآلاف ، هنا تكون الكارثة ، كما حدث فى المثال التالى :
سمعتُ أستاذ التاريخ د. عاصم الدسوقى يقول فى قناة النيل الثقافية مساء السبت 6 أكتوبر2012، أنّ مبادرة روجرز كانت من أجل إنقاذ إسرائيل بسبب خسائرها فى حرب الاستنزاف . لم أملك إلاّ الضحك للتخلص من شعور المرارة ، وأنا أشاهد أستاذ التاريخ يُزور التاريخ . فالحرب التى أطلق عليها حرب الاستنزاف كانت خسائر مصر كثيرة جدًا بسببها ، ومنها على سبيل المثال قتل أطفال مدرسة بحر البقر، وقتل عمال مصنع أبو زعبل يوم 12 فبراير1970وفى هذا اليوم دمّرتْ الطائرات الإسرائيلية مصنع أبوزعبل وقتلتْ 70عاملا وأصابتْ 69عاملا . هذا غير أنّ الطائرات الإسرائيلية استباحتْ الأجواء المصرية فى حى المعادى ومدينة الفيوم ، لدرجة أنّ عبد الناصر استعان بالطيارين الروس للتصدى للطائرات الإسرائيلية. كما أنّ الكوماندوز الإسرائيلى هاجم محطة رأس غارب واختطفوا جهاز الرادار بعد فكه من على إحدى الطائرات الهليكوبتر فى أثناء حرب الاستنزاف . وأستاذ التاريخ أدان عبد الناصر (دون أنْ يشعر) وهو يُدافع عنه ، فمعنى أنّ مبادرة روجرز من أجل إنقاذ إسرائيل ، أنّ عبد الناصر (الذى وافق على تلك المُبادرة) يعمل لخدمة إسرائيل . كما أنّ أستاذ التاريخ يتجاهل تصريح عبدالناصرعندما وافق على هذه المبادرة ، إذْ قال بعد أنْ هاجمته الدول العربية على قبولها ((إنّ المضى فى حرب الاستنزاف فى حين إسرائيل تتمتع بتفوق جوى كامل ، معناه – ببساطة- أننا نستنزف أنفسنا)) (نقلا عن د. عبد العظيم رمضان فى كتابه " حرب الاستنزاف بين الحقيقة والافتراء " هيئة الكتاب المصرية- عام 98- ص36، 48) والتزوير الثانى الذى صرّح به د. عاصم الدسوقى هو أنّ أمريكا فشلتْ فى احتواء عبدالناصر، فقرّرتْ التخلص منه فى عام 1967(نفس النشيد الناصرى) فهل كانت أمريكا هى التى قرّرتْ طرد قوات الأمم المتحدة من سيناء ؟ وهل هى التى شحنتْ الفلاحين المصريين بجلابيبهم إلى سيناء دون أدنى تدريب ؟ وهل هى التى ورّطتْ الجيش المصرى فى اليمن ، وإذا كان الأمر كذلك ، فلماذا خضع عبد الناصر واستجاب لهذه (الورطة) لدرجة أنْ يُرسل ثلث الجيش المصرى إلى اليمن ، كل ذلك وعبد الناصر يُمهد لكارثة بؤونة / يونيو67؟ وهل أمريكا هى التى أمرتْ عبدالناصر بنقل عشرة ضباط من كبار قيادات الجيش المصرى إلى وزارة الخارجية يوم 17مايو67(أى قبل الحرب بأسابيع) وكان من بينهم اللواء أحمد إسماعيل الذى خاض حرب أكتوبر73؟ كما ذكر محمود رياض فى مذكراته. وهل أمريكا هى التى قالتْ لعبد الناصر لا تبدأ الضربة الأولى ؟ إنّ وقائع التاريخ وشهادات من كتبوا عنها بما فيهم عرّاب العروبة هيكل وكذا تصريحات عبد الناصرنفسه (وهى منشورة) وموثقة هو الذى قال أمام حشد من الضباط قبل الكارثة بأيام ((إننا لن نبدأ الضربة الأولى)) فظهر الاستياء وعلامات الاستفهام لدى الضباط عن التناقض بين الدعاية المعلنة ضد إسرائيل ، وعدم البدء بالضربة الأولى التى ستكون لصالح إسرائيل بالضرورة وهو ماحدث . متى يخلع مؤرخ التاريخ الرداء الناصرى العروبى ؟ وعندما يتحرّر من هذا الرداء سوف يكتب كلمة تكون جديرة بالقراءة للأجيال القادمة . والشرط الوحيد هو الكف عن تزوير التاريخ لصالح العروبة التى تبحث عن مقبرة تتوارى فيها ، كما قال الشاعر الكبير نزار قبانى.
***ُ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 163-An-Nisa


.. السياسي اليميني جوردان بارديلا: سأحظر الإخوان في فرنسا إذا و




.. إبراهيم عبد المجيد: لهذا السبب شكر بن غوريون تنظيم الإخوان ف


.. #جوردان_بارديلا يعلن عزمه حظر الإخوان المسلمين في حال وصوله




.. رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء تستطلع هلال المحرم لعام 1446